بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
فيوجد في كتب ومصنفات أهل العلم فوائد تهم طالب العلم، يسّر الله الكريم فجمعت بعضًا منها، أسأل الله أن ينفع بها الجميع.
· الناظرون في العلم ثلاثة:
قال العلامة عبدالرحمن بن يحيى المعلمي رحمه الله: الناظرون في العلم ثلاثة:
مخلص مستعجل يجأر بالشكوى.
ومُتَّبع لهواه فأنى يهديه الله.
ومخلص دائب فهذا ممن قال الله تعالى فيهم: ﴿وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا ۚ وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ﴾[العنكبوت:69].
· من لم ينتفع بالعلم أحبّ مجالسة أبناء الدنيا:
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: من لم ينتفع بالعلم... أحب مجالسة... أبناء الدنيا، وأحب أن يشاركهم فيما هم فيه من... مظهر بهي، وطعام شهي، وأحبَّ أن يغشى بابه، وأن يسمع قوله، ويطاع أمره.
· التعلم الدائم للتوحيد:
قال الشيخ صالح عبدالعزيز آل الشيخ: العلم هو الشفاء، فالتعلم لا بد منه، ومن قال: التوحيد أمر فطري لا نحتاج إلى أن تعلمه ولا إلى أن نبذل فيه الوقت ولا الجهد فهذا جاهل بنفسه وجاهل بحق ربه عز وجل بل التوحيد يحتاج العبد أن يتعلمه دائمًا حتى لا يقع في شيء من نواقض ذلك التوحيد... فمن علامات سعادة المؤمن وطالب العلم، والداعي إلى الله عز وجل أن يكون دائم التعلم للتوحيد، والقراءة في مسائله.
· طلب العلم يدخل فيه الطرق الحقيقية والمعنوية:
يقول فضيلة الشيخ سعد بن ناصر الشثري: سلوك الطريق لالتماس العلم يدخل فيه الذهاب في الطرق الحقيقية بواسطة المشي بالأقدام إلى مجالس العلماء، سواء كان طريقًا معهودًا في السابق كالشوارع والطرقات المعروفة، أو كان طريقًا مستحدثًا في زماننًا كما في ذهاب الإنسان إلى غيره بواسطة هذه الآلات الحديثة للاتصال كالإنترنت والهاتف ونحوها وهكذا يدخل في هذا اللفظ سلوك الطرق المعنوية المؤدية إلى حصول العلم مثل حفظه ومذاكرته، ومدارسته، ومطالعته وكتابته والتفهم له ونحو ذلك من الطرق المعنوية التي نتوصل بها إلى العلم.
· كشف الإشكال في بعض المسائل قد يحتاج إلى وقت طويل:
قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: تارة يعرض إشكال في أي مسألة، والإشكال جيد أن يكون عند طالب العلم، لأن معرفة الإشكال علم، وكشف الإشكال علم آخر,... وإذا أُشكل، فلا يلزم أن يكشف عنه الساعة، أو في يوم، أو في يومين، أو في شهر، أو في سنة، فقد بقيت بعض المسائل عند طائفة من أهل العلم سنين عددًا، ولم تكشف لهم حتى استبان لهم، وأذكر في موضع قال الحافظ ابن حجر فيه: وبقيت هذه في نفسي ثلاثين سنة حتى أزال الله الإشكال.
· عدم تزكية من لا يعلم حاله:
قال الشيخ صالح بن عبدالعزيز آل الشيخ: لا يجوز أن يزكى المرء من لا يعلم حاله، وهذا مع الأسف انتشر في هذا الزمن حتى بين طلبة العلم، فيزكي المرء الآخر، وهو لا يعلم حاله بناءً على ظاهر أمره يسميها تزكية، ربما كتب له في هذا، وربما أتى، وأثنى عليه وإذا دقق الأمر إذ هو لا يعرفه معرفة جيدة.
· من أكبر الأخطاء تتبع أخطاء الآخرين:
قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: بعض الناس يتتبع أخطاء الآخرين، ليتخذ منها ما ليس لائقًا في حقهم، ويشوش على الناس سمعتهم، وهذا من أكبر الأخطاء.
فائدة: وقد عمل الشيخ بما ذكره، فقد قال: صارت المسألة فوضى، صار كل إنسان يفتى، أحيانًا تأتى الفتاوى تبكي وتضحك، وكنتُ أهمُّ أن أدون مثل هذه الفتاوى ولكن كنت أخشى أن أكون ممن تتبع عورات إخوانه فتركته تحاشيًا مني، وإلا لنقلنا أشياء بعيدة عن الصوب، بعد الثريا عن الثرى.
· مقارنة بين أهل الأثر وأهل النظر:
قال العلامة صالح بن فوزان الفوزان: قارن بين ما عليه أهل الأثر، وما عليه أهل النظر، والمراد بأهل النظر أصحاب الأدلة العقلية، يسمونهم النظار، وهم الذين يستدلون بالقواعد المنطقية، وقواعد الجدل، قارن بين ما عليه النُّظار من الاختلاف والتنازع بينهم، وتضليل بعضهم لبعض، وما عليه أهل الأثر من السلامة، وصفاء القلوب فيما بينهم، والمودة والتآخي فيما بينهم، قارن بين هذا وذاك، لتعلم أن الحق ما عليه أهل الأثر، وأن الباطل ما عليه أهل النظر. وهذه سنة الله عز وجل أن من ترك الكتاب والسنة فإنه يُبتلى بالاختلاف، ويُبتلى بالضلال، ويُبتلى بالقلق وعدم الاستقرار، تجدهم مضطربين في عقائدهم وفي أقوالهم، تجدهم يحشون الكتاب من كتبهم من أوله إلى آخره بالجدليات لا تجد فيه آية من كتاب الله، ولا حديثًا من سنة رسول الله، وإنما هو قالوا وقلنا فإن قالوا كذا قلنا كذا، وهكذا جدل كله من أوله إلى أخره، تجد الاختلاف بينهم مستشريًا.
· الفقهاء:
** قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: الفقهاء قادة، ومجالستهم زيادة.
** قال مجاهد بن جبر: الفقيه من يخاف الله وإن قل علمه.
** قال الحسن رحمه الله:
- الفقيه الزاهد في الدنيا، الراغب في الآخرة، البصير بدينه، المداوم على عبادة ربه.
- الفقيه الورع الزاهد المقيم على سنة محمد صلى الله عليه وسلم، الذي لا يسخر بمن أسفل منه، ولا يهزأ بمن فوقه، ولا يأخذ على علمٍ علمه الله عز وجل حُطامًا.
** قال الإمام الغزالي رحمه الله: إن أدنى درجات الفقيه أن يعلم أن الآخرة خير من الدنيا، وهذه المعرفة إذا صدقت وغلبت عليه برئ بها من النفاق والرياء.
· غوائل العلم وآفاته:
قال الزهري: إن للعلم غوائل، فمن غوائله أن يترك العمل به حتى يذهب علمه، ومن غوائله النسيان، ومن غوائله الكذب فيه، وهو أشد غوائله.
· عدم الكلام في أشخاص بأعيانهم:
سئل العلامة العثيمين رحمه الله أن يبديَ ما يعلمه عن أحد المشايخ، فأجاب: ليس من شأننا... أن نتحدث عن شخص بعينه، وهذه هي القاعدة؛ أي: إننا لا نتكلمُ عن الأشخاص بأعيانهم... نحن ماشون عليها، ونرجو الله سبحانه وتعالى أن يُثبتنا عليها؛ لأن الكلام في الأشخاص بعينه قد يثير تحزُّبات وتعصُّبات.
وعندما ذُكِرَ للشيخ رأي أحد العلماء في مسألة، قال الشيخ رحمه الله: نحن لا نسمحُ لأيِّ أحدٍ أن يذكر لنا شخصًا مُعينًا من العلماء، وإنما لك أن تقول: قال بعض العلماء، أما فلان وفلان، فلا تذكروه عندنا أبدًا، لا نُريدُ هذا.
· الطاعة سبب للعلم والمعصية سبب للنسيان وعدم العلم:
** قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: إني لأحسب الرجل ينسى العلم الذي كان يعلمه بالخطيئة يعملها.
** قال بشر بن الحارث الحافي: إذا أطعت الله علمك، وإذا عصيته لم يعلمك.
** قال الشافعي: كتب حكيم إلى حكيم: يا أخي، قد أوتيت علمًا فلا تدنس علمك بظلمة الذنوب، فتبقى في الظلمة يوم يسعى أهل العلم بنو علمهم.
· عدم الردّ في المسائل الاجتهادية:
قال العلامة العثيمين رحمه الله: لا أحبُّ من أهل العلم أن يجهد كل واحد نفسه في الرد على الآخر في المسائل الاجتهادية التي تتجاذبها الأدلة، لأن قول كل واحد ليس حجة على الآخر، وفهمه للنصوص ودلالاتها، وعلمه بمصادرها ومواردها لا يلزم أن يكون مساويًا للثاني.
فائدة: وقد عمل الشيخ رحمه الله بما ذكره، فقد رد على أحد إخوانه فقال:
أفيدكم بأني لن أرد على رسالة الشيخ... حول الفتوى... لأنني لا أحب أن يجهد الإنسان نفسه في الأخذ والرد بين إخوانه من أهل العلم في المسائل الاجتهادية التي تتجاذبها الأدلة لما في ذلك من ضياع الوقت، وفتح باب الجدل والانتصار للرأي، وإنما على المرء أن ينظر في كلام من ردّ عليه فإن تبين أن الصواب معه وجب عليه أن يحمد الله تعالى حيث هيأ له من يبين له الصواب ويفتح له باب الحق، ووجب عليه أن يرجع إلى الصواب... أسأل الله تعالى فاطر السموات والأرض، عالم الغيب والشهادة، الحاكم بين عباده فيما كانوا فيه يختلفون أن يهديني لما اختلف فيه من الحق بإذنه، إنه يهدي من يشاء إلى صراط مستقيم.
· الثقافة الصحيحة التي تنفع:
قال العلامة صالح الفوزان: ليست الثقافة أن تعرف أحوال العالم والحكومات والسياسات، هذه ثقافة لا تنفع ولا تضر، الثقافة التي تنفع هي معرفة التوحيد الصحيح ومعرفة ما يضاده من الشرك أو ينقصه من البدع والمحدثات هذه هي الثقافة الصحيحة، وهذا هو المطلوب من المسلم، ومن طالب العلم أن يعرف التوحيد، وأن يدعو إليه هذا هو المطلوب، ماذا ينفع العلم الكثير من غير تحقيق ومن غير بصيرة؟ لا ينفع شيئًا ولا يفيد صاحبه شيئًا إذا لم يكن مبنيًا على تحقيق وتوحيد عبادة لله ومعرفة للحق من الباطل فإنه لا ينفع صاحبه إذا كان مجرد اطلاع أو... ثقافة عامة.
· تصور المسائل وإدراك ما بنيت عليه من الدليل والتعليل:
قال العلامة السعدي رحمه الله: يجتهد ويحرص في كل مسألة من مسائل الدين والأحكام على تصورها، وتحريرها وتفصيلها، وحدها، وتفسيرها، ثم يسعي في إدراك ما بنيت عليه من الدليل والتعليل الراجح لمعاني الكتاب والسنة وأصولهما. فإن العلم الحقيقي هو الجمع بين هذين الأمرين، والتحقق بهذين الأصلين بحسب القدرة والاستطاعة، فإذا فعل ذلك وقصد ترجيح ما قام عليه الدليل من الأقوال المختلفة، فقد وفق بسلوك طريق العلم الذي من سلكه سلكَ الله به طريقًا إلى الجنة، وكان سعيه مشكورًا، وخطأُه مغفورًا، وثوابه مضاعفًا، وأجره موفورًا.
· دفع الشبهات:
قال العلامة بكر بن عبدالله أبو زيد رحمه الله: لا تجعل قلبك كالسفنجة تتلقى ما يرد عليها، فاجتنب إثارة الشبه، وإيرادها على نفسك أو غيرك، فالشبه خطافه والقلوب ضعيفة، وأكثر من يلقيها حمالة الحطب _ المبتدعة_ فتوقهم.
· الأولى بطالب العلم ترك نظم الشعر، والقراءة في كتبه:
** قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي في رسالة لتلميذه الشيخ عبدالله بن عقيل رحمهما الله: تذكر من جهة استشارتي في قول الشعر عندما تسنح الفرصة وأنه ميسر عليك.؟
فالذي لا ينبغي كون الإنسان يتصدر لعمل الشعر، ويأخذ جزءًا كبيرًا من وقته وقلبه، أما إذا عرض له أحيانًا البيتان والثلاثة ونحوهما في بعض المواضيع الحسنة أو المباحة، فلا محذور في ذلك، وما زال أهل العلم على هذا، والذم لا يتناول هذا.
** سئل العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: إني أحد الطلاب المتمسكين بكتاب الله، وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، وموفق في دراستي والحمد لله، ولكني أنظم الشعر كثيرًا وأقوله في المناسبات وغير المناسبات، مما جعلني أقضي جُلَّ وقتي أقرأ كُتب الشعر وأنظمه، فما حكم هذا العمل، بارك الله فيكم؟
فأجاب الشيخ رحمه الله: إذا كنت تقول الشعر المباح، أو الشعر الذي فيه الخير للناس، وتوجيههم إلى ما ينفعهم في دينهم ودنياهم، فلا حرج عليك في ذلك، أما إذا كنت تقول شِعرًا محرمًا ساقطًا سافلًا، فإن هذا حرام عليك.
ومع هذا فنقول: إن الأولى بك، وأنت طالب علم أن تدع هذا العمل، وأن تُقبل على طلب العلم من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم وأقوال الصحابة، والأئمة من بعدهم، حتى ينفعك الله بذلك، لأن ما أنت عليه الآن، إما أن تكون فيه سالمًا، أو مأجورًا بأجر لا يساوي طلب العلم الشرعي المبني على كتاب الله، وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقول الصحابة والأئمة، وإما أن تكون مأزورًا إذا كان ما تقوله من الشعر شعرًا ساقطًا سافلًا يدعو إلى الفجور والفحشاء.
· جلوس العالم بمكان مرتفع:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: استنبط القرطبي استحباب جلوس العالم بمكان يختص به، ويكون مرتفعًا، إذا احتاج لذلك لضرورة تعليم، ونحوه.
· حضُّ العالم الطلاب على الأخذ عن غيره مما ليس عنده:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: حض العالم طالبيه على الأخذ عن غيره، ليستفيد ما ليس عنده.
· تحريض العالم تلميذه على القول بحضرة من هو أسن منه:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: تحريض العالم تلميذه على القول بحضرة من هو أسن منه، إذا عرف فيه الأهلية، لما فيه من تنشيطه، وبسط نفسه، وترغيبه في العلم.
· المشي وراء العالم فتنة للمتبوع وذلة للمُتبع:
قال الخطيب البغدادي رحمه الله: ينبغي أن يمنع أصحابه من المشي وراءه، فإن في ذلك فتنة للمتبوع، وذلة للمُتبع.
· دخول العلماء إلى البساتين طلبًا للراحة وتسلية النفس:
قال الإمام ابن عبدالبر رحمه الله: فيه إباحة دخول العلماء والفضلاء البساتين، وما جانسها من الجنات الكروم، وغيرها طلبًا للراحة والتفرج، والنظر إلى ما يسلي النفس، وما يوجب شكر الله عز وجل على نعمه.
· الحذر من الدخول على السلاطين:
قال الفضيل بن عياض ربما دخل العالم على السلطان ومعه دينه، فيخرج وما معه منه شيء قالوا: كيف ذلك قال: يمدحه في وجهه، ويصدقه في كذبه. ذكر أحمد بن حنبل عن ابن المبارك قال: لا تأتهم، فإن أتيتهم فأصدقهم. قال: وأنا أخاف ألا أصدقهم.
· الرجوع إلى أهل العلم عند التنازع:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: الرجوع إلى أهل العلم عند التنازع.
· أخذ الطلاب بعضهم عن بعض:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: حضّ أهل العلم وطلبته على أخذ بعضهم عن بعض.
· البحث في العلم في الخلوات والطرق:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: البحث في العلم في الطرق، والخلوات، وفي حال القعود، والمشي.
· تخصيص طالب العلم وقت لأهله:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: طالب العلم يجعل لنفسه وقتًا يتفرع فيه لأمر معاشه، وحال أهله.
· ما من إنسان مهما بلغ من العلم والفضل إلا ويوجد فيه عيوب:
قال سعيد بن المسيب: ليس من عالم ولا شريف ولا ذو فضل إلا وفيه عيب، ولكن من الناس من لا ينبغي أن تذكر عيوبه ومن كان فضله أكثر من نقصه ذهب نقصه لفضله.
· المناظرة والمباحثة في العلم:
قال الإمام النووي رحمه الله: فيه جواز المناظرة والمباحثة في العلم، وفيه جواز مناظرة المفضولين بحضرة الفاضل، ومناظرة الأصحاب بحضرة امامهم وكبيرهم.
· توريث العلم:
قال الإمام النووي رحمه الله: فيه فضيلة العلم والترغيب في توريثه بالتعليم والتصنيف والإيضاح.
· مما يعين على طلب الحديث:
عن إبراهيم عن إسماعيل قال: كان أصحابنا يستعينون على طلب الحديث بالصوم.
· رفع البلاء عن الأمة برحلة أصحاب الحديث:
قال إبراهيم بن أدهم رحمه الله: إن الله تعالى يرفعُ البلاء عن هذه الأمة برحلة أصحاب الحديث.
· الحرص على تعليم الصغار الحديث:
وقف عمرو بن العاص رضي الله عنهما على حلقة من قريش، فقال: ما لكم قد طرحتم هذه الأغيلمة؟! لا تفعلوا، وأوسعوا لهم في المجلس، وأسمعوهم الحديث، أصحاب الحديث حراس الأرض:
قال سفيان الثوري رحمه الله الملائكة حُراسُ السماء وأصحابُ الحديث حُراس الأرض.
· الحق عند أصحاب الحديث:
قال هارون الرشيد: طلبت أربعة فوجدتها في أربعة: طلبتُ الكفر فوجدته عند الجهمية، وطلب الكلام والشغب فوجدته مع المعتزلة، وطلبت الكذب فوجدته عند الرافضة وطلبتُ الحق فوجدتهُ مع أصحاب الحديث.
· أهمية الحديث لطالب العلم:
قال أبو عروبة الحراني، رحمه الله: الفقيه إذا لم يكن صاحب حديث، يكون أعرج.
· التصنيف:
** قال الخطيب البغدادي رحمه الله: ينبغي أن يُفرغ المصنف للتصنيف قلبه، ويجمع له همه، ويصرف إليه شغله، ويقطع به وقته، ولا يضع من يده شيئًا من تصانيفه، إلا بعد تهذيبه وتحريره، وإعادة تدبره.
· طبقات الناس بالنسبة إلى الهدى والعلم:
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: جعل النبي صلى الله عليه وسلم الناس بالنسبة إلى الهدى والعلم ثلاث طبقات:
الطبقة الأولى: ورثة الرسل وخلفاء الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وهم الذين قاموا بالدين علمًا وعملًا ودعوةً إلى الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم.
الطبقة الثانية: حفظت النصوص، وكان همها حفظها وضبطها، فوردها الناس وتلقوها منهم، فاستنبطوا منها، واستخرجوا كنوزها. فهاتان الطائفتان هما أسعد الخلق بما بعث الله تعالى به رسوله صلى الله عليه وسلم، وهم الذين قبلوه ورفعوا به رأسًا.
الطبقة الثالثة: أشقى الخلق، الذين لم يقبلوا هدى الله ولم يرفعوا به رأسًا، فلا حِفظَ، ولا فهم، ولا رواية، ولا دراية، ولا رعاية. ﴿إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا﴾ [الفرقان:44] فهم الذين يضيقون الديار، ويُغلون الأسعار، إن هم أحدهم إلا بطنه وفرجه، فإن ترقت همتهُ فوق ذلك كان همُّه – مع ذلك – لباسه وزينته – فإن ترقَّت همَّته فوق ذلك كان في داره وبستانه ومركوبه، فإن ترقَّت همَّته فوق ذلك، كان همُّه في الرياسة والانتصار للنفس
· الإصلاح العلمي:
قال العلامة عبدالرحمن السعدي لتلميذه الشيخ عبدالرحمن العقيل رخمها الله: ولا بد وصيتنا على بالكم، وهي جدك واجتهادك في كل ما تقدر عليه من الإصلاح، خصوصًا الإصلاح العلمي، فإنه أعلى فضيلة حصلها العبد، وأنفع وأدوم، ولا يمنعك ما ترى من عدم حصول المقصود عاجلًا، فإن السعي مع النية الصالحة، لا بد أن يكون لهما ثمرات، والصبر لا بد منه في جميع الحالات، وآفة العمل الضجر والسآمة، وأعظم جالب لهما عدم الاحتساب.
· تفريع المسائل فيما يقل وقوعها مما كرهه السلف:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: من توسع في تفريع المسائل وتوليدها ولا سيما فيما يقل وقوعه أو يندر، ولا سيما إن كان الحامل على ذلك المباهاة والمغالبة، فإنه يذم فعله، وهو عين الذي كرهه السلف.
· متفرقات:
** قال ابن مسعود رضي الله عنه:
- إذا أراد الله بعبده خيرًا... جعل علمه فيما ينفعه.
- إن أحدكم لم يولد متعلمًا، وإنما العلم بالتعلم.
** عن أبي الدرداء رضي الله عنه قال: ليس الخير أن يكثر مالك وولدك، ولكن الخير أن... يكثر علمك.
** قال عمر بن عبدالعزيز: من عمل بغير علم كان ما يفسد أكثر مما يصلح.
** قال الإمام العبكري رحمه الله: سمعت بعض شيوخنا رحمه الله يقول: المجالسة للناصحة فتح باب الفائدة، والمجالسة للمناظرة غلق باب الفائدة.
** قال سفيان بن عيينة: إذا كان نهاري نهار سفيه، وليلي ليل جاهل، فما أصنع بالعلم الذي كتبت؟
** قال الثوري: ينبغي لحامل القرآن أن يُعرف بليله إذ الناسُ نائمون، ونهاره إذ الناس مفطرون، وبكائه إذ الناس يضحكون، وبحزنه إذ الناس يفرحون.
** صح عن مالك أنه قال: ذُل وإهانة للعلم أن تُجيب كل من سألك.
** قال ابن المبارك: لنا في صحيح الحديث شغل عن سقيمه.
** قال ابن الجوزي: ينبغي لمن ملك كتابًا أن لا يبخل بإعارته لمن هو أهله.
** قال محمد بن عبدالباقي الحنبلي يجب على المعلم ألا يعنف وعلى المتعلم ألا يأنف.
** عن الربيع قال: قال لي الشافعي: لو قدرت أن أطعمك العلم لأطعمتك... وددت أن الخلق يتعلمون هذا العلم ولا ينسب إليَّ منه شيء.
** قال عبدالرحمن بن مهدي: لا يكون إمامًا في العلم من يُحدِّث بكل ما سمع، ولا يكون إمامًا في العلم من يُحدِّث عن كل أحد، ولا يكون إمامًا في العلم من يُحدِّث بالشاذ من العلم.
** قال أبو عمرو بن العلا: الإنسان في فسحة من عقله، وفي سلامة من أفواه الناس ما لم يضع كتابًا أو يقل شعرًا.
** قال إبراهيم بن أبي عبلة: من حمل شاذ العلم حمل شرًّا كثيرًا.
** قال الإمام ابن حزم رحمه الله:
- انظر في المال والحال والصحة إلى من دونك، وانظر في الدِّين والعلم والفضائل إلى من هو فوقك.
- آفة على العلوم وأهلها أضرُّ من الدُّخلاء فيها، وهم من غير أهلها، فإنهم يجهلون، ويظنون أنهم يعلمون، ويفسدون ويقدّرون أنهم يُصلحون.
- سرَّني أهل العلم مرتين من عمري:
إحداهما: بتعليمي أيام جهلي.
والثانية: بمذاكرتي أيام علمي.
** قال العلامة ابن القيم رحمه الله:
- أفضل ما اكتسبته النفوس وحصلته القلوب ونال به العبد الرفعة في الدنيا والآخرة هو العلم والإيمان. ولهذا قرن بينهما سبحانه في قوله: ﴿يرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ﴾ [المجادلة:11].
- كل علم لا يضرُّ الجهل به، فإنه لا ينفع العلم به، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يستعيذ بالله من علم لا ينفع، وهذا حال أكثر العلوم الصحيحة المطابقة التي لا يضُرُّ الجهل بها شيئًا. كالعلم بالفلك ودقائقه ودرجاته وعدد الكواكب ومقاديرها، والعلم بعدد الجبال وألوانها ومساحتها.
- من أحالك على غير (أخبرنا) و (حدثنا) فقد أحالك: أما على خيال صوفي، أو قياس فلسفي، أو رأي نفسي، فليس بعد القرآن، و(أخبرنا) و(حدثنا) إلا شبهات المتكلمين، وآراء المتخرصين، وخيالات المتصوفين، وقياسات المتفلسفين.
** قال العلامة ابن باز رحمه الله: أهل العلم قد يقولون: شيخنا، وإن كانوا لم يلقوه، فيقولون: شيخنا لما انتفعوا به من علومه، وإن كانوا ما لقوه.
** قال القاضي ابن العربي رحمه الله: كتاب الحيض معضل في الفقه، ما رأيت في رحلتي من يحسنه سور رجلين.
** قال العلامة السعدي رحمه الله:
- المتكلم في العلم من محدث ومعلم وواعظ... كلما حدث موجب أو حصل موسم أتى بما يناسب ذلك من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية والمواعظ الموافقة لذلك.
- الناظر في العلم عند الحاجة إلى التكلم فيه، إذا لم يترجح عنده أحد القولين، فإنه يستهدي ربه، ويسأله أن يهديه الصواب من القولين، بعد أن يقصد بقلبه الحق، ويبحث عنه، فإن الله لا يخيب من هذه الحالة.
- التعليم الفعلي أبلغ من القولي خصوصًا إذا اقترن بالقول، فإن ذلك نور على نور.
- طريق العلم الصحيح الوقوف مع الحقائق، وترك التعرض لما لا فائدة فيه. وبذلك تزكو النفس، ويزيد العلم.
· فوائد قول المعلم لما لا يعلمه: الله ورسوله أعلم:
قال العلامة السعدي رحمه الله: ومن أعظم ما يجب على المعلمين أن يقولوا لما لا يعلمونه: الله ورسوله أعلم. وليس هذا بناقص لأقدارهم، بل هذا مما يزيد قدرهم، ويستدل به على دينهم وتحريهم للصواب.
وفي توقفه عما لا يعلم فوائد كثيرة.
منها: أن هذا هو الواجب عليه.
ومنها: أنه إذا توقف وقال: لا أعلم، فما أسرع ما يأتيه علم، ذلك إما من مراجعته أو مراجعة غيره.
ومنها: أنه إذا توقف عما لا يعرف كان دليلًا على ثقته وإتقانه فيما يجزم به من المسائل، كما أن من عرف منه الإقدام على الكلام فيما لا يعلم كان ذلك داعيًا للريب في كل ما يتكلم به، حتى في الأمور الواضحة.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد