عبد الرحمن بن عوف - رضي الله عنه


 بسم الله الرحمن الرحيم

 

عبد الرحمن بن عوف

 

عَبدُ الرَّحمَنِ بنُ عَوفِ بنِ عَبدِ عَوفٍ, الزٌّهرِيٌّ  ، أَحَدُ العَشرَةِ، وَأَحَدُ السِّتَّةِ أَهلِ الشٌّورَى، وَأَحَدُ السَّابِقِينَ البَدرِيِّينَ، القُرَشِيٌّ، الزٌّهرِيٌّ.

وَهُوَ أَحَدُ الثَّمَانِيَةِ الَّذِينَ بَادَرُوا إِلَى الإِسلاَمِ.

أسلم عبد الرحمن بن عوف على يد أبى بكر وعمره 22 سنة،

وَكَانَ اسمُهُ فِي الجَاهِلِيَّةِ: عَبدُ عَمرٍ,و.

وَقِيلَ: عَبدُ الكَعبَةِ، فَسَمَّاهُ النَّبِيٌّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: عَبدُ الرَّحمَنِ.

أُصِيبَ يَومَ أُحُدٍ, فُهُتِمَ، وَجُرِحَ عِشرِينَ جِرَاحَةً، بَعضُهَا فِي رِجلِهِ فَعَرَجَ.

  من أصحاب الهجرتين :

 

كان  عبد الرحمن بن عوف من المسلمين الذين هاجروا الى الحبشة ثم هاجر الى المدينة

عن إِبرَاهِيمَ بنِ عَبدِ الرَّحمَنِ بنِ عَوفٍ,، قال :

كُنَّا نَسِيرُ مَعَ عُثمَانَ فِي طَرِيقِ مَكَّةَ، إِذ رَأَى عَبدَ الرَّحمَنِ بنَ عَوفٍ,، فَقَالَ عُثمَانُ: مَا يَستَطِيعُ أَحَدٌ أَن يَعتَدَّ عَلَى هَذَا الشَّيخِ فَضلاً فِي الهِجرَتَينِ جَمِيعاً.

وَلَمَّا هَاجَرَ إِلَى المَدِينَةِ كَانَ فَقِيراً لاَ شَيءَ لَهُ، فَآخَى رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- بَينَهُ وَبَينَ سَعدِ بنِ الرَّبِيعِ، أَحَدِ النٌّقَبَاءِ، فَعَرَضَ عَلَيهِ أَن يُشَاطِرَهُ نِعمَتَهُ، وَأَن يُطَلِّقَ لَهُ أَحسَنَ زَوجَتَيهِ.

فَقَالَ لَهُ: بَارَكَ اللهُ لَكَ فِي أَهلِكَ وَمَالِكَ، وَلَكِن دُلَّنِي عَلَى السٌّوقِ، فَذَهَبَ، فَبَاعَ وَاشتَرَى، وَرَبِحَ، ثُمَّ لَم يَنشَب أَن صَارَ مَعَهُ دَرَاهِمَ، فَتَزَوَّجَ امرَأَةً عَلَى زِنَةٍ, نَوَاةٍ, مِن ذَهَبٍ,.

فَقَالَ لَهُ النَّبِيٌّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- وَقَد رَأَى عَلَيهِ أَثَراً مِن صُفرَةٍ,: (أَولِم وَلَو بِشَاةٍ,).  ..و قد نما ماله و كثر و ربحت تجارته

 

كثرة ماله :

 

قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: دَخَلتُ الجَنَّةَ فَسَمِعتُ خَشَفَةً، فَقُلتُ: مَا هَذَا؟

قِيلَ: بِلاَلٌ

إِلَى أَن قَالَ: فَاستَبطَأتُ عَبدَ الرَّحمَنِ بنَ عَوفٍ,، ثُمَّ جَاءَ بَعدَ الإِيَاسِ.

فَقُلتُ: عَبدُ الرَّحمَنِ؟

فَقَالَ: بِأَبِي وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ! مَا خَلَصتُ إِلَيكَ حَتَّى ظَنَنتُ أَنِّي لاَ أَنظُرُ إِلَيكَ أَبَداً.

قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟

قَالَ: مِن كَثرَةِ مَالِي أُحَاسَبُ وَأُمَحَّصُ.

 عَن إِبرَاهِيمَ بنِ عَبدِ الرَّحمَنِ بنِ عَوفٍ,، عَن أَبِيهِ:

أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (يَا ابنَ عَوفٍ,! إِنَّكَ مِنَ الأَغنِيَاءِ، وَلن تَدخُلَ الجَنَّةَ إِلاَّ زَحفاً، فَأَقرِضِ اللهَ -تَعَالَى- يُطلِق لَكَ قَدَمَيكَ).

قَالَ: فَمَا أُقرِضُ يَا رَسُولَ اللهِ؟

فَأَرسَلَ إِلَيهِ: (أَتَانِي جِبرِيلُ، فَقَالَ: مُرهُ فَليُضِفِ الضَّيفَ، وَليُعطِ فِي النَّائِبَةِ، وَليُطعِمِ المِسكِينَ).

  

خوفه من كثرة المال :

 

كَثُرَ مَال عبد الرحمن بن عوف حَتَّى قَدِمَت لَهُ سَبعُ مَائَةِ رَاحِلَةٍ, تَحمِلُ البُرَّ وَالدَّقِيقَ وَالطَّعَامَ، فَلَمَّا دَخَلَت سُمِعَ لأَهلِ المَدِينَةِ رَجَّةٌ، فَبَلَغَ عَائِشَةَ، فَقَالَت:

سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: (عَبدُ الرَّحمَنِ لاَ يَدخُلُ الجَنَّةَ إِلاَّ حَبواً).

فَلَمَّا بَلَغَهُ، قَالَ: يَا أُمَّه! إِنِّي أُشهِدُكِ أَنَّهَا بِأَحمَالِهَا وَأَحلاَسِهَا فِي سَبِيلِ اللهِ.

 

وَفِي لَفظِ أَحمَدَ، فَقَالَت:

سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: (قَد رَأَيتُ عَبدَ الرَّحمَنِ يَدخُلُ الجَنَّةَ حَبواً).

فَقَالَ: إِنِ استَطَعتُ لأَدخُلَنَّهَا قَائِماً، فَجَعَلَهَا بِأَقتَابِهَا وَأَحمَالِهَا فِي سَبِيلِ اللهِ.

 دَخَلَ عَبدُ الرَّحمَنِ عَلَى أُمِّ سَلَمَةَ، فَقَالَ:

يَا أُمَّ المُؤمِنِينَ! إِنِّي أَخشَى أَن أَكُونَ قَد هَلَكتُ، إِنِّي مِن أَكثَرِ قُرَيشٍ, مَالاً، بِعتُ أَرضاً لِي بِأَربَعِينَ أَلفِ دِينَار.

قَالَت: يَا بُنَيَّ! أَنفِق، فَإِنِّي سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: (إِنَّ مِن أَصحَابِي مَن لَن يَرَانِي بَعدَ أَن أُفَارِقَهُ).

فَأَتَيتُ عُمَرَ، فَأَخبَرتُهُ، فَأَتَاهَا، فَقَالَ: بِاللهِ أَنَا مِنهُم.

قَالَت: اللَّهُمَّ لاَ، وَلَن أُبرِئَ أَحَداً بَعدَكَ.

 عَن طَلحَةَ بنِ عَبدِ اللهِ بنِ عَوفٍ,، قَالَ:

كَانَ أَهلُ المَدِينَةِ عِيَالاً عَلَى عَبدِ الرَّحمَنِ بنِ عَوفٍ,: ثُلُثٌ يُقرِضُهُم مَالَهُ، وَثُلُثٌ يَقضِي دَينَهُم، وَيَصِلُ ثُلثاً.

 

مناقبه و فضله :

 

وَبِكُلِّ حَالٍ,، فَلَو تَأَخَّرَ عَبدُ الرَّحمَنِ عَن رِفَاقِهِ لِلحِسَابِ وَدَخَلَ الجَنَّةَ حَبواً عَلَى سَبِيلِ الاستِعَارَةِ، وَضَربِ المَثَلِ، فَإِنَّ مَنزِلَتَهُ فِي الجَنَّةِ لَيسَت بِدُونِ مَنزِلَةِ عَلِيٍّ, وَالزٌّبَيرِ -رَضِيَ اللهُ عَنِ الكُلِّ-.

وَمِن مَنَاقِبِهِ: أَنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- شَهِدَ لَهُ بِالجَنَّةِ، وَأَنَّهُ مِن أَهلِ بَدرٍ, الَّذِينَ قِيلَ لَهُم: (اعمَلُوا مَا شِئتُم).

وَمِن أَهلِ هَذِهِ الآيَةِ: {لَقَد رَضِيَ اللهُ عَنِ المُؤمِنِينَ إِذ يُبَايِعُونَكَ تَحتَ الشَّجَرَةِ}

 

وَقَد صَلَّى رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- وَرَاءهُ.

في غزوة تبوك صلَّى رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم خلف عبد الرحمن بن عوف صلاة الفجر أدرك معه الركعة الثَّانية منها، وذلك أنَّ رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم ذهب يتوضأ، ومعه المغيرة بن شعبة فأبطأ على النَّاس، فأقيمت الصَّلاة، فتقدَّم عبد الرحمن بن عوف، فلمَّا سلَّم النَّاس أعظموا ما وقع.

فقال لهم رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((أحسنتم وأصبتم)).

و قد كان رضى الله عنه دائم الانفاق فى سبيل الله

عَن قَتَادَةَ: فى شرح الآية {الَّذِينَ يَلمِزُونَ المُطَّوِّعِينَ}.

قَالَ: تَصَدَّقَ عَبدُ الرَّحمَنِ بنُ عَوفٍ, بِشَطرِ مَالِهِ، أَربَعَةِ آلاَفِ دِينَارٍ,.

فَقَالَ أُنَاسٌ مِنَ المُنَافِقِينَ: إِنَّ عَبدَ الرَّحمَنِ لَعَظِيمُ الرِّيَاءِ.

تَصَدَّقَ ابنُ عَوفٍ, عَلَى عَهدِ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- بِشَطرِ مَالِهِ أَربَعَةِ آلاَفٍ,، ثُمَّ تَصَدَّقَ بِأَربَعِينَ أَلفِ دِينَارٍ,، وَحَمَلَ عَلَى خَمسِ مَائَةِ فَرَسٍ, فِي سَبِيلِ اللهِ، ثُمَّ حَمَلَ عَلَى خَمسِ مَائَةِ رَاحِلَةٍ, فِي سَبِيلِ اللهِ، وَكَانَ عَامَّةُ مَالِهِ مِنَ التِّجَارَةِ.

عَن طَلحَةَ بنِ عَبدِ اللهِ بنِ عَوفٍ,، قَالَ:

كَانَ أَهلُ المَدِينَةِ عِيَالاً عَلَى عَبدِ الرَّحمَنِ بنِ عَوفٍ,: ثُلُثٌ يُقرِضُهُم مَالَهُ، وَثُلُثٌ يَقضِي دَينَهُم، وَيَصِلُ ثُلثاً.

و قد كان رضى الله عنه لين الجانب حلو المعشر

 عَن أَبِي هُرَيرَةَ، قَالَ:

كَانَ بَينَ خَالِدٍ, وَعَبدِ الرَّحمَنِ بنِ عَوفٍ, شَيءٌ.

فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: (دَعُوا لِي أَصحَابِي، أَو أُصَيحَابِي، فَإِنَّ أَحَدَكُم لَو أَنفَقَ مِثلَ أُحِدٍ, ذَهَباً لَم يُدرِك مُدَّ أَحَدِهِم وَلاَ نَصِيفَهُ).

شَكَا عَبدُ الرَّحمَنِ بنُ عَوفٍ, خَالِداً إِلَى رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-.

فَقَالَ: (يَا خَالِدُ! لاَ تُؤذِ رَجُلاً مِن أَهلِ بَدرٍ,، فَلَو أَنفَقتَ مِثلَ أُحُدٍ, ذَهَباً لَم تُدرِك عَمَلَهُ).

قَالَ: يَقَعُونَ فِيَّ، فَأَرُدٌّ عَلَيهِم.

فَقَالَ النَّبِيٌّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: (لاَ تُؤذُوا خَالِداً، فَإِنَّهُ سَيفٌ مِن سُيُوفِ اللهِ، صَبَّهُ اللهُ عَلَى الكُفَّارِ).

 روى انه كَانَ بَينَ طَلحَةَ وَابنِ عَوفٍ, تَبَاعُدٌ، فَمَرِضَ طَلحَةُ، فَجَاءَ عَبدُ الرَّحمَنِ يَعُودُهُ.

فَقَالَ طَلحَةُ: أَنتَ -وَاللهِ- يَا أَخِي خَيرٌ مِنِّي.

قَالَ: لاَ تَفعَل يَا أَخِي!

قَالَ: بَلَى -وَاللهِ- لأَنَّكَ لَو مَرِضتَ مَا عُدتُكَ

عَن عَبدِ الرَّحمَنِ بنِ عَبدِ اللهِ بنِ مُجَمِّعٍ,: أَنَّ عُمَرَ قَالَ لأُمِّ كُلثُومٍ, بِنتِ عُقبَةَ، امرَأَةِ عَبدِ الرَّحمَنِ بنِ عَوفٍ,:

أَقَالَ لَكِ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: (انكِحِي سَيِّدَ المُسلِمِينَ عَبدَ الرَّحمَنِ بنَ عَوفٍ,؟).

قَالَت: نَعم.

وقد كان رضى الله عنه متواضعا زاهدا فى الدنيا

عَن سَعدِ بنِ الحَسَنِ، قَالَ:

كَانَ عَبدُ الرَّحمَنِ بنِ عَوفٍ, لاَ يُعرَفُ مِن بَينِ عَبِيدِهِ.

و روى أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- أَعطَى رَهطاً فِيهِم عَبدُ الرَّحمَنِ بنُ عَوفٍ,، فَلَم يُعطِهِ، فَخَرَجَ يَبكِي.

فَلَقِيَهُ عُمَرُ، فَقَالَ: مَا يُبكِيكَ؟

فَذَكَرَ لَهُ، وَقَالَ: أَخشَى أَن يَكُونَ مَنَعَهُ مَوجِدَةٌ وَجَدَهَا عَلَيَّ.

فَأَبلَغَ عُمَرُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ: (لَكِنِّي وَكَلتُهُ إِلَى إِيمَانِهِ).

 

رعايته لأمهات المؤمنين :

 عَن أَبِي سَلَمَةَ، عَن أَبِي هُرَيرَةَ:

أَنَّ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: (خِيَارُكُم خِيَارُكُم لِنِسَائِي).

فَأَوصَى لَهُنَّ عَبدُ الرَّحمَنِ بِحَدِيقَةٍ, قُوِّمَت بِأَربَعِ مَائَةِ أَلفٍ,.

 

و روى أَنَّ عَبدَ الرَّحمَنِ بَاعَ أَرضاً لَهُ مِن عُثمَانَ بِأَربَعِينَ أَلفَ دِينَارٍ,، فَقَسَمَهُ فِي فُقَرَاءِ بَنِي زُهرَةَ، وَفِي المُهَاجِرِينَ، وَأُمَّهَاتِ المُؤمِنِينَ.

قَالَ المِسوَرُ: فَأَتَيتُ عَائِشَةَ بِنَصِيبَهَا، فَقَالَت: مَن أَرسَلَ بِهَذَا؟

قُلتُ: عَبدُ الرَّحمَنِ.

قَالَت: أَمَا إِنِّي سَمِعتُ رَسُولَ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- يَقُولُ: (لاَ يَحنُو عَلَيكُنَّ بَعدِي إِلاَّ الصَّابِرُونَ)، سَقَى اللهُ ابنَ عَوفٍ, مِن سَلسَبِيلِ الجَنَّةِ.

 عَن أَبِي سَلَمَةَ، عَن عَائِشَةَ، قَالَت:

جَمَعَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- نِسَاءهُ فِي مَرَضِهِ، فَقَالَ: (سَيَحفَظُنِي فِيكُنَّ الصَّابِرُونَ الصَّادِقُونَ).

 الشورى :

 كان عبد الرحمن بن عوف من الستة أصحاب الشورى الذين جعل عمر الخلافة لهم من بعده قائلا :( لقد توفي رسول الله وهو عنهم راض )

وَمِن أَفضَلِ أَعمَالِ عَبدِ الرَّحمَنِ عَزلُهُ نَفسَهُ مِنَ الأَمرِ وَقتَ الشٌّورَى، وَاختِيَارُهُ لِلأُمَّةِ مَن أَشَارَ بِهِ أَهلُ الحِلِّ وَالعَقدِ، فَنَهَضَ فِي ذَلِكَ أَتَمَّ نُهُوضٍ, عَلَى جَمعِ الأُمَّةِ عَلَى عُثمَانَ، وَلَو كَانَ مُحَابِياً فِيهَا لأَخَذَهَا لِنَفسِهِ، أَو لَوَلاَّهَا ابنَ عَمِّهِ، وَأَقرَبَ الجَمَاعَةِ إِلَيهِ، سَعدَ بنَ أَبِي وَقَّاصٍ,.

عَن سَعِيدٍ,: أَنَّ سَعدَ بنَ أَبِي وَقَّاصٍ, أَرسَلَ إِلَى عَبدِ الرَّحمَنِ رَجُلاً وَهُوَ قَائِمٌ يَخطُبُ: أَنِ ارفَع رَأسَكَ إِلَى أَمرِ النَّاسِ، أَيِ ادعُ إِلَى نَفسِكَ.

فَقَالَ عَبدُ الرَّحمَنِ: ثَكِلَتكَ أُمٌّكَ! إِنَّهُ لَن يَلِيَ هَذَا الأَمرَ أَحَدٌ بَعدَ عُمَرَ إِلاَّ لاَمَهُ النَّاسُ.

و لقد قال فى ذلك (  وَاللهِ لأَن تُؤخَذُ مِديَةٌ، فَتُوضَعُ فِي حَلقِي، ثُمَّ يُنفَذُ بِهَا إِلَى الجَانِبِ الآخَرِ، أَحَبٌّ إِلَيَّ مِن ذَلِكَ ).

وروى أَنَّ عُثمَانَ اشتَكَى رُعَافاً، فَدَعَا حُمرَانَ، فَقَالَ:

اكتُب لِعَبدِ الرَّحمَنِ العَهدَ مِن بَعدِي.

فَكَتَبَ لَهُ، وَانطَلَقَ حُمرَانُ إِلَى عَبدِ الرَّحمَنِ، فَقَالَ: البُشرَى!

قَالَ: وَمَا ذَاكَ؟

قَالَ: إِنَّ عُثمَانَ قَد كَتَبَ لَكَ العَهدَ مِن بَعدِهِ.

فَقَامَ بَينَ القَبرِ وَالمِنبَرِ، فَدَعَا، فَقَالَ: اللَّهُمَّ إِن كَانَ مِن تَولِيَةِ عُثمَانَ إِيَّايَ هَذَا الأَمرَ فَأَمِتنِي قَبلَهُ، فَلَم يَمكُث إِلاَّ سِتَّةَ أَشهُرٍ, حَتَّى قَبَضَهُ اللهُ

 وفاته :

 توفى رضى الله عنه في العام الثاني والثلاثين للهجرة - وأرادت أم المؤمنين أن تخُصَّه بشرف لم تخصّ به سواه ، فعرضت عليه أن يُدفن في حجرتها الى جوار الرسول وأبي بكر وعمر ، لكنه استحى أن يرفع نفسه الى هذا الجوار ، وطلب دفنه بجوار عثمان بن مظعون إذ تواثقا يوما أيهما مات بعد الآخر يدفن الى جوار صاحبه

وقد كان يقول :( إني أخاف أن أحبس عن أصحابي لكثرة ما كان لي من مال )

 

غُشِيَ عَلَى عَبدِ الرَّحمَنِ بنِ عَوفٍ, فِي وَجَعِهِ حَتَّى ظَنٌّوا أَنَّهُ قَد فَاضَت نَفسُهُ، حَتَّى قَامُوا مِن عِندِهِ وَجَلَّلُوهُ، فَأَفَاقَ يُكَبِّرُ، فَكَبَّرَ أَهلَ البَيتِ، ثُمَّ قَالَ لَهُم: غُشِيَ عَلَيَّ آنِفاً؟

قَالُوا: نَعَم.

قَالَ: صَدَقتُم! انطَلَقَ بِي فِي غَشيَتِي رَجُلاَنِ، أَجِدُ فِيهِمَا شِدَّةً وَفَظَاظَةً، فَقَالاَ:

انطَلِق نُحَاكِمكَ إِلَى العَزِيزِ الأَمِينِ، فَانطَلَقَا بِي حَتَّى لَقِيَا رَجُلاً.

قَالَ: أَينَ تَذهَبَانِ بِهَذَا؟

قَالاَ: نُحَاكِمُهُ إِلَى العَزِيزِ الأَمِينِ.

فَقَالَ: ارجِعَا، فَإِنَّهُ مِنَ الَّذِينَ كَتَبَ اللهُ لَهُمُ السَّعَادَةَ وَالمَغفِرَةَ وَهُم فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِهِم، وَإِنَّهُ سَيُمَتَّعُ بِهِ بَنُوهُ إِلَى مَا شَاءَ اللهُ، فَعَاشَ بَعدَ ذَلِكَ شَهراً.  

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply