حياة القلب وموته


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

للقوة مبدأ صارم في حياة القلب لا تنتهي ولا تنتمي لأي عضو غيره فإن كانت قوة خير كان القلب لين للحق صلبا في وجه الباطل وإن كانت قوة شر كان القلب لين للباطل صلبا في وجه الحق وهذه القوة تكون على خمسة أسس مهمة وهي قوة الإيمان والإخلاص والنية والمحبة والصبر وخلاف هذه الأسس هي الكفر والرياء والنفاق والكره واليأس وأما الأسس الأولى كلما إزدادت قوة إزدادت معها أركان القوة ومنها اليقين والتوكل والتقوى والخوف فالقوة دافعٌ لكل ما هو خفيّ على ظاهره فيصبح مرئي بشكل ملموس ومن القوة الخفية العقل الذي لم يحدد له العلماء مكان في جسم الإنسان وإن بعض الحقائق تقول : *أن العقل له علاقة بالقلب* ومن هنا نستنتج شيئا مهما آلا وهو مكوِنات شخصية الإنسان فلا تكون إلا من ثلاث وهي القوة والقلب والعقل وهذه الثلاث قد جُمع بينهم حرف واحد وهو حرف القاف وشعار هذا الحرف هي القناعة فبقوة شخصيته وقلبه الواسع وعقلٌ مدبر نميز بينه وبين الشخصية الضعيفة بقلب ضيق وعقلٍ مسموم.

فالقوة لا تعني الغلبة ولكن تعني المواصلة وعدم الإستسلام للضعف مهما كانت الصعاب فبقوة الإيمان تزول كل الشبهات وبقوة الإخلاص تنتهي الوساوس وبقوة النية تنتهي الشكوك رغم أن قوة النية تكتمل في حرارتها وضعفها تكون عند برودتها.

وبقوة المحبة تنتهي الأحقاد وبقوة الصبر ينتهي القنوط وأما القوة التي يأتي منها الشر فهذه صاحبها لا يكون بقلب حي بل هو يعيش بقلب ميت وإن كانت فيه قوة الشبهات والضلالات... الخ.

فإن ميزان القوة هو الإصرار الذي به قد يزيد العبد رغبة في العمل، وأما موت القلب يكون عند الكفر فتعمى به البصيرة وعند الرياء يكون القلب كالحديد.

وأما النفاق فالقلب هنا قد احترق عن آخره حتى إسوَّد وأما أن يُلمس القلب برياح الكره فهنا يكون كالعفن رائحته لا تطاق وإن لم تصلنا.

وأما اليأس إن أصاب القلب فهو ألم مثل ألم السكين الحاد يقتل القلب بعد طول الألم بنار فقدان الأمل.

وأما عن أركان القوة الأربعة التي ذكرناها آلا وهي اليقين والتوكل والتقوى والخوف فهذه تزيد للقوة قوة إضافية قد لا تُرى بالعين المجردة لكن يعيشها المسلم في واقعه حقيقة.

وأما عن الخوف فهو لا يعني الضعف فالذي يخاف الله عز وجل ليس ضعيفا بل هو قوي الإيمان.

فبقوة الخير يحيى القلب وبقوة الشر يموت القلب وإن عاش صاحبه ألفا في دنياه، فلا مستحيل في قلب مليئ بقوة الخير يعيش صاحبه حياتين وهما حياة الدنيا وملذاتها وحياة القلب وأحاسيسه بالرحمة والتوبة فنوره بين عينيه كل سعادته تحصل عند طاعة ربه فمثل هذه القلوب نسعى لها ونجدد الموعد لإصلاحها فبصلاح القلوب يصلح حال الناس وبفسادها يُفسد الناس ما كان صالحا، فالقلب من أسرار السعادة ومفتاح من مفاتيح الحياة وقبلة للمحبة بل هو القائد إما للنار أو الجنة.

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply