بسم الله الرحمن الرحيم
1- مرض القلب:
قال الله - تعالى -: {فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكذِبُونَ} [البقرة: 10].
قال الطبري: \"معنى قول الله جل ثناؤه: {فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ} إنما يعني: في اعتقاد قلوبهم الذي يعتقدونه في الدين والتصديق بمحمد - صلى الله عليه وسلم - وبما جاء به من عند الله مرض وسقم، فاجتزأ بدلالة الخبر عن قلوبهم على معناه عن تصريح الخبر عن اعتقادهم. والمرض الذي ذكر الله جل ثناؤه أنه في اعتقاد قلوبهم الذي وصفناه هو شكّهم في أمر محمد وما جاء به من عند الله وتحيّرهم فيه، فلا هم به موقنون إيقانَ إيمان، ولا هم له منكرون إنكار إشراك، ولكنهم كما وصفهم الله - عز وجل - مذبذبون بين ذلك، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء، كما يقال: فلان يُمَرِّضُ في هذا الأمر، أي: يُضَعِّف العزمَ ولا يصحّح الروِيَّة فيه\"[1].
قال ابن القيم: \"قد نهكت أمراضُ الشّبهات والشهوات قلوبهم فأهلكتها، وغلبت القصودَ السيئة على إراداتهم ونياتهم فأفسدتها، ففسادهم قد ترامى إلى الهلاك، فعجز عنه الأطبّاء العارفون، {فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضًا وَلَهُم عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكذِبُونَ}\"([2]).
2- الطمع الشهواني:
قال الله - تعالى -: {فَلا تَخضَعنَ بِالقَولِ فَيَطمَعَ الَّذِي فِي قَلبِهِ مَرَض} [الأحزاب: 32].
قال الطبري: \"فيطمع الذي في قلبه ضعف، فهو لضعف إيمانه في قلبه، إما شاكّ في الإسلام منافق، فهو لذلك من أمره يستخفّ بحدود الله، وإما متهاون بإتيان الفواحش\"[3].
3- الزيغ بالشبه:
قال الله - تعالى -: {لِيَجعَلَ مَا يُلقِي الشَّيطَانُ فِتنَةً لِلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَرَضٌ وَالقَاسِيَةِ قُلُوبُهُم وَإِنَّ الظَّالِمِينَ لَفِي شِقَاقٍ, بَعِيدٍ,} [الحج: 53].
قال الطبري: \"يقول: اختبارا يختبر به الذين في قلوبهم مرض من النفاق، وذلك الشكّ في صدق رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وحقيقة ما يخبرهم به\"[4].
4- التكبّر والاستكبار:
قال الله - تعالى -: {وَإِذَا قِيلَ لَهُم تَعَالَوا يَستَغفِر لَكُم رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوا رُؤُوسَهُم وَرَأَيتَهُم يَصُدٌّونَ وَهُم مُستَكبِرُونَ} [المنافقون: 5].
قال ابن كثير: \"يقول - تعالى - مخبِرا عن المنافقين عليهم لعائن الله أنهم إذا قيل لهم: {إِذَا قِيلَ لَهُم تَعَالَوا يَستَغفِر لَكُم رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوا رُؤُوسَهُم} أي: صدّوا واعرضوا عمّا قيل لهم استكبارا عن ذلك، واحتقارا لما قيل، ولهذا قال - تعالى -: {وَرَأَيتَهُم يَصُدٌّونَ وَهُم مُستَكبِرُونَ}. ثم جازاهم على ذلك فقال - تعالى -: {سَوَاءٌ عَلَيهِم أَستَغفَرتَ لَهُم أَم لَم تَستَغفِر لَهُم لَن يَّغفِرَ اللهُ لَهُم إِنَّ اللهَ لاَ يَهدِي القَومَ الفَاسِقِينَ}\"[5].
5- الاستهزاء بآيات الله والجلوس إلى المستهزئين بآيات الله:
قال الله - تعالى -: {يَحذَرُ المُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيهِم سُورَةٌ تُنَبِّئُهُم بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ استَهزِئُوا إِنَّ اللَّهَ مُخرِجٌ مَا تَحذَرُونَ} [التوبة: 64].
قال الطبري: \"يقول - تعالى - ذكره: يخشى المنافقون أن تنزل فيهم سورة تنبئهم بما في قلوبهم، يقول: تظهر المؤمنين على ما في قلوبهم. وقيل: إن الله أنزل هذه الآية على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لأن المنافقين كانوا إذا عابوا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وذكروا شيئا من أمره وأمر المسلمين قالوا: لعلّ الله لا يفشي سرّنا، فقال الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم -: قل لهم: {استَهزِئُوا}، متهدِّدا لهم متوعّدا، {إِنَّ اللَّهَ مُخرِجٌ مَا تَحذَرُونَ}\"[6].
وقال الله - تعالى -: {وَقَد نَزَّلَ عَلَيكُم فِي الكِتَابِ أَن إِذَا سَمِعتُم آيَاتِ اللَّهِ يُكفَرُ بِهَا وَيُستَهزَأُ بِهَا فَلا تَقعُدُوا مَعَهُم حَتّ
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد