حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

أوصيكم عبادَ اللهِ ونفسي بتقوى اللهِ، فاتقوا اللهَ رحمكم اللهُ، اتقوهُ حقَّ التقوى... خلِّ الذنوبَ صغيرِها وكبيرِها ذاكَ التُقى... واصنعَ كماشٍ فوقَ أرضِ الشوكِ يحذرُ ما يرى... لا تحقرنَّ صغيرةً إن الجبالَ من الحصى.... ألا وإن طولُ الأملِ يُنسي الآخرةَ، واتِّباعُ الهوى يصدُّ عن الحق، فدع ما يُريبُك إلى ما لا يُرِيبُك، واترك الشٌبهاتِ استبراءً لدينك، وقل أمنت بالله ثم استقم... و{سَابِقُوا إلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا كَعَرْضِ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أُعِدَّتْ لِلَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ ذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ الْعَظِيمِ}... 

معاشِرَ المؤمنين الكرام: ليس لآخر العَامِ أَحكَامٌ خَاصةٌ أو عِبادات، وإنما هي مواعظٌ وذكرى وعِظات: قال جلَّ وعلا:{وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيلَ وَالنَّهَارَ خِلفَةً لِمَن أَرَادَ أَن يَذَّكَّرَ أَو أَرَادَ شُكُورًا}... و{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ}... فمع نهاية كلِّ عامٍ يحسنُ بالمسلم أن يقفَ مع نفسه وقفةَ مُراجعةِ ومحاسبة، حِفاظًا على ما حقَّق من المكاسِبِ، وتصحِيحًا لما وقع فيه من الأخطاء والمثالب، وسعيًا للأفضلِ والأكمل من المطالب، {قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّـٰهَا * وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّـٰهَا}... 

تأملوا يا عباد الله: عامٌ كاملٌ، مُترعٌ بالأحداثِ المروعِةِ، مُتخمٌ بالوقائع المتنوعةِ، حدثت فيها تغيراتٌ كبيرة، وتقلباتٌ شديدةٌ، عانت منها كثيرٌ من المجتمعات... {أَوَلَا يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لَا يَتُوبُونَ وَلَا هُمْ يَذَّكَّرُونَ}... 

فيا لها من عبرةٍ لو تأمَّلها عاقِل، ويا لها من ذكرى لو تنبَّه لها نبيه... سنةٌ كاملةٌ نقصَت من أعمارنا، أبعدتنا عن الدنيا، وقربتنا من الآخرة، سنةٌ كاملةٌ، فيها من الساعاتِ ما يزيدُ على الثمانيةِ الألافِ ساعةٍ، ومن الدقائقِ ما يربو على النِّصفِ مليونِ دقيقةٍ، كُلُّها مرَّت تِباعًا، وتصرّمت سِراعًا، وأُغلِقَت سِجلاتُها جميعًا... فما الذي أودعناه فيها، وهل ستشهدُ لنا أو علينا، {هَذَا كِتَابُنَا يَنْطِقُ عَلَيْكُمْ بِالْحَقِّ إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ مَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ}، {إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ}... ووالله يا عباد الله، إن انقضاء العام بهذه السرعة العجيبة مؤذنٌ بسرعة انقضاء الأعمار كلها، ورحيلنا إلى الدار الآخرة؟... {أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ}... 

أيها المسلمون: الزمانُ وتقلُّباته هو أبلغُ الواعِظين، والدهرُ بقوارِعه هو أفصحُ المُتكلِّمين، ولئن طالَت الحياةُ بأحزانها ومآسيها، أو مضَت بأفراحها وأنسها فهي إلى فناء وشيك، ونهاية قريبة... في الأثر أنَّ النبيَّ نظرَ إلى الشمسِ عند غروبِها فقال: "لم يبقَ من دُنياكم فيما مضى منها إلا كما بقِيَ من يومكم هذا فيما مضَى منه"... وفي الحديث الصحيح: بعثت أنا والساعة كهاتين... 

والوقتُ يا عباد الله هو الحياة، الوقت هو أغلى وأنفسُ ما وُهبِ للإنسان بعد الإيمان... وما يضيع منه فلا يمكنُ تعويضه أبدًا، وعمرُ الإنسان الحقيقي هو الوقت الذي يستثمرهُ لعِمارة آخرتهِ، وما عداهُ فهو خسارةٌ لا تُحسب... ومن ضيَّع ولو جزءً يسيرًا من وقته، فما عرفَ قيمةَ الحياةِ... في الحديث الصحيح: خير الناس من طالَ عُمره وحسُن عملُه... {أَوَلَمْ نُعَمِّرْكُمْ مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَنْ تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ}،}وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ....{... وفي صحيح مسلم: قال عليه الصلاة والسلام: "كلُّ الناسِ يغدُو؛ فبائعٌ نفسَه فمُعتِقُها أو مُوبِقُها"... وفي سورة الشمس، يُقسمُ اللهُ عزَّ وجل أحدَ عشر قسمًا متوالية، وجوابُ القسم: أنَّ المُفلِح هو من زكَّى نفسَهُ بالطاعات، وأنَّ الخاسرَ من دسَّهَا في المعاصي؛ قال تعالى: {وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا * وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا * وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا * وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا * وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا}.... 

فَاتَّقُوا اللَّهَ عباد الله، فَأَعْمَارُكُمْ تَمْضِي، وَآجَالُكُمْ تَدْنُو،{وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا وَاللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}... وفي صحيح البخاري يقول النبي : "لا يأتي عليكم زمانٌ إلا والذي بعده شرٌّ منه".. فالفتن والبلايا تتوإلى وتزدادُ عامًا بعد عام؛ فاحذروا الدنيا وتقلُّباتها؛ واغتنِموا ما بقِيَ لكم من النعمِ الخمس: الشبابَ قبل الهرَم، والصحةَ قبل المرض، والغِنَى قبل الفقر، والفراغَ قبل الشُّغل، والحياةَ قبل الموت... ومن أصلَح ما بينه وبين ربِّه كفاه الله ما بينه وبين الناس، ومن صدقَ في سريرته حسُنَت علانيتُه... 

والكيِّسُ العَاقِلُ حِينَ يُودِّعُ مَرحَلَةً مِنْ عمُرهِ ويَستَقبِلُ أُخرى فهو بِحَاجَةٍ لِمُحَاسَبَةِ نَفْسِه وَتَقْييمِ مَسَارِها في مَاضِيها وَحَاضِرِهَا ومُسْتَقْبلِهَا. يقولُ ابنُ القيِّمِ رحمَهُ اللهُ:*وهلاكُ القَلْبِ إنَّما هُوَ مِن إهمَالِ مُحاسبَةِ النَّفْسِ ومِن مُوَافَقَتِهَا واتِّباعِ هَوَاهَا*... وقال أمير المؤمنين الفاروق رضي الله عنه: أيها الناس، حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا، وزنوها قبل أن توزنوا، وتأهبوا للعرض الأكبر على الله {يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ}... 

فالمُحسِنُ الموفق أيها المباركون: من كان يومُه خيرًا من أمسِه، وغدُه خيرًا من يومه، وسنته الجديدة خيرًا من سنته الماضية، ومن اعتبرَ بِمَرور الأيام والساعات، واتَّعَظَ بما فيها من الأحداث والكوارث والتقلُّبات، فاغتنَمَ حياته وأوقاته بكثرة الطاعات، وكان حذِرًا من الوقوع في الشبهات والشهوات... 

والمؤمن أيها الكرام: يتذكرُ بتجدد الشهور والأعوام، مَن كان معه من الأهل والجيران والأرحام، ممن رحلوا عن هذه الدنيا، وهم الآن في قبورهم مرتهنين، لا يملك الواحد منهم أن يزيد في حسناته ولو حسنة، ولا أن ينقصَ من سيئاته ولو سيئة، فلنعلم علم اليقين أنَّ هذا سيكون حالنا عاجلًا أو آجلًا، ولننْتِهِز الفُرصةَ السانحة لنا الآن، ونكثر من العمل الصالح حتى لا نندم بعد فوات الآوان... خطبَ أبو بكرٍ رضي الله عنه فقال:*إنكم تغدُون وتروحون إلى أجلٍ قد غُيِّبَ عنكم علمُه، فإذا استطعتُم أن لا يمضِيَ هذا الأجلُ إلا وأنتم في عملٍ صالحٍ فافعلوا*... 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: {وَقَالَ الَّذِي آمَنَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُونِ أَهْدِكُمْ سَبِيلَ الرَّشَادِ * يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ * مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ}... 

.

اتَّقُوا اللهَ عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا من {الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ....}... 

معاشر المؤمنين الكرام: سيقف كلٌّ منا أمام ربه عاريًا حافيًا، يُختمُ على فيهِ، وتتكلمُ جوارحهُ، فتهيأ يا عبدالله لهذا الموقف الرهيب العصيب... تهيأ له بمحاسبة نفسك... نعم: لا بد أن تجلس مع نفسك وتحاسِبها، فأنت محاسب، وقد قال الله جلَّ وعلا عن الخاسرين: {إِنَّهُمْ كَانُواْ لاَ يَرْجُونَ حِسَابًا}، وفي الحديث الصحيح: "لا تزولُ قدَما عبدٍ يومَ القيامةِ حتَّى يُسألَ عن أربعٍ: عن عُمرِهِ فيمَ أفناهُ؟ وعن علمِهِ ماذا عمِلَ بهِ، وعن مالِهِ مِن أينَ اكتسبَهُ، وفيمَ أنفقَهُ، وعن جسمِهِ فيمَ أبلاهُ؟"... وأول ما يحاسب المرء على صلاته، حفظ أم ضيع... وفي الحديث الصحيح: "والقرآن حُجَّةٌ لك أو عليك، كلُّ الناسِ يَغدو، فبائعٌ نفسَه، فمُعتِقُها أو موبِقُها"... و"ما مِن ذنبٍ أجدرُ أن يُعجِّلَ اللهُ لصاحبِه العقوبةَ في الدُّنيا مع ما يَدَّخرُ لهُ في الآخرةِ من البَغي وقطيعةِ الرَّحمِ"، والرَّحِمُ مُعَلَّقَةٌ بالعَرْشِ تَقُولُ مَن وصَلَنِي وصَلَهُ اللَّهُ، ومَن قَطَعَنِي قَطَعَهُ اللَّهُ"... و"نِعْمَتانِ مَغْبُونٌ فِيهِما كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ: الصِّحَّةُ والفَراغُ"... {مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ}، و "إنَّما يكبُّ النَّاسَ على مناخِرِهم في جَهَنَّمَ حصائدُ ألسنَتِهم"... وفي محكم التنزيل: {فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ}.... وفي صحيح البخاري : "أَلا كُلُّكُمْ راعٍ وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، فالإِمامُ الذي علَى النَّاسِ راعٍ وهو مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والرَّجُلُ راعٍ علَى أهْلِ بَيْتِهِ، وهو مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ، والمَرْأَةُ راعِيَةٌ علَى أهْلِ بَيْتِ زَوْجِها، ووَلَدِهِ وهي مَسْئُولَةٌ عنْهمْ، وعَبْدُ الرَّجُلِ راعٍ علَى مالِ سَيِّدِهِ وهو مَسْئُولٌ عنْه، ألا فَكُلُّكُمْ راعٍ وكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عن رَعِيَّتِهِ".... ويقول الحق جل وعلا: {وَهُوَ الَّذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَّرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورًا}... فليتَذكَّر المؤمن حين يَرى في آخر العامِ دقةَ الحِسابِ في بيانات الشَّرِكاتِ، ليتذكر دقة حِساب الآخرة، {وَوُضِعَ الْكِتابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنا مالِ هذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ ‌صَغِيرَةً ‌وَلا ‌كَبِيرَةً إِلَاّ أَحْصاها... }... وليتذكر المؤمن حين يرى تَقييمَ الموظفينَ السَّنويَّ، يتفاوت ما بين حسن وسيء، ليتذكر كَيفَ سيتَفاوتُ تقييمُ النَّاس يومَ القِيامةِ، {فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ فَيَقُولُ هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ * إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلَاقٍ حِسَابِيَهْ * فَهُوَ فِي عِيشَةٍ رَاضِيَةٍ * فِي جَنَّةٍ عَالِيَةٍ * قُطُوفُهَا دَانِيَةٌ * كُلُوا وَاشْرَبُوا هَنِيئًا بِمَا أَسْلَفْتُمْ فِي الْأَيَّامِ الْخَالِيَةِ * وَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِشِمَالِهِ فَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُوتَ كِتَابِيَهْ * وَلَمْ أَدْرِ مَا حِسَابِيَهْ * يَا لَيْتَهَا كَانَتِ الْقَاضِيَةَ}... 

وليَتَذكَّر المؤمن في آخر العامِ وهو يرى تَصفيَّةَ التُّجارِ للبَضائعِ القَديمةِ، تَصفيةَ القُلوبِ مِن الشَّحناءِ والخِلافاتِ المقيتةِ، يَقولُ عَليهِ الصَّلاةُ والسَّلامُ في الحديث الصحيح: "تُفْتَحُ أَبْوَابُ الجَنَّةِ يَوْمَ الاِثْنَيْنِ، وَيَوْمَ الخَمِيسِ، فَيُغْفَرُ لِكُلِّ عَبْدٍ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا، إِلَاّ رَجُلًا كَانَتْ بَيْنَهُ وَبَيْنَ أَخِيهِ شَحْنَاءُ، فَيُقَالُ: أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى ‌يَصْطَلِحَا، أَنْظِرُوا هَذَيْنِ حَتَّى ‌يَصْطَلِحَا"... 

وليَتَذكَّر المؤمن وهو في آخر العَامِ، نِهايةَ الدُّنيا وكأنَّها حِلمٌ مِن الأحلامِ، وأنها مَتَاعُ الْغُرُورِ، متاعٌ مؤقتٌ زائل؛ جَدِيدُهَا يبلي، وَجَمِيلُهَا يذوي، وقَوِيُّهَا يضَعف، وَشَبَابُهَا يهَرم، وعامرها يخرب: {وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا مَتَاعُ الْغُرُور}... أَمَّا الْجَنَّةُ وَمَا فِيهَا: فَإن شَبَابهَا يبقى ولَا يَبْلَى، وَحَسَنُهَا يزيد لَا ينقصُ، ونعيمها يتجدد ولا ينفد... وأهلها لَا يَمْرَضُونَ وَلَا يَهْرَمُونَ ولا يسأمون وَلَا يَمُوتُونَ... {وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ}، {لَهُمْ مَا يَشَاءُونَ فِيهَا وَلَدَيْنَا مَزِيدٌ}، {وَإِذَا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيمًا وَمُلْكًا كَبِيرًا}... فـ{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}... 

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان...

 وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply