بسم الله الرحمن الرحيم
ما هو التفاوض
التفاوض مفهوم يدخل في كل جزئية من جزئيات حياتنا ولا يقتصر على التجارة فقط.
هناك سوء إدراك لمفهوم التفاوض، لأن الكلمة بحد ذاتها تتخذ معانٍ, مختلفة عند كل فئة من المتعاملين بالبيع والشراء.
فتجار العقارات يحبون أن يلقوا على أنفسهم لقب \"المفاوضون\" علماً بأنهم نادراً ما يقومون بأي شيء يتعلق بهذا المفهوم في عملية بيع العقارات عدا تخفيض أسعار العقار المعروض للبيع.
على أن هذا لا يقتصر على تجار العقار فالكثير من المشتغلين بالتجارة يصفون أنفسهم \"بالمفاوضين\".
علينا إذاً أن نفهم ماذا تعني كلمة التفاوض، هل هي نوع من المزادات، أم المناقصات؟ أم هي كلمة مرادفة للبيع؟
في الواقع لا علاقة لكلمة التفاوض بشيء مما تقدم. يصف القاموس التفاوض بتعريف بسيط: \"المناقشة أو المساومة للوصول إلى اتفاق\".
التفاوض هو عملية يمتلك فيها الطرفان حق رفض النتيجة النهائية، إنها عملية أخذ ورد يتوصل الطرفان المشتركان بها في النهاية إلى اتفاق معين بصيغة معينة.
ويمكن وصفها على أنها عملية مساومة للوصول إلى هدف أو اتفاقية مقبولة من كلا الطرفين وتتطلب حراكاً في كلا الاتجاهين.
لماذا نفاوض؟
ببساطة، نحن نفاوض لإننا إذا لم نفعل فلن نحصل على أفضل الصفقات المتاحة لنا، بل يمكننا القول أننا إذا لم نقم بعملية التفاوض فسنخسر أموالاً قد تكون من حقنا.
يشبه التفاوض في بعض جوانبه لعبة الشطرنج حيث يكون أحد الطرفين مهيأً للتضحية ببعض القطع في سبيل كسب اللعبةº على رقعة الشطرنج أنت ترى القطع وتتحرى تحركاتها ولكنك لا تعرف ما يجول في خلد اللاعب الآخر. وهكذا هو الحال في عملية التفاوض، أمامك معطيات ولكنك لا تعرف ما يدور بخلد الطرف الآخر، فعليك أن تطور من خططك لتكتشف خطط خصمك.
يتطلب التفاوض الكثير من المرونة، فلو لم نتصرف بمرونة علينا أن نتوقع أن يقابلنا الطرف الآخر بالمثل. بمعنى آخر، لن يخدمنا عرض مواقع القوة التي نمتلكها، ورغبتنا في الظهور بمظهر صلب في جلسة التفاوض، لأن ذلك سينعكس علينا سلباً ويُظهرنا بمظهر القلق أو ينتهي بنا إلى الخسارة لأن الطرف الآخر لابد أن يستخدم هذه السلبيات ضدنا.
1. المبدأ الأساسي الذي يعتمده المفاوض الناجح
الربح المتبادل
تقوم عملية التفاوض أساساً على أحد المبدئين التاليين: الأول هو ما نطلق عليه النظرة العدوانية المعتدلة، التي تقوم بشكل رئيسي على تحقيق ربح مادي ذاتي، والثاني هو \"الربح المتبادل\"، وهو المبدأ الذي نسعى من خلاله إلى تحقيق أفضل المكاسب مع إدراكنا بأن مراعاة مصالح الآخرين تخدم مصالحنا بشكل أفضل، أي أن الفائدة الحقيقية لا تتحقق إلا عندما يشعر الطرفان بأنهما رابحان.
على أن التفاوض الجيد لا يعني أن يتم كل شيء بطريقتك الخاصة، وإنما يجب أن يقوم على التوازن.
أنت لا تذعن لنظيرك بطريقة استسلامية ولا تسمح له بالحصول على كل ما يريد لأنك أنت أيضاً تمتلك طموحات خاصة تسعى لتحقيقها. وهذا يعني أن المطلوب هو التحرك من الطرفين لتوليد الربح المتبادل.
لا تقتصر الآثار الإيجابية لتطبيق مبدأ الربح المتبادل على زيادة المبيعات، أو الحصول على تمويل أفضل، بل يتعداه إلى نمو الأرباح التي نطمح إليها.
إدراك طموحات وأهداف الطرف الآخر
والإدراك الجيد لما يتطلع إليه الآخر أو بمعنى آخر لأهداف الطرف الآخر أمر على جانب من الأهمية، فكلما استطعنا أن نساعد الشخص الآخر على تحقيق ما يريد كلما تمكنا من تحقيق ما نصبو إليه من الصفقة.
ومع ذلك، يؤكد بعض الخبراء في حقل التفاوض على ضرورة التركيز على موقعك فقط معللين ذلك بأن الطرف الآخر لا ينظر إلا لمصلحته. وإذا كانت هذه الفكرة مناسبة للمفاوضين الموهوبين المهرة فهي ليست كذلك بالنسبة للمفاوضين قليلي الخبرة حيث يكون العمل على مبدأ المصالح المتبادلة أمراً ضروريا\".
وبقدر ما نظهر اهتماماً صادقاً بالشخص الآخر وبطموحاته، بقدر ما يكون التعامل معه سهلاً، وبالتالي يقدم لنا معلومات طوعية، مما يعني الاقتراب من التوصل إلى اتفاق مثالي. فإذا انصب تفكيرك على مبدأ الربح المتبادل بصورة أكبر من الربح تارة والخسارة تارة أخرى، فلا شك أنك ستكون حينها أكثر تأثيراً وأقل توتراً وأفضل حالاً على المدى الطويل.
خلاصة القول:
أن الحوار الصريح بين طرفي المعادلة واتفاقهما على احترام نقاط انطلاق يطرحانها، يؤديان إلى الوصول إلى نتيجة طيبة واتفاق ودي ومريح.
2. الالتزام
الالتزام مبدأ ضروري تحتاج إليه عملية التفاوض، بل ويعتبر من أساسياتها. ولكي تكون عملية التفاوض فعالة وتؤتي ثمارها يجب أن تأخذ منحى الجدية من أجل تحقيق النتيجة المرجوة منها، فليس هناك أنصاف حلول في هذا الأمر، فلا بد أن تتناول الأمر بمنتهى الجدية وتتجنب التظاهر باللامبالاة لأن الآخرين سيعاملونك بالطريقة نفسها.
وتشير بعض الإحصائيات أن معظم رجال الأعمال ليس لديهم التزام حقيقي بعملية التفاوض، وما يحصل فعلاً هو أن عملية التفاوض تأخذ مجراها في اللحظات الأخيرة المتبقية على هامش الزمن.
ماذا نقصد بالالتزام
نعني بالالتزام هنا تحديد الأهداف، والهوامش الربحية، وحجم العمل والاستثمار والمكاسب التي نسعى إليها كنتيجة للتفاوض وذلك قبل الدخول في التفاوض، ولا يخفى أن هذا الأمر يتطلب تفكيراً جديا\".
الالتزام هو تحديد الأهداف، والهوامش الربحية، وحجم العمل والاستثمار والمكاسب قبل الدخول في التفاوض (لا تكرر هذه الجملة ضمن النص أوردها فقط كعنوان بارز)
من حالات التفاوض الفاشلة...
دخلت مجموعة من الأصدقاء يتولى إمارتها أحدهم أحد المطاعم ليتناولوا طعام الغداء، وأثناء عملية طلب الطعام اقترح أحد أعضاء المجموعة: \"لماذا لا نطلب حسماً خاصاً قبل أن نحدد رغباتنا، لنحاول الحصول على خيارات جيدة مقابل 10 دولارات للشخص الواحد\".لم يبدِ رئيس المجموعة ارتياحاً لهذا الاقتراح، فجاء عرضه ضعيفاً بعيداً عن الجزم والثبات، فقدم للنادل الاقتراح بالصيغة التالية: \"نريد حسماً 10% إذا كان ذلك ممكناً\".
ولم يحر النادل جواباً، أي أنه لم تتم الموافقة على الطلب....
لقد تم التعامل مع طلب التخفيض بشيء من اللامبالاة لأن العرض كان قد اتخذ صيغة غير مسؤولة أو مدروسة أصلاً. وعندما قدم النادل الفاتورة في النهاية لم تكن تحتوي على أي حسم، أما محاولات الضغط فلم تجد نفعاً، وتعذّر النادل بأن المدير غير موجود وأنه لا يمتلك صلاحية حسم الفاتورة، وهكذا دفع كل شخص 20 دولاراً، وسبب ذلك طبعاً عدم الالتزام بجدية طريقة التفاوض فجاءت بطريقة عشوائية وغير منتظمة.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد