بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
نعمة كبيرة من الله جل وعلا أن يوفق العبد لمصاحبة أهل السنة، وأن يدرس على علماء أهل السنة والجماعة، وأن تكون قراءته في كتب أهل السنة والجماعة، فعاقبة ذلك السعادة في الدنيا والآخرة. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: السنة مقرونة بالجماعة، فيُقال: أهلُ السنة والجماعة... ونتيجة الجماعة: رحمة الله ورضوانه وصلواته وسعادة الدنيا والآخرة.
للسلف أقوال في أهل السنة والجماعة اخترتُ بعضًا منها أسأل الله أن ينفع بها
· قلّة أهل السنة وغربتهم بين الناس:
• قال سفيان الثوري رحمه الله: إذا بلغك عن رجل بالمشرق أنه صاحب سُنةٍ فابعث إليه بالسلام، وإذا بلغك عن آخر بالمغرب أنه صاحب سنة فابعث إليه بالسلام، فقد قلَّ أهل السنة والجماعة.
وقال رحمه الله: استوصوا بأهل السنة خيرًا فإنهم غرباء.
• قال الحسن رحمه الله: يا أهل السنة ترفقوا رحمكم الله فإنكم من أقلّ الناس.
• قال العلامة ابن القيم رحمه الله: أهل الإسلام في الناس غرباء، والمؤمنون في أهل الإسلام غرباء، وأهل العلم في المؤمنين غرباء، وأهل السنة الذين يميزونها من الأهواء والبدع فيهم غرباء، والداعون إليها الصابرون على أذى المخالفين لهم أشدُّ هؤلاء غربةً، ولكن هؤلاء هم أهل الله حقًا، فلا غربة عليهم، وإنما غربتهم بين الأكثرين الذين قال الله فيهم: ﴿وإن تطع أكثَرَ من في الأرض يُضلُّوك عن سبيل الله﴾[الأنعام:116].
· من سمات أهل السنة والجماعة:
• قال الإمام الصابوني رحمه الله: إحدى علامات أهل السنة: حبهم لأئمة السنة وعلمائهم، وأنصارها وأوليائها، وبغضهم لأهل البدع الذين يدعون إلى النار، ويدلون أصحابهم على دار البوار، وقد زين الله سبحانه قلوب أهل السنة، ونورها بحب علماء السنة.
• قال العلامة ابن القيم رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم: "فإنه من يعش منكم بعدي، فسيرى اختلافًا كثيرًا" هذا ذم للمختلفين، وتحذير من سلوك سبيلهم، وإنما كثُر الاختلاف وتفاقم أمره بسبب التقليد، وأهلُه هم الذين فرَّقوا الدين وصيروا أهله شيعًا، كل فرقة تنصر متبوعها وتدعو إليه، وتذمُّ من خالفها ولا يرون العمل بقولهم، حتى كأنهم ملة أخرى سواهم، يدأبون ويكدحون في الرد عليهم، ويقولون: كتبُهم وكتبنا، وأئمتهم وأئمتنا، ومذهبهم ومذهبنا، هذا والنبي واحد والقرآن واحد والدين والرب واحد، فالواجب على الجميع أن ينقادوا إلى كلمة سواء بينهم كلهم ألا يطيعوا إلا الرسول، ولا يجعلوا معه من تكون أقواله كنصوصه، ولا يتخذ بعضهم بعضًا أربابًا من دون الله، فلو اتفقت كلمتهم على ذلك، وانقاد كل منهم لمن دعاه إلى الله ورسوله، وتحاكموا كلُّهم إلى السنة وآثار الصحابة لقلَّ الاختلاف، وإن لم يعدم من الأرض، ولهذا تجد أقل الناس اختلافًا أهل السنة والحديث، فليس على وجه الأرض طائفة أكثر اتفاقًا وأقل اختلافًا منهم لما بنوا على هذا الأصل، وكلما كانت الفرقةُ عن الحديث أبعد كان اختلافهم في أنفسهم أشدَّ وأكثر، فإن من ردَّ الحق مرِجَ عليه أمرهُ واختلط عليه، والتبس عليه وجه الصواب فلم يدر أين يذهب كما قال تعالى: ﴿بَلْ كَذَّبُوا بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ فَهُمْ فِي أَمْرٍ مَرِيجٍ﴾[ق: 5].
• قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: العلامة الفارقة بين أهل السنة والجماعة وبين غيرهم، أنهم يحكّمون الكتاب والسنة، ويعملون بإجماع الأمة في مسائل عقائدهم، وأما غيرهم فإنهم يقدمون غير النصوص عليها إما من العقول أو من الذوق أو غير ذلك.
• قال العلامة عبدالله بن عبدالرحمن الجبرين رحمه الله: من خصال أهل السنة والجماعة أنهم يرون أن المسلم عليه أن ينصح للمسلمين، وأن يكون مخلصًا لهم وناصحًا، والنصح هو صفاء المودة، ومن آثاره: الدلالة على الخير الذي يعلمه خيرًا، واتقاء الشر الذي يعلمه شرًا، والبعد عن الغش، وذلك بأن تحب للمسلمين ما تحبه لنفسك، وتدلهم على ما تحب أن تفعله، فإذا كان هناك مصلحة دنيوية فلا تستبد بها، وتحرم إخوانك المسلمين، وإذا رأيت مسلمًا قد أقبل على هلكة، فإياك أن تتركه بل حذره من أسباب هذا الهلاك ونحو ذلك.
• قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: قال بعض الأئمة: علامة أهل السنة: الدعاء للأئمة يعني للسلاطين، وعلامة أهل البدعة الوقيعة في السلاطين، وهذا ظاهر لمن تأمل هدى أهل السنة والجماعة وتأمل أصولهم وممن ذكر هذا ابن بطه في*الإبانة* والبربهاري في *شرح السنة* وهو من أئمة أهل السنة والجماعة فقد فصل القول في ذلك تفصيلًا بينًا لأجل ما ظهر في زمنه من كثرة المخالفين في هذا الأصل العظيم.
· أهل السنة والجماعة يموتون ويبقى ذكرهم
• قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: أهل السنة يمتون ويبقي ذكرهم... لأن أهل السنة أحيوا ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فكان لهم نصيب من قوله: ﴿ورفعنا لك ذكرك﴾
· ثبات أهل السنة والجماعة حتى يأتي أمر الله:
• قال الإمام الشاطبي رحمه الله: لا تجتمع الفرق كلها على مخالفة السنة عادة وسمعًا بل لا بد أن تثبت جماعة أهل السنة حتى يأتي أمر الله غير أنهم لكثرة ما تناوشهم الفرق الضالة وتناصبهم العداوة والبغضاء استدعاء إلى موافقتهم، لا يزالون في جهاد ونزاع، ومدافعة وقراع آناء الليل والنهار، وبذلك يضاعف لهم الأجر الجزيل ويثيبهم الثواب العظيم.
· أهل السنة والجماعة عندهم الثبات واليقن:
• قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: أهل السنة عندهم من اليقين والثبات ما ليس عند غيرهم، فالمبتدعة عندهم من التردد والشكوك الشيء الكثير، وكلما ازداد الإنسان في التعمق في علم بدعته كثرت الشكوك عنده، ولذلك تجد أرباب هذه الفرق لولا ما يستفيدونه من أمور دنيوية من مال، وشهرة، أو نحو ذلك، لتركوا طريقهم، لأن عندهم من الشك والحيرة الشيء الكثير، بخلاف أهل السنة والجماعة كلما ازداد الإنسان منهم علمًا ازداد بصيرة، وازداد يقينًا وثباتًا وطمأنينة.
· من ائتمَّ بأهل السنة قبله ائتمَّ به مَن بعده ومن معه:
• قال العلامة ابن القيم رحمه الله: أثنى الله سبحانه على عباده المؤمنين الذين يسألونه أن يجعلهم أئمة يُهتدي بهم، فقال تعالى في صفات عباده: ﴿وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَامًا﴾[الفرقان: 74]، قال مجاهد: اجعلنا مؤتمين بالمتقين، مقتدين بهم، وهذا من تمام فهم مجاهد رحمه الله، فإنه لا يكون الرجل إمامًا للمتقين حتى يأتم بالمتقين، فمن ائتمَّ بأهل السنة قبله، ائتم به من بعده ومن معه.
· أهل السنة والجماعة يعلمون الحق ويرحمون الخلق:
• قال ابن تيمية رحمه الله: أئمة السنة والجماعة... يعلمون الحق الذين يكونون به موافقين للسنة سالمين من البدعة، ويعدلون على من خرج منها ولو ظلمهم.
وقال: أهل السنة المتبعين للرسول صلى الله عليه وسلم... يتبعون الحق، ويرحمون من خالفهم باجتهاده. وقال: أهل السنة والعلم والإيمان يعلمون الحق ويرحمون الخلق.
· الحزن والألم عند موت رجل من أهل السنة:
• قال أيوب السختياني رحمه الله: إنه ليبلغني موت الرجل من أهل السنة فكأنما يسقط عضو من أعضائي.
· أهل السنة والجماعة ألين قلوبًا:
• قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: أهل الكلام وأهل البدع،... يعلمون مسائل الاعتقاد كمسائل عقلية، ينظرون إليها نظرًا عقليًا برهانيًا، عقليًّا أو نقليًا، دون نظر في آثار ذلك، وهذا تجد لأجله فيهم من قسوة القلوب، ومن قلة العبادة، وترك التواضع، والكبر....إلى آخره من الصفات المذمومة ما فيهم، بخلاف أهل الحق من أهل السنة والحديث والعبادة، فإنهم ألين قلوبًا، لأجل ما معهم من العلم بالله عزوجل، وأكثر تواضعًا للخلق، ونفعًا للعباد، وخوفًا من الله عز وجل، لأن صحة العقيدة أثمرت في قلوبهم وفي أعمالهم كذلك.
· أهل السنة هم شيعة آل البيت حقيقة:
• قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: أما شيعة آل البيت حقيقة، فهم أهل السنة الذين ينزلونهم منزلتهم، ويعرفون حقهم وفضلهم، ولا يجعلون لهم حظًا من الربوبية أو تدبير الخلق، كما يزعم غلاتهم ذلك.
· من أسماء أهل السنة والجماعة:
• قال العلامة عبدالعزيز بن عبدالله بن باز رحمه الله: الفرقة الناجية... وهم أهل السنة والجماعة، وهم أهل الحديث الشريف، السلفيون الذين تابعوا السلف الصالح.
• قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: أهل السنة والجماعة، وأهل الحديث، أهل الأثر، الطائفة المنصورة الفرقة الناجية هذه كلها مسماها واحد وهو أهل العلم وهم أهل الحديث الذين يعتقدون الاعتقاد الصحيح، وإن لم يكونوا من طلبة العلم.
· أسباب نفع الله بردود علماء أهل السنة والجماعة على أهل البدع:
• قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: نفع الله جل وعلا بعلماء أهل السنة والجماعة في رد البدع والضلالات نفعًا عظيمًا، وذلك لعدد من الأمور:
الأمر الأول: أنهم ينطلقون في معتقدهم وفي ردودهم من الكتاب والسنة، والكتاب والسنة تذعن لهما النفوس المؤمنة، وفيها الحجج العقلية المقنعة، والبراهين النقلية الواضحة، بخلاف غيرهم من أهل البدع فإنهم ينطلقون في ردودهم من مصادر أخرى.
الأمر الثاني: أنهم يردون البدعة بالسنة، بخلاف غيرهم فإنهم يردون البدعة ببدعة.
الأمر الثالث: من مميزات كتابة أهل السنة والجماعة: أنهم يجتنبون المتشابه من القول، فالألفاظ والأقوال والجمل التي تحتمل معاني متعددة يتوقفون عن إطلاقها إثباتًا ونفيًا ويكتفون بما ورد في النصوص الشرعية.
· وجوه أهل السنة والجماعة كلما كبروا ازداد حسنها:
• قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: نرى وجوه أهل السنة والطاعة كلما كبروا ازداد حسنها وبهاؤها.
· من لطف الله بعبده وإرادته به الخير أن يوفق لمعاشرة أهل السنة والجماعة:
• قال الإمام السلمي رحمه الله: إذا أراد الله بعبد من عبيده خيرًا وفقه لمعاشرة أهل السنة، وأهل الستر والصلاح والدين ويرده عن صحبة أهل الهوى والبدع، والمخالفين.
• قال أيوب السختياني رحمه الله: إنَّ من سعادة الحدث والأعجمي أن يوفقهما الله لعالم من أهل السنة.
• قال ابن شوذب رحمه الله: إنَّ من نعمة الله على الشاب إذا نسك (تعبد) أن يواخي صاحب سُنة يحمله عليها.
• قال يوسف بن أسباط رحمه الله: كان أبي قدريًا، وأخوالي روافض فأنقذني الله بسفيان.
• قال الإمام ابن مفلح المقدسي رحمه الله: قال أبو الفرج الشيرازي من أصحابنا رحمه الله في كتاب: التبصرة له: قال أحمد بن حنبل رضي الله عنه: وإذا رأيت الشاب أول ما ينشأ مع أهل السنة والجماعة فارجُه، وإذا رأيته مع أصحاب البدع فايأس منه، فإن الشاب على أول نشوئه
• قال العلامة السعدي رحمه الله: ومن لطف الله بعبده... لو نشأ العبد في بلد أهله مذهب أهل السنة والجماعة فإن هذا لطف له. وكذلك: إذا قدر الله أن يكون مشايخه الذين يستفيد منهم _الأحياء والأموات _أهل سنةٍ وتقى، فإن هذا من اللطف الرباني.
· يوم القيامة... تبيض وجوه أهل السنة والجماعة:
• قال الحافظ ابن كثير رحمه الله: يوم القيامة... تبيض وجوه أهل السنة والجماعة، وتسود وجوه أهل البدعة والفرقة، قاله ابن عباس رضي الله عنهما.
· أهل السنة أعقل الأمة:
• قال ابن القيم رحمه الله: كلما كان الرجل عن الرسول أبعد كان عقله أقل وأفسد، فأكمل الناس عقولًا أتباع الرسل، وأفسدهم عقولًا المعرض عنهم وعما جاؤوا به، ولهذا كان أهل السنة والحديث أعقل الأمة، وهم في الطوائف كالصحابة في الناس.
· لا مساواة بين مجالسة أهل السنة وأهل البدع:
• قال الإمام العكبري قيل للأوزاعي رحمهما الله: إن رجلًا يقول: أنا أجالس أهل السنة وأجالس أهل البدع فقال: هذا رجل يريد أن يساوى بين الحق والباطل.
· متى يعلم الرجل أنه على السنة والجماعة:
• قال الإمام اللالكائي رحمه الله: قال عبدالجبار بن شيراز بن يزيد العبدي _ صاحب سهل بن عبدالله _ سمعت سهل بن عبدالله يقول: وقد قيل له متى يعلم الرجل أنه على السنة والجماعة؟
قال: إذا عرف من نفسه خصال: لا يترك الجماعة.
ولا يسب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
ولا يخرج على هذه الأمة بالسيف.
ولا يكذب بالقدر.
ولا يشك في الإيمان.
ولا يماري في الدين.
ولا يترك الصلاة على من يموت من أهل القبلة بالذنب.
ولا يترك المسح على الخفين.
ولا يترك الجماعة خلف كل وال حار أو عدل.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد