الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
مختصرة وشاملة جاهزة للإلقاء:
إن الحَمد لِلَّه نحمدُهُ ونَستَعِينُهُ وَنَستَغفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِن شُرُورِ أَنفُسِنَا ومن سيئات أعمالنا، مَن يَهدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَن يُضلِل فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وحدَهُ لا شريك له، وَأَشهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبدُهُ وَرَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم تسليمًا كثيرًا.
{يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُسلِمُونَ}.
{يَا أَيٌّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُم الَّذِي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنهَا زَوجَهَا وَبَثَّ مِنهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيكُم رَقِيبًا}.
{يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَولًا سَدِيدًا يُصلِح لَكُم أَعمَالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنُوبَكُم وَمَن يُطِع اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَد فَازَ فَوزًا عَظِيمًا.{
• أما بعد: أيها المسلمون عباد الله
اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
• اللَّهُ أَكْبَرُ عدد ما ذكرَهُ الذاكرون، واللَّهُ أَكْبَرُ عدد ما هلَّلَ المهللون وكبَّر المكبرون، اللَّهُ أَكْبَرُ كبيرًا والحمد لله كثيرًا وسبحان الله بكرة وأصيلًا، اللَّهُ أَكْبَرُ عدد ما أحرم الحجاج من الميقات، وعدد ما لبى الملبون وزيد في الحسنات، اللَّهُ أَكْبَرُ عدد ما دخل الحجاج مكة ومنىً ومزدلفة وعرفات،
اللَّهُ أَكْبَرُ عدد ما طاف الطائفون بالبيت الحرام وعظموا الحرمات، اللَّهُ أَكْبَرُ عدد من سعى بين الصفا والمروة من المرات، واللَّهُ أَكْبَرُ عدد ما حلقوا الرؤوس تعظيمًا لرب البريات.
اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
• أيها المسلمون عباد الله، اتقوا اللهَ تعالى حقَّ التقوى في السِّر والعلن؛ فإنَّ تقوى الله خيرُ زادٍ يتزودُ به العبدُ للدار الآخرة؛ فقد قال الله تعالى: {وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ}، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ}، وقال تعالى: {وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إلى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّىٰ كُلُّ نَفْسٍ مَّا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ}
• واعلموا أنَّ حقيقة التقوى إنَّما تكون بالمسارعة إلى فعل الخيرات وترك المحرمات المهلكات، قبل فوات العُمُر ومرور أوقاته وساعاته؛ ️فإن الله تعالى جعل دار الدنيا مضمارًا للتنافس بين العباد في الإكثار من الأعمال الصالحة؛ فجعل الليل والنهار خزانتين يُودِعُ فيهما العبدُ أعماله، وعلى قدر سعيه وجده واجتهاده يكونُ الجزاءُ العظيم يوم القيامة؛ كما قال الله تعالى: {يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ}.
• فأودعوا فيها مِن الأعمالِ الصالحةِ ما يَسرُّكم بعد الممات وحين الحساب والجزاء يومَ يُقالُ للمحسنين: {يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ * ارْجِعِي إلى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً * فَادْخُلِي فِي عِبَادِي * وَادْخُلِي جَنَّتِي}.
اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
• أيها المسلمون عباد الله، اليومَ يومٌ من أيام الله تعالى؛ هو يومُ عيد الأضحى المبارك أعاده الله علينا وعلى جميع المسلمين باليمن والبركات؛ فهو أعظم الأيام عند الله تعالى؛ فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "إنَّ أعظمَ الأيَّامِ عندَ اللَّهِ تبارَكَ وتعالَى يومُ النَّحرِ ثمَّ يومُ القُرِّ"[رواه أحمد، وأبو داود].
• قال ابن القيم رحمه الله في زاد المعاد: *خير الأيام عند الله يوم النحر، وهو يوم الحج الأكبر*.
• وهذا اليوم أيها المسلمون يوم مليءٌ بالعبر والعظات والخيرات؛ فهو يوم الحج الأكبر حيث يؤدي الحجاج فيه معظم مناسك الحج: فيرمون الجمرة الكبرى، ويذبحون الهدي ويحلقون رؤوسهم أو يقصرون، ويطوفون بالبيت طواف الإفاضة، ويسعون بين الصفا والمروة؛ ففي صحيح البخاري عَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: وَقَفَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ النَّحْرِ بَيْنَ الْجَمَرَاتِ فِي الْحَجَّةِ الَّتِي حَجَّ، وَقَالَ: "هَذَا يَوْمُ الْحَجِّ الأَكْبَرِ".
• وهو عيد الأضحى والنحر لأن المسلمين يضحون فيه وينحرون هداياهم تقربًا إلى الله تعالى وعبادة له؛ كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب"[رواه الترمذي وصححه الألباني في صحيح الترمذي].
• وما عمل ابن آدم يوم النحر عملا أحب إلى الله من إراقة الدم، وإن للمضحي بكل شعرة حسنة وبكل صوفة حسنة.
• وهذه الأضاحي سنة أبينا إبراهيم عليه السلام واقتداء بنبينا محمد صلى الله عليه وسلم، وإنها لسنة مؤكدة يكره لمن قدر عليها أن يتركها.
اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
• أيها المسلمون عباد الله: إن الله تعالى خلقنا من أجل التوحيد؛ أي خلقنا من أجل أن نعبده وحده ولا نشرك به شيئًا؛ كما قال تعالى: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ}.
• وإن فيما شُرع لنا في يوم النحر وأيام التشريق ما يُذكِّرُنا بهذا الواجب العظيم الذي خلقنا الله تعالى لأجله وهو التوحيد:
• فمن شعائر التوحيد التي شرعها الله لنا في هذا اليوم وأيام التشريق: ذبحُ الأضاحي لله تعالى؛ فإن أول ما نبدأ به يومنا هذا هو ذبح الأضاحي.
• والذبح عبادة عظيمة لا تكون إلا لله تعالى، ويكفي في التنبيه على عِظَمِ شأنها عند الله تعالى أنه قرنها بالصلاة؛ فقال تعالى: {فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ}، وقال تعالى: {قُلْ إِنَّ صَلَاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ لَا شَرِيكَ لَه}.
• فنحن معاشرَ الموحدين لا نذبح إلا لله تعالى وحده، فلا نذبح للجن ولا للشياطين ولا للأضرحة والقبور ولا نقدم لها شيئًا من النذور والقرابين؛ بل نُفرِدُ الله تعالى بذبائحنا كما نُفرِدُهُ بالدعاء والركوع والسجود وسائر العبادات والقربات.
• ومن هذه الشعائر أيضًا التي تُذكِّرُنا بالتوحيد: أن الله تعالى شرع لنا فيها من التكبير والتهليل والتحميد وكلها تقرر وتؤكد توحيدَ اللهِ تعالى.
• فأما (التكبير): فمعناه أنك تُقِرُّ وتشهدُ أن اللهَ أكبرُ من كل شيء، وإذا كان اللهُ أكبرَ من كل شيء فهو إذن المستحق لأن نعبده وحده لا شريك له.
• وأما (لا إله إلا الله): فهي كلمة التوحيد ومعناها لا معبودَ بحق إلا الله؛ أي هو المستحق أن يُعبد وحده وما سواه من ملائكة وأنبياء، وصالحين وأولياء، وقبور وأضرحة، وإنس وجن، وشجر وحجر، لا يستحقون من العبادة مثقال ذرة ولا أصغر من ذلك؛ كما قال الله تعالى: {ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ الْحَقُّ وَأَنَّ مَا يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ هُوَ الْبَاطِلُ}.
• وأما قولنا (ولله الحمد): فالحمد هو الثناءُ والشكرُ والتعظيمُ والرضى، والله جل فى علاه هو المستحق للحمد كله، فله الحمد على أسمائه الحسنى وصفاته العلى، وله الحمد على ما أنعم وأعطى؛ فتدبروا هذه المعاني وأنتم تقولون: (اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ).
اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
• أيها المسلمون عباد الله، ويجب أن يُعلم: أن من مقتضيات التوحيد الاستسلام والانقياد، والتحاكم إلى شرع الله تعالى؛ فلا يتحقق التوحيد الخالص من العبد إلا إذا آمن بالله تعالى، ورضِيَ حكمه في القليل والكثير، وتحاكم إلى شريعته وحدها في الأنفس والأموال والأعراض، وفي كل شأن من شئون حياته؛ قال الله تعالى: {إِنِ الْحُكْمُ إِلَّا لِلَّهِ أَمَرَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ}، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إلى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا}، وقال تعالى: {فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنْفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}، وقال تعالى: {وَمَن يُسْلِمْ وَجْهَهُ إلى اللَّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَىٰ وَإِلَى اللَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ}.
• فصونوا توحيدكم واحفظوه من كل ما يخدشه واحذروا من الشرك كبيره وصغيره؛ فإنه يحبط الأعمال، ويوجب الخسران؛ قال تعالى: {وَلَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}، وقال تعالى: {وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ}.
اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
• أيها المسلمون عباد الله، ولا تتم العبادة إلا بمتابعة النبي صلى الله عليه وسلم وطاعته فيما أمر واجتناب ما نهى عنه وزجر؛ كما قال الله تعالى: {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ}، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ.... الآية}
• وقد أمرنا النبي صلى الله عليه وسلم بالتمسك بسنته؛ فقال: "تركت فيكم ما إن تمسكتم به لن تضلوا بعدى أبدا كتاب الله وسنتي".
• وحذرنا صلى الله عليه وسلم من محدثات الأمور والابتداع في الدين؛ فقال: "مَنْ أَحْدثَ في أَمْرِنَا هَذَا مَا لَيْسَ مِنْهُ فهُو رَدٌّ"[متفقٌ عَلَيهِ.]
وفي روايةٍ: "مَنْ عَمِلَ عمَلًا لَيْسَ عَلَيْهِ أَمْرُنَا فَهُو ردٌّ".
• وكان صلى الله عليه وسلم، إذا خطب في الناس قال: "فَإِنَّ خَيرَ الْحَديثِ كِتَابُ اللَّه، وخَيْرَ الْهَدْي هدْيُ مُحمَّدٍ صلى الله عليه وسلم، وَشَرَّ الأُمُورِ مُحْدثَاتُهَا، وكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلالَةٌ".
اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
• أيها المسلمون عباد الله، إن من أعظم أركان الإسلام بعد الشهادتين إقام الصلاة والمحافظة عليها في أوقاتها؛ فمن أقامها فقد أقام الدين ومن هدمها فقد هدم الدين، ولا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة؛ قال الله تعالى: {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ}، وقال تعالى: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَىٰ وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}
• فاحذروا أيها المسلمون من التهاون في أمر الصلاة أو التفريط فيها أو تأخيرها عن وقتها المشروع؛ فقد جاء الوعيد الشديد والتهديد الأكيد لمن فعل ذلك؛ فقال الله تعالى: {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ * الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ * الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ * وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ}، وقال تعالى: {فَخَلَفَ مِن بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلَاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}.
والويل والغي واديان من أودية جهنم والعياذ بالله.
• وتارك الصلاة ممقوت وهو على خطير عظيم؛ فقد قَالَ النبي صَلَّى اللَّه عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "الْعَهْدُ الَّذِي بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمُ الصَّلَاةُ فَمَنْ تَرَكَهَا فَقَدْ كَفَرَ"[رواه الترمذي وغيره].
وقال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَن حافَظَ عليها كانَتْ له نورًا وبُرْهانًا ونَجاةً يَومَ القيامةِ ومَن لم يحافِظْ عليها لم يكُنْ له نورٌ ولا بُرْهانٌ ولا نَجاةٌ وكان يَومَ القِيامةِ مع قارونَ وفِرْعونَ وهامانَ وأُبَيِّ بن خَلَفٍ".
نسأل الله العظيم رب العرش الكريم أن يتقبل منا ومنكم صالح الأعمال.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم توبوا إليه إنه هو التواب الرحيم.
الخطبة الثانية:
• الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشانه، وأشهد أن محمدًا عبدُهُ ورسولُه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا إلى يوم الدين.
اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
• أيها المسلمون عباد الله، إن دين الإسلام دين السعة والرحمة والسماحة دين يراعي متطلبات النفس البشرية ويلبيها، ومن تلك المتطلبات: حاجة النفوس إلى الترويح عنها إذا ما كَدَّت من العمل، وقد لبى الإسلام تلك الحاجة؛ فجعل لنا بعد صيام رمضان وقيامه جائزة عيد الفطر، وجعل لنا بعد طاعات العشر الأول من ذي الحجة جائزة عيد الأضحى.
اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
• أيها المسلمون عباد الله، إن أعيادنا جزء من ديننا، وشعيرة من شعائره قد انفرد وتميَّز بها عن سائر الأمم؛ فعَن أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنهُ قَالَ: قَدِمَ النبي صلى الله عليه وسلم المَدِينَةَ وَلَهُم يَومَانِ يَلعَبُونَ فِيهِمَا، فَقَالَ: "مَا هَذَانِ اليَومَانِ؟"، قَالُوا: كُنَّا نَلعَبُ فِيهِمَا في الجَاهِلِيَّةِ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ قَدَ أَبدَلَكُم بِهِمَا خَيرًا مِنهُمَا: يَومَ الأَضحَى وَيَومَ الفِطرِ"[رواه أبو داود والنسائي].
• وعيدُنا هذا وما يُذبح فيه من الأضاحي هو ذكرى أبينا إبراهيم عليه السلام إذ هَمَّ أن يذبح ولده إسماعيل عليهما السلام؛ قال الله تعالى: {فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَىٰ فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَىٰ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِن شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنادَيْناهُ أَن يا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَآ إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِين * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلاَءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ}.
اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
• وهو أيضًا عيد فرحة وسعادة وحبور؛ كما قال تعالى: {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ}.
• وقد كان سلفنا الصالح رضي الله عنهم من فرحتهم بالعيد يهنئون به بعضهم بعضًا؛ فعن جبير بن نفير قال: *كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا التقوا يوم العيد يقول بعضهم لبعض: تقبل الله منا ومنكم*.
اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
• أيها المؤمنون عباد الله، إن للعيد سننًا وآدابًا ينبغي مراعاتها:
1- منها: الغسل والتطيب ولبس أجمل الثياب.
• فأما الغسل فهو مستحب لكل اجتماع عام للمسلمين كالجمعة والعيدين وغيرها؛ وقد ثبت عن نافع أن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما كان يغتسل يوم الفطر، قبل أن يغدو إلى المصلى.[رواه مالك في الموطأ]. وما ينطبق على عيد الفطر ينطبق أيضًا على عيد الأضحى.
• وأما لبس أجمل ما تجد من الثياب؛ فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخص يوم العيد بحلة حسنة لا يلبسها إلا في العيدين والجمعة؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: "كان النبي صلى الله عليه وسلـم يلبس يوم العيد بردة حمراء"[رواه الطبراني].
2- ومنها: خروج الجميع لصلاة العيد الرجال والصبيان والنساء حتى الحيض منهن؛ فعن أم عطية رضي الله عنها قالت: أَمَرَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ نُخْرِجَ الْعَوَاتِقَ، وَذَوَاتَ الْخُدُورِ. فَقِيلَ: وَالْحُيَّضُ؟ قَالَ: "نَعَمْ يَشْهَدْنُ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ"[متفق عليه].
3- ومنها: التكبير يوم العيد وأيام التشريق سواء التكبير المطلق في كل وقت أو التكبير المقيد عقب الصلوات ويبدأ من فجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق؛ فعن نافع أن ابن عمر رضي الله عنهما كان يخرج في العيدين من المسجد فيكبر حتى يأتي المصلى.[رواه البيهقي].
• وأما عن صيغة التكبير فلعل أفضل تلك الصيغ هي: اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
4- ومنها: صلة الأرحام؛ فالعيد فرصة عظيمة ومناسبة جليلة لصلة الأرحام والأقارب؛ وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "يا أيُّها النَّاس، أفشُوا السَّلام، وأطعِموا الطَّعام، وصِلوا الأرحامَ، وصَلُّوا باللَّيل والنَّاسُ نيام تدخلوا الجنَّةَ بسَلام"[رواه ابن ماجه وصححه الألباني].
• ففي أيام العيد فرصة لإفشاء السلام وإطعام الطعام وصلة الأرحام؛ فيغتنم المؤمن أيام العيد ليخرج زائرا لأرحامه، وأقاربه وجيرانه، وأصحابه ورفاقه، يبتغي بذلك وجهَ الله تعالى؛ وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ لَهُ فِي رِزْقِهِ وَيُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ"[متفق عليه].
• وقد حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم من قطيعة الأرحام قائلًا: "لا يدخل الجنة قاطع" قال سفيان: (يعني قاطع رحم).[متفق عليه].
وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الرَّحمُ معلَّقةٌ بالعرش تقولُ: مَن وصلني وصله اللهُ، ومَن قطعني قطعه اللهُ"[رواه مسلم].
وقال صلى الله عليه وسلم: "لَا يحلُّ لمسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاَثِ لَياَلٍ يَلْتْقَيِاَنِ فَيُعْرِضُ هَذَا وَيُعْرِضُ هَذَا وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بالسَّلَامِ".
• ومن لم يصل رحمه في العيد فمتى يصلها؟! وتذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم: "وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بالسَّلَامِ".
• فكن أول من يهنئ بالعيد، وكن أول من يسلم على إخوانه، وكن أول من يتصل بأقاربه وأرحامه مهنئًا مسلِّمًا مرحبًا.
5- ومنها: التصدق ومواساة الفقراء؛ لكي نُدْخِل عليهم الفرحة والسرور في هذا اليوم وكيلا نحوجهم فيه إلى سؤال الناس.
6- وكذلك الحذر كل الحذر من الوقوع في الذنوب والمعاصي والأخطاء الشرعية في أيام العيد.
• من الاختلاط بالنساء ومصافحة غير ذوى المحارم.
• وكذا الأخطاء الشرعية في الأفراح من غناء وتبرج للنساء وسفور.
7- ومن الأعمال الصالحة في يوم النحر: التقرب إلى الله تعالى بِذَبحِ الأضحية.
• وهناك مستحبات تُستحب في الأضحية، علينا أن نحرص عليها؛ طلبًا للأجر، وحصول الخير؛ فمن تلك المستحبات:
• أن يذبحها في الوقت المحدد شرعًا وهو من بعد صلاة العيد إلى غروب الشمس من آخر يوم من أيام التشريق وهو اليوم الثالث عشر من ذي الحجة، وأفضل وقت لذبحها هو ضُحى يوم العيد؛ ولذلك سُمِّيَت بالأضحية.
• ومنها ألا يأكل إلا بعد صلاة العيد فيذبح أضحيته ويأكل منها إن كانت له أضحية؛ فعن عبد الله بن بريدة عن أبيه قال: *كان النبي صلى الله عليه وسلم لا يخرج يوم الفطر حتى يطعم وكان لا يطعم يوم النحر حتى يرجع فيأكل من ذبيحته*[رواه الطبراني].
• ويجب على الذابح أن يسمي الله عند ذبحه؛ كما فعل النبي صلى الله عليه وسلم.
• وأن يستر السكين ويحدها بعيدًا عن الذبيحة، وألا يذبحها أمام أخواتها؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الله كتب الإحْسَان على كلِّ شيء، فإذا قتلتم فأحسنوا القِتْلَة، وإذا ذبحتم فأحسنوا الذَّبح، وليُحِدَّ أحدكم شَفْرَتَه، فليُرح ذبيحته"[رواه مسلم].
اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، اللَّهُ أَكْبَرُ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ.
• فاللهم اجعلْ عِيدنا عيدًا سعيدًا، وعَملنا عملًا صالحًا رشيدًا.
• اللهم اغفر لجميع المسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، وأصلح ذات بينهم.
• اللهم حَبِّبْ إلينا الإيمان وزَيِّنْهُ في قلوبنا، وكَرِّهْ إلينا الكفرَ والفُسوق والعِصيان، واجْعلنا يا ربّ من الراشدين.
• اللهم فَرّجْ هَمّ المهْمومين، ونَفِّسْ كَرْبَ المكْروبين، واشْفِ مَرضى المسلمين يا ربّ العالمين.
• اللهم أصلح أحوال المسلمين في كلّ مكان، اللهم عَلّمْ جاهِلهم، وأطعِمْ جائِعَهم، واكْسُ عاريَهم. اللهم احفظهم في أموالهم، واحفظهم في أعراضهم، واحفظهم في أبنائهم، واحفظهم في ديارهم وأوطانهم يا ربّ العالمين.
• اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذلّ الشِّرْك والمشركين.
• اللهم وانصر إخواننا المستضعفين في فلسطين، وثبِّت أقدامهم، وانصرهم على القوم الكافرين.
• اللهم اشفِ مرضاهم، وعاف مبتلاهم، وأطعم جائعهم، وداو جرحاهم، وتقبل موتاهم في الشُّهداء.
• اللهم ارزقنا حج بيتك الحرام وارزقنا الوقوف بعرفات قبل الممات.
• ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم وتب علينا إنك أنت التواب الرحيم.
• ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
• وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه أجمعين.
• سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلامٌ على المرسلين، والحمد لله رب العالمين.
تقبل منا ومنكم صالح الأعمال والأقوال، وكل عام وأنتم بخير.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد