بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
إن من حكمة الله جل وعلا البالغة، ورحمته العظيمة، أن فطر الأنثى على خُلُقِ الحياء وجعله تاج جمالها وستره، فكلما فرطت بكمال حجابها نقص حياؤها وذبل جمالها، ومن عناية الله تعالى ولطفه بعباده المسلمين أن خص المرأة المسلمة بالحجاب الشرعي الكامل الذي يستر جميع بدنها عن الرجال، بداية من رأسها ووجها وسائر أجزاء جسمها إلى قدميها؛ لأن المرأة كلها عورة بالنسبة للرجل غير المحرم، وهذا الحجاب فرض ودين لا خيار للمرأة فيه، قال الله تعالى: {يا أيها النبي قل لأزواجك وبناتك ونساء المؤمنين يدنين عليهن من جلابيبهن ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين}.
وقد تأملت في الآثار الحسنة المترتبة على احتشام المرأة بحجابها الكامل، والآثار السيئة المترتبة على تبرج المرأة وسفورها، فأحببت أن أذكر بعضها لتزداد كل مؤمنة ملتزمة بالحجاب الشرعي الكامل ثباتا، ولتحذر كل متبرجة ومفرطة بالالتزام بالحجاب الشرعي من عواقب تفريطها، فتسارع إلى التوبة وتلتزم بالحجاب الشرعي الكامل.
فأما المرأة المؤمنة المحتشمة فهنيئا لها الآثار الحسنة التي تجنيها:
فهي صالحة مصلحة، استجابت لأمر ربها سبحانه والتزمت بشرعه، وحافظت على كرامتها، فهي درة مصونة، وأرغمت بحجابها وحشمتها كل من يراها ممن في قلبه مرض على احترامها، ودعته دعوة صامتة حكيمة إلى محاسبة وكبح جماح نفسه الأمارة بالسوء. والحجاب عبادة متعدية النفع يشع منه نور الإيمان، فيؤثر على قلوب الآخرين ويغلق به باب الفتنة بالنساء، وقد يكون الحجاب سببا في هداية مريض القلب وإطفاء جمرة شهوته، وقد تكون المسلمة الملتزمة بالحجاب الشرعي الكامل قدوة صالحة لغيرها من المفرطات بالحشمة والحجاب الشرعي الكامل.
فإن من دل على خير وهدى فله أجره وأجر من عمل به إلى يوم القيامة.
فهنيئا لها أثرها الطيب الذي يرصد لها حسناتها في سجل ستفرح به يوم القيامة.
وأما الآثار السيئة المترتبة على التبرج والتهاون بالحجاب الشرعي الكامل فهي مخيفة وكثيرة، فمنها:
أن المتبرجة عاصية لربها مطيعة لهوى نفسها وللشيطان الذي يأمر بالسوء والفحشاء، ومعصيتها متعديدة الضرر على غيرها، فهي تطفئ نور الإيمان في قلوب كثير ممن يرونها، وتفتح أمامهم أبواب فتنة النساء، وتؤجج في قلوبهم نار الشهوة، ويتألمون من جرائها، وربما لم يستطع بعضهم إطفاءها إلا بارتكاب الزنا نسأل الله العصمة والعافية. فيحترق من هذه النار، فتحمل تلك المتبرجة - التي تسببت بفتنته فأقدم على ارتكاب الزنا الذي هو كبيرة من كبائر الذنوب - مثل أوزاره، وكذلك قد تكون قدوة سيئة لبعض ضعيفات الإيمان من النساء فيتساهلن بالتبرج والسفور وفتنة الرجال فتحمل مثل أوزارهن؛ لأنها هي سبب انحرافهن، كما قال الله تعالى: {لِیَحمِلُوۤا۟ أَوزَارَهُم كَامِلَةࣰ یَومَ ٱلقِیَٰمَةِ وَمِن أَوزَارِ ٱلَّذِینَ یُضِلُّونَهُم بِغَیرِ عِلمٍۗ أَلَا سَاۤءَ مَا یَزِرُونَ}.
فهذه المتبرجة فاسدة بنفسها مفسدة لغيرها ولا حول ولا قوة الا بالله.
ومن دعا إلى ضلال كان عليه وزره ووزر من عمل به إلى يوم القيامة.
فهنيئا لك أيتها المؤمنة الموفقة المحتشمة المتسترة، أسأل الله لك الثبات.
وأدعوك أيتها المتبرجة إلى مراجعة النفس مراجعة صادقة ناصحة، والمسارعة إلى التوبة إلى الله تعالى، والالتزام بالحجاب الشرعي الكامل، فإني أخشى أن يفجأك الموت وأنت على هذه الحال، أسأل الله أن يشرح صدرك لما يرضيه.
وقد حدثتني امرأة أن خالتها كانت حريصة على حجابها وستر مفاتنها، لكنها ذات يوم وهي راكبة في السيارة نصبت يدها على النافذة فانكشف جزء من ذراعها، فرأتها قريبة لها في المنام أن يدها تشتعل نارا، فأخبرتها بذلك، فكان للرؤيا الأثر الإيجابي على حرصها ألا يبدو منها شيء.
فكيف بمن كشفت كفيها وعينيها مع جزء من وجنتيها وقدميها، والأعظم من ذلك من كشفت وجهها أو تساهلت في تغطيته أحيانا؟!
كيف حالها يوم القيامة وقد فتنت الكثير من الرجال، وكانت سببا في تفريط كثير من النساء بالحجاب بسبب اقتدائهن بها؟
أسأل الله تعالى أن يجعلنا دعاة خير وصلاح، لا دعاة شر فتنة، إنه سميع قريب مجيب.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد