بسم الله والحمد لله والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين
محمد وعلى أله وصحبه أجمعين
أما بعد...
الغل و الحقد... الحسد.... سوء الظن بالآخرين... وغيرها من الآفات المهلكة... لهى من أخطر الأمراض التي يبتلى بها الإنسان لأنها تهدد بتدمير العلاقات مع أرق الأقرباء والأصدقاء.. وتمتد لتحرق علاقاته الاجتماعية بصفة عامة ليكتوي بنارها قبل أن تصل أخطارها على المجتمع بأسره..
لكن لماذا تتمكن هذه الأمراض والتي حذر منها الإسلام من نفوس البعض؟
وما هي الآثار المترتبة بالنسبة لهذه الأمراض على مستوى الفرد والمجتمع؟
وما هو العلاج الأمثل لها؟
إخواني وأخواتي في الله...
جاء الإسلام ليخلص البشرية من أدران الجاهلية وأمراضها، ويقوم السلوك الإنساني ضد أي اعوجاج أو انحراف عن الفطرة السوية، ويقدم العلاج الشافي لأمراض الإنسان في كل العصور القديم منها والحديث، وهو علاج تقبله كل نفس سوية، ولا ترفضه إلا نفوس معاندة مكابرة، جاهلة، أضلها هوى، أو متعة زائلة. فإن أمة الإسلام أمة صفاء ونقاء في العقيدة والعبادات والمعاملات فنسال الله - تعالى -أن يصلح قلوبنا وأعمالنا.
الحـقد و الغــــل
فاعلم رحمك الله أن الغيظ إذا كظم لعجز عن التشفي في الحال رجع إلى الباطن فاحتقن فيه فصار حقدا وعلامته دوام بغض الشخص واستثقاله والنفور منه فالحقد ثمرة الغضب والحسد من نتائج الحقد وقد نهى النبي - صلى الله عليه وسلم - عما يوغر الصدور ويبعث على الفرقة والشحناء فقال - صلى الله عليه وسلم - {لا تباغضوا ولا تحاسدوا ولا تدابروا ولا تقاطعوا وكونوا عباد الله إخواناً، ولا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاث} [رواه مسلم].
وقال - عليه الصلاة والسلام - حاثاً على المحبة والألفة: {والذي نفسي بيده لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا.. } [رواه مسلم] وعندما سُئل النبي - صلى الله عليه وسلم - أي الناس أفضل؟ قال: {كل مخموم القلب صدوق اللسان} قالوا: صدوق اللسان نعرفه فما مخموم القلب؟ قال: {هو التقي النقي، لا إثم فيه ولا بغي ولا غل ولا حسد} [رواه ابن ماجه]
وسلامة الصدر نعمة من النعم التي توهب لأهل الجنة حينما يدخلونها: ((وَنَزَعنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّن غِلٍّ, إِخوَاناً عَلَى سُرُرٍ, مٌّتَقَابِلِينَ)) [الحجر: 47] وإنها راحة في الدنيا وغنيمة في الآخرة وهي من أسباب دخول الجنة كما في حديث النبي - صلى الله عليه وسلم -، فعن أنس بن مالك - رضي الله عنه - قال: (كنا جلوساً مع الرسول النبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: {يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة}، فطلع رجل من الأنصار تنطف لحيته من وضوئه قد تعلق نعليه في يده الشمال فلما كان الغد قال النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل ذلك فطلع ذلك الرجل مثل المرة الأولى، فلما كان اليوم الثالث قال النبي - صلى الله عليه وسلم - مثل مقالته أيضاً فطلع ذلك الرجل على مثل حاله الأولى، فلما قام النبي - صلى الله عليه وسلم - تبعه عبد الله بن عمرو بن العاص فقال: إني لاحيت أبي فأقسمت ألا أدخل عليه ثلاثاً، فإن رأيت أن تؤويني إليك حتى تمضي فعلت فقال: نعم، قال أنس: وكان عبد الله يحدث أنه بات معه تلك الليالي الثلاث فلم يره يقوم من الليل شيئاَ غير أنه إذا تعار وتقلب على فراشه ذكر الله - عز وجل - وكبر حتى يقوم لصلاة الفجر، قال عبد الله غير أني لم أسمعه يقول إلا خيراً فلما مضت الثلاث ليال وكدت أن أحتقر عمله قلت: يا عبد الله إني لم يكن بيني وبين أبي غضب ولا هجر، ولكن سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول لك ثلاث مرار يطلع عليكم الآن رجل من أهل الجنة فطلعت أنت الثلاث مرار فأردت أن أوي إليك لأنظر ما عملك فأقتدي به فلم أرك تعمل كثير عمل، فما الذي بلغ بك ما قال رسول الله فقال: ما هو إلا ما رأيت غير أني لا أجد في نفسي لأحد من المسلمين غشاً ولا أحسد أحداً على خير أعطاه الله إياه. فقال عبد الله: هذه التي بلغت بك وهي التي لا نطيق) [رواه الإمام أحمد.]
ما أعظمه من حديث لو تفكروا به حقا.. من منا يغمض عينيه لينام وما في قلبه شيء على أحد... ؟؟!! إلا من رحم ربي.
من أسبابه:
1- طاعة الشيطان: قال - تعالى -: ((وَقُل لِعِبَادِي يَقُولُوا الّتي هي أحسَنُ إنّ الشَيطَانَ يَنَزَغُ بَيَنَهُم إن الشَيطَانَ كَانَ للإنَسانِ عَدُوّاً مُبِيناً)) [الإسراء: 53] وقال - صلى الله عليه وسلم -: {إن الشيطان قد أيس أن يعبده المصلون في جزيرة العرب ولكن في التحريش بينهم} [رواه مسلم].
2- الغضب: فالغضب مفتاح كل شر وقد أوصى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - رجلاً بالبعد عن الغضب فقال: {لا تغضب} فرددها مراراً [رواه البخاري] فإن الغضب طريق إلى التهكم بالناس والسخرية منهم وبخس حقوقهم وإيذائهم وغير ذلك مما يولد البغضاء والفرقة.
3- النميمة: وهي من أسباب الشحناء وطريق إلى القطيعة والتنافر ووسيلة إلى الوشاية بين الناس وإفساد قلوبهم، قال - تعالى -ذاما أهل هذه الخصلة الذميمة: ((هَمَّازٍ, مَّشَّاء بِنَمِيمٍ,)) [القلم: 11] وقال - صلى الله عليه وسلم -: {لا يدخل الجنة فتان} وهو النمام.
4- التنافس على الدنيا: خاصة في هذا الزمن حيث كثر هذا الأمر واسودت القلوب، فهذا يحقد على زميلة لأنه نال رتبة أعلى، وتلك تغار من أختها لأنها حصلت على ترقية وظيفية، والأمر دون ذلك فكل ذلك إلى زوال.
وما هي إلا جيفة مستحيلة *** عليها كلاب همهن اجتذابها
فإن تجتنبها كنت سلماً لأهلها *** وإن تجتذبها نازعتك كلابها
5- كثرة المزاح: فإن كثيره يورث الضغينة ويجر إلى القبيح والمزاح كالملح للطعام قليله يكفي وإن كثر أفسد وأهلك. وهناك أسباب أخرى غير هذه.
ما هو العلاج يا ترى؟
أولاً: الإخلاص:
عن زيد بن ثابت - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ثلاث لا يغل عليهن قلب مؤمن: إخلاص العمل، ومناصحة ولاة الأمر، ولزوم جماعة المسلمين فإن دعوتهم تحيط من ورائهم)) [رواه أحمد وابن ماجه].
ومن المعلوم أن من أخلص دينه لله - عز وجل - فلن يحمل في نفسه تجاه إخوانه المسلمين إلا المحبة الصادقة، وعندها سيفرح إذا أصابتهم حسنة، وسيحزن إذا أصابتهم مصيبةº سواءً كان ذلك في أمور الدنيا أو الآخرة.
ثانياً: رضا العبد عن ربه وامتلاء قلبه به:
قال ابن القيم - رحمه الله - في الرضا: (إنه يفتح للعبد باب السلامة، فيجعل قلبه نقياً من الغش والدغل والغل، ولا ينجو من عذاب الله إلا من أتى الله بقلب سليم، كذلك وتستحيل سلامة القلب مع السخط وعدم الرضا، وكلما كان العبد أشد رضاً كان قلبه أسلم، فالخبث والدغل والغش: قرين السخط، وسلامة القلب وبره ونصحه: قرين الرضا)
ثالثاً: قراءة القرآن وتدبره:
فهو دواء لكل داء، والمحروم من لم يتداو بكتاب الله، قال - تعالى -: ((قُل هُوَ لِلذِينَ ءَامَنُوا هُدىً وشفاء)) [فصلت: 44]، وقال: ((وَنُنَزِلُ مِنَ القُرءَانِ مَا هُوَ شفاء وَرَحمَةٌ لِلمُؤمِنِينَ وَلاَ يَزِيدُ الظّالمِينَ إلا خَسَاراً)) [الإسراء: 82]. قال ابن القيم - رحمه الله -: (والصحيح أن \"من\" ها هنا لبيان الجنس لا للتبعيض) وقال - تعالى -: ((يأيها النّاسُ قَد جَآءَتكُم مَوعِظَةٌ مِن رَبِكُم وَشِفَآءٌ لِمَا فيِ الصُدُورِ)) [يونس: 57] فالقرآن هو الشفاء التام من جميع الأدواء القلبية والبدنية وأدواء الدنيا والآخرة.
رابعاً: تذكر الحساب والعقاب:
الذي ينال من يُؤذي المسلمين من جراء خُبث نفسه وسوء طويته من الحقد والحسد والغيبة والنميمة والاستهزاء وغيرها.
خامساً: الدعاء:
فيدعو العبد ربه دائماً أن يجعل قلبه سليماً على إخوانه، وأن يدعوا لهم أيضاً، فهذا دأب الصالحين، قال - تعالى -: ((وَالذِّينَ جَآءُو مِن بَعدِهِم يَقُولُونَ رَبَنَا اغفِر لَنَا وَلإخوَانِنَا الّذِينَ سَبَقُونَا بِالإيمَانِ وَلاَ تَجعَل في قُلُوبِنَا غِلاً لِلّذِينَ ءَامَنُوا رَبَنَا إنّكَ رَءُوفٌ رّحِيم)) [الحشر: 10]
سادساً: الصدقة:
فهي تطهر القلب، وتُزكي النفس، ولذلك قال الله - تعالى -لنبيه - عليه الصلاة والسلام -: ((خُذّ مِن أموالِهم صَدَقَةً تُطَهِرُهُم وَتُزَكِيِهِم بِهَا)) [التوبة: 103]
وقد قال النبي - عليه الصلاة والسلام -: {داووا مرضاكم بالصدقة} [صحيح الجامع]. وإن أحق المرضى بالمداواة مرضى القلوب، وأحق القلوب بذلك قلبك الذي بين جنبيك.
سابعاً: تذكر أن من تنفث عليه سُمُومك، وتناله بسهامك هو أخ مُسلم:
ليس يهودياً ولا نصرانياً بل يجمعك به رابطة الإسلام. فلِمَ توجه الأذى نحوه.
ثامناً: إفشاء السلام:
عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {والذي نفسي بيده، لا تدخلوا الجنة حتى تؤمنوا، ولا تؤمنوا حتى تحابوا، أولا أدلكم على شيء إذا فعلتموه تحاببتم؟ افشوا السلام بينكم} [رواه الإمام مسلم]
قال ابن عبد البر - رحمه الله -: (في هذا دليل على فضل السلام لما فيه من رفع التباغض وتوريث الود. )
تاسعاً: ترك كثرة السؤال وتتبع أحوال الناس:
امتثالاً لقول النبي - صلى الله عليه وسلم -: {من حسن إسلام المرء تركه مالا يعنيه} [رواه الترمذي].
عاشراً: محبة الخير للمسلمين:
لقوله - عليه الصلاة والسلام -: {والذي نفسي بيده لا يؤمن عبد حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه} [رواه البخاري ومسلم. ]
الحادي عشر: عدم الاستماع للغيبة والنميمة:
حتى يبقى قلب الإنسان سليماً: قال - صلى الله عليه وسلم -: {لا يبلغني أحد عن أحد من أصحابي شيئاً، فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم الصدر} [رواه أحمد] والكثير اليوم يلقي بكلمة أو كلمتين توغر الصدور خاصة في مجتمع النساء وفي أوساط البيوت من الزوجات أو غيرهن.
الثاني عشر: إصلاح القلب ومداومة علاجه:
قال - صلى الله عليه وسلم -: {ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب} [رواه البخاري ومسلم. ]
الثالث عشر: السعي في إصلاح ذات البين:
قال - تعالى -: ((فَاتَقُوا اللّهَ وَأصلِحُوا ذَاتَ بَينِكُم)) [الأنفال: 8] قال ابن عباس - رضي الله عنه -: (هذا تحريم من الله ورسوله أن يتقوا ويصلحوا ذات بينهم. )
وقال - عليه الصلاة والسلام -: {ألا أخبركم بأفضل من درجة الصيام والصلاة والصدقة؟} قالوا: بلى. قال: {إصلاح ذات البين} [رواه أبو داود. ]
جعل الله قلوبنا سليمة لا تحمل حقداً ولا غلاً على المسلمين،
اللهم آمين
سوء الظن:
سوء الظن سلوك ذميم، ومنهج سيئ، ومرض خطير يضر بالشخص نفسه، ومن يتصل بهم بعلاقة اجتماعية، أو تربطه بهم علاقة عمل ونحو ذلك.
وحقيقة سوء الظن: أن المرء يتصور في الناس أشياء ليست فيهم صورها له شيطانه، وهواه فليس معه دليل قاطع وبرهان ساطع واضح يدل على ما وقع في نفسه من ظنون، ولكنه أقنع نفسه بهذا الشيء الذي ظنه، ثم بنى على ذلك أموراً أخرى فاستسلم لهذا الظن أولاً، ثم بنى سائر تعاملاته عليه.
ولا ريب أن هذا أمر محرم، والله - سبحانه وتعالى - نهى عن الظن، وطالبنا باجتناب الكثير من الظن لأن بعض الظن إثم، يقول الله - تعالى -: {يَا أَيٌّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجتَنِبُوا كَثِيرًا مِّنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعضَ الظَّنِّ إِثمٌ}، ولأن البعض إثم حرَّم الله الكثير، وما ذاك إلا لأن الظن مزلق يهوي بصاحبه إلى مهاوي الردى، ويقربه من كل شر، والرسول - صلى الله عليه وسلم - حذر من ذلك فعن أبي هريرة، - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (إياكم والظن فإن الظن أكذب الحديث) متفق عليه، فالجدير بالمسلم أن يربأ بنفسه عن الظن، وأن يتعامل مع الناس وفق ما يرى، ويسمع، وحسبه ذلك.
أما أسباب تمكن هذا السلوك البغيض من البعض فهي كثيرة، ولعل من أبرزها:
ضعف الإيمان
وقلة الخوف من الله - عز وجل -
فذلك دافع لظلم الناس، والظن ضرب من ضروب الظلم، وقد يكون مرده لأسباب نفسية كعدم إحساس المرء بالثقة في نفسه، وشعوره أنه أقل من غيره، وإحساسه أن هناك من يكيد له، أو يرغب في الانتقام منه، أو إقصائه وهكذا، إضافة إلى ذلك وجود خلل في أفعال سيئ الظن بنفسه، فالذي يسرق قد يظن أن الناس كلهم مثله سراق، والشاب الذي يعاكس الفتيات يظن دائماً أن أي شاب يراه هو مثله بنفس الأفعال، بل يرى أخته مثل تلك الفتاة التي يعاكسها وهكذا، وكما جاء في الأثر (كاد المريب أن يقول خذوني) فمن دافع تصرفاته، وخداعه للناس أو الاحتيال عليهم يتصور أنهم سيعملون مثل عمله سواءً من فعل معهم ذلك السلوك، أو غيرهم فهو شعور تولد نتيجة سوء أفعاله.
ولا ريب أن لهذا المرض المشين آثاره السيئة على المرء في نفسه على أخلاقه، وعلى نفسيته، وعلى عطاءاته فلن يثق بأحد، ولن يصدق أحد، ولن يتعايش مع أحد، يخيل إليه أن الكل يخدعه، والكل يكرهه، والكل يحاربه، فلا يألف أحداً، ولا يثق بأحد، بل يؤثر عيشة الوحدة، والعزلة، ويكون انطوائياً منبوذاً في مجتمعه، وهذا سينعكس سلباً على علاقته بالآخرين سواء أقاربه من زوجته وأولاده، أو الأباعد، أو من يتعامل معهم في مقر عمله، أو تجارته، ونحو ذلك فإن الناس إذا عرفوا هذا السلوك منه أبغضوه، وكرهوه وكرهوا التعامل معه بل يحمدون الله أن عافاهم من حاله ولا نسأل بعد ذلك عن واقع من ابتلي بهذا الداء في بيته، وما يحصل له من مشكلات مع زوجته وأولاده ربما تصل إلى الطلاق وتمزق الأسرة، فسوء الظن سيفسد عليه حياته الأسرية غالباً وسائل علاج هذا الداء:
أولاً: يجب على المرء أن يدرك خطر هذا الداء، وأنه معصية لله - عز وجل - وذنب عظيم يجره إلى ذنوب أخرى، فعلى المرء أن يتقي الله - عز وجل -، وأن يعرف خطر هذا المرض وما يثمر من ذنوب، وآثام.
ثانياً: أن يستبدل هذا بما هو خير، فيظن دائماً بإخوانه الظن الحسن فيغلق جميع الأبواب على الشيطان، وليذكر سلوك أصحاب محمد - صلى الله عليه وسلم -.. في حادثة الإفك التي اتهمت فيها عائشة -رضي الله عنها- فلما سأل الرسول - صلى الله عليه وسلم - زيد بن حارثة قال: (أهلك يا رسول الله وما علمنا عليهم إلا خيراً) نتيجة إحسانه الظن بعائشة، وكذلك زوج النبي - صلى الله عليه وسلم - زينب بنت جحش لما سألها النبي - صلى الله عليه وسلم - عن عائشة وما قيل فيها مع أنها ضرة لها قالت: احفظ سمعي ولساني والله لا أقول إلا خيراً، أو كلمة نحوها لأنها أحسنت الظن بأم المؤمنين عائشة، وأثر عن عمر -رضي الله عنه- أنه قال: لا تظن سوءًا بأخيك لكلمة قالها وأنت تجد له في الخير محملا، أو كما قال -رضي الله عنه- فكان منهجهم مبنياً على إحسان الظن بالناس.
ثالثاً: على الإنسان أن يكل الأمر إلى الله وعمل ما فيه صلاح دينه ودنياه {وَمَن يَتَوَكَّل عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسبُهُ} أي كافيه.
رابعاً: الا يستسلم المسلم للظنون فإنها من إزاء الشيطان ولو استسلم المرء لما يلقيه الشيطان في نفسه من ظنون لأفسد عليه عبادته ودينه وسلوكه ولأفسد عليه دنياه وآخرته.
خامساً: العلم بأن هذا المرض علاجه يكون بالصبر والمصابرة وإطراح الشكوك واحتساب الأجور. بإذن الله
سادساً: قطع الصلة بكل من يورث لدى الإنسان هذا السلوك المشين، ليعلم أنه رفيق سوء مرشد إلى سوء وأنه كاذب غير صادق، وأنه غاش ليس ناصح.
الحســـــــد
{وَدَّ كَثِيرٌ مِّن أَهلِ الكِتَابِ لَو يَرُدٌّونَكُم مِّن بَعدِ إِيمَانِكُم كُفَّاراً حَسَداً مِّن عِندِ أَنفُسِهِم مِّن بَعدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الحَقٌّ فَاعفُوا وَاصفَحُوا حَتَّى يَأتِيَ اللّهُ بِأَمرِهِ إِنَّ اللّهَ عَلَى كُلِّ شَيءٍ, قَدِيرٌ}البقرة109
{أَم يَحسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللّهُ مِن فَضلِهِ فَقَد آتَينَا آلَ إِبرَاهِيمَ الكِتَابَ وَالحِكمَةَ وَآتَينَاهُم مٌّلكاً عَظِيماً}النساء54
الحسد و حقيقته:
قالت طائفة من الناس: إنّ الحسد هو تمني زوال النعمة عن المحسود، وإن لم يصر للحاسد مثلها. بخلاف الغبطة فإنها تمني مثلها من غير حب زوالها عن المغبوط. والتحقيق أن الحسد هو البغض والكراهة لما يراه من حسن حال المحسود. وهو نوعان:
أحدهما كراهة للنعمة عليه مطلقاً فهذا هو الحسد المذموم وإذا أبغض ذلك فإنه يتألم ويتأذى بوجود ما يبغضه فيكون ذلك مرضاً في قلبه، ويلتذ بزوال النعمة عنه وإن لم يحصل له نفع بزوالها.
والنوع الثاني: أن يكره فضل ذلك الشخص عليه فيحب أن يكون مثله أو أفضل منه فهذا حسد وهو الذي سموه الغبطة وقد سماه النبي - صلى الله عليه وسلم - حسداً في الحديث المتفق عليه من حديث ابن مسعود وابن عمر - رضي الله عنهما - قال: (لا حسد إلا في اثنتين رجل آتاه الله الحكمة فهو يقضي بها ويعلمها، ورجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته في الحق). ورواه البخاري من حديث أبي هريرة ولفظه(لا حسد إلا
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد