دروس من سقوط الأندلس


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

**سقوط الأندلس: دروس وعبر**

كما اعتدنا، إخواني الأفاضل، في هذا المجلس وفي هذا المكان، نجتمع فيه ونتذكر ونتناسى فيما يهمنا من أمر ديننا ودنيانا. وهذا ما حثنا عليه ربنا سبحانه وتعالى، وكذلك ما حثنا عليه رسولنا صلى الله عليه وسلم. وخير الأصحاب من يذكر بعضهم بعضا ويعين بعضهم بعضا على طاعة الله. حديثي معكم في هذه الليلة اخترنا عنوانا يكون مفيدا للسامع وكذلك مما نعانيه في هذا الزمن وفي هذا العصر من كثرة التفرق وكثرة الضعف الذي أصاب أمتنا الإسلامية. ولا يخفاكم ما يفعله اليوم اليهود، وهم شرذمة قليلة من أجبن خلق الله. وقد فعلوا بالمسلمين، وخصوصا أهل فلسطين، الأفاعيل التي يندى لها الجبين وتدمي القلب وتحزن كل من في قلبه مثقال حبة من إيمان، بل ويكون في قلبه نوعا من العدل والرحمة لما يفعل بإخواننا في تلك البقاع التي نسأل الله سبحانه وتعالى أن ينصر إخواننا المسلمين المستضعفين في فلسطين، وأن يخزي اليهود ومن شايعهم، إنه القوي العزيز.

**سقوط الأندلس وما أدراك ما الأندلس**

الحديث، إخواني، حول سقوط الأندلس. وما أدراك يا عبد الله ما الأندلس. هذه الأندلس، إخواني، وقع فيها في تلك الأزمان ما نشاهده اليوم من استضعاف للمسلمين، بل وعذاب ودمار لكثير من أراضي المسلمين وبلدان المسلمين واستضعاف المسلمين. تعلمون إذا رجعنا قليلا كذاكرة تاريخية لأحوال الأندلس، وما هي الأندلس. الأندلس هي الجزيرة الأيبيرية التي كان يسكنها أغلبهم القوط، وهم الفندال الذين أخذ من اسمهم اسم الأندلس. فكانت تسمى فندلا سيا ثم حرفت وأصبحت عند العرب الأندلس.

**فتح الأندلس ومراحل الحكم الإسلامي**

هذه الأندلس فتحها المسلمون في الدولة الأموية في زمن الوليد بن عبد الملك بن مروان الأموي سنة 711 من الميلاد، 92 من الهجرة. وكان الفاتح لها هو طارق بن زياد بأمر من القائد العام للجيوش في أفريقيا موسى بن نصير. فمنذ ذلك الحين مر على الأندلس عدة أحوال ومراحل. فأول مرحلة هي مرحلة الولاة والفتح. ثم جاءت مرحلة الإمارة الأموية بدخول عبد الرحمن بن معاوية بن هشام بن عبد الملك الأموي لما جاء هاربا من بطش وقتل الدولة العباسية، فأقام فيها إمارة وتوحدت هذه الأندلس تحت إمارته حتى استمرت ما يقارب 300 سنة، أطول من حكم آبائه وأجداده. ثم جاءت المرحلة الثالثة من مراحل الأندلس وهي مرحلة الخلافة عندما أعلن عبد الرحمن الناصر، وهو من سلالة الأمويين، وهو ما يقارب يأتي في الحفيد السابع لعبد الرحمن الداخل، وأعلن نفسه خليفة على المسلمين بعد أن ضعفت وأصبحت على وشك الانهيار الدولة العباسية في بغداد.

**مرحلة الدولة العامرية وملوك الطوائف**

ثم جاءت المرحلة الرابعة من مراحل الأندلس وهي مرحلة الدولة العامرية، عندما كان محمد بن أبي عامر الحاجب المنصور يحجب الخليفة والحاكم الأموي، وأصبح هو الحاكم الفعلي للأندلس.

ثم جاء بعده انهيار للعائلة والدولة العامرية، فقام ما يسمى بملوك الطوائف عندما أعلن ابن جوهر أن جميع العائلة الأموية والدولة الأموية لا حكم لهم في هذه الأرض، فأعلن كل حاكم على مدينة أنه هو الحاكم وهو الملك، فقام ما يسمى بملوك الطوائف.

ثم لما ضعفوا بعد تفرقهم وتنازع وحروبهم مع بعضهم البعض، استطاع الفانس السادس أن يأخذ منهم الجزية من هذه المدن وهذه الدول الإسلامية في الأندلس.

استعانوا بدولة المرابطين التي كان يحكمها وقائم عليها أمير المسلمين يوسف بن تاشفين، وعبر البحر ثم وحد الممالك الأندلسية وأصبح هو الحاكم والدولة المرابطية هي الحاكمة على الأندلس.

**مرحلة الموحدين وسقوط الأندلس**

ثم جاءت المرحلة السابعة من مراحل الأندلس وهي ما كان من حال الدولة أو دولة الموحدين التي ثارت على الدولة المرابطية في المغرب، وكان مقر العاصمة مراكش، فاستولوا عليها ومدوا حكمهم إلى الأندلس، فأصبحت دولة الموحدين هي القائمة وهي الحاكمة للأندلس. ثم مع انهيار وهزيمة دولة الموحدين في الأندلس في معركة مشهودة ومعروفة تسمى معركة العقاب، وكأنه عقاب لما قد حل بالمسلمين من بعدهم عن دينهم وعن أسباب العزة والنصر، مما جعل النصارى يتحدون وينطلقون يستردون، كما يزعمون، حروب الاسترداد مدينة بعد مدينة وإقليم بعد إقليم، حتى وصل الحال إلى آخر ممالك المسلمين وهي مملكة غرناطة التي كان يحكمها عائلة يقال لهم بنو نصر. وبنو نصر، إخواني الأفاضل، هم سلالة عربية يرجع نسبهم إلى الصحابي الجليل سعد بن عبادة الخزرجي رضي الله عنه وأرضاه، فلذلك يلقبون ببني نصر ويلقبون ببني الأحمر. لماذا بني الأحمر؟ لأنهم اتخذوا اللون الأحمر شعارا لهم في البيوت وفي الجوامع والقصور وفي المراسلات والكتابة، بل حتى الراية والعلم اتخذوا اللون الأحمر شعارا لهم، فلذلك لقبوا ببني الأحمر، وإلا فهم بنو نصر الذين يرجع نسبهم إلى الخزرج.

**نهاية الحكم الإسلامي في الأندلس**

أقول، إخواني الأفاضل، إن هذه الدولة وهذه الأراضي الشاسعة التي حكمها المسلمون من سنة 92 من الهجرة إلى سنة 897 من الهجرة، ما يقارب ثمانية قرون والمسلمون يحكمون هذه الأراضي وهذه الدولة، وقد عمروها وتقدم كل شيء في هذه الأراضي بعد أن كانت قاحلة، بعد أن كان السواد والظلم يملأ أرجاءها في كل مكان. فلذلك أقاموا فيها القناطر وإيصال المياه لكل من يحتاج إلى الماء، وأقاموا فيها المدارس والجامعات والكتاتيب والتعليم، حتى وصلت قرطبة، إخواني الأفاضل، في عهد عبد الرحمن الناصر إلى أن لقبت بجوهرة العالم، من كثرة الإنارة والجامعات والمدارس والمستشفيات والتقدم في كل علم من علوم الإنسانية، حتى أصبح ملوك أوروبا يبعثون بأبنائهم وأولادهم إلى هذه المدينة ليكتسبوا العلم. وما رسالة ملك إنجلترا الذي أرسل رسالة مع أربعة من أولاده إلى عبد الرحمن الناصر، وهو يقول له "إلى الملك العظيم عبد الرحمن الناصر ملك أوروبا، أبعث إليك بأولادي الأربعة لينهلوا ويتعلموا من جامعة ومدارس قرطبة، ثم يختم هذه الرسالة بقوله "خادمكم المطيع ملك إنجلترا".

هذا يدل، إخواني الأفاضل، أن المسلمين كانوا دعاة للتطور والتقدم والعلم والحضارة، التي ما زالت إسبانيا، إخواني الأفاضل، تحتفل وتذكر هذه المآثر وهذه المعالم العظيمة من هذه الشخصيات، أو ما أورثوا من علوم ومعارف نفعت فيها أوروبا إلى يومنا هذا، وهم يذكرونهم فيها.

كذلك ما كان من أحوال إشبيلية، وما كان من أحوال غرناطة، ولكن إذا رجعنا، إخواني الأفاضل، الآن إلى حال المسلمين، إلى حال أهل الإسلام، لابد لنا أن نعرف أن لكل نجاح سبب، ولكل ضعف ورسوب سبب. فإذا أخذنا بأسباب النجاح وأسباب التطور وأسباب العزة، فإن سنة الله لا تتحول ولا تتغير، ولن تجد لسنة الله تبديلا ولن تجد لسنة الله تحويلا.

أما إذا تجاهلنا هذه الأسباب، فإن المسلمين من ضعف إلى ضعف، ومن فرقة إلى فرقة. فلا بد أن يكون هذا الهم في قلب كل مسلم: كيف نجتمع من جديد؟ وكيف نحصل على العزة من جديد؟ وكيف نتقوى على عدونا من جديد؟

**دروس من الصحابة والجيل الأول**

 

ننظر إلى حال الصحابة وحال الجيل الأول، فنعرف كيف صنعوا وماذا فعلوا حتى استطاعوا أن يسيطروا على عالم ربما بظرف 30 سنة، إخواني الأفاضل، واستطاعوا أن يسقطوا أكبر وأقوى إمبراطوريتين في العالم في ذلك الوقت: إمبراطورية فارس وكذلك الروم. ما الذي مكنهم من ذلك؟ إنه الله سبحانه وتعالى الذي يورث هذه الأرض وهذه العزة من يشاء من عباده. لذلك، إذا التفتنا إلى الأندلس، ما الذي جعلهم يصلون إلى هذا الحال؟ ما الذي جعلهم يضعفون ويتفرقون حتى آل بهم الأمر، إخواني الأفاضل، إلى الاستئصال من تلك البلاد ومن تلك الديار والأراضي، حتى أنهم ربما أبيدوا عن آخرهم؟

إنها، إخواني الأفاضل، أسباب الهزيمة والضعف الذي لابد لكل من سلكها أن يصل إلى نتيجتها. لذلك يقول الله سبحانه وتعالى: {إِن تَنصُرُوا اللَّهَ يَنصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ}. الناصر هو الله، والموفق هو الله. الله عز وجل خلق الخلق لعبادته سبحانه وتعالى، وأراد منهم أن يفردوه بالعبادة وأن يقوموا بأمره وأن لا يخالفوا أمره، فإذا فعلوا ذلك جاءهم ما وعدهم الله عز وجل به، ونصرهم وقواهم بعد ضعف، وأعزهم بعد ذلة.

**التاريخ يعيد نفسه**

وهذا، إخواني الأفاضل، ما وقع في كثير من الأحيان وفي كثير من الحقب التاريخية لكثير من المسلمين. فإذا نظرنا إلى دولة المماليك كيف صدت المغول وكيف نصرهم الله عز وجل وأعاد للأمة الإسلامية العزة والمكنة بعد أن تسلط عليهم المغول في كل مكان. وكذلك ما وقع في بعض الفترات في بلاد الأندلس لما وصل بهم الحال عند ملوك الطوائف، إخواني الأفاضل، بأن أصبحوا يدفعون الجزية لمن كان يدفع إليهم الجزية، أصبحوا أذلة عند من كان ذليلا عندهم.

وهذا ما عقده ابن عباد، وهو محمد بن هشام المعتمد ابن عباد، لما جمع ملوك الطوائف وملوك الأقاليم وقال لهم: لقد علمتم ورأيتم ما وصلنا إليه من ذلة وضعف وهوان عند هذا العلج النصراني الفانس السادس.

فكيف لنا أن نعيد المجد والقوة من جديد؟ فكل يدلي بدلوه، فقال: إني أرى أن نستعين بدولة المرابطين فإنها دولة إسلامية قوية قامت في المغرب. فقالوا كلهم، ممن كان حريصا على كرسيه وعرشه وعلى الإمارة حتى لو كان على حساب الذلة والهوان، فقالوا: ولكننا نخشى إذا عبر ابن تاشفين البحر ورأى خضراء الأندلس وأنهارها، لربما لا يعود من جديد إلى بلاده ويستولي علينا، فنصبح محكومين عنده. فقال ابن عباد قولته المشهورة: *والله لأن أرعى الإبل عند ابن تاشفين أحب إلي من أن أرعى الخنازير عند هذا العلج. إني والله أخشى أن تلعننا المنابر غدا في المساجد أننا فرطنا في هذه الأرض بعد أن رووها أجدادنا وأسلافنا بدمائهم حتى يقيموا فيها دين الله سبحانه وتعالى وعبادة الله وحده لا شريك له*. فلذلك استعانوا بالمرابطين ونصرهم الله عز وجل في معركة مشهودة يقال لها الزلاقة سنة 479 من الهجرة.

**معارك المسلمين في الأندلس**

فلذلك، إخواني الأفاضل، ذهبت دولة المرابطين وجاءت دولة الموحد، فكانت معركة عظيمة جدا يشهدها المسلمون وعرفها المسلمون بمعركة الأرك، وهي التي قامت سنة 591 من الهجرة، سنة 1195 من الميلاد، وهي بعد ثمان سنوات من معركة حطين التي حرر فيها صلاح الدين الأيوبي الأقصى والقدس من براثن الصليبي فيها. فكان ذلك النصر في المشرق، وهذا النصر في المغرب. ولكن كما قيل: "لكل شيء إذا ما تم نقصان فلا يغر بطيب العيش إنسان". هي الأمور كما شاهدتها دول من سره زمن ساءته أزمان. جاء على الأندلس وجاء على بلاد الأندلس ما يأتي على كثير من الدول من الضعف والهوان والذلة.

**أسباب الذلة والهوان**

أريد أن أقول، إخواني الأفاضل، لو أردنا أن نحدد أو أن نجمع أو أن نحصر أسباب الذلة والهوان والضعف، هي في ثلاثة أمور:

-1تقديم المسلمين مصالحهم الشخصية الآنية الدنيوية على المصلحة العامة والدين والآخرة. فلذلك يأتيهم ما يأتيهم من أسباب الفشل والضياع والدمار.

-2الفرقة. الفرقة على أي شيء وعلى أتفه سبب. فإذا تفرق المسلمون جاءهم الضعف وجاءهم الهوان. فلذلك لابد أن نكون حريصين كل الحرص أن نبتعد عن أسباب الفرقة والمعاندة والمخاصمة مع بعضنا البعض لأسباب تافهة، ليس لسبب ديني أو شرعي، وإنما لسبب ما يكون من حظوظ النفس وما يكون في الإنسان من قلبه.

لذلك النبي صلى الله عليه وسلم كان يبني المجتمع المسلم مجتمعا متماسكا متحابا متعاضدا. لذلك يقول صلى الله عليه وسلم: "مثل المسلمين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم كمثل الجسد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى". هكذا يكون حال الأمة الإسلامية، إخواني الأفاضل، جسد واحد إذا اشتكى منه عضو، دائما يحس به جميع الأعضاء وبقية الأعضاء. أما اليوم، إخواني الأفاضل، فالكل يقول نفسي نفسي، وأرجو أن النار لا تصل إلى بيتي. فإذا أتى الدمار والحرب وما إلى ذلك إلى بلاد أو إلى بيت، الكل ينزوي في بيته وينزوي إلى نفسه.

-3البعد عن الله سبحانه وتعالى. البعد عن توحيده وعبادته وطاعته ودعائه والتمسك بأمره سبحانه وتعالى. اللجوء والاستغاثة بالله سبحانه وتعالى. لذلك أصبحنا، إخواني الأفاضل، ربما أشداء على بعضنا البعض، ضعفاء وعلى هوان وفرقة في مقابل العدو. وهذا ما أخبر به النبي صلى الله عليه وسلم في كثير من الأحاديث، منها حديثه صلى الله عليه وسلم، أنه قال: "تكاد تداعى عليكم الأمم كما تتداعى الأكلة إلى قصعتها". كونك تحط هذه القصعة، هذا الصحن، والكل ينهش منه ويأكل منه من طرف، هكذا يكون حال الأمة في آخر الزمان، الكل يتقوى عليها ويسيطر عليها ويستطيع أن يصيبها بالضعف وبالذلة. قالوا: "وقال الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم: أو من قلة نحن يومئذ يا رسول الله؟" هذا الذي يفعل بنا كذا نحن قليل في وسط جموع وكثرة من الناس وأعداء الإسلام. قال: "بل أنتم يومئذ كثير". قال: "بل أنتم يومئذ كثير، ولينزعن الله المهابة من صدور عدوكم، وليقذفن في قلوبكم الوهن". قالوا: "وما الوهن يا رسول الله؟" قال: "حب الدنيا وكراهية الموت". حب الدنيا حتى لو كانت في ذلة، حتى لو كان في ضعف، حتى لو كان في هوان. حب الدنيا وكراهية الموت. وهذا ما وصف الله عز وجل به اليهود، أنهم يحبون الحياة: {وَلَتَجِدَنَّهُمْ أَحْرَصَ النَّاسِ عَلَىٰ حَيَاةٍ} [البقرة: 96]، حتى لو كانت هذه الحياة حياة ذليلة ومهانة.

**ختامًا**

هذا ما عاشوه اليهود، إخواني الأفاضل. فإن اليهود في سقوط الأندلس كانوا مع المسلمين، عندما طردوا جميعا وامتحنوا جميعا، كان اليهود مع المسلمين، واستقبلهم المسلمون في تلك الأراضي والدول الأخرى، وعاشوا معهم وتعايشوا معهم بأمن وسلام، لا يعتدي عليهم أحد من المسلمين. ولكن لم يحفظوا هذا الجميل وهذا المعروف، كعادة اليهود، فإنهم عاصروا الرسول صلى الله عليه وسلم وعاصروا الأنبياء من قبله، وكانوا أشد نكرانا وتمردا على الله وعلى الأنبياء والمرسلين. أريد أن أقول إن هذه الأسباب، إخواني الأفاضل، التي وقعت في الأندلس، هي التي تتكرر معنا في كل حادثة وفي كل حدث للمسلمين في هذا الزمان. فالذي يقرأ التاريخ، الذي يطلع على الأحداث التاريخية، فإنها تتغير الشخصيات فقط، وأما الحدث وما يكون من أحوال الناس هي هي، إخواني الأفاضل. كما قيل: "ما أشبه الليلة بالبارحة". وهذا الحدث وهذا الأمر الذي يقع هو هو، إخواني الأفاضل، الذي يتكرر على المسلمين. فإذا نحن أخذنا بأسباب النصر والتمكين والعزة، ورجعنا إلى ربنا ورجعنا إلى ديننا، وأمرنا بالمعروف ونهينا عن المنكر، فإن هذا، إخواني الأفاضل، مؤذن بإذن الله أن يعيد الله عز وجل لعباده ولأمة محمد العزة والتمكين. وأنا أبشركم، إخواني الأفاضل، لأن هذه الأمة أمة منصورة وأمة مرحومة، والله عز وجل اختارها واختار نبيها لتبقى على الحق ولتبقى هي الأمة العزيزة إلى قيام الساعة. ولكن تمر بمراحل الضعف ومراحل الهوان، ولكن ليس موتا لها، فإنها لا تزال حية وستبقى حية حتى يعيد الله عز وجل لها الأمجاد.

كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي على الحق منصورة، لا يضرهم من خذلهم ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك". أسأل الله سبحانه وتعالى بأسمائه الحسنى وصفاته العلى، بأنه العزيز الكريم القوي الوهاب، أن يبرم لأمة محمد أمر رشد يعز فيه أهل التوحيد والسنة ويذل فيه أهل الشرك والبدعة. ونسأله سبحانه وتعالى أن ينصر إخواننا المسلمين المستضعفين في كل مكان، أن ينصرهم في فلسطين وفي غزة، وأن يحقن دماء المسلمين في كل مكان، وأن يبعد عنهم أسباب الفرقة والهوان والضعف، وأن يعز الإسلام والمسلمين، وأن يذل الشرك والمشركين.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين  

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply