أكثر من ١٠٠ فائدة من كتاب أدب الدين والدنيا


 بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

كتاب أدب الدنيا والدين هو كتابٌ من تأليف أبي الحسن الماوردي، جمع فيه من الآداب والأخلاق الكثير، من آيات القرآن الكريم، والحديث النبوي، ثم بأمثال الحكماء، وآداب البلغاء، وأقوال الشعراء. سماه في الأصل كتاب البغية العليا في أدب الدين والدنيا، ولكن الاسم الذي شاع بين الناس هو كتاب أدب الدنيا والدين. وقد تم اعتماد طبعة دار المهناج في في الإحالات على أرقام الصفحات.

المجموعة الأولى:

- العقلُ أفضلُ مرجوٍّ، والجهلُ أنكَى عدوٍّ.[ص17].

- إذا عَقَلَكَ عَقْلُك عما لا ينبغي... فأنتَ عاقل.[ص20].

- كفى بالتَّجارِب تأدُّبًا، وبتقلُّب الأيام عِظةً.[ص21].

- أنشد بعض أهل الأدب هذه الأبيات، وذُكر أنها لعليّ بن أبي طالب رضي الله عنه:

إنَّ المكارمَ أخلاقٌ مُطهَّرةٌ...

فالعقلُ أوَّلُها والدِّين ثانيها

والعلمُ ثالثُها والحِلْمُ رابعُها...

والجُودُ خامسُها والعُرْفُ ساديها

والبِرُّ سابعُها والصبرُ ثامنُها...

والشكرُ تاسعُها واللينُ عاشيها

والنَّفسُ تعلمُ أني لا أُصدِّقُها...

ولستُ أَرشُدُ إلا حينَ أَعصيها

والعينُ تعرفُ في عينَيْ مُحدِّثها...

إنْ كان من حِزبها أو من أَعاديها

عيناكَ قد دَلَّتا عينيَّ منكَ على...

أشياءَ لولاهما ما كنتَ تبديها

- قال أنوشَرْوان لبُزْرُجُمِهْر:

أيُّ الأشياء خيرٌ للمرء؟ قال: عقلٌ يعيش به. قال: فإن لم يكن؟ قال: فإخوانٌ يسترون عيبه. قال: فإن لم يكن؟ قال: فمالٌ يتحبَّبُ به إلى الناس. قال: فإن لم يكن؟ قال: فعِيٌّ صامتٌ. قال: فإن لم يكن؟ قال: فموتٌ جارفٌ.[ص32].

- فأمّا الهوى... فهو عن الخير صادٌّ، وللعقل مُضادٌّ؛ لأنه يُنتج من الأخلاق قبائحَها، ويُظهر من الأفعال فضائحَها، ويجعل سترَ المروءة مهتوكًا، ومدخلَ الشرِّ مسلوكًا.[ص36]

- قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه:

إياكم وتحكيمَ الشَّهوات على أنفسكم؛ فإنّ عاجِلَها ذميمٌ، وآجلَها وخيمٌ، فإنْ لم ترَها تنقادُ بالتخويف والإرهاب... فسوِّفها بالتأميل والإرغاب؛ فإنّ الرغبةَ والرهبةَ إذا اجتمعا على النفس ذلَّت... لهما وانقادت.[ص39].

- قال ابن السماك:

كُن لهواكَ مسوِّفا، ولعقلكَ مُسعِفا، وانظر ما تسوء عاقبتُه... فوطِّنْ نفسكَ على مُجانبته؛ فإنّ ترك النفس وما تهوى داؤها، وترك ما تهوى دواؤها، فاصبرْ على الدواء، كما تخاف من الداء. [ص39].

- قال الشاعر:

صبرتُ على الأيامِ حتى تولَّتِ...

وألزمتُ نفسي صَبْرَها فاستمرَّتِ

وما النفسُ إلا حيثُ يجعلُها الفتى...

فإنْ أُطمِعت تاقتْ وإلا تسلَّتِ

- قال بعض الأدباء: مَن أماتَ شهوتَه... أحيا مروءتَه.[ص40].

- قال الشاعر:

إذا المرءُ أعطى نفسَه كلَّ ما اشتهت...

ولم ينهَهَا تاقتْ إلى كلِّ باطلِ

وساقَتْ إليه الإثمَ والعارَ بالذي...

دعتْهُ إليه من حلاوةِ عاجلِ

- قال العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه: إذا اشتبه عليك أمران... فدَعْ أحبَّهما إليك، وخذ أثقلَهما عليك. وعلّةُ هذا القول: هو أنَّ الثقيل تُبطِئ النفس عن التسرُّع إليه، فيتَّضِح مع الإبطاء وتطاول الزمان صوابُ ما استعجم، وظهورُ ما استبهم.[ص42].

- قال مصعب بن الزبير لابنه: تعلَّمِ العِلمَ؛ فإنْ يكُن لك مالٌ... كان لك جمالا، وإنْ لم يكُن لك مالٌ... كان لك مالا.[ص46].

- وقال عبد الملك بن مروان لبنيه: يا بَنيَّ؛ تعلَّموا العِلم، فإنْ كنتم سادةً... فُقْتم، وإنْ كنتم وسطًا... سُدتم، وإنْ كنتم سُوقةً عِشْتم.[ص47].

- وقال بعض الحكماء: العِلمُ: شرفٌ لا قديمَ له، والأدب مالٌ لا خوفَ عليه.[ص47].

- وقال بعض الأدباء: العِلمُ أفضلُ خَلَفٍ، والعملُ به أكملُ شرفٍ.[ص47].

- وقال بعض البلغاء: تعلَّمِ العلمَ؛ فإنه يقوِّمُكَ ويُسدِّدُكَ صغيرا، ويُقدِّمُكَ ويُسوِّدُكَ كبيرا، ويُصلح زيغك وفاسِدَك، ويُرغم عدوَّك وحاسدَك، ويُقيمُ عِوَجَك وميلَك، ويُصحِّح هِمَّتَك وأملَك.[ص47].

- وليس يجهلُ فضلَ العِلم إلا أهل الجهْل؛ لأنّ فضل العِلم إنما يُعرَف بالعِلم، وهذا أبلغ في فضْله؛ لأنّ فضله لا يُعلَم إلا به، فلمّا عَدِمَ الجُّهَّالُ العِلمَ الذي به يتوصَّلون إلى فضل العِلم... جهِلوا فضلَه، واسترذلوا أهلَه، وتوهَّموا أنَّ ما تميل إليه نفوسهم من الأموال المُقتناة، والطُّرَف المُشتهاة... أَوْلى أنْ يكون إقبالُهم عليها، وأَحرى أنْ يكون اشتغالُهم بها.[ص47].

- وقد قال ابن المعتز في منثور الحِكم: العالِمُ يَعرفُ الجاهلَ؛ لأنه كان جاهلا، والجاهلُ لا يَعرفُ العالِمَ؛ لأنه لم يكن عالمًا.[ص48].

- وأنشد ابنُ لَنْكَكَ لأبي بكر بن دريد:

جهِلتَ فعاديتَ العلومَ وأَهلَهَا...

كذاكَ يُعادي العلمَ مَن هو جاهلُهْ

ومَن كان يهوى أنْ يُرى متصدِّرا...

ويكرهُ (لا أدري) أُصيبَتْ مَقاتلُهْ

- وقيل لبُزْرُجُمِهْرَ: العِلمُ أفضلُ أم المالُ؟ فقال: بل العِلم. قيل: فما بالنا نرى العلماء على أبواب الأغنياء، ولا نكاد نرى الأغنياء على أبواب العلماء؟ فقال: ذلك لمعرفة العلماء بمنفعة المال، وجَهْل الأغنياء بفضل العلم.[ص48].

- وقيل لبعض الحكماء: لم لا يجتمعُ العِلمُ والمالُ؟ فقال: لعزِّ الكمال.[ص48].

- وأنشد بعضهم:

وفي الجهلِ قبلَ الموتِ موتٌ لأهلِهِ...

فأجسامُهم قبلَ القبورِ قبورُ

وإنّ امرًا لم يَحْيَ بالعلم ميِّتٌ...

فليس له حتى النشورِ نُشورُ

المجموعة الثانية:

- قال بعض الحكماء: لو كنَّا نطلبُ العلمَ لنبلغَ غايتَه... كنَّا قد بدأنا العلمَ بالنَّقيصة، ولكنَّا نطلبه لنُنقِصَ في كل يوم من الجهل، ونزدادَ في كل يوم من العلم.[ص49].

- وقيل لحماد الراوية: أمَا تشبعُ من هذه العلوم؟ فقال: استفرغْنا فيها المجهودَ، فلم نبلغ منها المحدود.[ص49].

- وأنشد الرشيد عن المهدي بيتين:

يا نفسُ خُوضي بُحورَ العلم أو غُوصي...

فالناسُ ما بين معمومٍ ومخصوصِ

لا شيءَ في هذه الدُّنيا نحيطُ به...

إلا إحاطةَ منقوصٍ بمنقوصِ

- وقد قال الإمام الشافعي في فضْل العلوم: مَن تعلَّم القرآنَ عظُمَت قيمته، ومَن تعلَّم الفقهَ نبُل مقدارُه، ومَن كتَب الحديثَ قوِيَت حجَّتُه، ومَن تعلَّم الحسابَ جَزُلَ رأيُه، ومَن تعلَّم العربيةَ رقَّ طبعُه، ومَن لم يصُنْ نفسَه لم ينفعه علمُه.[ص52].

- قال يحيى بن خالد لابنه: عليكَ بكل نوعٍ من العِلم فخُذ منه؛ فإنّ المرء عدوُّ ما جهِل، وأنا أكرهُ أنْ تكونَ عدوَّ شيءٍ من العِلم، ثم أنشد:

تفنَّنْ وخُذْ من كلِّ علمٍ فإنَّما...

يفوقُ امرؤٌ في كلِّ فنٍّ له علمُ

فأنت عدوٌّ للذي أنت جاهلٌ...

به ولعلمٍ أنت تتقنُهُ سِلْمُ

- وقال بعض الأدباء: كلُّ عزٍّ لا يوطِّده علمٌ فهو مَذَلَّةٌ، وكلُّ علمٍ لا يؤيِّده عقلٌ فهو مَضِلَّةٌ.[ص55].

- وقال بعض علماء السلف: إذا أرادَ الله تعالى بالناس خيرا... جعل العِلمَ في ملوكهم، والمُلكَ في علمائهم.[ص55].

- وقال بعض البلغاء: العِلمُ عِصمةُ الملوك؛ لأنه يمنعهم من الظُّلم، ويردُّهم إلى الحِكم، ويصدُّهم عن الأذيَّة، ويُعطِّفُهم على الرعيَّة. فمِن حقّهم: أنْ يعرفوا حقَّه، ويستبطنوا أهلَه.[ص55].

- قيل في منثور الحكم: جهلُ الشباب معذورٌ، وعلمُه محقورٌ، فأما الكبيرُ فالجهلُ به أقبحُ، ونقصُه عليه أفضحُ؛ لأن علوَّ السِّنِّ إذا لم يُكسِبه فضلًا، ولم يُفدْه عِلمًا، وكانت أيامُه في الجهل ماضية، ومن الفضل خالية، كان الصغيرُ أفضلَ منه؛ لأنَّ الرجاء له أكثر، والأمل فيه أظهر، وحسبُكَ نقصًا في رجلٍ يكون الصغيرُ المُساوي له في الجهل أفضلَ منه! [ص57].

- وأنشدَ بعض أهل الأدب:

إذا لم يكن مَرُّ السِّنينَ مُترجِمًا...

عن الفضلِ في الإنسانِ سمَّيته طِفلا

وما تنفعُ الأعوامُ حين تعدُّها...

ولم تستفدْ فيهنَّ عِلمًا ولا فَضلا

أرى الدَّهرَ من سوء التصرُّف مائلًا...

إلى كل ذي جهلٍ كأنَّ به جَهلا

- وربما امتنَع من طلب العِلم لتعذُّر الكفاية، وشغَلَه اكتسابها عن التماس العِلم! وهذا وإنْ كان أعذَرَ من غيره مع أنه قلَّما يكون ذلك إلا عند ذي شَرَهٍ رغيب، وشهوةٍ مُستعبِدة... فينبغي أنْ يَصرفَ إلى العِلم حظًّا من زمانه؛ فليس كلُّ الزمان زمانَ اكتساب، ولا بُدَّ للمكتسب من أوقات راحةٍ واستراحةٍ وأيام عُطلة، ومَن صرَفَ كلَّ نفسه إلى الكسْب حتى لم يترك لها فراغًا إلى غيره... فهو من عبيد الدُّنيا، وأُسَراء الحرص.[ص58].

- قال رجلٌ لأبي هريرة: أُريد أنْ أتعلَّم العِلم وأخاف أنْ أُضيّعَه، فقال: كفى بترك العلم إضاعةً.[ص59].

- على أنّ العِلمَ سعادةٌ وإقبال وإنْ قلَّة معهما المال، وضاقت عنهما الحال، والجهلَ والحمقَ حرمانٌ وإنْ كثر معهما المال، واتسعتْ فيهما الحال؛ لأن السعادة ليست بكثرة المال، فكم مِن مُكثِرٍ شقيّ، ومُقِلٍّ سعيد! [ص62].

- وقد قيل في منثور الحِكم: كمْ من ذليلٍ أعزَّه علمه، وكمْ من عزيزٍ أذلَّه جهله! [ص63].

- ومن أسباب التقصير في العِلم: أنْ يغفُلَ عن التعلُّم في الصِّغر، ثم يشتغل به في الكِبر، فيستحي أنْ يبتدئ لما يبتدئ به الصغير، ويستنكف عن أنْ يساويَه الحدَثُ الغَرير، فيبدأ بأواخر العِلم وأطرافها، ويهتمُّ بحواشيها وأكنافها؛ ليتقدَّم على الصغير المبتدي، ويساويَ الكبيرَ المنتهي. وهذا ممّن قد رضي بخداع نفسه، وقنع بمداهنة حسِّه.[ص69].

- قال بعض الحكماء: العلوم مطالعها ثلاثة أوجهٍ: قلبٌ مفكِّر، ولسانٌ مُعبِّر، وبيانٌ مُصوِّر.[ص73].

- والعلومَ وحشيَّةٌ تنفرُ بالإرسال، فإذا حفِظها بعد الفهم... أَنِستْ، وإذا ذاكَر بها بعد الأُنس... رسَتْ.

وقد قال بعض الحكماء: مَن أكثرَ المذاكرةَ بالعِلم... لم ينسَ ما علِم، واستفاد ما لم يعلمْ.[ص73].

- قال بعض البلغاء: مَن أمضى يومه في غير حقٍّ قضَاه، أو فرْضٍ أدَّاه، أو مجدٍ أثَّله، أو حَمدٍ حصَّله، أو خَيرٍ أسَّسه، أو عِلْمٍ اقتبَسَه... فقد عقَّ يومه، وظَلَم نفسه.[ص79].

- قيل في منثور الحِكم: أَتعِب قدمَكَ، فكمْ تعَبٍ قدَّمَك.[ص81].

- قيل: لن يُدرِك العلمَ مَن لا يُطيل درسَه، ويُكدُّ نفسَه.

وكثرةُ الدرس كَدُودٌ، لا يصبر عليه إلا مَن يرى العلمَ مَغنمًا، والجهالةَ مَغرمًا، فيحتمل تعب الدرس؛ ليُدرك راحةَ العِلم، وتنتفي عنه معرَّةُ الجهل، فإنّ نيلَ العظيم بأمرٍ عظيم، وعلى قدْر الرغبة يكون الطلب، وبحسَب الراحة يكون التَّعب.[ص82].

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply