حلقة 3: حكم إخراج الزكاة - هل يغسل المرأة ابنها؟ - لا ينكح زوجة أبيه - حكم تقبيل النساء المحارم - قضاء الدين هل يلزم أن يكون من جنسه؟ - تقديم الأخ على الابن في ولاية النكاح

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

3 / 50 محاضرة

حلقة 3: حكم إخراج الزكاة - هل يغسل المرأة ابنها؟ - لا ينكح زوجة أبيه - حكم تقبيل النساء المحارم - قضاء الدين هل يلزم أن يكون من جنسه؟ - تقديم الأخ على الابن في ولاية النكاح

1- أقرضت شخصا عشرة آلاف ريال، وحال عليها الحول عنده، وأخرج هو زكاتها برضى منه ومن جيبه الخاص، من غير شرط بيني وبينه، وأخبرني بذلك ورضيته، فهل تبرأ ذمتي بهذا الإخراج؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعـد: فإخراج الزكاة عبادة وقربة تحتاج إلى نيةٍ من المخرج، فإذا أخرج إنسان عن آخر زكاة ماله سواءً كان ذلك قرضاً أو أمانةً أو غير ذلك فإن في صحة الإخراج خلافاً بين العلماء، مبنياً على التصرف الفضولي، وهو تصرف الإنسان في مال غيره بغير إذنه، فمن أهل العلم من قال: إن ذلك يجزئ إذا أجازه المالك أو المسؤول، ومنهم من قال: لا يجزئ بل لا بد من نيةٍ مصاحبةٍ للإخراج في مثل هذا، فالأظهر عند جمعٍ من أهل العلم أنه لا يجزئ، لأنه أخرجه من دون أن يشاور صاحب الزكاة، ومن دون أن يأخذ إذنه في ذلك، بل ذلك أخرجه تبرعاً من دون إذن، فالأحوط لهذا المخرج عنه أن يزكي وأن لا يكتفي بهذه الزكاة، وإن اكتفى بها أجزأت عند جمعٍ من أهل العلم؛ لأنه أجازها.( يقول المقدم: وهو هنا يقول: وأخرج الزكاة برضى مني -يعني برضى منه هو المخرج- ولكنه رضي فيما بعد.؟). كأنه رضاً جديدا، أما ذاك فقد أخرج مالاً من دون استئذان، كأنه قد رأى أنه قد يمون عليه في هذا الشيء وأن هذا إحسان سوف يوافق عليه، فلهذا لم يستأذنه، أو لعله خاف أن يمنعه من ذلك وهو يحب أن يجازيه على إقراضه بالإحسان؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إن خيار الناس أحسنهم قضاء)، فالحاصل أن الإجزاء قال به جمع من أهل العلم، بالإمضاء والإجازة، والقول الثاني لا يجزئ لأن النية لم تصاحبه في ذاك الوقت، ليس عنده إذن سابق حتى يكون وكيله.

 

 
2- توفيت امرأة في مكان ليس فيها مغسلة ولا زوج لها، بل يوجد فيه ابنها، فهل يقوم ابنها بتغسيلها، أم لا يقوم؟
الأرجح أنه لا يقوم، بل يتمم، يعني ييمها وليها، يعني ييمها بالتراب ويمسح بهما وجهها وكفيها بنية غسل الموت، ويكفي، لأن المرأة لا يغسلها إلا أحد شخصين: إما امرأة، وإما الزوج أو السيد الذي تباح له، أما في هذه الحال لم يحضرها سوى ابنها أو أخيها أو عمها أو أجنبي فإنها تيمم على الراجح، يعني يضرب التراب بيديه ويمسح بهما وجهها وكفيها بنية غسل الموت.( يقول المقدم: يعني التيمم هنا يشابه هنا تيمم الصلاة، يعني لا يمسح مع بقية جسمها؟) ج/ وجهها وكفيها بس، مثل الصلاة، مثل الذي عليه الجنابة ولا عنده ماء.

 

 
3- عقد رجل على امرأة فطلقها قبل أن يدخل بها، فهل تجوز لابنه من بعد طلاقه لها؟
ج/ لا، إذا طلق رجل امرأة حرمت على جميع ذريته، من أولاده وأولاد بنيه، وأولاد بناته، لأنها زوجة أبيهم، وإن لم يدخل بها، لأن الله ما علق هذا بالدخول، قال سبحانه: وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء إِلاَّ مَا قَدْ سَلَفَ.. (22) سورة النساء، فحرم نكاح زوجات الآباء مطلقاً، والأب يدخل فيه أبوه القريب وجده وأبو أمه وآباء أمه، كل آبائه من جهة الأم ومن جهة الأب، زوجاتهم محرمة عليه وهو محرم لهم، للآية الكريمة: وَلاَ تَنكِحُواْ مَا نَكَحَ آبَاؤُكُم مِّنَ النِّسَاء..، هذا يعم المدخول بها وغير المدخول بها، وهذا محل إجماع عند أهل العلم، ليس فيه خلاف. وهكذا العكس زوجات الأبناء يحرمن على الآباء مطلقاً، ولو لم يدخل بها الابن، إذا تزوج رجل امرأة ثم مات عنها قبل الدخول بها أو طلقها قبل الدخول بها حرمت على آبائه وأجداده، لأن الله قال: ..وَحَلاَئِلُ أَبْنَائِكُمُ الَّذِينَ مِنْ أَصْلاَبِكُمْ.. (23) سورة النساء، ولم يقل: اللاتي دخلتم بهن.

 

 
4- هل يجوز للرجل أن يقبل أخته أو بعض محارمه مثل تقبيله لزوجته مع أن هذا منتشر في بعض الجهات؟
ج/ يجوز للإنسان أن يقبل محارمه مثل أخته، وعمته، وخالته، وهذا لا حرج فيه، وقد ثبت أن الصديق رضي الله عنه دخل على ابنته عائشة وقد كانت توعك أصابها بعض الحمى، فقبلها مع خدها، فالتقبيل جائز، لكن لا يكون مع الفم، الأولى أن لا يكون مع الفم، الفم يكون للزوجة أو السرية، أما تقبيل المحارم فالأولى والأحوط أن يكون مع الخد، مع الأنف، مع الرأس، هذا هو الأولى، لأنه أبعد عن الشهوة.

 

 
5- هناك فلاح عنده عمال من جمهورية مصر العربية لكنهم لا يصلون ولا يصومون، وعندما أمرهم بالصلاة والصيام لم يستجيبوا له، وطلبوا منه أن يقدم لهم الأكل في نهار رمضان وإلا سوف يتركون العمل، مدعين بأنهم غير مسلمين، وفعلا قدم لهم الأكل في رمضان بأكمله، وهو أمي مما يجعله في حرج من التأكد من حالهم كقراءة الزيارة المكتوبة في الجواز وغير ذلك، فما رأيكم في هذا العمل؟ راجيا أن ترشدونا ولأمثال هذا؟
ج/ أولاً: استقدام غير المسلمين في العمل غير مناسب، ولا ينبغي استقدامه، بل ينبغي عدم استقدام غير المسلمين لأن استقدام غير المسلمين قد يضر الإنسان في نفسه، وفي عقيدته، وفي أخلاقه، قد يضر ذريته وأهل بيته، ولا سيما الخادمات والمربيات فإن ضررهن عظيم، فالواجب أن لا يستقدم للعمل أو للتربية في البيت والعمل في البيت إلا مسلمات فقط، وهكذا الرجال لا يستقدموا إلا المسلمين لا غير المسلمين، لأنهم يضرون كثيراً، ولأنهم على عقيدة وعلى أخلاق غير عقيدة المسلم وأخلاقه، فالواجب تجنب استقدامهم حذراً من شر التأسي بهم والاختلاط بهم. أيضاً هذه الجزيرة العربية لا يجوز أن يبقى فيها إلا دين واحد، لا يبقى فيها دينان، وهؤلاء الخدام والعمال قد يمكثون فيها مدة طويلة بسبب العمل، أو الرغبة في عملهم، فلا يجوز استقدام غير المسلمين لهذه الجزيرة العربية لقول النبي صلى الله عليه وسلم: (أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب) وفي لفظٍ آخر قال: (أخرجوا المشركين)، وأوصى بهذا عند موته عليه الصلاة والسلام، فلا يجوز للمسلم أن يستقدم إلا المسلمين والمسلمات أما غيرهم فلا في هذه الجزيرة، وقد بُحث هذا مع الدولة وفقها الله، وقررت أن هذا سوف ينفذ إن شاء الله في عدم استقدام غير المسلمين إلا ما دعت له الضرورة، مثل طبيبٍ أو مهندس تدعو له الضرورة؛ لأن الدولة قدوة للناس، فلهذا بحث أهل العلم مع الدولة وفقها الله في هذا الشيء وقررت أن هذا الشيء إن شاء الله سوف يُنتهى منه ولا يستقدم إلا من تدعو له الضرورة، فالرعية من باب أولى، الرعية من باب أولى أن لا تستقدم إلا المسلم والمسلمة فقط، وليس لها أن تستقدم غير المسلمين أبداً، لعظم الضرر في ذلك، ولأن هذه الجزيرة كما سمعت سابقاً لا ينبغي أن يستقدم لها إلا المسلم؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم أمر بإخراج أهل الشرك منها، واليهود والنصارى، وأن لا يبقى فيها إلا دين واحد؛ لأنها مهد الإسلام، ولأن المسلمين يعلقون بها بعد الله آمالهم، ويقتدون بها، فإذا استقدمت غير المسلمين صارت مفتاحاً للغير في استقدام غير المسلم وفي الأنس بهم وفي اختلاطهم، وهذا يضر الجميع جداً.( يقول المقدم: لكن هو في نفسه حرج من إطعامهم في شهر رمضان ويريد أن يعرف هل هو آثم؟) ج/ أما تقديم الطعام لهم، فلا يجوز تقديم الطعام لهم، إذا كانوا غير مسلمين وأرادوا تقديم الطعام لهم في رمضان فلا، لا يعينهم على هذا الشيء وإن كانوا كفاراً لو صاموا ما صح منهم الصوم، لكنهم مخاطبون بفروع الشريعة، فإذا كانوا مخاطبين لم يجزئ أن يعانوا على ما يخالف الشريعة، بل ينصحون ويوجهون لعلهم يسلمون، يدعون إلى الإسلام ويوجهون إلى الخير لعلهم يسلمون فيحصل له مثل أجورهم، (من دل على خير فله مثل أجر فاعله)، (لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم)، هكذا قال النبي صلى الله عليه وسلم، فإذا أبوا فهم الذين يصنعون لأنفسهم، يصنعون طعامهم لأنفسهم، وهم الذين يقومون بحاجاتهم في هذا الباب، لعلهم يتأثرون بهذا الشيء فيسلمون وإلا فتلغى عقودهم ويأتي الله بأفضل منهم، يعني لا يتساهل معهم ولو صمموا على ترك العمل فالحمد لله، يتركون العمل ويأت الله بخيرٍ منهم، ولا ينبغي أبداً أن يساعدهم على هذا الشيء، لا ينبغي أن يساعدهم على الأكل والشرب في رمضان، سواءً كانوا كفاراً أو فساقاً، من فساق المسلمين الذين لا يصومون، فلا يساعد على ما حرم الله، لا كافراً ولا فاسقاً، لا يساعدهم، بإمكانهم أن يعملوا لأنفسهم حاجاتهم، يطبخون حاجاتهم لكنه لا يساعدهم هو بنفسه. 

 

 
6- استدان رجل من رجل مبلغا من الفرنسي والعربي فضة، وأراد أن يسدد ما عليه في هذه الأيام، فهل يجوز له أن يسددها ورقا حسب سعرها في السوق أم لا؟ أفتونا أجركم الله، ونريد الإجابة بالتفصيل حول هذه المسألة؟
إذا كان على إنسانٍ لآخر فرنسة أو فضة من عملة أخرى فلا مانع أن يسدد ذلك، وأن يقضي ذلك من العملة الورقية، لأن العملة الورقية جنس مستقل وذاك جنس مستقل، هذه من الورق وذاك من الفضة فلا منافاة، لكن يكون يداً بيد يعطيه حاجته بسعر السوق يداً بيد، عن الفرنسة وعن الدرهم الفضي السابق الآخر، يعني ينظر في قيمته في الأسواق فيعطيه ما يقابل ذلك يداً بيد، لا تأجيلاً بل يداً بيد، وإن أعطاه شيئاً آخر من باب الحيطة ومن باب الخروج من خلاف من لا يرى ذلك مثلاً أن يعطيه عن ذلك سكر أو قهوة أو هيل أو خام أو أواني أو شيء من ذلك، هذا حسن، يعني بالسعر، لكن الأرجح عندنا والأظهر أنه لا حرج في أن يعوضه عن ذلك من العملة الورقية بالسعر حسب السوق.

 

 
7- هناك امرأة طلبت من رئيس كتابة العدل أن يسجل لها وكالة لأخيها من أبيها ليتولى عقد زواج لها على الزوج الذي ترضاه، مع أنها تركت أبناءها وهم الأقربون للولاية، وليس فيهم نقص من بعدهم أخ شقيق، وفعلا أخرج صكاً من كتابة العدل حسب رغبتها، ثم اتصلت هي والوكيل والزوج بإمام مسجد وليس موظفا وظيفة رسمية، فتم العقد والزواج بهذه الصفة، فما رأيكم فيمن كتب هذه الوكالة، ومن عمل بها، وأيضا من وقوع الزواج؟ أفتونا مشكورين، جزاكم الله خيرا؟
ج/ أولاً: الواجب أن يتولى النكاح الأقرب فالأقرب، هذا هو الأرجح من أقوال العلماء، يتولاه الأقرب فالأقرب، والأقرب هو الأب ثم يليه الجد ثم الأبناء ثم الإخوة الأشقاء ثم الإخوة لأب ثم من دونهم كمثل أخ شقيق، ومثل أخ لأب والعم الشقيق كالمواريث، هذا هو الأرجح؛ لأن هذه قرابة يترتب عليه الحنو على المرأة والحرص على ما ينفعها فكان الأقرب فالأقرب أولى، ولأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال: (لا نكاح إلا بولي) فكل ما كان الولي أقرب صار أكثر عنايةً بها وحرصاً على مصلحتها، فلا ينبغي لها ولا لغيرها أن يعمل خلاف ذلك، فلا تكتب الوكالة باسم الأبعد ويترك الأقرب، مثل هذه التي كتبت الولاية لأخيها ولها أبناء، والأبناء مقدمون على الراجح على الإخوة، لكن إذا تم العقد بذلك فينبغي أن يجدد العقد بولي أقرب حتى يخرج من خلاف العلماء.. بعض أهل العلم يرى أن جميع الأقارب العصبة لو كان الأخ أو الابن أو العم، ولكن الأولى الذي ينبغي هو تقديم الأقرب فالأقرب، فالتي عقد لها أخوها لأبيها مع وجود أبنائها ينبغي أن يجدد عقدها بنفس ابنها أو وكيل ابنها، إلا إذا كان ابنها قد وافق على توكيل الأخ لأب فلا بأس، إذا وافق الأقرب على توكيل الأبعد فلا حرج، إذا قال الأقرب نوكل الأبعد، يعني وكل ابنها أخاها فلا بأس، أما إذا كان بغير إذنهم بغير موافقتهم فلا. بل لا بد من كون الأقرب هو الذي يتولى عملية النكاح فإذا تم العقد بولاية غير الأقرب فينبغي أن يجدد باسم ولاية الأقرب خروجاً من خلاف العلماء واحتياطاً للفروج، لأن الفروج أمرها عظيم، الفروج لها شأن، فينبغي أن يحتاط لها في كل شيء ومن ذلك أن يكون العقد من الأقرب لا من الأبعد، فإذا تولاه الأبعد ينبغي أن يجدد إلى الأقرب حتى تكون المرأة حِلاً للزوج ليس فيه شبهة.

 

532 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply