بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:
الصلاة أهم أركان الإسلام بعد الشهادتين، من أقامها وحافظ عليها فقد نال خيرًا عظيمًا، أهتم علماء الإسلام بها، وصنفوا فيها كتبًا كثيرة، وللسلف أقوال في الصلاة، جمعت بفضل الله وكرمه بعضًا منها، أسأل الله الكريم أن ينفعني والجميع بها.
• أهمية الصلاة:
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه: لا حظ في الإسلام لمن ترك الصلاة.
• ترك الصلاة من أعظم الذنوب:
قال العلامة ابن القيم رحمه الله: لا يختلف المسلمون أن ترك الصلاة المفروضة عمدًا من أعظم الذنُوب، وأكبر الكبائر، وأن إثمه عند الله أعظم من إثم قتل النفس، وأخذ الأموال، ومن إثم الزنا، والسرقة، وشرب الخمر، وأنه متعرِّض لعقوبة الله وسَخَطِه وخِزيه في الدنيا والآخرة، وقال: المصلون في الناس قليل، ومقيمو الصلاة منهم أقل القليل؛ كما قال عمر رضي الله عنه: الحاج قليل، والركب كثير.
• الصلاة تكفر الذنوب:
قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: الاستغفار والعبادة، وخصوصًا الصلاة، مكفرات للذنوب، فإن الله رتب مغفرة ذنب داود على استغفاره وسجوده.
• التنعم بالصلاة:
قال ثابت البناني: كابدت الصلاة عشرين سنة، وتنعمت بها عشرين سنة.
• من أقام الصلاة فهو لسواها أحفظ:
قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: العبد إذا أقام صلاته على الوجه المأمور به، كان لما سواها من دينه أحفظ وأقوم.
• من ضيع الصلاة فهو لغيرها أضيع:
** عن أبي العالية الرياحي قال: كنتُ أرحل إلى الرجل مسيرة أيام لأسمع منه، فأتفقد صلاته، فإن وجدته يحسنها أقمت عليه، وإن أجده يُضيعها رحلت ولم أسمع منه، وقلت: هو لما سواها أضيع.
** قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: من ضيع الصلاة المفروضة حتى يخرج وقتها من غير عذر، مع خفة مؤنتها عليه، وعظيم فضلها، فهو لما سواها أضيع.
** قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: إذا ضيعوا الصلاة التي عماد الدين، وميزان الإيمان والإخلاص لرب العالمين، التي هي آكد الأعمال، وأفضل الخصال، كانوا لما سواها من دينهم أضيع، وله أرفض
• الصلاة تتضمن عبودية القلب واللسان والجوارح:
قال العلامة السعدي: قال الله عز جل: (فاعبدني وأقم الصلاة لذكري) ( فاعبدني ) بجميع أنواع العبادة، ظاهرها وباطنها، أصولها وفروعها، ثم خصّ الصلاة بالذكر وإن كانت داخلة في العبادة لفضلها وشرفها، وتضمنها عبودية القلب واللسان والجوارح.
• أداء الصلاة بنشاط:
قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: ينبغي للعبد أن لا يأتي الصلاة، إلا وهو نشيط البدن والقلب إليها.
• الاستعداد للصلاة:
** قال عدي بن حاتم: ما أقيمت الصلاة منذ أسلمت إلا وأنا على وضوء.
** قال وكيع بن الجراح: من لم يأخذ أهبة الصلاة قبل وقتها لم يكن وقرها.
• الحرص على صلاة الجماعة:
** قال سعيد بن المسيب: ما فاتتني الصلاة في الجماعة منذ أربعين سنة.
** قال يحيى بن معين: أقام يحيى بن سعيد القطان أربعين سنة وما رؤى يطلب جماعة قط
** قال يحيى القطان: كان الأعمش محافظًا على الصلاة في جماعة.
** قال القاضي سليمان بن حمزة بن قدامة المقدسي رحمه الله (ت715هـ): لم أصل الفريضة قط منفردًا إلا مرتين، وكأني لم أصلهما قط.
• الحضور إلى المسجد في أول الوقت:
** قال سعيد بن المسيب: ما أذن المؤذن منذ ثلاثين سنة إلا وأنا في المسجد.
** قال سفينان بن عيينة: قال رجل: من توقير الصلاة أن تأتي قبل الإقامة.
• المحافظة على الصف الأول:
** قال يحيى القطان: كان الأعمش محافظًا...على الصف الأول
• المحافظة على التكبيرة الأولى:
** قال سعيد بن المسيب: ما فاتتني التكبيرة الأولى منذ خمسين سنة.
** قال محمد التميمي: مكثت أربعين سنة لم تفتني التكبيرة الأولى إلا يوم ماتت أمي.
* قال وكيع: من تهاون بالتكبيرة فاغسل يديك منه.
قرة العين في الصلاة:
** قال ابن حجر رحمه الله: حديث أنس (وجعلت قرة عيني في الصلاة) ومن كانت قرة عينه في شيء فإنه يودُّ أن لا يفارقه ولا يخرج منه لأن فيه نعيمه وبه تطيب حياته
** قال العلامة العثيمين رحمه الله: إذا تعود الإنسانُ على إكثار الصلاة صارت قُرَّة عينه، وصار يألفها دائمًا، ولكننا نعنى بالصلاة الصلاة الحقيقية التي تكون صلة بين الإنسان وبين ربه؛ بحيث إذا دخل في صلاته لا يلتفت قلبُهُ إلى شيء من الدنيا، بل يلتفت إلى الله وحده، إن كبَّر استشعر عظمة الله عز وجل وكبرياءه، وإن قرأ القرآن الكريم الفاتحة أو غيرها، استشعر بأنه يتلو كتاب ربِّ العالمين الذي تكلم به لفظًا ومعنًى، وإن ركع استشعر أنه يخضع لله عز وجل، وإن سجد استشعر أنه يُنزِّل أعلى ما في جسده وأشرافه إلى مهبط القدمين وموضع الأقدام، تواضعًا لله عز وجل.
حضور القلب في الصلاة، وإقباله على الله عز وجل:
** ذكر لمسلم بن يسار قلة التفاته في صلاته، قال: وما يدريكم أين قلبي؟
** قال الإمام ابن عبدالبر رحمه الله: ما شغل القلب عن الصلاة، وعن خشوعها، وتمام ما يجب فيها، فواجب تركه، وواجب أن لا يصلي المرء إلا وقلبه متفرغ لصلاته، ليكون متيقظًا فيها مقبلًا عليها. وبالله التوفيق.
** قال الشيخ محمد بن عبدالوهاب رحمه الله: اعلم أرشدك الله لطاعته وأحاطك بحياطته وتولاك في الدنيا والآخرة: أن مقصود الصلاة وروحها ولبها، هو إقبال القلب على الله تعالى فيها فإذا صليت بلا قلب فهي كالجسد الذي لا روح فيه.
** قال العلامة العثيمين رحمه الله: جرب تجد، إذا صليت الصلاة الحقيقية التي يحضر بها قلبك وتخشع جوارحك تحس بأن قلبك استنار وتلتذ بذلك غاية الالتذاد.
الصلاة نور:
** قال الإمام النووي رحمه الله: الصلاة نور، فمعناه: تمنع من المعاصي، وتنهى عن الفحشاء والمنكر، وتهدي إلى الصواب كما أن النور يستضاء به، وقيل: يكون أجرها نورًا لصاحبها يوم القيامة، وقيل: تكون نورًا ظاهرًا على وجهه يوم القيامة، ويكون في الدنيا على وجهه البهاء بخلاف من لم يصل.
** قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: الصلاة نور مطلق، فهي نور للمؤمنين في قلوبهم وبصائرهم،...وهي نور للمؤمنين في قبورهم، ولا سيما صلاة الليل، كما قال أبو الدرداء: "صلوا في ظُلم الليل لظلمة القبور" وهي في الآخرة نور للمؤمنين في ظلمات القيامة وعلى الصراط.
** قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم: (الصلاة نور)، فالصلاة نور للعبد في قلبه، وفي وجهه، وفي قبره، وفي حشره، ولهذا تجد أكثر الناس نورًا في الوجوه أكثرهم صلاة، وأخشعهم فيها لله عز وجل.
وكذلك تكون نورًا للإنسان في قلبه تفتح عليه باب المعرفة لله عز وجل، وباب المعرفة في أحكام الله وأفعاله وأسمائه وصفاته. وهي نور في قبر الإنسان؛ لأن الصلاة عمود الإسلام إذا قام العمود قام البناء، وإذا لم يقم العمود فلا بناء.
كذلك نور في حشره يوم القيامة، كما أخبر بذلك الرسول صلى الله عليه وسلم: (أن من حافظ عليها كانت له نورًا ونجاةً وبرهانًا يوم القيامة، ومن لم يحافظ عليها لم تكن له نورًا ولا برهانًا، ولا نجاة يوم القيامة، وحُشر مع فرعون وهامان وقارون وأبُي بن خلف)، فهي نور للإنسان في جميع أحواله، وهذا يقتضي أن يحافظ الإنسان عليها، وأن يحرِص عليها، وأن يُكثر منها؛ حتى يكثُر نوره وعلمه وإيمانه.
** قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: قال تعالى: (سيماهم في وجوههم من أثر السجود) أي: قد أثرت العبادة من كثرتها وحسنها في وجوههم حتى استنارت. لما استنارت بالصلاة بواطنهم استنارت بالجلال ظواهرهم.
** قال الشيخ سعد بن ناصر الشثري: الصلاة نور يعني أنها توضح الطريق للمسلم، وتكون سببًا في استقرار قلبه، وقيل: إن المراد به أن الصلاة نور تنير للمسلم طريقه يوم القيامة. وقال آخرون: بأنه سبب لهداية العبد في الدنيا إلى ما يحبه الله ويرضاه.
الصلاة قوت قلوب المؤمنين وغذاؤها:
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: الصلاة قوت قلوب المؤمنين وغذاؤها، بما اشتملت عليه من ذكر الله ومناجاته وقربه، فمن أتم صلاته فقد استوفى غذاء قلبه وروحه، فما دام على ذلك كملت قوته ودامت صحته وعافيته، ومن لم يتم صلاته فلم يستوف قلبه وروحه قوتها وغذاءها، فجاع قلبه وضعف، وربما مرض أو مات لفقد غذائه، كما يمرض الجسد ويسقم إذا لم يكمل تناول غذائه وقوته الملائم له.
انتظار الصلاة بالقلب والبدن:
قال العلامة محمد بن صالح العثيمين رحمه الله: قوله صلى الله عليه وسلم: (انتظار الصلاة بعد الصلاة)، الانتظار يكون بالبدن ويكون بالقلب.
أما البدن فيبقي في مكان صلاته حتى تأتي الصلاة الأخرى، وأما بالقلب فيكون كلما انتهى من صلاة إذا هو ينتظر الصلاة الأخرى متى تأتي؟ ليقف بين يدي ربه؛ لأنه يحب الصلاة، قد جعل الله قرة عينه في الصلاة، وهذا دليل على إيمانه؛، لأن الصلاة إيمان.
• الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر:
** قال ابن مسعود رضي الله عنه: من لم تأمره الصلاة بالمعروف، وتنهاه عن المنكر، لم يزد إلا بعدًا.
** قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: وجه كون الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر، أن العبد المقيم لها، المتمم لأركانها وشروطها، وخشوعها، يستنير قلبه، ويتطهر فؤاده، ويزداد إيمانه، وتقوى رغبته في الخير، وتقل أو تنعدم رعبته في الشر، فبالضرورة مداومتها والمحافظة عليها على هذا الوجه، تنهى عن الفحشاء والمنكر، وهذا من أعظم مقاصد الصلاة، وثمراتها. وثم مقصود في الصلاة أعظم من هذا وأكبر، وهو: ما اشتملت عليه من ذكر الله، بالقلب واللسان والبدن، فإن الله تعالى إنما خلق العباد لعبادته، وأفضل عبادة تقع منهم الصلاة.
الصلاة بالجسم فقط صلاة ناقصة:
قال العلامة العثيمين رحمه الله: يا إخوان، أكثر أوقاتنا نُصلِّي ولا نصلِّي، يصلِّي الإنسانُ وجسمه في مُصلاه في مسجده، لكن قلبه في كل وادٍ يفكر بهاجسٍ، يبيع، ويشتري، ويحرث، ويستأجر، ويؤجِّر، ويرهنُ، ويرتهن، فهذا لم يصلِّ كما ينبغي، ولهذا جاء في الحديث: (إن الرجل لينصرفُ وما كُتب له إلا عُشر صلاته، تُسُعُها، ثُمُنُها، سُبُعُها، سُدُسُها خُمُسُها رُبُعُها، ثُلُثُها نصفها)، كلها راحت بسبب الهواجس، والله سبحانه وتعالى يعلم ما في قلوبنا، فإذا لم تُصلِّ قلوبنا قبل أجسامنا، فصلاتنا ناقصة، أسألُ الله أن يعاملني وإياكم بعفوه، وأن يجعلنا ممن يقولُ ويفعل.
• كلما كمل الإيمان تمت الصلاة:
قال العلامة السعدي رحمه الله: على حسب إيمان العبد تكون صلاته، وتتم، وتكمل.
• الإخلاص في الصلاة يستلزم الإخلاص في سائر العمل:
قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: من أخلص في صلاته ونسكه استلزم ذلك إخلاصه لله في سائر أعماله وأقواله.
• السهو عن الصلاة:
قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: قوله تعالى: (عن صلاتهم ساهون) أي: مضيعون لها، تاركون لوقتها، مخلون بأركانها.
• فضل المحافظة على صلاتي الفجر والعصر:
** قال الحافظ ابن رجب رحمه الله: لما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم الرؤية في حديث جرير بن عبدالله البجلي أمر عقب ذلك بالمحافظة على الصلاة قبل طلوع الشمس وقبل غروبها،...فمن حافظ على هاتين الصلاتين على مواقتيهما وأدائهما وخشوعهما وحضور القلب فيهما رُجي له أن يكونُ ممن ينظر إلى الله في الجنة في وقتهما
** قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: العصر والفجر...قال الخطابي: الرؤية قد يرجي نيلها بالمحافظة على هاتين الصلاتين.
• من صلى الصبح فهو ذمة الله:
قال الإمام النووي رحمه الله: قيل الذمة هنا: الضمان، وقيل: الأمان.
• الفزع إلى الصلاة عند الكرب، وخشية الشر:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: من نابه أمر مهم من الكرب ينبغي له أن يفزع إلى الصلاة،...المفزع في الأمور المهمة إلى الله يكون بالتوجه إليه في الصلاة
استحباب الإسراع إلى الصلاة عند خشية الشر.
• الخشوع في الصلاة:
** قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: الخشوع تارة يكون من فعل القلب كالخشية، وتارة من فعل البدن كالسكون، وقيل: لا بد من اعتبارهما حكاه الفخر الرازي في تفسيره، وقال غيره هو معنى يقوم بالنفس يظهر منه سكون في الأطراف يلائم مقصود العبادة
** قال العلامة السعدي رحمه الله: الخشوع في الصلاة هو: حضور القلب بين يدى الله تعالى، مستحضرًا لقربه، فيسكن لذلك قلبه، وتطمئن نفسه، وتسكن حركاته ويقل التفاته، متأدبًا بين يدي ربه، مستحضرًا جميع ما يقوله ويفعله في صلاته، من أول صلاته إلى آخرها، فتنتفى بذلك الوساوس والأفكار الرديئة وهذا روح الصلاة، والمقصود منها.
ومن يداوم على الصلاة من غير خشوع، أو على الخشوع من دون محافظة عليها، فإنه مذموم ناقص،....والصلاة....من استحضر فيها قرب ربه، خشع وذل، وأكملها، وبتكميلها يكمل سائر عمله، ويستعين بها على جميع أموره.
• الصلاة تعين على الصبر، وفعل الشاق من الأعمال:
** قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: الصلاة...من أسرارها أنها تعين على الصبر لما فيها من الذكر والدعاء والخضوع ...وابن عباس نعي إليه أخوه قثم وهو في سفر، فاسترجع،...وصلى ركعتين أطال فيهما الجلوس، ثم قام وهو يقول: (واستعينوا بالصبر والصلاة)
** قال العلامة السعدي رحمه الله: أمره الله بالصلاة خصوصًا، وبالذكر عمومًا، وبذلك تحصل للعبد ملكة قوية، في تحمل الأثقال، وفعل الشاق من الأعمال.
• الحكمة في خلو صلاة الجنازة من الركوع والسجود:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: قال ابن رشيد نقلا عن ابن المرابط وغيره: الصلاة على الجنازة.....لم يكن فيها ركوع ولا سجود لئلا يتوهم بعض الجهلة أنها عبادة للميت فيضلَّ بذلك.
• دواء لمن يسابق الإمام في الصلاة:
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: قال صاحب القبس: ليس للتقدم قبل الإمام سبب إلا طلب الاستعجال، ودواؤه أن يستحضر أنه لا يسلم قبل الإمام فلا يستعجل في هذه الأفعال.
• صلاة النافلة جالسًا من غير عذر:
قال مسلم بن يسار: إني أكره أن يراني الله عز وجل أصلى له قاعدًا من غير عذر.
• قرع المصلى لباب الملك:
قال عبدالله بن مسعود رضي الله عنه: المصلى يقرع بابه، ومن يدم قرع باب الملك يوشك أن يفتح له.
• من أكثر من الصلاة عُرِفَ بها:
قال الإمام ابن عبدالبر رحمه الله: من أكثر من شيء عُرف به ونسب إليه ألا ترى إلى قوله (فمن كان من أهل الصلاة) يريد من أكثر منها نسب إليها.
• الصلاة صلاة المودع:
قال معاذ بن جبل رضي الله عنه لابنه: يا بني، إذا صليت صلاة، فصل صلاة مودع، لا تظن أنك تعود إليها أبدًا.
المصلون في الناس قليل:
المصلون في الناس قليل، ومقيمو الصلاة منهم أقل القليل، كما قال عمر رضي الله عنه: الحاج قليل، والرَّكب كثير.
من خلَت قلوبهم من محبة الله، فالصلاة كبيرة عليهم:
ليس من كانت الصلاة ربيعًا لقلبه، وحياةً له وراحةً، وقرةً لعينه، وجلاءً لحزنه، وذهابًا لهمِّه وغمِّه، ومَفزعًا له يلجأ إليه في نوائبه ونوازله كمن هي سُحت لقلبه، وقيد لجوارحه، وتكليف له، وثِقَلٌ عليه، فهي كبيرة على هذا، وقرة عين وراحة لذلك؛ قال تعالى: ﴿وَاسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ وَإِنَّهَا لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخَاشِعِينَ * الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلَاقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ﴾ [البقرة45، 46]
فإنما كبرت على غير هؤلاء لخلوِّ قلوبهم من محبة الله تعالى وتكبيره وتعظيمه والخشوع له، وقلة رغبتهم فيه، فإن حضور العبد في الصلاة، وخشوعه فيها، وتكميله لها، واستفراغه وسعه في إقامتها وإتمامها على قدر رغبته في الله. وليس حظ القلب العامر بمحبة الله وخشيته والرغبة فيه وإجلاله وتعظيمه من الصلاة، كحظ القلب الخالي الخراب من ذلك، فإذا وقف الاثنان بين يدي الله في الصلاة، وقف هذا بقلبٍ مُخبتٍ له، خاشع له، قريب منه، قد امتلأت أرجاؤه بالهيبة، فاجتمع همُّه على الله، وقرَّت عينه به، وأحسَّه بقُربه من الله قربًا لا نظير له، ففرَّغ قلبه له، وأقبل عليه بكُليته.
السجود سر الصلاة وركنها الأعظم:
السجود سر الصلاة، وركنها الأعظم، وخاتمة الركعة، وما قبله من الأركان كالمقدمات له، ولهذا أقرب ما يكون العبد من ربه وهو ساجد، وأفضل أحواله حال يكون فيها أقرب إلى الله، ولهذا كان الدعاء في هذا المحل أقرب إلى الإجابة.
• إقامة الصلاة:
** قال الإمام النووي رحمه الله: إقامة الصلاة...فيه قولان، أحدهما: أنه ادامتها والمحافظة عليها، والثاني: اتمامها على وجهها.
** قال العلامة عبدالرحمن بن ناصر السعدي رحمه الله: إقامة الصلاة، إقامتها ظاهرًا، بإتمام أركانها، وواجباتها، وشروطها، وإقامتها باطنًا. بإقامة روحها، وهو حضور القلب فيها وتدبر ما يقوله ويفعله منها.
الصلاة...من أفضل الأعمال. وهي ميزان للإيمان وشرائعه، فبإقامتها على وجهها، تكمل أحوال العبد، وبعدم إقامتها تختل أحواله الدينية.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد