)وقفة شعرية مع الطفلة «مها» التي شهدت قتل أهلها جميعاً في مجزرة «غَزَّة» الأخيرة، ورأت أشلاءهم تتطاير مع أطباق عشائهم(.
في ليلةٍ, مقتولةِ الأَسحارِ
محروقةٍ, أثوابُها بالنَّارِ
ساعاتها مشحونةٌ بمواجعي
مبلولةٌ بدمي ودمعي الجارِي
ظَلماؤها فُجِعَت بما شهدته من
آثار موقع بيتنا المُنهارِ
في ليلةٍ, لَيلاءَ باتت «غزَّةٌ»
تحت اللَّظى، وقذائف الأَخطارِ
باتت يُحاصُرها الدٌّخَانُ، فما ترى
إلاَّ اختلاطَ دُخَانِها بغبارِ
وترى خيالاً من وراءِ رُكامها
لمَّا دَنَا، فُجِعَت بمنظر «عارِي»
يمشي على الأَشلاءِ مِشيَةَ حانقٍ,
لم تَخلُ من وَهَنٍ, بها وعِثارِ
مَن أنتَ يا هذا؟ سؤالٌ جامدٌ
في ليلةِ التَّرويعِ والإِهدارِ
أنا مسلمٌ - يا قومُ - أَسترُ عورتي
لكن ردائي ضائعٌ وإِزارِي
أنا واحدٌ من أسرةٍ, مدفونةٍ,
تحتَ الثَّرى المخلوطِ بالأحجارِ
أنا واحدٌ من أهلِ غَزَّةَ في فمي
ذكر الإلهِ ودعوةُ الأخيارِ
لا تسألوني، إنَّ في قلبي اللَّظَى
مما جنى الباغي، وَوَمضَ شَرارِ
هلاّ بحثتم في الرٌّكامِ، فإنني
ما عُدتُ أملك حيلتي وقرارِي
أين الصِّغارُ، وللسؤال مَرارةٌ
فوقَ الِّلسانِ، فهل يجيب صغاري؟!
أشلاؤهم صارت تُضيء كأنجمٍ,
تحتَ الرٌّكامِ نَقيَّةِ الأنوار
أين النِّساءُ؟، روى الدَّمارُ حكايةً
عن معصمٍ, وحقيبةٍ, وسِوَارِ
عن راحةٍ, مقبوضةٍ, تحت الثَّرى
فيها بقايا مِسفَعٍ, وخِمارِ
يا ليلةً سوداءَ أَقفَرَ صمتُها
إلاَّ من الآلامِ والأكدارِ
فكأَنَّها الغُولُ التي وصفوا لنا
قَسَماتها في سالفِ الأخَبارِ
في وجهها ارتسمت لنا صورُ الأسى
وبدت ملامحُ قبحها المتوارِي
ساعاتُها امتشقت حساماً كالحاً
من طولها، ورمَت به إِصراري
من أين جاءت ليلتي بظلامها
حتى أجاد مع الهمومِ حصارِي؟؟
من أيِّ بحرٍ, يستقي الليلُ الدٌّجَى
ومتى تسير مراكب الإبحارِ؟؟
وبأيِّ ثَغرٍ, تنطق الدَّار التي
فُجِعَت بموتِ جميعِ أهل الدَّار؟؟
ماذا أقول لكم وبستان الرِّضا
أمسى بلا شجر ولا إثمارِ؟!
ماذا أقول، ولست أقدر أن أرى
أهلي وأطفالي، وهم بجواري؟!
لمّا دَنَا وجهُ الظلام تجمَّعوا
كي يستريحوا من عَناءِ نَهَارِ
أين العشاء؟، تحدَّث الصاروخ عن
طَبَقٍ, تطايرَ ساعةَ الإِعصَارِ
عن كِسرةٍ, من خُبزَةٍ, شهدت بما
يُخفي ركامُ البيتِ من أسرارِ
أين العَشاءُ؟ لدى الشظايا قصةٌ
عن بيضَةٍ, سلمت من الأَضرارِ
حَلَفَ الحُطامُ لنا يميناً، أنَّها
مسكونةٌ بالعزمِ والإصرارِ
ولربما صارت - على طول المدى-
حجراً يحطِّم جبهةَ المُتمارِي
أين العشاءُ؟، دع السؤالَ فربما
سمع السؤالُ إجابةَ استنكارِ
إسأل عن الأُسَر التي اختلط الثرى
بدمائها، عن هَجمةِ الكفَّارِ
إسأل «مَهَا» عن أهلها فَلَرُبّما
سردت حكايةَ جرحها المَوَّارِ
ولربَّما رسمت ملامحَ دارِها
لمَّا غدت أثراً بلا آثارِ
ولربما وصفت ظَفيرةَ أختها
تحتَ الرَّكامِ، ووجهَ بنتِ الجارِ
إسأل «مَهَا» عن ظالمٍ, لا يَرعوي
عن قَتل ما يلقى من الأَزهارِ
اسأل «مها» عن أمِّها كيف اختفت
في ليلةٍ, مهتوكةِ الأستارِ
في ساعةٍ, دمويةٍ, شهدت بما
في أمتي من ذِلَّةٍ, وصَغارِ
شهدت بأنَّ الغربَ أصبحَ لا يرى
إلاَّ بعينِ الفأسِ والمِنشارِ
إسأل «مَهَا» عن غَزَّةٍ,، وانظُر إلى
آثار ما اقترفت يَدُ الأشرارِ
وابعث إليها دَعوَةً ممهورةً
بالحبِّ، وابعث صرخةَ استنفارِ
يا غَزَّةَ الألم الذي سيظلٌّ في
أعماقنا لهباً لجذَوةِ نارِ
غاراتُ شذَّاذ اليهودِ رسالةٌ
غربيَّةٌ محمومةٌ الأفكارِ
كُتِبَت هنالكَ في مصادرها التي
تختال فيها شَفرَةُ الجزَّارِ
بُعِثَت إليكِ على بريدِ خيانةٍ,
متكفِّلٍ, برسائلِ الفُجَّار
لو تسألين القدسَ عمَّا أرسلوا
لروى حكايةَ مدفعٍ, ثَرثَارِ
وروى حكايةَ غافلٍ, متشاغلٍ,
عن وجهك الباكي بلِعبِ «قِمار»
لو تسألين «جِنينَ» عنها أَخبرت
عن مُرسلٍ, ومراسلٍ,، غدَّارِ
وتحدَّثت عن بائعٍ, ما زال في
غَمَراتِه يرنو لدرهم شارِي
لو يستطيع لباع كلَّ دقيقةٍ,
من عمره المشؤومِ بالدٌّولارِ
يا غَزَّةَ الأملِ الكبيرِ، تكشَّفَت
حُجُبٌ فبانت سَحنَةُ السِّمسارِ
وتخفَّف الليلُ البَهيمُ من الدٌّجَى
فبدت ملامحُ ظالمٍ, ومُماري
يا غَزَةُ احتسبي جِراحَكِ إنني
لأرى اختلاطَ الفجرِ بالأَسحارِ
لا تجزعي من منظر السٌّحُب التي
تُخفي كواكِبَنا عن الأَنظارِ
سترين تلكَ السٌّحبَ تَنُفُضُ ثوبَها
يوماً بما نرجو من الأمطارِ
يا غزَّة الجُرح المعطَّر بالتٌّقَى
لا تيأسي من صَحوةِ المليارِ
لا تيأسي من أمةٍ,، في روحها
ما زال يجري مَنهَجُ المُختَارِ
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد