لمحة تاريخية:
تحدثت المراجع التاريخية العربية الرئيسة عن ظهور الديانة اليهودية في اليمن، وبعضها خلط بين بعض الحقائق وبعض الأساطير، وباعتمادنا على الكتابات اليمنية القديمة (نقوش المسند) التي كان يدونها اليمنيون قبل الإسلام وقبل ميلاد المسيح من الألف الأول قبل الميلاد قد يصبح لدينا معرفة بهذه القضية أكثر حتى مما كان لدى المؤرخين القدماء على اعتبار أن نقوش المسند لم تكن معروفة لديهم.
وقد بدأت آثار الرسالتين السماويتين اليهودية والمسيحية تظهر من القرن الرابع غير أنها لم تصبح ديانة رسمية للملوك إلا من سنة 370م، إذ كان في حكم اليمن ملك يكرب (يوهئمن) تظهر نقوشه الموحدة يقول: \" الرحمن الذي خلق نفسه الرحمن رب السموت والأرض\" وليس فيها ما يدل على أنه يهودي أو معتنق الديانة اليهودية أو المسيحية، أما بعض قادته ورجال حربه وبعض وزرائه فقد كان واضحاً في نقوشهم أنهم متأثرون بالديانة اليهودية، فهم يقولون مثلاً وشعبهم: \" يزرائيل \" أو يقولون: \" إله يهود \" كما أوضح ذلك الأستاذ مطهر الإرياني الذي عمل في الآثار وصاحب كتاب (نقوش مسندية وتعليقات)، وهو يشير إلى أن يهود اليمن هم السكان المحليين الأصليين بأغلبهم في هذه البلاد، وإن كان المؤرخون العرب يشيرون إلى هذه النقطة، ويقولون: إن أبا كريب أسعد الكامل قام بجولة في الجزيرة العربية، والتقى بالمدينة \"يثرب\" ببعض الأحبار من اليهود فاصطحبهم معه إلى اليمن وتأثر بالديانة اليهودية، وأتاح لهم فرصة التبشير بها..
تحدثت المراجع التاريخية العربية الرئيسة عن ظهور الديانة اليهودية في اليمن وبعضها خلط بين بعض الحقائق وبعض الأساطير
وفي المرحلة التي تلته جاء تدخل خارجي روماني حبشي ونصبو على اليمن ملكاً مسيحياً في عاصمة المملكة ظفار اسمه (معد يكرب يصغر) دعمه الرومان والأحباش وأمدوه بالقساوسة والرهبان.
ولما كان اليمنيون يأنفون التدخل الخارجي في شأنهم فقد جاؤوا بملك من الأسرة الحاكمة السابقة من أولاد أبي كريب أسعد وثاروا على (معد يكرب يصغر)، وهاجموا العاصمة \" ظفار\"، وقتلوا الجالية الحبشية، وأعلن الملك اعتناق الديانة اليهودية لمواجهة أيدلوجية سماوية بأيدلوجية سماوية أخرى، وكان اختيار اليهودية بمثابة حصن دفاعي لهم..
اليهودية ومجيء الإسلام لليمن:
عندما جاء الإسلام كانت اليهودية أكثر الديانات انتشاراً في اليمن، تليها المسيحية، وبقية من الوثنية، ولذلك حين بعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مبعوثه إلى اليمن بين له أنه سيجد قوماً أهل كتاب، وبمجرد بدء الدعوة الإسلامية في اليمن أسلم أهل اليمن دون حرب، وأسلم أكثر يهود اليمن الذين كانوا منتشرين في اليمن من أقصاها إلى أقصاها وهم من أصل يمني، وليسوا يهوداً جاؤوا من الخارج، حيث إن الذين جاؤوا من الخارج مع أبي كريب أسعد أو بعده كانوا معروفين، ويسميهم اليهود أنفسهم \" الهارونيين \"، وهم الذين يتولون الطقوس والشعائر والذبح والزواج والختان وغير ذلك، وكانوا أقلية لا تتجاوز نسبتهم 10% أما الباقون فهم من اليمنيين الذين اعتنقوا الديانة اليهودية في أيام \" يوسف ذو نواس \" الذي ثار على الملك المسيحي وهدم الكنيسة كما تقول النقوش وقد كان تحول اليهود اليمنيين إلى الإسلام طواعية واقتناعاً دون إجبار أو إكراهº شأنهم شأن سائر اليمنيين اعتنقوه باختيارهم دون إرغام.
أما من بقي منهم ممن فضلوا الاحتفاظ بديانتهم اليهودية، فقد كفل لهم الإسلام حرياتهم كاملة يمارسون شعائرهم، وطقوسهم، ولا يتدخل أحد في شؤونهم متمتعين بحريتهم كاملة، وكانت الأعباء الملقاة عليهم أقل من الأعباء الملقاة على المواطنين المسلمين الآخرين، انطلاقاً من مبادئ الشريعة الإسلامية التي لم تجعل على الذمي من يعيش في ديار المسلمين إلا جزية واحدة في السنة تؤخذ على الذكور البالغين دون النساء أو الأطفال، وهي جزية رمزية يحدد مقدارها الحاكم، بينما يتحمل المسلمون أعباء الدفاع والجهاد، وعليهم فرائض الزكوات المختلفة..
أوضاع اليهود في اليمن:
وعلى مر العصور من تاريخ اعتناق اليمنيين للإسلام لم يحدث بين اليمنيين واليهود مشاكل تذكر أبداً في اليمن، إذ كان اليهود لا يشتركون في حرب ولا يشتركون في غرم ولا يدخلون في سخرة وتحميهم القبائل اليمنية التي إذا ما مس يهودي يعيش في كنفها من الممكن أن تقوم الحرب بسببه دفاعاً عنه، أما أعمال وأشغال اليهود فكانوا يميلون في المدن إلى الحرف والمهن اليدوية من تجارة وحدادة ومشغولات فضية وذهبية والأعمال والصناعات الجلدية، وفي الأرياف كانوا يعملون إضافة إلى ما سبق في الزراعة والفلاحة ويملكون الأراضي، ولكنهم عموماً يميلون إلى التجارة،
ولا يميز اليهود اليمنيون عن غيرهم من المسلمين في الشكل سوى خصال من الشعر تتدلى على جانبي الوجه، وعدم حملهم المجوهرات الذهبية والفضية و الخنجر اليمني الشهيرº مع أنهم أمهر من يصنعها جميعاً في اليمن.
وعلى الرغم من قدم قضية اليهود في اليمن كما مر معنا في السياق التاريخي كون اليهودية إحدى أقدم الديانات التي اعتنقها أهل البلاد قبل مجيء الإسلام إلا أن هذه القضية جديدة متجددةº لأن بعض يهود اليمن ممن تركوا البلاد عام 1948م ليستقروا فيما يصفونه بأرض الميعاد ما فتئوا منذ ذلك التاريخ يشيرون من حين إلى آخر وإلى هذا اليوم إلى ما يعدونه تراثاً وممتلكات لهم في هذه البلاد.
أما عن سر تركهم البلاد وجلائهم عنها عام 1948م، فيعود إلى بداية نشاط الحركة الصهيونية ومن حين حصولهم على وعد \" بلفور \" بمنحهم وطناً قومياً لهم في أرض فلسطين، إذ بدأت عناصر يهودية نشطة تأتي إلى اليمن خلسة وبشكل متخفي يدعون يهود اليمن إلى الصهيونية، وإلى قيام إسرائيل كدولة لهم في فلسطين، فيبثون الدعاية، ويرغبون يهود اليمن، و يعدونهم بأنهم سيهاجرون قريباً وسيعودون إلى أرض الآباء والأجدادº الأرض التي وهبها الله لهم حسب زعمهم، وقد كانت هذه الدعاية في ظل الاستعمار البريطاني في الجنوب والحكم الإمامي في شمال اليمن، وكل ذلك بشكل سريº إذ كانت تلك العناصر اليهودية تأتي سراً ومتنكرين بأشكال يمنية فينزلون في القرى والتجمعات اليهودية للاتصال بيهود اليمن، وكثيراً ما كانوا يقدمون أنفسهم بأنهم مسافرين ضلوا الطريق، فكانوا يطوفون في المدن لمدة طويلة، وهم يدعون أنهم ضلوا الطريق وإن كانت حريتهم أكبر في عدن بحكم النفوذ البريطاني، إذ كانوا يأتون بطريقة مكشوفة وواضحة.
وبدأ المواطن العربي المسلم في اليمن يشعر بأن هناك شيئاً ما سيحدث نظراً لتعاطفه مع الفلسطينين ومع القضية العربية، ومع ذلك فلم تجل أية حادثة ضد اليهود، اللهم إلا في عدن التي كانت مدينة مفتوحة أكثر من صنعاء، وأكثر من أي مدينة أخرى نظراً لانتشار الوعي السياسي ومتابعة المواطنين فيها للأحداث في فلسطين ومجازر وإرهاب الهاجانات وغيرها من عصابات الكتمان الصهيوني هناك، وقد تفاعل مواطنو عدن مع هذه الأحداث حتى أدى هذا التفاعل إلى قيام شبه انتفاضة شعبية ضد اليهود المقيمين في عدن كانت نتيجة لتطورات الأحداث الموجودة في فلسطين رافقها أعمال نهب وتدمير ولم تسجل حوادث قتل أو تعذيب وإيذاء، وفي الواقع لم يمس اليهود بأذى إلا في هذه الحدث الوحيد في عدن الذي لا يستبعد أن يكون مدبراً، إذ لا يقدر أحد أن يجزم بهذا الشأنº لعدم توافر الأدلة من جهة، ولعدم قيام الإدارة البريطانية بإجراء التحقيقات لإظهار الحقيقة التي يبدوا أنها كانت لا تهمهم، فظلت تصور على أنها انتفاضة من الناس اليمنيين ضد اليهود بينما لو أجرت تحقيقات دقيقة فقد يكون في الأمر مكر ومكيدة لصالح الدعاية الصهيونية لإخراج يهود اليمن وإجلائهم إلى أرض فلسطينº ليجعلوا من هذه الحادثة دافعاً وحافزاً لهم للهجرة والجلاء استجابة للدعاية الصهيونية التي كانت تشجعهم عليها آنذاك بكل الوسائل، بدليل أن اليهود حتى وهم يهاجرون من أرض اليمن كان الناس يحتشدون لتوديعهم بصدق ووفاء، بل إن في رسالة بعث بها الحاخام عوف ديا يوسف (الزعيم الروحي لحركة شاس الإسرائيلية) إلى الرئيس اليمني علي عبد الله صالح قال بوضوح: إن اليمن استقبل اليهود بصدر رحب ومودة خلال ألفي سنة عاشوا بحرية وتمتعوا بكل الحقوق.
وقد كانت موجة هجرة كبيرة سنة 1948م، إذ هاجر فيها أربعون ألف يهودي يمني حملوا على سماه الإسرائيليون بساط الريح تولتها الجمعية اليهودية الأمريكية وقبلها كانت هناك هجرات فردية وجماعية صغيرة، إذ كان عدد اليهود اليمنيين في ذلك الوقت قرابة ستين ألف نسمه في اليمن في حين أن سكان اليمن آنذاك ثلاثة ملايين نسمة.
ومع أن مسامع عدة قد جرت في كل قرية ومدينة لمحاولة إبقائهم في اليمن على الرغم من كل الجهود لجعلهم يرحلون يذكرون برابطة الأرض وتوفير الحماية والدفاع عنهم، بل إن البعض (زعماء القبائل) كانوا يعرضون عليهم الدور والمال ليبقوا إلا أن هذه المحاولات باتت بالفشل بسبب الدعاية التي كانوا قد عبثوا بها من قبل الحركة الصهيونية، والتي لاقت هوى نفوسهم إلا القلة القليلة الذين فضلوا البقاء متعلقين بالأرض وليس لديهم الحافز الديني القوي، وهم بضع مئات لا يتجاوزن الألف يهودي الموجودون الآن في اليمن.
أما ما يشاع أن اليهود كانوا يتعرضون لنوع من الاضطهاد الاجتماعيº كأن يلزم اليهودي بالتخفي جانباً إذا مر بمسلم في الشارع حتى يمر المسلم أو يلزم بالنزول من حصانه إذا صادف مسلماً قادماً على رجليه، والحقيقة أنهم لم يتعرضوا له في أوروبا وفي أسبانيا وفي ألمانيا وفي غيرها من الدول، أما في اليمن فكان اليهودي في حماية المسلم وتحت ذمته، وأقل تحملاً منه لتكاليف الدولة والحرب والإنفاق على شؤون البلاد، وكانت الجزية فقط على الذكر البالغ الغني وليس على الفقير شيء، ولو جاء بشهادة من الحاخام نفسه بأنه فقير عاملوه بهذه الشهادة.
وكان يصرح لحاخامهم أن يدخل على الإمام في أي وقت يريد ويتظلم أو يشكو أو يحل مشكلة، بل كان اليمنيون المسلمون يستعينون به يتحمل لهم بعض المشاكل عند الإمام كما قال ذلك الأستاذ مطهر الإرياني، وأوضح أنه كان في كل قرية يوجد فيها مجموعة من اليهود لا بد أن يوجد \" معبد \" تقام فيه شعائرهم ويتعبدون دون أن يتعرض لهم أحد.
ومن المشهور أنه كان لليهود تجمع في صنعاء في حي خاص باليهود يسمى \" قاع اليهود \" مقسم إلى 20حارة في كل حارة معبد أو اثنين إذا كانت الحارة كبيرة، فكان لديهم أكثر من 20 معبداً بتجمع يضم عشرة ألف فرد يمارسون فيها طقوسهم وأعيادهم تعيد الفصح، وعيد الغفران وعيد رأس السنة التي كانوا يقيمونها ويحتفلون بها، فلم يكن هنالك اضطهاد بالمعنى المفهوم، ربما بعض المضايقات الفردية التي لا يسلم منها المسلم من أخيه المسلم.
وحدث بعد أن هاجر اليهود وأجلو من اليمن في سنة 1948م، وفي تلك الظروف من قلة وعي الناس وعدم وجود مؤسسات حكومية ترعى دور العبادة والآثار وتحافظ عليها وترممها على الأقل لكونها أثرية حدث أن انتهت بعض دور العبادة والكنس اليهودية التي كانت في قاع اليهود في صنعاء وبعضها تاريخية تعود إلى ما قبل الإسلام، لكنه لم يكن هناك مصلحة آثار في عهد الإمام يحي مؤسسات أو حث وعي بهذه الجوانب.
والواقع أن هناك عدد من الوفود الإسرائيلية التي زارت اليمن ليهود من أصل يمني، والذين منحو تأشيرات دخول على بطاقات خاصة بناء على جوازات سفرهم الإسرائيلية عبر ممثل اليمن لدى الأمم المتحدة وإن لم يدخلوا اليمن بجوازاتهم الإسرائيلية كما وصف ذلك أبو بكر السقاف، حيث تأتي هذه الزيارات، ومنها مجموعة 133 يهودياً قدموا من تل أبيب عبر أديس أبابا في أواخر مارس2000م زاروا صنعاء، وتجولوا في الحي اليهودي هناك الذي لا يسكنه الآن أي يهودي، واستعانوا بكبار السن لمعرفة بيوت أقربائهم وعائلاتهم التي سكنوها حتى نهاية الأربعينيات، ولعل هذا يأتي في إطار محاولات جبارة لاستعادة بعضها أو ترميم مساكن عبادة على أنها جزء مما يعدونه تراثاً يهودياً لهم، كما أن لهم اهتماماً كبيراً بولي موجود في \" تعز \" اسمه \" الشلذي \" يطالبون بجثمانه بإلحاح على الرغم من أن القبر بسيط جداً يمكن أن يكون قد اندثر، وبقي منه قبة عليه إذا القبر لم يعد ظاهراً أو واضحاً.
ومن الطريف أن \" الشلذي \" هذا يعدونه من أولياء الله الصالحين، وهو مزار وكان حتى بعض الجهال من المسلمين يذهبون إليه، وكان عنده خبرة بشيء من الطب لكنها اقترنت بالولاية فيتردد عليه البسطاء والجهلاء ويأخذون من عنده تمائم وأحجبه، وبعضها مجرد طلاسم وأساطير ما أنزل الله بها من سلطان.
وقد كانت لزيارات تلك الوفود ردات فعل رسمية وشعبية كبيرة، فأعلن (رئيس مجلس النواب) الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر الذي يرأس أيضاً التجمع اليمني للإصلاح \" أن اليهود اليمنيين أكثر حقداً على العرب المسلمين من أية جنسية أخرى \"، وأضاف \" اليهود اليمنيون ذهبوا من اليمن إلى إسرائيل قبل أكثر من خمسين عاماً وحاربوا المسلمين والفلسطينين في الأراضي المقدسة، واستباحوا دمائهم، وهم أكثر حقداً وإرهاباً على الشعب الفلسطينيº لأنهم من الفصائل اليهودية المتشددة ضد الشعب الفلسطيني وضد العرب والمسلمين جميعاً، \" وتابع يقول: \" لا يجوز في هذه الحال مجيئهم إلى اليمن البتةº لأنهم إسرائيليون، ولم يعد لهم صلة باليمن أو اليمنيين فهم ليسوا مهاجرين حتى نسمح لهم بالعودة \"، أما ردة فعل مجلس تنسيق المعارضة اليمنية الذي يضم خمسة أحزاب بينها الحزب الاشتراكي، فقد أعرب عن احتجاجه على زيارة الإسرائيليين لليمن، وطالب مجلس النواب بسحب ثقته من الحكومة، وأعلنت تلك الأحزاب عن استيائها لما حدث، واتهمت الحكومة اليمنية بأنها تستهين بالرأي العام اليمني، وحذرت المواطنين من التهاون في هذه القضية، ومن ناحية أخرى دعا عدد من المشايخ إلى مقاومة ما أسموه إعادة توطين اليهود في اليمن كما شن الشيخ عبد المجيد الزنداني (رئيس مجلس شورى التجمع اليمني للإصلاح أقوى أحزاب المعارضة اليمنية الإسلامية) هجوماً لاذعاً على زيارة الوفد اليهودي لليمن محذراً من إعادة توطينهم في البلاد.
علماً أن بعض المئات من اليهود الموجودين الآن في اليمن أكثرهم في المناطق الجبلية، في \" صعده \"، في \" ناعوط \"، في \" ريده \"، وهي مناطق قبلية لقبيلة \" حاشد \" أو \" خولان صاده \"، وهم لا يتعرضون لأي أذى، رغم مرارة الأحداث التي تمر بالقضية الفلسطينية من هزيمة 67 ومختلف المجازر البشعة التي ترتكبها الصهيونية في حق إخواننا حتى اليوم، وذلك لاعتقاد اليمني أن لا يد لهم ولا ذنب في جرائمهم الصهيونية من جهةº لأنهم في حماية هذه القبائل، ويضمنون لهم السلامة ويدافعون عنهم، فلم يسمع أن هاجر أحدهم من بعد هزيمة 1967م، وبالتالي لا يتعرض لهم أحد بالأذى ولا يحملهم مسؤولية ما يجري، كما أنهم قد مكثوا في اليمن بحريتهم وقناعتهم وارتباطهم بالأرض والناس فيها، بل يتحدث الأستاذ مطهر الإرياني عن حالات عديدة كان يأتي اليهود الأمريكان إلى مناطق اليهود اليمنيين في \" ريده \" أو \" ناعوط \" وغيرها فيطردونهم ويدخلون إلى صنعاء ليشتكوهم بأنهم يحرضونهم على ترك بلادهم وأهلهم وأموالهم!! ويذكر قولاً للحاخام اليمني يعيش بن يحيى \" قمت شخصياً بزيارة إسرائيل لكنني لم أتحمل العيش هناكº لأنني هنا في اليمن أشعر بأنني في بيتي\".
وعلى ضوء ما تقدم من المعلومات السابقة أمكننا الوقوف في هذا التقرير على التعرف عن كثب بيهود اليمن وتحليل ظروفهم وحياتهم السياسية والاقتصادية والاجتماعية بإيجاز شديد، مع التعريج على قضيتهم وتاريخ نشأتهم في اليمن والمجتمع اليمني، ولكونهم جزءاً من هذا المجتمع كما كشف التقرير، وكيف بدأ نشطاء الحركة الصهيونية العمل والتوافد إلى اليمن وبث دعايتهم لإقناع يهود اليمن بالهجرة حتى نالوا ما أرادوا في موجة الهجرة الكبرى في 1948م التي نفذتها الجمعية اليهودية الأمريكية
ونستطيع أن نحدد من خلال كل ذلك:
• أنه كان لليهود وجود في اليمن قديم جداً غير أننا لا نستطيع أن نحدد وقته على وجه الدقة، وقد رجح الأساتذة أنه يرجع إلى سنة 70م، وذلك حينما نزح اليهود من فلسطين بعد أن دمرها الأمبراطور الروماني \" تيتوس \"، وتفرق اليهود في الأمصار، ووجد بعضهم في اليمن بلداً آمناً فالتجؤوا إليه.
• أن اليهود في اليمن عاشوا حياة حرة كريمة كما كفلها لهم الإسلام ولم يلاقوا أي اضطهاد اجتماعي أو مضايقات تذكر خلال مدة وجودهم في اليمن وحتى اليوم.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد