من أقوال السلف في الزنى


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

لا يخفى أن انتشار الزنى له أسباب من أهمها سفور المرأة عن وجهها، وتبرجها بزينتها، واختلاطها بالرجال الأجانب، والزنى له أثار وأضرار سيئة على الأفراد والمجتمعات، قال فضيلة الشيخ صالح بن ناصر بن صالح الخزيم رحمه الله: الزنا... الدليل على استقباحه عقلًا فهو ما يراه العقل السليم من أضرار فادحة، وأخطار جسيمة، تنجم عن هذه الفعلة النكراء، التي تضاد الفطرة الإنسانية، وتئن من ويلاتها الشعوب المنحرفة، فهي رذيلة قبيحة، وتحلل سافر من قيود الأخلاق، وإثم كبير، وخطء جلل، لا يرضاها اللب المستقيم، بل يعتبرها شرًا مستطيرًا، وخسّة ودناءةً ومهانةً، لما فيها من تفكك أوصال المجتمع، وتحطم كيان الأسرة، وانهدام البيوتات، وضياع الأنساب، وانحلال أواصر الشعوب والمجتمعات. 

للسلف أقوال في الزنى، جمعتُ بعضًا منها، أسأل الله الكريم أن ينفع بها الجميع. 

  • ظهور الزنى من أشراط الساعة ومن أمارات خراب العالم: 

قال عطاء بن يسار رحمه الله: من أشراط الساعة: عُلُو صوت الفاسق في المساجد، ومطر ولا نبات، وأن تتخذ المساجد طرقًا، وأن تظهر أولاد الزناة. 

قال العلامة ابن القيم رحمه الله: ظهور الزنى من أمارات خراب العالم، وهو من أشراط الساعة، كما في الصحيحين عن أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن من أشراط الساعة أن يرفع العلم، ويظهر الجهل، ويشرب الخمر، ويظهر الزنا، ويقلّ الرجال، وتكثر النساء حتى يكون لخمسين امرأة القيم الواحد".

  • الزنى، من أكبر الكبائر:

قال الإمام القرطبي رحمه الله في تفسير قوله تعالى: ﴿والذين لا يدعون مع الله إلهًا آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون﴾ دلت هذه الآية على أنه ليس بعد الكفر أعظم من قتل بغير الحق ثم الزنا.

قال الإمام أحمد رحمه الله: لا أعلم بعد قتل النفس شيئًا أعظم من الزنى.

قال العلامة الشوكاني رحمه الله: لا خلاف أنه من كبائر الذنوب.

  • الزنى تاباه الفطر السليمة والنفوس السوية:

قال عثمان بن عفان رضي الله عنه: والله ما زنيت في جاهلية ولا في إسلام.

قالت هند امرأة أبي سفيان رضي الله عنهما، حين قال لها النبي صلى الله عليه وسلم وقت مبايعة النساء "ولا يزنين" قالت رضي الله عنها: أو تزني الحرة؟ لقد كنا نستحي من ذلك في الجاهلية فكيف بالإسلام؟ 

  • النهي عن قرب جميع مقدمات الزنى ودواعيه:

قال العلامة السعدي رحمه الله: النهي عن قربان الزنا أبلغ من التهي عن مجرد فعله، لأن ذلك يشمل النهي عن جميع مقدماته ودواعيه، فإن "من حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه" خصوصًا هذا الأمر الذي في كثير من النفوس أقوى داع إليه. 

  • الاستماع إلى الغناء مفتاح الزنى: 

قال ابن تيمية رحمه الله الغناء رقية الزنا وهو من أعظم الأسباب لوقوع الفواحش.

قال العلامة ابن القيم رحمه الله: الله سبحانه وتعالى جعل لكل خير وشر مفتاحًا وبابًا يُدخل منه إليه،... فجعل الغناء مفتاح الزنى.

قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: الغناء... قيل إنه رقية الزنا.

  • النظر المحرم بوابة الوقوع في الزنى:

قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: اعلم وفقك الله، أن هذا الباب من أعظم أبواب الفتن... فإن الشيطان إنما يدخل على العبد من حيث يمكنه الدخول، إلى أن يُدرجه إلى غاية ما يمكنه من الفتن، فإنه لا يأتي إلى العابد فيحسن له الزنى في الأول، وإنما يزين له النظر، والعابد والعالم قد أغلقا على أنفسهما باب النظر إلى النساء الأجانب، لبعد مصاحبتهن وامتناع مخالطتهن، والصبي مخالط لهما، فليحذر من فتنته.

  • اختلاط النساء بالرجال يؤذي إلى مفسدة الزنى:

قال ابن القيم رحمه الله: اختلاط الرجال بالنساء سبب لكثرة الفواحش والزنا.

قال العلامة العثيمين رحمه الله: أعداؤنا وأعداء ديننا أعداء شريعة الله عز وجل يركزون اليوم على مسألة النساء واختلاطهن بالرجال ومشاركتهن للرجال في الأعمال، يريدون أن يقحموا المرأة في وظائف الرجال، أتدرون ماذا يحدث؟ يحدث مفسدة الاختلاط ومفسدة الزنا والفاحشة، سواء في زنا العين أو زنا اللسان أو زنا اليد أو زنا الفرج، كل ذلك محتمل إذا كانت المرأة مع الرجل في الوظيفة.

قال العلامة محمد الأمين بن محمد المختار الشنقيطي رحمه الله: لا يصحً لعاقل أن يشكّ في أن اختلاط الجنسين في غاية الشباب ونضارته وحسنه أنه أكبر وسيلة وأنجح طريق إلى انتشار وفشو الرذيلة بين الجنسين.

  • كشف العورات يجرّ إلى الزنى:

قال العلامة صالح الفوزان رحمه الله: وقال: الشيطان عرف أن العري يجرُّ إلى الزنا واللواط، فلذلك رغب الناس في كشف العورات، وسمى هذا تقدمًا وحضارة ورقيًا، ونفَّر الناس من الستر واللباس المحتشم، وقال: هذا تآخر ورجعية، وتقاليد بالية.

  • الزنى من أسباب الموت والهلاك ونزول البلاء وظهور الأوبئة ووقوع العقوبات.

قال عبدالله بن عباس رضي الله عنهما: ما ظهر الغلول في قوم قط إلا ألقى في قلوبهم الرعب، ولا فشا الزنا في قوم قط إلا كثر فيهم الموت... 

قال ابن مسعود رضي الله عنه: إذا ظهر الزنا والربا في قرية إذن الله في إهلاكها.

قال كعب الأحبار رضي الله عنه: إذا رأيت الوباء قد فشا فاعلم أن الزنا قد فشا.

قال العلامة ابن القيم رحمه الله: الزنا... من أسباب الموت العام والطواعين المتصلة. 

قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: المعاصي... من أسباب جلب البلاء وخصّ منها الزنا لأنه أعظمها في ذلك.

قال العلامة السعدي رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم: "يا أمة محمد! والله ما من أحدٍ أغير من الله أن يزني عبده، أو تزني أمته". ففي هذا: بيان أن سبب العقوبات في الدنيا والآخرة هي الذنوب، فبين غيرة الله تعالى إذا انتهكت محارمه التي من أعظمها الزنا، فإنه غالبًا لا يمهل صاحبه، والله تعالى غيور.

  • مفارقة الإيمان للزاني حتى يرجع عنه ويتوب:

قال أبو هريرة رضي الله عنه: الإيمان نور، فمن زنى فارقه الإيمان، فمن لام نفسه فراجع راجعه الإيمان.

قال ابن عباس رضي الله عنهما: لم يزن عبد قط إلا نزع الله نور الإيمان منه، إن شاء رده وإن شاء منعه. 

قال العلامة ابن القيم رحمه الله: ولا تزال الذنوب تزيل عنه نعمةً نعمةً حتى يُسلب النعم كلها، قال الله تعالى: ﴿إن الله لا يغيرُ ما بقومٍ حتى يغيروا ما بأنفسهم[الرعد:11] وأعظم النعم الإيمان، وذنبُ الزنا....تزيلها وتسلبها.

  • من مفاسد وأضرار الزنى:

قال العلامة ابن القيم رحمه الله: الزنى يجمع خلال الشر كلها، من: قلة الدين، وذهاب الورع، وفساد المروءة، وقلة الغيرة، فلا تجد زانيًا معه ورع، ولا وفاء بعهدٍ، ولا صدق في الحديث، ولا محافظة على صديق، ولا غيرة تامة على أهله، فالغدر، والكذب، والخيانة، وقلة الحياء، وعدم المراقبة، وعدم الأنفة للحرم، وذهاب الغيرة من القلب من شعبه وموجباته.

ومنها: أن الناس ينظرونه بعين الخيانة، ولا يأمنه أحد على حرمته، ولا على ولده.

ومنها: سواد الوجه، وظلمته وما يعلوه من الكآبة والمقت الذي يبدو عليه للناظرين.

ومنها: الوحشة التي يضعها الله في قلب الزاني، وهي نظير الوحشة التي تعلو وجهه، فالعفيف على وجهه حلاوة، وفي قلبه أنس، ومن جالسه استنأنس به، والزاني تعلو وجهه الوحشة، ومن جالسه استوحش به. 

ومنها: ظلمة القلب، وطمس نوره. ومنها: الفقر اللازم.

ومنها: أنه يفارقه الطيب الذي وصف الله به أهل العفاف، ويستبدل به الخبيث الذي وصف الله به الزناة.

ومنها: الرائحة التي تفوح عليه، يشمها كل ذي قلب سليم، تفوح من فيه وجسده

ومنها: ضيق الصدر وحرجه، فإن الزناة يُقابلون بضد مقصودهم، فإن من طلب لذة العيش وطِيبه بما حرمه الله عليه، عاقبه الله بنقيض قصده، فإن ما عند الله لا يُنال إلا بطاعته ولم يجعل الله معصيته سببًا إلى خير قط ولو علم الفاجر ما في العفاف من اللذة والسرور، وانشراح الصدر، وطيب العيش لرأى أن الذي فاته من اللذة أضعاف أضعاف ما حصل له، دع ربح العاقبة، والفوز بثواب الله وكرامته.

ومنها: قلة الهيبة التي تنزع من صدور أهله وأصحابه، وغيرهم له، وهو أحقر شيء في نفوسهم، وعيونهم، بخلاف العفيف، فإنه يرزق المهابة، والحلاوة. 

ومنها: أنه يعرض نفسه لفوات الاستمتاع بالحور العين في المساكن الطيبة في جنات عدن.

ومنها: أن الزنى يجُرِّئه على قطيعة الرحم، وعقوق الوالدين، وكسب الحرام، وظلم الخلق، وإضاعة أهله وعياله... فهذه المعصية لا تتم إلا بأنواع من المعاصي قبلها ومعها، ويتولد عنها أنواع آخر من المعاصي بعدها... وهي أجلب لشرِّ الدنيا والآخرة، وأمنع شيء لخير الدنيا والآخرة....فهذا بعض ما في هذه السبيل من الضرر....

قال العلامة الطاهر بن عاشور رحمه الله: عناية الإسلام بتحريم الزنى لأن فيه إضاعة النسب، وتعريض النسل للإهمال إن كان الزنى بغير متزوجة، وهو خلل عظيم في المجتمع، ولأن فيه إفساد النساء على أزواجهن، والأبكار على أوليائهن، ولأن فيه تعرض المرأة إلى الإهمال بإعراض الناس عن تزوجها، وطلاق زوجها إياها، ولما ينشأ عن الغيرة من الهرج والتقاتل. 

قال العلامة العثيمين رحمه الله: العفة من أسباب نور القلب، وأن ضدها -وهو الفجور- من أسباب ظُلمة القلب ولذا كان تأثير الزنى سواء كان بالعين أو بالرجل أو باليد أو باللسان أو بالفرج على القلب وعلى نور القلب أعظم من غيره وتأثير العفة في نور القلب أبلغ.

  • رمي اليهود عليهم لعائن الله لمريم بالزنى:

قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: اليهود... مريم... رموها بالزنا،... فجعلوها زانية،... فعليهم لعائن الله المتتابعة إلى يوم القيامة.

  • الحجاب حصانة ضد الزنى:

قال العلامة بكر بن عبدالله أبو زيد رحمه الله: الحجاب حصانة ضد الزنا والإباحية، فلا تكون المرأة إناءً لكل والغ.

  • غض البصر مانع للوقوع في الزنى:

قال ابن القيم رحمه الله: أمر تعالى نبيه صلى الله عليه وسلم أن يأمر المؤمنين بغض أبصارهم وحفظ فروجهم، وأن يُعلمهم أنه مشاهد لأعمالهم، مطلع عليها ﴿يعلم خائنة الأعين وما تخفى الصدور[غافر:19] ولما كان مبدأ ذلك من قبل البصر جعل الأمر بغضه مقدمًا على حفظ الفرج، فإن الحوادث مبدأها من النظر كما أن معظم النار من مستصغر الشرر فتكون نظرة ثم خطرة ثم خطوة ثم خطيئة.

قال العلامة السعدي رحمه الله: في قوله تعالى: ﴿والذين هم لفروجهم حافظون﴾ عن الزنا، ومن تمام حفظها تجنُّبُ ما يدعو إلى ذلك كالنظر واللمس ونحوهما.

  • خُصّ حدّ الزنى من بين الحدود بثلاث خصائص:

قال العلامة ابن القيم رحمه الله: خصّ سبحانه حد الزنى من بين الحدود بثلاث خصائص: 

أحدها: القتل فيه أشنع القتلات، وحيث خففه فجمع فيه بين العقوبة على البدن بالجلد، وعلى القلب بتغريبه عن وطنه سنة.

الثاني: أنه نهى عباده أن تأخذهم بالزناة رأفة في دينه بحيث تمنعهم من إقامة الحد عليهم.

الثالث: أنه سبحانه أمر أن يكون حدهما بمشهد من المؤمنين، فلا يكون خلوة حيث لا يراهما أحد، وذلك أبلغ في مصلحة الحد وحكمة الزجر.

  • الزنى بحليلة الجار وزوجة المجاهد:

قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: السيئة قد تعظم أحيانًا لأسباب خاصة، منها:

 أولا: شرف الزمان. 

ثانيًا: شرف المكان. 

ثالثًا: نوع السيئة، فالكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم ليس كالكذب على غيره، وغيبة العلماء ليست كغيبة غيرهم، والزنا بحليلة الجار، وزوجة المجاهد أعظم من الزنا بغيرهن، إلى غير ذلك.

  • الزنى بالمرأة المتزوجة:

قال العلامة ابن القيم رحمه الله: ومفسدة الزنا مناقضة لصلاح العالم، فإن المرأة إذا زنت أدخلت العار على أهلها وزوجها وأقاربها، ونكست رؤوسهم بين الناس، وإن حملت من الزنى، فإن قتلت ولدها جمعت بين الزنى والقتل، وإن حملته الزوج أدخلت على أهله وأهلها أجنبيًا ليس منهم فورثهم وليس منهم، ورآهم، وخلا بهم، وانتسب إليهم، وليس منهم، إلى غير ذلك من مفاسد زناها.

فليس بعد مفسدة القتل أعظم من مفسدته، ولهذا شرع فيه القتل على أشنع الوجوه، وأفحشها وأصعبها، ولو بلغ العبد أن امرأته أو حرمته قتلت كان أسهل عليه من أن يبلغه أنها زنت.

  • الزانية تودّ أن توقع غيرها من النساء في الزنى:

قال عثمان بن عفان رضي الله عنه: ودت الزانية لو زنى النساء جميعًا.

  • الزنى نجاسة وخبث:

قال العلامة ابن القيم رحمه الله: قد وسم الله سبحانه الشرك والزنى واللواط بالنجاسة والخبث في كتابه دون سائر الذنوب، وإن كانت مشتملة على ذلك،... قال تعالى في حق الزناة: ﴿الخبيثاتُ للخبيثين والخبيثون للخبيثات[النور:26]. 

  • الحكمة في ذكر الزّنى في موعظة الكسوف:

قال العلامة عبدالله بن محمد ابن حميد رحمه الله: ما هي الحكمة في ذكر الزنا في موعظة الكسوف؟ لم يذكر قتل النفس، ولم يذكر الربا، ولم يذكر شرب الخمر، ولم يذكر الكفر والشرك، وإنما ذكر الزّنا. قالوا: لأن القلب كالشمس مشرق بالإيمان، فالشمس حصل عليها هذا الكسوف فغيرها، وأحدث فيها نكتة سوداء، فالزاني عندما يزني يحصلُ في قلبه الذي هو كوكب من نور نكتة سوداء، إن تاب ورجع ذهبت تلك النكتة السوداء، وإن استمر في المعاصي انطمس هذا النور.

  • أول من تهون الزانية في عينه الذي يزنى بها:

قال الإمام ابن حزم رحمه الله: أول من يزهدُ في الغادر من غدر له الغادر، وأول من يمقتُ شاهد الزور من شهد له به، وأول من تهون الزانية في عينه الذي يزنى بها.

  • زنى الجوارح:

قال ميمون بن مهران: سأل ابن عباس رجل، فقال: قبلت جارية، قال: زنى فوك. 

قال ابن حجر رحمه الله: الزنا لا يختص إطلاقه بالفرج بل يطلق على ما دون الفرج من نظر وغيره... وإطلاق الزنا على اللمس والنظر وغيرهما بطريق المجاز لأن كل ذلك من مقدماته... قال ابن بطال: سمى النظر والنطق زنا لأنه يدعو إلى الزنا الحقيقي.

قال المناوي رحمه الله: العينان أصل زنا الفرج، فإنهما له رائدان، وإليه داعيان.

  • فتح أماكن للزنى من إيواء المحدث:

قال العلامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين رحمه الله: من سعى في فتح أماكن الرقص وأماكن الغناء أو أماكن الزنا،... فهذا قد آوى المحدث... فمن أوى المحدَث بتمكينه من المعاصي بفتح أبوابها فهو مستحق للعن. 

  • الزنى طريق أهل معصية الله:

قال الإمام الطبري رحمه الله: ساء طريق الزنا طريقًا، لأنه طريق أهل معصية الله، والمخالفين أمره، فأسوىّ به طريقًا يوردُ صاحبه نار جهنم.

  • العذاب المضاعف للزاني ما لم يرفع موجب ذلك بالتوبة:

قال العلامة ابن القيم رحمه الله: قد أكد سبحانه حرمته بقوله: ﴿والذين لا يدعون مع الله إلهًا آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلق أثامًا * يُضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانًا *إلا من تاب[الفرقان:68-70] فقرن الزنى بالشرك وقتل النفس، وجعل جزاء ذلك الخلود في العذاب المضاعف ما لم يرفع العبد موجب ذلك بالتوبة والإيمان والعمل الصالح.

  • عذاب الزناة والزواني في البرزخ:

قال العلامة ابن القيم رحمه الله: ينعم المؤمن في البرزخ على حسب أعماله، ويُعذب الفاجر فيه على حسب أعماله، ويختص كل عضو بعذاب يليق بجناية ذلك العضو؛... فتُعلق النساء الزواني بثديهن، وتحبس الزناة والزواني في التنور المحمى عليه، فيعذب محل المعصية منهم وهو الأسافل.

وقال رحمه الله: فأما سبيل الزنى، فأسوأُ سبيل، ومقيلُ أهلها في الجحيم شرُّ مقيل، ومستقر أرواحهم في البرزح في تنور من نار، يأتيهم لهيبها من تحتهم، فإذا أتاهم اللهب، ضجوا، وارتفعوا، ثم يعودون إلى موضعهم، فهم هكذا إلى يوم القيامة، كما رآهم النبي صلى الله عليه وسلم في منامه، ورؤيا الأنبياء وحي لا شكَّ فيه.

  • نتن فروج الزناة يوم القيامة:

قال عثمان بن عفان رضي الله عنه: تعرف الزناة بنتن فروجهن يوم القيامة.

  • عقوبة الشيخ الزاني يوم القيامة:       

عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ثلاثة لا يكلمهم الله يوم القيامة ولا يزكيهم ولا ينظر الله إليهم ولهم عذاب أليم: شيخ زان، وملك كذاب، وعائل مستكبر"[أخرجه مسلم]. 

قال الإمام المناوي رحمه الله: "شيخ زان" لاستخفافه... وقلة مبالاته به، ورذالات طبعه، إذ داعيته قد ضعفت، وهمته قد فترت، فزناه عناد ومراغمة. 

قال الإمام النووي رحمه الله: تخصيصه صلى الله عليه وسلم... الشيخ الزاني... بالوعيد المذكور فقال القاضي عياض: سببه أن كل واحد منهم التزم المعصية المذكورة مع بعدها منه وعدم ضرورته إليها وضعف دواعيها عنده وإن كان لا يعذر أحد بذنب لكن لما لم يكن إلى هذه المعاصي ضرورة مزعجة ولا دواعي معتادة أشبه إقدامهم عليها المعاندة والاستخفاف بحق الله تعالى وقصد معصيته لا لحاجة غيرها.

  • عدم دخول الجنة للديوث الذي يقرً فاحشة الزنا في أهله:

عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة قد حرم الله عليهم الجنة: مُدمن الخمر، والعاق، والديوث الذي يُقرُّ في أهله الخبث"[أخرجه الإمام أحمد].

قال الإمام المناوي رحمه الله: (الديوث) الذي يقر في أهله، أي: في زوجته أو سريته، وقد يشمل الأقارب أيضًا. (الخبث) يعني: الزنا، بأن لا يغار عليهم.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply