هل تستعيد حركة طالبان حكم أفغانستان ..؟


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 بعد سنتين من الاحتلال الأمريكي لأفغانستان تضمنت عمليات جهادية واسعة، تبدو حركة طالبان وقد اتخذت مواقع هامة وحيوية حول المدن الهامة في جنوب وجنوب شرق أفغانستان، في خطوة تبدو سابقة لحملة قادمة تهدف إلى إخراج القوات الأجنبية من البلاد..

ففي الوقت الحالي تبسط حركة طالبان سيطرتها على المناطق المحيطة بكل من مدينة قندهار وخوست وجلال أباد وأسد أباد وغرديز.

 

استفادة طالبان من الهجمات الأمريكية:

في الوقت الذي تؤكد فيه العديد من وسائل الإعلام أنباء سيطرة طالبان على تلك المناطق، نشرت صحيفة آسيوية (آسيا تايمز) تقريراً تضمن بياناً لأحد قادة طالبان قال فيه إن القوات الأمريكية تحاول توجيه ضربات للمجاهدين في البلاد، وأضاف بأن المجاهدين يتلقون هذه الضربات. إلا أن هذا ساعد في تقوية المجاهدين من خلال أمرين اثنين.

الأول تمثل في أن الهجمات المستمرة والواسعة للاحتلال الأمريكي على الكثير من المناطق الأفغانية، أصابت العديد من الميليشيات الأفغانية التي كانت تتصارع فيما بينها، ما جعل الجميع يتوقف عن القتال الداخلي في سبيل تحقيق هدف أكبر هو مجابهة الاحتلال.

في الوقت الحالي تبسط حركة طالبان سيطرتها على المناطق المحيطة بكل من مدينة قندهار وخوست وجلال أباد وأسد أباد وغرديز.

 

والأمر الثاني تمثل في أن هذه الهجمات الكبيرة جعلت حركة طالبان تنصرف عن مواجهة الاحتلال خلال الفترة الطويلة الماضية، إلى تحصين نفسها وتنمية قدراتها من جديد وتجميع وتنظيم صفوف الحركة الداخلية، ما مكنها من التصرف بشكل أفضل وأعطاها القدرة على التخطيط والتنفيذ خلال الفترة الحالية والقادمة.

 

وضع مماثل للاحتلال السوفيتي:

 

وأشار محللون سياسيون إلى أن الوضع الآن الموجود في بعض المناطق الأفغانية مثل (كنهار وناناجهار وبكتيا وبكتيكا)، يشبه إلى حد كبير وضع أفغانستان في فترة أوائل التسعينيات، إبان الاحتلال السوفيتي على البلاد، حيث كانت القاعدة الشعبية للحكومة الأفغانية محدودة، فيما شهدت المناطق الأخرى من قرى وضواحي، تنامي في شعبية المجاهدين.

وكمثال واقعي قالت الصحيفة الآسيوية إن الوضع الحالي في "ناناجهار" التي تمتد مسافة ساعة بطول الطريق من جلال أباد، حيث تنتشر العشرات من القرى بطول الطريق، تتمتع كلها بتبعية لرئيس الوزراء الأفغاني السابق المنشق قلب الدين حكمتيار، والذي تعتبر قرية "كيلا شينواي" مقراً لاجتماعات الحركة.

ورغم أن بقية الحركات الجهادية في أفغانستان تعرف المقر والمناطق التي يتواجب فيها مؤيدو حكمتيار، إلا أن أحداً لا يقوم بمهاجمتهم.

وكذلك الأمر فيما يتعلق ببقية المناطق حول فوست وقندهار، حيث توجد اتفاقيات شفهية بين حركات المجاهدين، أوقفت المناوشات العسكرية فيما بينها، وسمحت لدعم الجهود الخاصة بمحاربة الاحتلال.

 

تحركات طالبان السرية:

في الأسابيع القليلة الماضية، أرسلت حركة طالبان ممثلين عنها في مهمة إلى باكستان، تضمن الوفد الطالباني أحد الوزراء السابقين في النظام، بالإضافة إلى الملازم الخاص بالملا عمر "الملا جليل" الذين توجهوا إلى ميناء كراتشي الباكستاني، في وقت كانت فيه القوات الباكستانية تبحث عن عناصر القاعدة وطالبان في الجبال الوعرة لمنطقة "لوازيرستان" الجنوبية.

وبحسب "آسيا تايمز" فقد حصل الملازم والوزير الطالباني على مبلغ قدره مليون روبية (نحو 35 ألف دولار) جمعت من قبل مؤيدي الحركة في المدينة، وسلمت باليد لطالبان.

فقد حصل الملازم والوزير الطالباني على مبلغ قدره مليون روبية (نحو 35 ألف دولار) جمعت من قبل مؤيدي الحركة في المدينة.

وبنفس الطريقة استطاع بعض المجاهدون الأفغان التحرك (عبر الممرات الآمنة نسبياً بين المدن) لخدمة وتعزيز حركة طالبان بين المناطق الموالية لها..

فعلى سبيل المثال استطاع الملا مجراسي، البنغالي الأصل، والمشهور بين المجاهدين، من الوصول إلى منطقة جلال أباد، حيث يقوم حالياً بتدريب المجاهدين على تقنيات نصب الكمائن وزرع القنابل المتفجرة.

 

عمليات التحرير تبدأ الصيف القادم:

مصادر قريبة من المقاومة الأفغانية أشارت إلى أن المجاهدين الأفغان سيقومون مع بداية الصيف القادم بمعارك مسلحة ضد القوات المحتلة في المدن الرئيسية من أجل تحريرها.

وأشارت تلك المصادر إلى أن فترة الشتاء ستكون صعبة على المجاهدين في تنفيذ الخطط الهجومية والاتصالات والحركة بحرية وسرعة.

لذلك يفضل المجاهدون خلال هذه الفترة والأشهر القليلة الماضية (قبل بدء الصيف) تنظيم أنفسهم بشكل أفضل، وتوسيع تمركزهم في الكهوف والمناطق الجبلية المحيطة بالمدن مع عمليات مستمرة جهادية فردية أو جماعية على نطاق ضيق.

وأكدت المصادر ذاتها أن المرحلة المقبلة قد تشهد عمليات استشهادية ضد القوات المحتلة والأجنبية والجيش الأفغاني الموالي للاحتلال.

وعلى الرغم من أن أعداد مجاهدي طالبان تعتبر بشكل عام قليلة نسبياً، إلا أن الفترة القادمة ستسمح بتنامي أعدادهم المتزايدة باستمرار، حيث يتوافد مجاهدون عرب وباكستانيون وبنغاليون وشيشان إلى المناطق الواقعة تحت نفوذ الحركة للانضمام إليها.

لذلك فمن المتوقع أن تكون أعداد المجاهدين مع بداية الصيف القادم، كافية لبدء عمليات تحرير منظمة في المدن الرئيسة.

 

الخطط الأمريكية لصد الحركة:

القوات الأمريكية لديها ذات المعلومات، وتعلم مسبقاً بما تخطط له حركة طالبان، إلا أنها تقف عاجزة حتى الآن عن القيام بعملية احتواء شاملة لأفغانستان من أجل صد الخطط المقبلة.

وإذا حاولت أمريكا فعل شيء فإنها ستحتاج إلى مجهودات ضخمة لأجل ذلك، حيث يتعين عليها إنشاء معسكرات لها في كل أنحاء البلاد، وخاصة حول المدن الرئيسية، إلا أن هذا الأمر يعتبر من الناحية العسكرية واللوجيستية صعباً للغاية.

إلا أن المفاوضات توقفت بسبب رفض المجاهدين شرط الأمريكان بتسليم الملا عمر لهم.

 

فالقوات الأمريكية لا تمتلك العدد الكافي لتوزيع قوات مدعومة وكبيرة في أنحاء البلاد، كما أنها، وبحال ما قامت بذلك، فإن مشكلة الإمدادات ستكون عقبة في ظل وجود احتمال اعتراض المجاهدين للقوافل العسكرية.

كما أن هذه الخطة ستسهل على المجاهدين توجيه ضربات مستمرة وقوية للقوات الأمريكية المتفرقة في أنحاء البلاد.

لذلك فإن الحل الأمريكي المبدئي، جاء في التخطيط لعمليات هجومية واسعة في محاولة منها لإضعاف الحركة كضربة استباقية لعمليات محتملة قادمة.

وبالفعل تقوم حالياً القوات الأمريكية بهجمات واسعة النطاق في المناطق التي تنتشر فيها حركة طالبان، وتسيطر عليها، حيث تشارك عدة فرق مشاة وجوية في العمليات الدائرة الآن هناك.

وتؤكد وكالة رويترز الإخبارية، أن الطائرات الحربية الأمريكية الموجودة في قاعدة بلجرام الجوية قرب كابل، خرجت جميعها للمشاركة في العلميات الحربية، وقصف مواقع المجاهدين.

 

بالإضافة إلى العمليات العسكرية التي تقوم بها وتخطط لها القوات الأمريكية، إلا أن جانباً آخر بدأ في النشوء بين القوات المحتلة وحركة طالبان، قد يساعد القوات الأمريكية في التوصل إلى مخرج من المستنقع الأفغاني، يحفظ ماء الوجه للأمريكيان.

حيث أكدت مصادر إخبارية عالمية في وقت سابق أن القاعدة الجوية في باكستان، تشهد مشاورات بين عناصر من نظام طالبان، والقوات الأمريكية، من أجل التوصل إلى حل مرض للطرفين، إلا أن المفاوضات توقفت بسبب رفض المجاهدين شرط الأمريكان بتسليم الملا عمر.

 

كما قامت الولايات المتحدة بإطلاق سراح وزير الداخلية الطالباني السابق عبد الوكيل متوكل، لإظهار حسن النوايا.

كما يشير إطلاق سراح المتوكل (الذي اختلف مع الملا عمر حول تقديم الحماية لزعيم تنظيمك القاعدة أسامة بن لادن، لتجنب الاحتلال الأمريكي للبلاد) إلى أن الولايات المتحدة، ستكون ملتزمة تجاه الحركة الجهادية، بحال وافقت على حل التنظيم الجهادي، وتسليم القادة لها، وهذا ما يصعب التكهن به.

 

الخبرة والطبيعة الجبلية:

إلا أن طبيعة البلاد ذاتها التي ساعدت المجاهدين في التمركز والاختباء وإجراء المناورات والكمائن للقوات السوفيتية، هي ذاتها التي ساعدت الحركة في البقاء حتى الآن في وجه العمليات الجوية والبرية التي تحاول أمريكا منذ دخولها أفغانستان، تسخيرها للقضاء على المجاهدين.

ومن المتوقع أن تساعد هذه الطبيعة الجبلية الوعرة، والخبرة الطويلة للمجاهدين في تلك المناطق، من استنفاذ وتفريغ العملية العسكرية الجديدة من محتواها العسكري، خاصة وأن القوات الأمريكية إلى الآن لم تعلن عن مقتل أي من المجاهدين، أو تنشر بيانات بنجاح العمليات الدائرة هناك، على العكس، فقد بثت الحركة شريطاً مصوراً عبر قناة "العربي" الفضائية، أظهرت فيه كمين أفغاني لعربات عسكرية أمريكية بين الجبال والوديان، ظهر فيها المجاهدون وهم يطلقون النار على السيارة.

كما بثت "العربية" تسجيلاً صوتياً لناطق باسم حركة طالبان، أكد فيها أن الحركة أعادت تنظيم صفوفها، وأنها الآن باتت أقوى من قبل.

بالإضافة إلى تسجيل صوتي آخر، قال فيه ناطق بلسان الملا عمر، بأن المجاهدين استطاعوا قتل 11 جندياً أمريكياً في المناطق التي تدور فيها المعارك حالياً بين الجانبين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply