مختارات من كتاب أخلاق حملة القرآن للإمام الآجري


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

من علماء المسلمين المتقدمين الذين له مؤلفات مفيدة: الإمام محمد بن الحسين الآجري، المتوفى سنة (354هـ) رحمه الله، قال الإمام الذهبي رحمه الله: له تصانيف حسنة. وقال الحافظ ابن كثير رحمه الله: له مصنفات كثيرة مفيدة. وقال الشيخ عبدالله العبيد: كُتُبُ هذا الإمام من أنفس الكتب لآنها متنوعة العلوم والفنون جامعة الموضوعات.

ومن أشهر مؤلفاته كتابه الموسوم بــــــ* أخلاق حملة القرآن *، وقد حوى عددًا من الأبواب، منها:*باب ذكر أخلاق أهل القرآن*، ولأهمية هذا الباب حيث ذكر فيه الآداب التي ينبغي أن يتأدب بها من علّمه الله القرآن، فقد اخترتُ بعضًا من تلك الآداب والأخلاق، أسأل الله الكريم أن ينفع بها الجميع.

يقول رحمه الله: ينبغي لمن علمه الله القرآن، وفضَّلهُ على غيره ممن لم يُحمله كتابه....أن يتأدب بآداب القرآن، ويتخلق بأخلاق شريفة يتميز بها عن سائر الناس ممن لا يقرأ القرآن، فأول ما ينبغي له:  

** أن يستعمل تقوى الله في السر والعلانية، باستعمال الورع في مطعمه ومشربه ومكسبه، بصيرًا بزمانه وفساد أهله، فهو يحذرهم على دينه، مهموم بإصلاح ما فسد من أمره، حافظًا للسانه، مميزًا لكلامه.

** إن تكلم تكلَّم بعلم إذا رأى الكلام صوابًا، وإن سكت سكت بعلم إذا كان السكوتُ صوابًا.

** قليل الخوض فيما لا يعنيه، يخاف من لسانه أشدَّ مما يخاف من عدوه، يحبس لسانه كحبسه لعدوه، ليأمن شره وسوء عاقبته.

** قليل الضحك فيما يضحك منه الناس لسوء عاقبة الضحك، إن سرّ بشيءٍ مما يوافق الحق تبسم، وإن مزح قال حقًا.

** باسط الوجه، طيب الكلام.

** لا يمدح نفسه بما فيه، فكيف بما ليس فيه.

** يحذر نفسه أن تغلبه على ما تهوى مما يسخط مولاه.

** لا يغتاب أحدًا، ولا يحقر أحدًا، ولا يبغي على أحد، ولا يحسده.

** قد جعل القرآن والسنة والفقه دليله إلى كل خلق حسن جميل، حافظًا لجوارحه عما نهي عنه.

** لا يجهل وإن جُهِل عليه حلم، لا يظلم وإن ظُلِم عفا، لا يبغي على أحد وإن بُغي عليه صبر.

** يكظم غيضه ليُرضي ربه، ويغيظ عدوه.

** متواضع في نفسه، إذا قيل له الحق قبِله من صغير أو كبير.

** يطلب الرفعة من الله تعالى لا من المخلوقين.

** لا يتأكل بالقرآن ولا يحب أن تُقضى له به الحوائج.

** يقنع بالقليل فيكفيه، ويحذر على نفسه من الدنيا ما يطغيه.

** يُلزم نفسه برَّ والديه، فيخفض لهما جناحه، ويخفض لصوتهما صوته، ويبذل لهما ماله، وينظر إليهما بعين الوقار والرحمة، يدعو لهما بالبقاء، ويشكر لهما عند الكبر، لا يضجر بهما، ولا يحرمهما، إن استعانا به على طاعة أعانهما، وإن استعانا به على معصية لم يعنهما ورفق بهما في معصيته إياهما.

** يصلُ الرحم ويكره القطيعة، من قطعه لم يقطعه، من عصى الله فيه أطاع الله فيه.

** يصحب المؤمنين بعلم ويجالسهم بعلم من صحبه نفعه حسن المجالسة لمن جالسه.

** إن علم غيره رفق به، لا يعنف من أخطأ ولا يُخجله، رفيق في أموره، صبور على تعليم الخير، يأنس به المتعلم، ويفرح به المجالس، مجالسته تفيد خيرًا.

** مؤدب لمن جالسه بأدب القرآن والسنة.

وقد ذكر رحمه الله في آخر الكتاب*باب في حسن الصوت بالقرآن* فمما قاله: ينبغي لمن خصه الله حسن الصوت بالقرآن أن يعلم بأن الله قد خصّه بخيرٍ عظيم، فليعرف قدر ما خصه الله به، وليقرأ لله لا للمخلوقين، وليحذر من الميل إلى أن يستمع منه ليحظى به عند السامعين، رغبةً في الدنيا، والميل إلى حسن الثناء والجاه من أبناء الدنيا، والصلاة عند الملوك دون الصلاة بعوام الناس، فمن نالت نفسه إلى ما نهيتُه عنه خفتُ أن يكون حُسنُ صوته فتنةً عليه، وإنما ينفعه حُسنُ صوته إذا خشي الله عز وجل في السر والعلانية، وكان مراده أن يُستمع منه القرآن لينبه أهل الغفلة عن غفلتهم، فيرغبوا فيما رغبهم الله عز وجل وينتهوا عما نهاهم، فمن كانت هذه صفته انتفع بحُسن صوته وانتفع به الناس.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply