خلاف الفقهاء في سنة الجمعة البعدية


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

 

القول الأول:

 أقلها ركعتان وأكثرها ست ركعات، وكلها في المسجد وهو مذهب الحنابلة.

دليلهم:

حديث ابن عمر: أنَّهُ صلَّى اللهُ عليْهِ وسلَّمَ  "كانَ يصلِّي بعدَ الجمعةِ ركعتَيْنِ" مُتَّفَقٌ عليْهِ

ودليل الست حديث ابن عمر - الآخر-:  كان إذا كان بمكة فصلى الجمعة، تقدم فصلى ركعتين، ثم تقدم فصلى أربعًا، وإذا كان بالمدينة صلى الجمعة، ثم رجع إلى بيته فصلى ركعتين، ولم يصل في المسجد، فقيل له، فقال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك» وهو حديث ضعيف شاذ.

القول الثاني:

أقلها ركعتان وأكثرها أربع، وهو مذهب الحنفية، والشافعية. (ولم يذكروا هل هي في البيت أو المسجد).

دليلهم: حديث ابن عمر في الركعتين وتقدم.

وحديث أبي هريرة: «من كان مصليًا بعد الجمعة فليصل بعدها أربعًا»، رواه مسلم.

القول الثالث:

ركعتان في البيت وهو مذهب المالكية.

دليلهم: حديث ابن عمر وتقدم.

القول الرابع:

إن صلاها في البيت فركعتان، وإن صلاها في المسجد فأربع وهو مذهب اسحاق، وابن تيمية وابن القيم.

قال ابن القيم: «قال شيخنا أبو العباس ابن تيمية: إن صلى في المسجد صلى أربعًا، وإن صلى في بيته صلى ركعتين. قلت: وعلى هذا تدل الأحاديث». زاد المعاد .(1/ 425).

دليلهم: جمعًا بين حديث ابن عمر، وحديث أبي هريرة.

الراجح:

أما القول بأن أكثرها ست فضعيف؛ لأن حديث الست ركعات ضعيف كما تقدم.

ولعل الجمع الذي ذكره ابن تيمية جمع حسن (إن صلى في المسجد صلى أربعًا، وإن صلى في بيته صلى ركعتين)، وإن كان هذا القول لم يقل به إلا اسحاق وابنُ تيمية وابن القيم - فيما أعلم- لكنه لا يخرج عن الأقوال السابقة. ويقويه أن ابن عمر نص على كونه صلى الله عليه وسلم يصلي الركعتين في البيت.

فإن قيل: إحداث قول ثالث ممنوع عند الأصوليين.

فالجواب:

أن اسحاق من المتقدمين وقد يشكل على ذلك أن الخلاف موجود قبل اسحاق.

لكن على كل حال: إحداث قول ثالث فيه ثلاث أقوال: الجواز مطلقًا، والمنع مطلقًا، والتفصيل وهو: إنْ لزم من القول الحادث رفْعُ القولين السابقين لم يجز إحداثه وإلا جاز. وهذا القول الثالث أرجح هذه الأقوال واختاره الآمدي، والطوفي، وصفي الدين الهندي، وغيرهم من المحققين.

ينظر: الإحكام (1/269)، شرح مختصر الروضة (3/ 88)، نهاية الوصول .(6 / 2527).

والقول الذي رجحه اسحاق وابنُ تيمية، وابن القيم لم يرفع القولين، بل وافق القولين في شيء دون شيء.

ينظر: التوضيح المقنع شرح الروض المربع (3/82).

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply