بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
يبدأ الفطام النفسي في الثانية عشر وينتهي عند الخامسة عشر، والإناث ينضجون*بدنيًا وعقليًا* قبل الرجال. فكل من على الخامسة عشر شخص ناضج مكتمل الرجولة أو الأنوثة.
وإلى وقت قريب لم يكن أحد يجادل في هذا المعنى. إلى وقتٍ قريب كانوا يعاملون الرجل بأمارات الرجولة والمرأة بأمارات الأنوثة، من يبلغ يُزوج إن كان قادرًا ماديًا وراغبًا، ويخرج للقتال، وربما يقود الجيوش. وفي ذاكرتنا جميعًا أسامة بن زيد الذي قاد الصحابة وهو في السادسة عشر، وعمرو بن العاص وكان بينه وبين ولده عبد الله اثنا عشر عامًا فقط بمعنى أنه تزوج في الحادية عشر أو دونها (خامس ابتدائي)، والسيدة مريم فقد حملت بالمسيح وهي في الحادية عشر من عمرها، ما يعني أنها حين خاطبها الله بما ذكر سبحانه وعز وجل في كتابه (يا مريم... يا مريم.. يا مريم) كانت فيما يعادل الصف الخامس الابتدائي؛ وأمنا وزوجة سيدنا وحبيبنا المصطفى صلى الله عليه وسلم عائشة تزوجت ووعت الحكمة (السنة) ونقلتها لنا وهي بين التاسعة والثامنة عشرة (ثالث ابتدائي وثالث ثانوي). وفي سير أعلام الأمة أنهم يتزوجون في سن قريبة من هذه، وأقرب هؤلاء في خاطري الأستاذ مصطفى صادق الرافعي.. تزوج في الرابعة عشر من عمره؛ وإلى عهد قريب لم يعترض أحد على زواج النبي صلى الله عليه وسلم من أم المؤمنين عائشة ولا بربع كلمة. كانت المرأة تتزوج حين تصلح للزواج، وتزوجت الصغيرات وأخرجن للمجتمع رجالًا ونساءً صالحين مصلحين، ولم نسمع أن ممارسة الجنس قبل الثامنة عشر أصابت إحداهن بـ "البَلَهْ" كما يدعي النسويون.
ماذاحدث؟
فرضت العلمانية الملحدة تصوراتها واقعًا؛ فظهرت المساواة بين المختلفين (الرجال والنساء)، وهما كائنان منفصلان لكل واحدٍ منهما خصائصه النفسية والجسدية، وكل منهما يصلح لمهمة غير التي يصلح لها الآخر، والعلاقة تكاملية.
فرضت العلمانية على المختلفين السير في مسارٍ واحد (التعليم النظامي) لربع قرنٍ من الزمن. ولا يستقل أي منهما بشخصيته إلا بعد أن يتم تعليمه، كأن الفطام النفسي يحدث بعد الخامسة والعشرين!!
وحين استقرت هذه الأعراف ظن الناس أن شيئًا غير هذا الذي يرونه لم يكن. من هنا جاء النكير على زواج المرأة حين تصلح للزواج، وقالوا: (زواج مبكر)..(زواج أطفال)..(إتجار بالنساء)!!
تبدأ المرأة ممارسة الجنس في أوروبا في الصف الثالث الابتدائي حسب بعض التقارير المنشورة على موقع BBC عربي، وتبدأ حالات الحمل والإجهاض في المرحلة المتوسطة، وقلَّ من تحتفظ بعذريتها بعد المرحلة المتوسطة، وعندنا تبدأ العلاقات العاطفية في ذات السن ولو أن المجتمع منفلت لتحولت إلى علاقات جنسية كاملة كما عندهم، فالواقع أن النضوج الجنسي مبكر عند الجميع وليس بعد الثامنة عشر كما يدعي هؤلاء.
ولا أحد يطالب بزواج الأطفال (القصَّر) ممن لا يعرفون شيئًا عن المعاشرة الزوجية، فهؤلاء يتحدثون عن صورة وهمية في ذهنهم هم وحدهم أو حالات فردية يجرمها الجميع. إن ما يقال هو أن تتزوج المرأة حين تصلح للزواج أيًّا كان عمرها. ما يقال هو أن تأخير سن الزواج هو أحد أدوات الدفع بالمجتمع في اتجاه النموذج الغربي العلماني الملحد، وفيه يتزوج "الرجل" بـ"الرجل" والمرأة بالمرأة ويتزوج عدد بفرد واحد، ويلتقي الرجل والمرأة مؤقتًا دون مسئولية من الرجل عن المرأة ومن تلده. إن ما يقال هو أن تأخير سن الزواج أدى إلى إشاعة الفاحشة بين الناس وخاصة مع انتشار دواعي الشهوة الجنسية.
إن الذين ينادون بتجريم الزواج المبكر يسعون لإحداث تغيرات جذرية في المجتمع لا نقبلها، كونها تتصادم مع ثوابتنا الشرعية وتساهم في تقويض النموذج الإسلامي وتوطين النموذج الغربي العلماني الملحد. وإن النموذج الإسلامي عطرٌ مشرق؛ لا يتجه للصغيرة الجميلة يغرر بها حتى تتزوج شيخًا أحدب يسير على ثلاثٍ، بل يتجه لكل النساء يكرمهن بالزواج من الكفء (الكفاءة من شروط الزواج عندنا، وتعني [أي الكفاءة] انتخاب السلالات، وانتخاب السلالات يعني الحفاظ على جودة الصفات البشرية بل الإكثار منها) حين تصلح للزواج وترغب فيه، فلا تُزوج مَن لا تصلح للزواج، ولا تُزوج امرأة وهي كارهة، ومن وقعت في غير كفء أو تضررت من زوجها تستطيع بسهولة أن ترفع أمرها للقاضي وتخلعه. فتزويج المرأة حين تصلح للزواج جزء من منظومة حافظت على عفة المجتمع وطهره لقرون طويلة.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد