بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
من أسباب عدم وقوع الأبناء في حبائل شياطين الإنس والجن، الذين يوردونهم المهالك: قيام الوالدين بتربية الأبناء التربية الصحيحة، التي قوامها نصوص الكتاب والسنة، إضافة إلى أقوال سلف الأئمة، وعلى رأسهم صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، الذين نبهوا الآباء والأمهات على أهمية تربية الأبناء، قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: *حافظوا على أولادكم في الصلاة، وعلِّموهم الخير؛ فإنما الخير عادة*.
وقال عبدالله بن عمر رضي الله عنه لرجل: *أدِّب ابنك فإنك مسؤول عن ولدك ماذا أدّبته، وماذا علَّمته، وإنه مسؤول عن بِرِّك وطواعيته لك*.
للسلف رحمهم الله أقوال يوصون فيها الأبناء بكل ينفعهم في أمور دينهم ودنياهم، يسّر الله الكريم فجمعتُ بعضًا منها، أسأل الله أن ينفع بها الجميع.
· محبة الله عز وجل والخوف منه:
• لما حضرت العباس بن المطلب رضي الله عنه الوفاة، بعث إلى ابنه عبدالله. فقال له: *يا بني، إني موصيك بحب الله عز وجل، وحب طاعته، وخوف الله، وخوف معصيته، فإنك إذا أحببت الله وطاعته، نفعك كل أحد، وإذا خفت الله ومعصيته، لم تضر أحدًا، وإذا كنت كذلك لم تكره الموت متى أتاك*.
· تفاوت الإيمان بين العبد الطائع والعبد العاصي:
• قال عطاء بن أبي رباح لابنه يعقوب: يا بني، ليس إيمان من أطاع الله كإيمان من عصى الله.
· الإيمان بالقضاء والقدر:
• قال عبادة بن الصامت رضي الله عنه لأبنه: *يا بني، إنك لن تجد طعم حقيقية الإيمان حتى تعلم أن ما أصابك لم يكن ليخطئك وما أخطاك لم يكن ليصيبك*، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إن أول ما خلق الله القلم، فقال له: اكتب، فقال: رب وماذا أكتب؟ قال: اكتب مقادير كُل شيء حتى تقوم الساعة" يا بني، إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "من مات على غير هذا فليس مني".
• قال جعفر الصادق رحمه الله: يا بني، من لم يرض بما قُسم له اتهم الله في قضائه.
· الاستعانة بالله في جميع الأمور:
• عن عبدالله بن الزبير رضي الله عنه، قال: دعاني الزبير... فجعل يوصيني بدينه ويقول: *يا بني، إن عجزت عن شيء منه، فاستعن عليه مولاي، قال: فوالله ما دريت ما أراد حتى قلتُ: يا أبتِ، من مولاك؟ قال: الله، قال: فوالله ما وقعت في كربةٍ من دينه إلا قلتُ: يا مولى الزبير اقضِ عنه دينه فيقضيه*.
· عدم قبول حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من ثقة:
• لما حضرت عقبة بن عامر رضي الله عنه الوفاة، قال لولده: *يا بني، إني أنهاكم عن ثلاث... فاحتفظوا بها: لا تقبلوا حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا من ثقة*.
· الخشوع في الصلاة:
• قال معاذ بن جبل رضي الله عنه لابنه: *يا بني، إذا صليت صلاة، فصل صلاة مودع، لا تظن أنك تعود إليها أبدًا*..
· إحسان الوضوء:
•قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه يا بني... *إذا أردْتَ أن تصلي فأحسِنْ وضوءك*.
· أمور تستدام بها النعم:
• قال الخليفة المنصور لابنه المهدي يا بني: *استدم النعمة بالشكر، والقدرة بالعفو، والطاعة بالتأليف، والنصر بالتواضع والرحمة للناس، ولا تنس نصيبك من الدنيا ونصيبك من رحمة الله*.
· اجتناب الإسراف:
• دخل عمر بن الخطاب على ابنه عبدالله رضي الله عنهما، وإذا عنده لحم، فقال: *ما هذا اللحم؟ قال: اشتهيته، قال: أو كلما اشتهيت شيئًا أكلته، كفى بالمرء سرفًا أن يأكل كل ما اشتهاه*.
· لزوم البيت، وحفظ اللسان، والبكاء من ذكر الذنب:
• قال ابن مسعود رضي الله عنه لابنه: *ليسعك بيتك، واملك عليك لسانك، وابكِ من ذكر خطيئتك*.
· عدم سماع أهل البدع:
• كان ابن طاوس جالسًا، وعنده ابنه، فجاء رجل من المعتزلة فتكلم في شيء، فأدخل ابن طاوس أصبعيه في أذنيه، وقال: *يا بني أدخل أصبعك في أذنيك حتى لا تسمع من قوله شيئًا، فإن هذا القلب ضعيف، ثم قال: أي بني اسدد، فما زال يقول: اسدد حتى قام الآخر*.
· وصايا لمن يكون محل ثقة الأمراء والقادة:
• قال العباس بن عبدالمطلب لابنه عبدالله رضي الله عنهما: *يا بني، إن أمير المؤمنين، يعنى عمر بن الخطاب، يدنيك، فاحفظ عني ثلاثًا: لا تُفشين له سرًا، ولا تغتابن عنده أحدًا، ولا يطلعن منك على كذبة*.
· التحذير من الخروج على الإمام:
• قال عمرو بن العاص لابنه رضي الله عنهما: *يا بني احفظ عني ما أُوصيك به: إمام عدل خير من مطر وابل، وأسد حطوم خير من إمام ظلوم، وإمام ظلوم غشوم خير من فتنة تدوم*.
· توطين النفس على وجود الأذى عند الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر:
• قال عمرو بن حبيب لبنيه: *أي بني، إذا أراد أحدكم أن يأمر بالمعروف أو ينهى عن المنكر، فليوطن نفسه قبل ذلك على الأذى، وليوقن بالثواب من الله عز وجل، فإنه من يوقن بالثواب من الله عز وجل لا يجد مس الأذى*.
· التحلي بمكارم الأخلاق
•قال سعيد بن العاص رضي الله عنه: *يا بني إن المكارم لو كانت سهلة يسيرة لسابقكم إليها اللئام ولكنها كريهة مرة لا يصبر عليها إلا من عرف فضلها ورجا ثوابها*.
· القناعة:
• قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه لابنه عمر: *يا بني، إذا طلبت الغنى فاطلُبه بالقناعة، فإن لم تكن لك قناعة فليس يغنيك مال*.
• قال الإمام جعفر الصادق، رحمه الله: *يا بني، من قتع بما قسم الله استغنى*.
· ترك الاستدانة:
• لما حضرت عقبة بن عامر رضي الله عنه الوفاة، قال لولده: *يا بني، إني أنهاكم عن ثلاث... فاحتفظوا بها: لا تديّنوا، ولو لبستم العباء*.
· الحذر من الاطلاع على عورات الناس:
• قال الإمام جعفر الصادق: *يا بني من كشف حجاب غيره انكشفت عورات بيته*.
· تهوين الأمور:
• قالت أم رومان لابنتها أم المؤمنين عائشة رضي الله عنهم، في حادثة الإفك: *يا بنية هوِّني عليك، فوالله لقلما كانت امرأة قط وضيئة عند رجل يُحبها، ولها ضرائر، إلا أكثرن عليها*.
· الندب إلى العفو، واجتناب الظلم:
• قال الخليفة المنصور لابنه المهدي: *يا بني: أولى الناس بالعفو أقدرهم على العقوبة، وأنقص الناس عقلًا من ظلم من هو دونه*.
· التحذير من مصاحبة ومجالسة السفهاء والفجار والفساق:
• قال علي بن الحسن رحمه الله لابنه: *لا تصحب فاسقًا، فإنه يبيعك بأكلة وأقلّ منها*.
•قال الإمام الخطابي وعظ المخزومي ابنه فقال: *إياك وإخوان السوء فإنهم يخونون من رافقهم وقربهم أعدى من الجرب ورفضهم من استكمال الأدب، والمرء يعرف بقرينه*.
• أوصى عمرو بن حبيب بنيه، فقال: *إياكم ومجالسة السفهاء، فإن مجالستهم داء*.
• قال الإمام جعفر الصادق رحمه الله: *يا بني، من داخل السفهاء حُقر... لا تزر الفجار فإنهم صخرة لا يتفجر ماؤها، وشجرة لا يخضر ورقها، وأرض لا يظهر عُشبها*
· من يصاحب ويجالس:
• قال الإمام الغزالي: وأوصى بعض السلف ابنه فقال: *يا بني، لا تصحب من الناس إلا من إذا افتقرت إليه قرب منك، وإن استغنيت عنه لم يطمع فيك، وإن علت مرتبته لم يرتفع عليك*.
• قال جعفر بن محمد لابنه: *يا بني... من خالط العلماء وقّر*.
· حفظ الأسرار:
عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة له، فرجعتُ إلى أهلي بعد الساعة التي كنتُ أرجعُ إليهم فيها، فقالت لي أُمِّي: *ما حبسك اليوم يا بني؟ فقلتُ: أرسلني رسول الله صلى الله عليه وسلم في حاجة له، قالت: وما هي؟ قلتُ: هو سِرٌّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: فاحفظ على رسول الله سِرَّه، فما أخبرتُ به أحدًا قطُّ. [أخرجه أحمد].
· حمل الكلام على أحسن المحامل:
• قال عبدالعزيز بن عمر: قال لي أبي: *يا بني إذا سمعت كلمة من امرئ مسلم، فلا تحملها على شيء من الشر، ما وجدت لها محلًا من الخير*.
· العاقل الذي يحتال للأمر الذي غشيه حتى لا يقع فيه:
• قال الخليفة المنصور لابنه المهدي: *يا بني: ليس العاقل من يحتال للأمر إذا وقع فيه حتى يخرج منه، ولكن العاقل الذي يحتال للأمر الذي غشيه حتى لا يقع فيه*.
· البعد عن الطمع:
• قال سعد بن أبي وقاص لابنه عمر، رضي الله عنهما: *يا بني،... إيَّاك والطمع؛ فإنه فقر حاضرٌ، وعليك باليأس؛ فإنه الغنى*.
· ثمانية إن أهينوا فلا يلوموا إلا أنفسهم:
• قال الأحنف لابنه: *يا بني! ثمانية إن أُهينوا فلا يلوموا إلا أنفسهم: من أتى مائدة لم يدع إليها، والمتأمّر على أهل البيت في بيته، ومن جلس مجلسًا لا يستحقه، والداخل بين اثنين في شيء _ أو قال: في أمر _ لم يدخلاه فيه، وطالب الخير من اللئام، وطالب الفضل من أعدائه، والمقدم بالدالّة على السلطان*.
• قال عبدالله ابن الإمام أحمد لأبيه يومًا: أوصني يا أبت، فقال: *يا بني انوِ الخير، فإنك لا تزال بخير ما نويت الخير*.
· تشجيعهم على حفظ الحديث:
• قال إبراهيم بن أدهم قال لي أبي: *يا بني، اطلب الحديث، فكلما سمعت حديثًا وحفظته فلك درهم، فطلبتُ الحديث على هذا*.
· آداب المزاح:
• قال سعيد بن العاص لابنه رضي الله عنهما: *يا بني، لا تمازح الشريف، فيحقد عليك، ولا تمازح الدنيء فيجترئ عليك*.
· عدم الاشتغال بالشعر الذي يلهي ويشغل:
• لما حضرت عقبة بن عامر رضي الله عنه الوفاة، قال لولده: *يا بني إني أنهاكم عن ثلاث... فاحتفظوا بها: لا تكتبوا شعرًا، فتشغلوا به قلوبكم عن القرآن*.
• قال مروان، لابنه عبدالعزيز حين ولاه مصر: *يا بنيَّ، مُر حاجبك يُخبرك من حضر بابك فتكون أنت تإذن وتحجب، وآنِس من دخل إليك بالحديث فينبسط إليك، ولا تعجل بالعقوبة إذا أشكل عليك الأمر فإنك على العقوبة أقدر منك على ارتجاعها*.
• قال الخليفة المنصور لابنه المهدي: *إن الخليفة لا يصلحه إلا التقوى، والسلطان لا يصلحه إلا الطاعة، والرعية لا يصلحها إلا العدل*.
وقال يومًا لابنه المهدي: *كم عندك من دابة؟ فقال: لا أدري، فقال: هذا هو التقصير. فأنت لأمر الخلافة أشد تضيعًا فاتق الله يا بني*.
· الحذر من دعوة المظلوم:
• يحيى بن خالد البرمكي... قال له أحد ولده وهم في القيود في السجن: *يا أبتِ بعد الأمر والنهي والأموال صرنا إلى هذا؟ قال: يا بني دعوة مظلوم غفلنا عنها، لم يغفل الله عنها*.
· الصداقة والإخوة لا تكون على من يخالف الدين والحق:
• وأوصى بعض السلف ابنه فقال: *يا بني،... اعلم أنه ليس من الوفاء: موافقة الأخ فيما يخالف الحق، في أمر يتعلق بالدين، بل الوفاء له المخالفة*.
· المعاشرة الطيبة مع الناس:
• قال الأصمعي: لما حضرت جدي علي بن أصمع الوفاة جمع بنيه فقال: *يا بني، عاشروا الناس معاشرة إن عشتم حنوا عليكم، وإن مِتّم بكوا عليكم*.
· اجتناب ما يعتذر منه:
• قال سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، لابنه: *يا بني....إياك وما يُعتذَر منه من العمل والقول*.
· الصبر:
• قال عمرو بن حبيب لبنيه: *أي بني، من يصبر على ما يكره، يُدرك ما يحب*.
· الحذر من عقوبة الله:
• دخل عمر بن الخطاب رضي الله عنه على ابنته حفصة، فقال لها: *يا بُنية، إنك لتراجعين رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى يظل يومه غضبان، فقالت حفصة: والله إنا لنراجعه، فقال لها: تعلمين إني أُحذرك عقوبة الله، وغضب رسوله صلى الله عليه وسلم؟*
· وصية جامعة:
• قال الإمام جعفر بن محمد الصادق، يوصي ابنه موسى (الكاظم) رحمهما الله: *يا بني، من مدّ عينيه إلى ما في يد غيره مات فقيرًا*.
ومن استصغر زلة غيره استعظم زلة نفسه.
ومن سلّ سيف البغي قُتل به.
ومن احتفر بئرًا لأخيه أوقعه الله فيه.
ومن دخل مداخل السوء اُتهم.
يا بني: إياك أن تزدري بالرجال فيزدرى بك.
وإياك والدخول فيما لا يعينك فتذلَّ لذلك.
يا بني، قل الحق لك وعليك، تُستشار من بين أقربائك.
كن للقرآن تاليًا، وللإسلام فاشيًا، وللمعروف آمرًا، وعن المنكر ناهيًا، ولمن قطعك واصلًا، ولمن سكت عنك مبتدئًا، ولمن سألك معطيًا.
إياك والنميمة فإنها تزرع الشحناء في القلوب.
وإياك وعيوب الناس فمنزلة المتعرض لعيوب الناس كمنزلة الهدف.
إذا طلبت الجود فعليك بمعادنه، فإن للجود معادن، وللمعادن أصولًا، وللأصول فروعًا، وللفروع ثمارًا، ولا يطيب الثمر إلا بفرع، ولا فرع إلا بأصل، ولا أصل إلا بمعدن طيب.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد