من أقوال السلف في المساجد


بسم الله الرحمن الرحيم

:الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد

المساجد لها منزلة عظيمة ومكانة رفيعة في دين الإسلام، فينبغي أن تحترم وأن تُعظم، قال الله عز وجل:﴿فِي بُيُوتٍ إذن اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ﴾[النور:36] قال الإمام ابن عطية الاندلسي رحمه الله: قال الحسن بن أبي الحسن رحمه الله: معناه: تعظم ويُرفع شأنها.

المسلم الموفق من جاهد نفسه في عمارة مساجد الله عز وجل بالطاعة والعبادة، قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: من الجهاد جهاد النفس في طاعة الله، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:"المجاهد من جاهد نفسه في سبيل الله" وأعظم مجاهدة النفس على طاعة الله عمارة بيوته بالذكر والطاعة قال الله تعالى:﴿إِنَّما يَعمُرُ مَساجِدَ اللَّـهِ مَن آمَنَ بِاللَّـهِ وَاليَومِ الآخر وَأَقامَ الصَّلاةَ وَآتَى الزَّكاةَ وَلَم يَخشَ إِلَّا اللَّـهَ﴾[التوبة:18].

وعمارة المساجد دأب الصحابة رضي الله عنهم، والتابعين، والصالحين رحمهم الله، قال الإمام الأوزاعي رحمه الله: خمس كان عليها الصحابة والتابعون لهم بإحسان: لزوم الجماعة، واتباع السنة، وعمارة المساجد، والتلاوة، والجهاد. وقال معمر عن قتادة رحمه الله: كان يقال: قلَّ ما ترى المسلم إلا في ثلاث: في مسجد يُعمره، أو بيت يُكنه، أو ابتغاء رزق من فضل ربه. 

ومن علامة التوفيق أن يكون قلب العبد معلق بالمساجد، قال العلامة محمد بن صالح العثيمين: إذا كان قلبك مُعلقًا في المساجد، إن خرجت صار القلب في المسجد، تحنُّ إلى المسجد، وتنتظر بشغف حضور الصلاة الأخرى، فهذا من علامة التوفيق. 

فينبغي أن يكون للمسجد وقت في حياة المسلم، قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: احرص على أن يكون لك وقت في المسجد في كلّ السنة، لكن في هذه العشر[العشر الأخيرة من رمضان] آكد وأولى، فيكون لك وقت في المسجد تذكر ربك فيه وتعبده، وتتلو كتابه، ويحيا قلبك. لأن المساجد مأوى الملائكة، ومأوى الرحمة، ومأوى الخشوع.

للسلف رحمهم الله أقوال كثيرة عن المساجد، اخترتُ بفضل الله بعضًا منها، أسأل الله الكريم أن ينفع بها الجميع.

 

  • المساجد بيوت الله في الأرض: 

• قال ابن عباس رضي الله عنهما: المساجد بيوت الله في الأرض، وهي تضيء لأهل السماء كما تضيء النجوم لأهل الأرض.

• قال عمرو ميمون الأودي رحمه الله: أدركت أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وهم يقولون إن المساجد بيوت الله في الأرض وإنه حق على الله أن يكرم من زاره فيها، وإقام شرعه فيها، ورفعها عن الدنس والشرك.

 

  • المساجد حصن من الشيطان:

• قال عبدالرحمن بن معقل رحمه الله: كنا نتحدّث أن المسجد حصن حصين من الشيطان.

• قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: عُمّارُ المساجد أبعد عن الأحوال الشيطانية.

 

  • نور الإيمان أكثر وقوع أسبابه في المساجد:

• قال العلامة السعدي رحمه الله: نور الإيمان والقرآن أكثر وقوع أسبابه في المساجد.

 

  • عمارة المساجد بالطاعة والعبادة:

• قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: وعمارة المساجد.. يدخل في ذلك: الصلاة، والذكر، والتلاوة، والاعتكاف، وتعليم النافع واستماعه.

• قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: ليس المراد من عمارتها زخرفتها، وإقامة صورتها فقط، إنما عمارتها بذكر الله فيها. 

 

  • فضائل لعمار المساجد:

• قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: عمار مساجد الله لا يخشون إلا الله.

• قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: شهد الله بالإيمان لعمار المساجد.

• قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: وإنما كان ملازمة المسجد مُكفرًا للذنوب، لأن فيه مجاهدة النفس، وكفًا لها عن أهوائها فإنها لا تميل إلا إلى الانتشار في الأرض لابتغاء الكسب أو لمجالسة الناس ومحادثتهم أو التنزه في الدور الأنيقة والمساكن الحسنة... فمن حبس نفسه في المساجد على الطاعة فهو مرابط لها في سبيل الله. 

 

  • أبرك العلم ما كان تعليمه وتعلمه في المساجد:

• قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله من أبرك العلم تحصيلًا وتأثيرًا في النفس وفي العمل والمنهج... ما يحصل في المساجد فما أبرك علم المساجد لأن المساجد فيها خير وبركة.

• قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: قوله صلى الله عليه وسلم:"ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله" يعني من المساجد، وهذا فيه أنّ تعليم العلم ينبغي أن يكون في المساجد، لأنه تحضره الملائمة، وكذا يحضره طلاب العلم، والعوام، فيستفيدون من هذه الدروس فهو بيت السكينة والرحمة، ومأوى الملائكة.

 

  • المساجد فيها لذة وانشراح صدر:

• قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: المساجد فيها سرّ عظيم، ولذلك إذا دخلت في المسجد تجد لذة، وتجد فيه انشراح صدرٍ، وتبتعد عنك الشواغل والهموم، وهو محل العبادة ومأوى الملائكة، ومهبط الرحمة، وهو بيت من بيوت الله عز وجل.

 

  • بناء المساجد من أنفع الصدقة الجارية: 

• قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: الصدقة الجارية من أوسعها وأعمها وأنفعها وأفضلها: بناء المساجد، لأن المساجد تقام فيه الصلوات وقراءة القرآن ودروس العلم ويؤوي الفقراء في الحر والبرد.

 

  • أربعة مساجد لم يبنها إلا نبي:

• قال الإمام البغوي رحمه الله، عن ابن بريدة....قال أربعة مساجد لم يبنها إلا نبي:

** الكعبة، بناها إبراهيم وإسماعيل فجعلاها قبلة.

** بيت المقدس، بناه داود وسليمان.

** مسجد المدينة، بناه رسول الله صلى الله عليه وسلم. 

** مسجد قباء، أسس على التقوى، بناه رسول الله صلى الله عليه وسلم.

 

  • تطهير المساجد من الشرك والبدع والخرافات: 

• قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: لا يجوز أن يوضع في المساجد ما يكون سببًا للشرك... مثل أن نقبر فيها الموتى، فهذا محرم، لأن هذا وسيلة إلى الشرك.

وقال رحمه الله: تحريم تخريب المساجد... ويشمل الخراب الحسي والمعنوي... فبعص الناس... قد يخربها معنى، بحيث ينشر فيها البدع، والخرافات المنافية لوظيفة المساجد.

 

  • تطهير المساجد من الدنس واللغو وتصان عن أمور الدنيا: 

• قال الحسن رحمه الله: تعظم يعني لا يذكر فيها الخنا من القول.

• قال الإمام القرطبي رحمه الله: ومما تصان عنه المساجد وتنزه عنه: الروائح الكريهة والأقوال السيئة، وغير ذلك... وتصان المساجد أيضًا عن البيع والشراء.  

• قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: المساجد،... أمر الله تعالى بتعاهدها وتطهيرها من الدنس واللغو، والأقوال والأفعال التي لا تليق بها.

• قال الإمام الشوكاني رحمه الله: المساجد تكرم، وينهى عن اللغو فيها. 

 

  • يمنع ما يكون سببًا للفتن في المساجد: 

• قال العلامة العثيمين: جواز منع دخول المساجد لمصلحة... فتارة تغلق أبوابها خوفًا من الفتنة، كما لو اجتمع فيها قوم لإثارة فتنة، فتغلق منعًا لهؤلاء من الاجتماع.

• قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: وأما المظاهرات فإن الإسلام لا يقرها، لما فيها من الفوضى واختلال الأمن، وإتلاف الأنفس والأموال، والاستخفاف بالولاية الإسلامية، وديننا دين النظام والانضباط ودرأ المفاسد، وإذا استخدمت المساجد منطلقًا للمظاهرات والاعتصامات، فهذا زيادة شر وامتهان للمساجد، وإسقاط لحرمتها، وترويع لمرتاديها من المصلين والذاكرين الله فيها، فهي إنما بنيت لذكر الله والصلاة والعبادة والطمأنينة....فالواجب على المسلمين أن يعرفوا هذه الأمور، ولا ينجرفوا مع العوائد الوافدة، والدعآيات المضللة، والتقليد للكفار والفوضويين.

 

  • لا يقال للمسجد: مُسيجد:

• قال الإمام سعيد بن المسيب رحمه الله: لا تقولوا مصيحف، ولا مسيجد، ما كان لله فهو عظيم حسن جميل.

 

  • المباهاة في بناء المساجد وزخرفتها: 

• قال أنس رضي الله عنه: يتباهون بها ثم لا يعمرونها إلا قليلًا.

• قال ابن عباس رضي الله عنهما: لتزخرفنها كما زخرفت اليهود والنصارى.

• قال ابن راهويه رحمه الله: المساجد لا ينبغي أن تزين إلا بالصلاة والبر.

• قال سفيان الثوري رحمه الله: يكره النقش والتزويق في المساجد، وكل ما تزين به المساجد... إنما عمارته ذكر الله عز وجل.

• قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: أرباب الأموال وفرقة أخرى: ربما اكتسبت المال من الحلال، وأنفقت في المساجد... وزخرفتها وتزينها بالنقوش التي هي منهي عنها، وشاغلة قلوب المصلين، ومختطفة أبصارهم.  

• قال العلامة العثيمين: جاء في الحديث:"لا تقوم الساعة حتى يتباهى الناس في المساجد" فلا يتخذونها مكان عبادة بل مكان مباهاة يقال ما شاء الله فلان عَمَّر هذا المسجد العظيم مزخرفًا محلىً بالنقوش وبالمعادن وبالرخام... بعض المساجد رأيناها في بعض المناطق يكاد الإنسان يجزم بأن الإنسان بناها مباهاة. 

المساجد... يكره زخرفتها... الذين يعمرون المساجد في الوقت الحاضر، ويحرصون على زخرفتها بأموال طائلة ليسوا على صواب... تجد بعض الناس ينفق على مسجد واحد من هذه الزخارف ما لو تركها لكفي مسجدين أو ثلاثة....عمارة المساجد وتعظيم المساجد هو اتباع الشريعة فيها هذه هي العمارة، وليست الزخرفة.

هل خشوع الناس في هذه المساجد المُترفة كخشوعهم في المساجد الأولى؟ أنا جربت هذا وهذا، أما اعتبار المكان فلا شك أن المكان الأول أخشع للإنسان وقد كنا نأتي إلى المسجد ليس فيه إلا سراج صغير... لكن يجد الإنسان لذة وخشوعًا.

 

  • بناء المساجد من المال الحرام:

• قال الإمام ابن الجوزي رحمه الله: أرباب الأموال: فرقة... يحرصون على بناء المساجد والمدارس والقناطر، وهم يبنونها من أموال اكتسبوها من الظلم، فهم قد تعرضوا لسخط الله في كسبها. 

 

  • تسمية المسجد الأقصى، ومسجد الخليل بالحرم:

• قال العلامة عبدالله بن محمد ابن حميد رحمه الله: عندما يذكرون المسجد الأقصى في القدس، يقولون: ثالثُ الحرمين... قولهم هذا باطل، ليس ثالث الحرمين باتفاق المسلمين، فالمسجد الأقصى ليس بحرم، بل قُل:*ثالث المسجدين* هذا صحيح، والصلاة فيه بخمس مئة صلاة، هذا صحيح، ومسجد الخليل أيضًا يسمونه *الحرم الإبراهيمي*كُلّ هذا خطأ، إنما الحرم: حرم مكة، وحرم المدينة.

• قال الشيخ بكر بن عبدالله أبو زيد رحمه الله: لا يقال للمسجد الأقصى: ثالث الحرمين لأن لفظ (الحرم) لا يطلق عليه.

 

  • من أشراط الساعة أن يعلو صوت الفاسق فيها:

• قال عطاء بن يسار رحمه الله: من أشراط الساعة عُلُو صوت الفاسق في المساجد.

 

  • من أشراط الساعة أن تتخذ المساجد طُرقًا:

• قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: كان يقال: من أشراط الساعة أن يُسلم الرجل على الرجل للمعرفة، وتتخذ المساجد طُرُقًا.

 

  • يأتي زمان يجلس الناس في المساجد همتهم الدنيا:

• قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: سيأتي على الناس زمان يقعدون في المساجد حلقًا حلقًا، إنما همتهم الدنيا، فلا تجالسوهم فإنه ليس لله فيهم حاجة.

 

  • منع الصبيان من اللعب في المساجد:

• قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: روى عن بعض السلف أن أول ما استنكر من أمر الدين لعب الصبيان في المساجد.

• قال الشيخ محمد جمال الدين القاسمي: الصبي دأبه اللعب فبلعبه يشوش على المصلين، وربما اتخذه ملعبًا، فنافي ذلك موضع المسجد فلذا يجنب عنه.

 

  • أحبُّ البقاع إلى الله المساجد:

• قال الإمام النووي رحمه الله: قوله:*أحب البلاد إلى الله مساجدها* لأنها بيوت الطاعات، وأساسها على التقوي.

• قال الإمام أبي العباس القرطبي رحمه الله: وإنما كان ذلك لما خصت به من العبادات والأذكار، واجتماع المؤمنين، وظهور شعائر الدين وحضور الملائكة.

 

  • المساجد مواضع الأئمة ومجامع الأمة:

• قال شيخ الإسلام ابن تيمية: كانت مواضع الأئمة ومجامع الأمة هي: المساجد، فإن النبي صلى الله عليه وسلم أسس مسجده المبارك على التقوى، ففيه الصلاة، والقراءة والذكر وتعليم العلم والخطب، وفيه السياسة، وعقد الألوية والرآيات، وتأمير الأمراء، وتعريف العرفاء، وفيه يجتمع المسلون عند لِما أهمهم من أمر دينهم ودنياهم.

 

  • عقوبة من منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه:

• قال العلامة السعدي رحمه الله: لا أحد أظلم وأشد جرمًا ممن منع مساجد الله عن ذكر الله فيها، وإقامة الصلاة وغيرها من الطاعات.

• قال العلامة محمد بن صالح العثيمين: عقوبة من منع مساجد الله أن يذكر فيها اسمه وسعى في خرابها، الخزي والعار في الدنيا، والعذاب العظيم في الآخرة.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply