بسم الله الرحمن الرحيم
اليوم نواصل الحديث عن الإسلام في نيوزيلندة، ونتناول في حديثنا أحد المحاور الهامة للدعوة هناك وهي تجربة دعوة المساجين إلى الإسلام.
تعرفون إخوتي جميعكم أن السجين يكون في وضع نفسي على استعداد لتقبل النصائح والمواعظ التي تبين له أخطائه، وتصحح مسار حياته، وباعتبار الإسلام دين الفطرة، وبحكم أن هناك نسبة كبيرة من المجتمع النيوزلندي لا دين لهم، وحتى بعض المسيحيين قناعتهم مهتزة بدينهمº لذلك تصبح الظروف مواتية لتبليغ دعوة الإسلام للمساجين.
وقد بدأ هذا العمل عندما اتصلت إدارة السجن في منطقة "الباني"بمدينة "أوكلاند" بجمعية المسلمين في "أوكلاند" سنة 1990م، وطلبت أن يزور أحد المسلمين سجيناً ماورياً بناءاً على طلبه، وفعلاً تمت زيارة هذا السجين، وأهدي بعض الكتيبات، وشرحت له مبادئ الإسلام خلال زيارات متتالية، والحمد لله شرح الله صدره للإسلام، وأعلن إسلامه، ومن هناك كانت فكرة تأسيس جمعية تتخصص في دعوة المساجين إلى الإسلام.
وتتم حالياً زيارة سجن في منطقة "ألباني" كل يوم أحد صباحاً، وكذلك سجن في منطقة "مت إدن" بأوكلاند، وأحياناً تتم زيارة السجون في مناطق مختلفة من الجزر النيوزلندية.
وفي كل مرة تتم زيارة مجموعة من المساجين عددهم 7، مع الحرص على التواصل مع المساجين، ومدهم بما يطلبون, ويمتد برنامج الزيارة إلى ساعة، تخصص أول ربع ساعة للحوار مع المساجين حول ظروفهم الاجتماعية، وعائلتهم واهتماماتهم، ومن ثم يتطرق للحديث عن الإسلام، مع إهدائهم كتيبات ومطويات ومصاحف تساعدهم على فهم الإسلام، ويؤكد القائمين على هذا الأمر من أعضاء جمعية المسلمين في أوكلاند أن هناك اهتماماً من قبل المساجين بالإسلام يمكن أن يؤتي أكله لو أحسن عرضه عليهم.
وقد تم بحمد الله إسلام بعضهم، وقد وصل عددهم إلى 60 مسلم ماوري، و12 مسلم كيوي، مدة سجنهم طويلة وهم في حاجة إلى فهم عميق للإسلام، وزاد إيماني قوي للتغلب على وحشة السجن والعزلة عن العالم الخارجي، والحمد لله بعد جهود كبيرة خصصت لهم إدارة السجن قاعة صغيرة للصلاة، وفي شهر رمضان يعطى للمساجين المسلمين كل يوم سبت وأحد وجبة إفطار، ويحثهم القائمين على ذلك على تناولها جماعة، وصلاة التراويح إن أمكن.
وبالرغم من هذه الصورة المتفائلة للدعوة داخل السجون النيوزيلنديةº إلا أن هناك بعض الصعوبات التي تواجه هذا المنحى الدعوى الهام والتي من أهمها:
· أولها صعوبة التواصل مع المساجين المسرحين، والذي يؤدي في كثير من الأحيان بخسران عدد كبير منهم، وخاصة الذين في مناطق ليس للمسلمين وجود فيها، وهنا نداء للمسلمين للاعتناء بأي مسلم جديد، ومساعدته للاندماج في المجتمع المسلم، وزيارتهم والاقتراب منهم ليشعروا بأهمية الأخوة الإسلامية.
· قلة عدد العاملين في مجال دعوة المساجين، حتى أنه في الوقت الحالي لا يوجد سوى واحد فقط منتظم في زيارة السجون, و3 آخرون يشاركون في هذا العمل إذا ما سمحت ظروفهم العائلية, وخلاصة القول: أن هناك أسباب كثيرة تحول دون الممارسة في الدعوة بين المساجين.
· حاجة الدعاة إلى العلم شرعي، وإجادة اللغة الإنجليزية، والأسلوب الحسن في عرض الدعوة على المساجين.
· الحاجة إلى أساتذة لغة عربية ليعلم المساجين مبادئ اللغة العربية ليسهل عليهم فهم معاني القران الكريم.
وهناك خطط مستقبلية جادة لتحسين العمل الدعوى بين المساجين:
· منها توفير مكتبة لكل سجين مسلم تحتوي على أهم الكتب التي يحتاجها لفهم الإسلام بلغة وأسلوب سهل، مع نسخة من ترجمة معاني القران الكريم موثقة، بالإضافة إلى شريط فيديو لتعليم الوضوء والصلاة.
· إعادة هيكلة المؤسسات العاملة في الحقل الدعوى في نيوزيلندة لتغطي كل السجون في نيوزلندة، والتنسيق المستمر فيما بينها للوصول إلى كل المساجين، مع تدريب الدعاة الجدد.
· إصدار مجلة موجهة إلى المساجين تشرح لهم مبادئ الإسلام بطريقة ميسرة، وتكون جسر التواصل مع إخوانهم، وتنقل أخبارهم وهمومهم.
· استقدام دعاة معروفين لإلقاء دروس على المساجين، وإدارة حوار معهم حول مشاغلهم.
وأخيراً فإن نيوزيلندة شأنها شأن الكثير من البقاع الخصبة التي تحتاج لمن يغرس فيها الإسلام، ولمن يرعى هذا الغرس حتى ينمو ويترعرع، ويؤتى أكله على الوجه الذي يحبه ويتمناه كل مسلم غيور على دينه، وجل همه العمل لله من أجل رفع راية الإسلام عالية خفاقة في كافة بقاع المعمورة.
انتهت رحلتنا في تلك البقعة الشابة، وإلى اللقاء في قطر آخر، وعلى بقعة أخرى من أرض الله الواسعة - إن شاء الله -.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد