خلاصة في طواف الوداع للمكي والآفاقي


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

سأذكر رؤوس الأقوال ثم القول الراجح:

١ـ يجب طواف الوداع (على المكي والآفاقي) إذا أراد الخروج من مكة ولو كان غير حاج أو معتمر عند الشافعية، وكذلك المالكية -لكن على سبيل الاستحباب عند المالكية- واختار وجوبه على كل خارج ابن تيمية، فطواف الوداع يجب عندهم على كل من أراد الخروج من مكة مسافة القصر ولو كان غير حاج أو معتمر ولو كان مكيا.. وعلى هذا يجب الوداع متى خرج في أي وقت ولا علاقة له بالحج ولا بالعمرة.

٢ـ يجب طواف الوداع (على الآفاقي دون المكي) في الحج فقط عند الحنفية والحنابلة ؛ لأن الوداع عندهم يجب على الحاج غير المكي(أي: على الآفاقي) ولا يجب على المعتمر، فليس على المكي وداع، لأنهم أطلقوا عدم الوجوب على المكي ولم يقيدوه بكونه لم يخرج، بمعنى أن ظاهر عبارتهم أنه لا يجب على المكي ولو خرج. بخلاف غيرهم من المذاهب فقد نصوا على أن المكي إذا خرج يوادع. (وعبارات الحنفية أصرح من الحنابلة في عدم وجوبه على المكي مطلقا أي ولو خرج، أما وجوبه على الحاج فقط فواضح في المذهبين).

٣ـ أما وجوب الوداع على (على المكي) في الحج فقط أو في الحج والعمرة فقط(أي: وليس لكل خارج) فلم أقف على قائل به (من المتقدمين). (ومن وجد فليتحفنا به، فقد يكون موجودا وفاتني).

٤ـ كذلك وجوب الوداع على الآفاقي في العمرة والحج فقط(أي: وليس لكل خارج) فلم أقف على قائل به (من المتقدمين - سوى ابن حزم والكلام فيه معروف). (ومن وجد فليتحفنا به، فقد يكون موجودا وفاتني).

وأرجح هذه الأقوال:

٠ وجوب طواف الوداع على الآفاقي في الحج فقط، وهو مذهب الحنفية والحنابلة كما سبق.

٠ فلا تجب على المكي وإن خرج عن مكة.

٠ ولا تجب في العمرة.

(تتمة في بيان مذهب الحنابلة في المسألة):

ذكر في (المنتهى) و(الإقناع) و(التنقيح) و (والإنصاف) و(المستوعب) وغيرها:

 أن طواف الوداع من واجبات الحج، ولم يذكروه في واجبات العمرة.

وقال في الإنصاف (9/ 294):

قال فى (الترغيب)، و(التلخيص): لا يجب على غير الحاج. قال في (المستوعب): ومتى أراد الحاج الخروج من مكة، لم يخرج حتى يودع().

وتعقب البهوتي ذلك في كشاف القناع (6/ 359) فقال:

((وواجباته) أي: الحج (سبعة... وطواف الوداع) قال الشيخ: وطواف الوداع ليس من الحج وإنما هو لكل من أراد الخروج من مكة().

وكذلك الشيخ مرعي قال غاية المنتهى في جمع الإقناع والمنتهى .(1/ 437):

وواجباته: إحرام من ميقات...، وطواف وداع وهو الصدر. وقال الشيخ: طواف الوداع ليس من الحج، وإنما هو لكل من أراد الخروج من مكة، وهو أظهر().

وفي مطالب أولي النهى (2/ 430):

((وطواف (وداع) وهو واجب على كل خارج من مكة من حاج وغيره، ويسمى طواف الصدر، ويأتي().

وفي كشاف القناع (6/ 336)

((وهو على كل خارج من مكة، قال القاضي والأصحاب إنما يستحق عليه عند العزم على الخروج. واحتج به الشيخ تقي الدين على أنه ليس من الحج)),

فالذي يظهر مما سبق أن المذهب: أن طواف الوداع من واجبات الحج دون العمرة. وليس لكل خارج عندهم. فهذا هو المذكور في (المنتهى) و(الإقناع) و(التنقيح) و (والإنصاف) و(المستوعب) وغيرها.

واختار ابن تيمية أنه لكل خارج، وتبعه على ذلك الشيخان (البهوتي) و (الكرمي).

وهل المقصود عند الحنابلة وجوبه في الحج فقط للآفاقي والمكي، أو للآفاقي فقط؟

كلام الأصحاب ليس صريحا في ذلك، وإن صرحوا بسقوطه عن المكي، لكن لم يتحدثوا عن صورة خروج المكي.

وفي المغني لابن قدامة (5/ 337): 

(ومن كان منزله في الحرم فهو كالمكي، لا وداع عليه، ومن كان منزله خارج الحرم، قريبا منه، فظاهر كلام الخرقي أنه لا يخرج حتى يودع البيت... لأنه خارج من مكة، فلزمه التوديع، كالبعيد).

وهي عبارة محتملة، لكن الأظهر أنهم يسقطونها عن المكي مطلقا؛ لأنهم لم يقيدوا نفي الوجوب بخروجه. أي لم يقولوا: لا يجب إلا إن خرج.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply