بسم الله الرحمن الرحيم
لقد أصيب العالم الإسلامي اليوم بأوجاع سقيمة، والآم مبرحةº من جراء الغزو الصليبي العسكري والفكري، حتى أصبح التناقض واضحاً جلياً بين مبادئ الإسلام وواقع المسلمين، وجدنا كما يقولون: مسلمين مع وقف التنفيذ، مسلمين بحكم الاسم والولادة والموقع الجغرافي، وانصرفنا عن الشرق المسلم إلى الغرب الكافر، وخيمت علينا عتامة في الفكر، وغشاوة في البصر، وانحطاط في القوى، وأصبحت أراضينا مستعمرة، بسبب تقاعسنا، وتراخينا عن التمسك بديننا الحنيف، والذي كان ظهوره هو أعظم ما رأى العالم من أحداث، وأكبر فتح في تاريخ الإنسانية والبشرية جمعاء.
فنرى المسلمين اليوم - وقد كانوا قادة العالم بالأمس في الفكر، والحضارة، والثقافة يوم كانت دولتهم - وقد أصبحوا تابعين في الفكر، والوعي، والرأي، والوقف، وجاوز ذلك الأمر إلى تقليد تلك المجتمعات الغربية في ميادين السلوك، والتصرفات، والأعراف حتى لو كانت لا توافق ديننا، أو مجتمعنا، فنجد المسلم منا يحمل اسم الإسلام فحسب أما تصرفاته وسلوكه فيزاحم الأوربيين في عاداتهم وتقاليدهم وثقافتهم نتيجة التقليد الأعمى لهم، فأصبح يقلد المظاهر الأوربية في جميع جوانب حياته المختلفة، مما أدى بكثير من الشباب العربي لفقد توازنه النفسي، فصارت تستهويه التقاليد الغربية التي يسير عليها الشباب الأوروبي، وطفق يأخذ من هذا وذاك دون تمييز بين الغث والسمين، والنافع والضار، حتى لقد أصبح تفكير الشباب يحفل بأفكار مشبوهة عن العلاقة بين الجنسين.
حتى إن النساء المقلدات في كثير من مجتمعاتنا الإسلامية يبدين مفاتنهن شيئاً فشيئاً بدءاً بالكف واليدين والوجه، ثم الشعر ... دون أن تحس بمقت من مجتمع، أو نهي من دين، أو إرشاد من ولي أو زوج، وصارت المرأة تتعلل بسنة التطور للحاق بالغربيات، وغاب عنها أن المجتمعات الغربية نفسها تنظر نظرة إعجاب وتقدير إلى كل امرأة ذات شخصية مستقلة، وقيم أصيلة، وحضارة متميزة، وثقافة خاصة!!
إن من العجيب أن نرى الراهبة في أوربا أو في الشرق فخورة بدينها، ترتدي زياً متأنقاً يستر كل البدن (عدا الوجه والكفين كما في تعاليم دينها، ولا تكشف أبداً عن ساقيها)، ورداؤها يحجب عنها كل نظرة خبيثة، وهي لذلك موضع احترام وتبجيل ممن ينتمون لدينها، ولم يستنكر ذلك أحد أو يطالبها بأن تتحرر من زيها بدعوى الرجعية.
ولقد كان لوسائل الإعلام الدور الكبير في نقل الأفكار الغربية إلى أذهان أبناء المسلمين، فأصبحوا يتابعونها باستمرار، ويقلدون ما وصل إليهم عبر تلك الوسائل من أفكار وتقاليد منحطة تدمر القيم النبيلة للإسلام والأخلاق العالية لدى أبنائه، ولا يزال البث الفضائي ينحدر انحداراً شديداً نحو أفلام الجنس الرخيص، ومشاهد الإثارة العنيفة.
والأمر يتطلب إلى أن تقوم الحكومات الإسلامية، والمؤسسات المعنية، وذوو الحماسة الإسلامية بحيازة أكثر أدوات الاتصال والإعلام تقدماً للوصول بالكلمة والصورة إلى الأذان، والأفهامº حتى تستقبلها النفوس راضية، ويعود المسلمون إلى دينهم، ويصبحوا مسلمين بكل ما تحمله هذه الصفة من معاني، وقيم، وأخلاق، ومفاهيم، فالإسلام هو تاريخ المرحلة المقبلة والأفق الجديد للفكر الإنساني والبشرية، كما يقول الفيلسوف الفرنسي المعاصر جارودي: فنحن بحاجة إلى إنقاذ واقع المسلمين، واستئصال كل رذيلة علقت به من جراء الغزو الفكري، وهو ما يتطلب منا التسلح بالصبر الجميل في مجال العمل الإسلامي الجاد والذي يقع على عاتق علماء هذه الأمة.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد