فوائد من درس دلائل الإعجاز 38

179
7 دقائق
3 ذو القعدة 1446 (01-05-2025)
100%

بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

مما قال فضيلة الأستاذ الدكتور محمد أبو موسى في درس شرح كتاب «دلائل الإعجاز» بالجامع الأزهر الشريف.

يوم الأحد: 10 من شعبان 1446ه الموافق لـ 9 من فبراير 2025:

لُخِّص هذا الدرسُ في بيت الله الحرام، زاده الله تشريفًا وتعظيمًا وتكريمًا ومهابةً، وزاد مَن شرَّفه وكرَّمه ممَّن حجَّه أو اعتمره تشريفًا وتعظيمًا وتكريمًا ومهابةً وبرًّا.

- أظن أننا لن ننتهي من هذه الحالة التي ذكرتُها كثيرًا، وهي أن عقلاء الأمة وحكماء الأمة إذا اختلفوا كان هذا الاختلاف أرضًا خصبة لإنتاج المعرفة، ولم يكن أبدًا من أبواب الشتائم.

- إن الذين إذا اختلفوا تشاتموا لا يُرجى منهم خير، وإن الذين إذا اختلفوا فكَّروا وأنتجوا هم الذين يُرجى منهم خير.

- لم أعرف في الأمة جماعة وُصفت بأنها «إسلامية»؛ لأن الأمة كلها إسلامية، وسيدنا رسول الله لم يكتف بأن يقول: "المسلم أخو المسلم"، وإنما زاد أنهما كالجسد الواحد، إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحُمى.

- لم أعرف في تاريخ الإسلام على مدى أربعة عشر قرنًا ونصف أن هناك أناسًا اسمهم «مسلمون» وهم من بين المسلمين، وكأن الله - سبحانه وتعالى - أراد أن يبين لنا الحقائق، فأجرى على ألسنتهم سفاهات لا يمكن أن تكون ممن ينتسبون إلى دين الله؛ لأن دين الله لخَّصه رسول الله في قوله: "إنما بُعثت لأتمم مكارم الأخلاق"؛ فكل من ينتسب إلى الدين ويَظهر منه أنه إنما بُعث في الناس ليُتمم مساوئ الأخلاق فهو ليس على الطريق الصواب.

- المهم أن نتنبَّه ونصنع جيلًا آخر؛ جيلًا آخر إذا اختلف أنتج معرفة.

- أفضل أصول المعرفة ما أنتجها هو خلاف العلماء؛ فخلاف أهل البصيرة يُنتج خيرًا، وخلاف أهل الضلال يُنتج شرًّا.

- دروسي كلها في معرفةٍ أنتجها خلاف، وعلمي كله الذي تعلمتُه في الأزهر وكتبتُه في كتبي كلُّه علمٌ أنتجه الخلاف، وأنا أرى خلاف قومي يُنتج سفاهة؛ فأصير في حالة ذهول.

- يا ليت قومي الذين ينتجون السفاهات يتحدثون بآرائهم، وإنما هم «إسلاميون»! أنت إسلامي؛ إذًا فماذا أنا؟!!

- الخلاف أمر مشروع، ولكن يضبطه العقل وتضبطه الحكمة.

- البصيرة مهمة جدًّا، والعقل مهم جدًّا، والوعي مهم جدًّا.

- ربنا سبحانه وتعالى جعل كل أتباع الأنبياء من يوم نوح إلى يوم القيامة أمة واحدة؛ أتباع الحق على هذا الكوكب أمةً واحدة.

- الله سبحانه وتعالى منَّ علينا وجعلنا خير أمة أخرجت للناس، لم يكتف بأن جعلنا أمة، وإنما وصفنا بأننا خير أمة أخرجت للناس؛ فلا بد من التمسك بهذه المبادئ.

- الذين يدَّعون أنهم إسلاميون ويشتمون الناس هم جهات متسلطة على تفريق الأمَّة.

- خيرُ الناس من دعا إلى خير أمة، وخيرُ أمة لن تكون شتاتًا وفِرقًا أبدًا.

- عجبتُ أن أنبياء الله جميعًا أوصاهم الله بأن يقولوا: «وأنا من المسلمين»، سيدنا رسول الله يقول: "وَأُمِرتُ أَن أَكُونَ مِنَ ٱلمُسلِمِینَ"، وهو سيد الخلق جميعًا، ربنا يقول له: اكتفِ بكونك من المسلمين؛ لأن كونك من المسلمين ليس أمرًا هيِّنًا.

- عدو الأمة الألدُّ هل يرضيه شيء أفضل من أن تتفرق؟ هل يخيفه شيء أفضل من أن تتحد؛ فإذا كان عدو الأمة لا يرضيه شيء أفضل من أن تتفرق وأنت ليلًا ونهارًا تُفرق في الأمة، فأنت لست في صفنا! ولن يخدعني اسم الإسلام الذي تضعه على رأسك.

- اللهم ارزقنا الإحساس بنعمة العلم، وجلال العلم، وارزقنا خير ما نقوله لأجيال خير أمة أخرجت للناس.

- أول نقطة أتكلم عنها في درس اليوم، وهي نقطة جليلة جدًّا، وسكنت في قلبي من أول ما قرأتها عند عبد القاهر، وهي أنه ما دامت أجزاء الكلام، التي هي مفرداته، قد اختلفت في أنواعها أو في ترتيبها، أو حدث فيها أي نوع من الاختلاف؛ كأن جاء لفظ بدل لفظ، أو تقدم لفظ وكان متأخرًا، أو عُرف لفظ وكان منكرًا، أو نُكِّر وكان معرفًا، فما دام قد حدث اختلاف، أيُّ اختلاف، فلا بد أن يحدث اختلاف في المعنى، والقول بأن المعنى واحد وهذا الاختلاف في الألفاظ أو التراكيب قائم = هو على باطل.

- لاحظت شيئًا في اللغة وفي بناء الكلام، هو أن زيادة لفظ أو نقص لفظ أو تقديم لفظ وكان مؤخرًا، أو تأخير لفظ وكان مقدمًا، أو تعريف لفظ وكان منكرًا، أو تنكير لفظ وكان معرفًا.. هذه الأشياء البسيطة جدًًا جدًّا تنقل الكلام من أعلى درجات البلاغة إلى أن يكون كلامًا باردًا مغسولًا، كما يصفه العلماء.

- وجدت آيات من القرآن الكريم يدرسها العلماء ويقدمون فيها لفظًا كان مؤخرًا، أو يؤخرون لفظًا كان مقدمًا، ويقولون: هي كما جاءت في المصحف معجزة، ولو قدمنا فيها لفظًا واحدًا أو أخرناه، أو عرَّفناه وكان منكرًا، أو نكَّرناه وكان مُعرفًا، تتحول الجملة من الإعجاز المعجز للجن والانس إلى كلام بارد مغسول.

- إذا قدمتَ لفظة أخَّرها النابغةُ أو عرَّفتَ لفظة نكَّرها النابغة فهذا ليس من كلام النابغة، إذا نكَّرتَ لفظة عرَّفها النابغة فأنت لا تحدثني عن كلام النابغة.

- أقلُّ اهتزازة للغة يتغير بها المعنى وتختلف درجات بلاغته ودرجات فصاحته.

- اقطعوا ألسنة الشتامين وإن كانوا على حق؛ لأن الذي على حق لا يشتم.

- درس العلم لا بد أن يكون لإعداد طلابك لأن يكونوا من العلماء، وإلا فعلمك ضائع.

- العلم شريف، ولا يسكن ولا يعيش إلا في الصدور الشريفة.

- يقيني أن العلم يرفع السفلة، ولكن هناك سفلة لا يرفعهم العلم.

- العلم كالماء؛ يزيد الحلو حلاوة ويزيد المر مرارة، وهذه الكلمة سمعتها وأنا في الكلية في امتحان التحريري لا الشفوي، ووجدت الأستاذ يصحح أوراق مادة امتحناها قبل ذلك، وكانت أسماؤنا منزوعة من على الورق فسألته: كيف تُنزع أسماء الطلاب من الأوراق والأساتذة أجلُّ وأكبرُ وأكرمُ من أن يكونوا غير أمناء على طلابهم، فقال لي - رحمه الله رحمة واسعة -: «العلم كالماء؛ يزيد الحلو حلاوة، ويزيد المُر مرارة»؛ فثبتت في قلبي.

- قال شيخنا وقد سُرَّ من تجاوب أحد طلاب الدرس بعد أن علم أنه طالب في كلية اللغة العربية: ألاحظ شيئًا مهمًّا جدًّا؛ هو قول سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الخير فيَّ وفي أمتي إلى يوم القيامة"، لم أعش يومًا انقطع فيه الخير في هذه الأمة، وإنما في كل أوقاتها الصعبة أجد رجالًا فيهم خير، لكن المهم أن الكفاءات لا تجد من يقوم على رعايتها، وهذا خطأ، ولكن على صاحب الكفاءة أن يرعاها هو، وإذا تنكر المجتمع لرعاية كفاءة فلا تَضيع؛ لأن صاحبها هو الذي يرعاها ولأن حاجة المجتمع إلى الكفاءة كحاجته إلى الطعام والشراب.

- إذا أُسقطت الكفاءات وقُتلت كأنك قطعت عن الشعب الطعام والشراب، وهذا هو الذي يجعلك في درسك تجتهد كل الاجتهاد عسى أن يكون هناك كفاءة وأنت لا تعلمها، وأن يكون درسك غذاء لها، وتجعلك تجتهد وأنت تكتب الكتاب كل الاجتهاد، ولو وقع هذا الكتاب في يد تسعين مغفلًا فترجو أن يقع في يدي ٥% أو ١٠%من أصحاب الكفاءات.

- عمري كله؛ تسعون سنة، لا أرجو فيه أكثر من أن يكون الله قد هدى بي رجلًا واحدًا، وأريد أن أُسكن هذا في قلوبكم أكثر من تسكيني لمسألة بلاغية؛ لأنك لا تُسكن المسألة البلاغية إلا في عقل يصلح لأن تسكن فيه، وهذا نحن غائبون عنه.

- العلم جليل، ولكن أعدوا له القلوب التي تشرق بالعلم ويشرق بها العلم، هذا هو إذا أردتم أن تصنعوا أجيالًا، إذا كان هَمُّ الأمة في قلبك وفي نفسك.

- لن يسكن في قلبك شيء يفتح لك باب مرضاة الله كما يسكن في قلبك هَمُّ هذه الأمة.

- بمقدار ارتباطك بخير أمة أخرجت للناس تكون مرضاة الله عليك.

- أنت عضو في الأمة فلا تقل: «أنا مالي» لأنك كأنك تواجه رسول الله وتقول له: الخذلان الذي في الأمة لا شأن لي به. سيقول لك: «رأيت رجلًا يتقلب في الجنة بسبب غصن شوك أزاحه من طريق المسلمين» فما دمت قلت: «أنا مالي» فأنت زاهد في ثواب الله.

- الرافعي قال كلمة جليلة جدًّا: إن قريشًا وهي تحارب رسول الله كانت تحاربه بروح مخذولة، فلما فتح الله أقفال قلوبهم وحاربوا في دين الله كانت حربهم في دين الله غير حروبهم لدين الله.

- اقرأوا التاريخ لكي تعرفوا كيف صُنع خير جيل في الأرض، كيف صنع القرآن خير الأجيال.

- وأنا في كثير من الحالات وأنا أكتب في التفسير وأتدبر آيات القران أجد شيئًا جليلّا جدًّا جدًّا؛ هو أن هذا القرآن لا يخرج الناس من الظلمات إلى النور ولا يدخل الناس الجنة، وإنما يصنع الإنسان الأفضل، نعم هو يخرج الناس من الظلمات إلى النور، نعم هو يدخل الناس الجنة، ولكن طريقه إلى صناعة اهل الجنة وهُم على الأرض، وطريقه إلى أن يخرج الناس من الظلمات إلى النور = طريق واحد؛ هو بناء الإنسان الأفضل.

- أندهش كيف أننا لا نستفيد من المنهج القرآني في بناء الإنسان الأفضل ونربي أجيالنا عليه.

- إذا رأيت الخير فافعل ولا تنتظر قرارًا، ليس هذا فقط، وإنما أيضًا لا تنتظر من يشكرك عليه، إذا انتظرت شكرًا من الناس على فعل خير صنعته لأمة محمد فلا تنتظر ثوابًا من الله؛ لأنك إذا انتظرت ثواب الله سيَضْعُف في نفسك كل ثوابٍ آخر مهما كان، إذا استشعرت أنك تبتغي مرضاة الله فلن يُشغل قلبُك لحظة واحدة بمن مدحك ولا بمن ذمك.

- طول التفكير في مسائل العلم يفتح للعلم بابًا من بعد باب، وأبواب العلم مع طول التفكير في العلم لن تنغلق إلا يوم أن يُنفخ في الصور فيصعق من في السماوات والأرض.

- ليس هناك علم تُطوى صفحته، وليس هناك علم تُقال فيه الكلمة النهائية.

- قد تتعلم العلم من جملةٍ ليس فيها علم.

- احذر ان تكتب كتابًا يُستغنى عنه بغيره، والله العظيم، والله العظيم، لو لم تكتب لكان أفضل، وحاول أن تقول كلمة لم تُسمع إلا منك.

- إذا لم تتأمَّل ما أقول فكأنني لم أقل، وإنما أقول نافعًا إن تأمَّلته أنت.

- الكريم هو من يُعِدُّ من جيله من هو أكرم منه.

- الرجل الذي تقلَّب في الجنة بسبب غصن شوك لم يتقلَّب بسبب إزاحته الغصن، وإنما لأنه بذل أقصى ما عنده.

- إن أردت أن تتقلَّب في الجنة فأعط أمة خير البرية أقصى ما عندك.

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين


أضف تعليق