حلقة 86: حكم اللحوم المستوردة من الخارج - الشيء القليل من اللقطات وغيره معفو عنه - الإحتفال بالمولد - السفر بالزوجات إلى بلاد الغرب - طلاق الزوجات بعد الرجوع من الغرب

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

36 / 50 محاضرة

حلقة 86: حكم اللحوم المستوردة من الخارج - الشيء القليل من اللقطات وغيره معفو عنه - الإحتفال بالمولد - السفر بالزوجات إلى بلاد الغرب - طلاق الزوجات بعد الرجوع من الغرب

1- هل لحوم الدجاج والأغنام المستوردة من الخارج حلال أم هي حرام؟ مع ذكر الدليل إن وجد،

هذه اللحوم المستوردة فيها تفصيل: إن كانت من بلاد أهل الكتاب كاليهود والنصارى فيحل لنا، مثل ما يستورد من فرنسا، انجلترا، أمريكا، الدنمارك، وأشباه ذلك، لأن الله أباح لنا طعام أهل الكتاب، حيث قال سبحانه وتعالى: وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ حِلٌّ لَّكُمْ وَطَعَامُكُمْ حِلُّ لَّهُمْ.. (5) سورة المائدة. وطعامهم ذبائحهم، الله أحل لنا طعامهم وهي ذبائحهم، وقد أجمع أهل العلم على ذلك، فما كان من بلاد أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى فهو حل لنا إلا إذا علمنا أنه ذبح على غير الشرع، كأن يكون ذبح بالخنق والوقذ، فلا يحل، مثل ذبيحة المسلم التي يذبحها بالخنق والوقذ لا تحل، أما ما دمنا نجهل ذلك فالأصل الحل، لو كنا لا نعلم أنها ذبحت على غير الشرع فالأصل حل ذلك، مثل ذبيحة المسلم، أما الذبائح الأخرى التي ترد من البلاد الشيوعية أو الوثنية كالهند أو الشيوعية كبلغاريا والسوفيت هذه لا تحل إلا إذا علمنا أنه ذبحها مسلم أو كتابي، إذا علمنا ذلك، لا بأس، وأما إذا لم نعلم فالأصل تحريم ذبائحهم، الأصل تحريم ذبائح الوثنيين وتحريم ذبائح الملحدين ذبائح الملحدين من الشيوعيين ينبغي التفريق والتفصيل.  
 
2- إني في سنة 1974م قمت بحج بيت الله الحرام وعندما انتهت فترة الحج سافرنا إلى أهلنا، وعندما خرجنا من الكويت إلى العراق تبرعنا نحن الحجاج لسائق السيارة التي جئنا فيها إلى بيت الله الحرام، بمبلغ كل حاج اثنان دينار، وجمعتها أنا وبقية فلوس لبعض الحجاج عندي، لكل واحد ريال أو ريالان، ونحن كثير حوالي أربعين حاج، وهم الذين بقيت لهم فلوس عندي حوالي عشرة حجاج، وعندما وصلنا إلى العراق، تفرقوا ولم أعرف بيوتهم، أفيدونا جزاكم الله عنا خيراً ما الذي أصنعه في هذه الفلوس؟
هذه الفلوس قليلة، وسهلة، في حكم المعفو عنه إن أخذتها فلا بأس، وإن تصدقت بها فلا بأس، ما دام أنها ريال أو ريالين أمرها خفيف، والقاعدة: أن الشيء القليل من اللقطات يسمح به لآخذه ولا حرج عليه في ذلك، وإن تصدقت بها عنهم وأعطيتها بعض الفقراء فحسن، ولا حرج عليك في أكلها أو الصدقة بها.  
 
3- أسأل عن مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، نحن عندنا عندما يموت شخص وبعد ثلاثة أيام يقومون أهل الميت يعملون مولد للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، أو بعد شهر يعملون، أو بعد سنة يذبحون بقرة، أو يشترون لحم ويعملون أكل ويوزعونه على القرية، وبعد ذلك يعملون مولد النبي محمد - صلى الله عليه وسلم- هل هذا جائز، أو سنة، أو الأصحاب فعلوا ذلك، أو أحد من السلف؟ نرجو توضيح ذلك لنا،
الاحتفال بالموالد من البدع المحدثة في الدين، ولا فرق بين مولد النبي -صلى الله عليه وسلم- وغيره، فإن الرسول -صلى الله عليه وسلم- وهو أفضل الخلق وهو المعلم وهو الناصح لم يحتفل بالمولد -عليه الصلاة والسلام-، وهكذا خلفاؤه الراشدون لم يحتفلوا بالمولد، وهكذا بقية الصحابة رضي الله عنهم وأرضاهم وهم أعلم الناس، وهم أكمل منا حباً للنبي صلى الله عليه وسلم، وهم أعلم بالسنة، ومع هذا لم يحتفلوا بالمولد، فدل ذلك على أنه بدعة، والبدع كلها ضلالة، كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: (كل بدعةٍ ضلالة)، وقد مضت القرون المفضلة الثلاثة ولم يحتفل بالمولد، ولا فعله أحد من السلف الصالح، فعلم بذلك أنه بدعة، وأن هذا مما أحدثه الناس بعد القرون المفضلة. ويقال: إن أول من أحدثه حكام مصر من العبيديين المعروفين، وهم من الشيعة فيما ذكر جماعة من المؤرخين، أحدثوه في المائة الرابعة، ويقال: إن أول من أحدثه ملك إربل، وبكل حال فهو محدث وبدعة لا أصل له، وقد زعم بعض الناس في بعض القرون الماضية أو في عصرنا هذا، زعموا أنه سنة، وأنه لا بأس به، وأنه من البدع الحسنة، وهذا قول فاسد لا وجه له، بل هو فاسد، وفيه حقيقة اعتراض على الرسول -صلى الله عليه وسلم- وأصحابه، وهم أعلم الناس وأفضل الناس ولم يفعلوا هذه البدعة، فالواجب ترك ذلك، وفي الإمكان أن تُدرَّس السيرة في الحلقات العلمية وفي الدروس اليومية والأسبوعية فيتعلم الناس السنة، سنة النبي -صلى الله عليه وسلم- وما كان عليه من أعمالٍ وأقوال، كما يتعلمون أحكام الشريعة التي جاء بها عليه الصلاة والسلام، هذا هو المطلوب في الدروس المدرسية، في الحلقات العلمية في المساجد، في الوعظ والتذكير، تعلم فيه السنة والسيرة، ويذكر فيه المولد وما حدث في المولد، كل هذا ممكن وهو شافي كافي، أما إيجاد موالد يحتفل بها ويقام فيها مواعيد الطعام وغير ذلك، هذا لا أصل له وهو من البدع المحدثة، وكل بدعةٍ ضلالة، ولا ينبغي لعاقل أن يغتر بفعل الناس، فإن فعل الناس ليس بحجة، وأكثر الناس ليسوا على بصيرة في أمور الدين، قال الله تعالى: وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ (103) سورة يوسف، فالعمدة الحجة والدليل، وقد قال -عليه الصلاة والسلام-: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، وقال -عليه الصلاة والسلام-: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد). والدراسة لأحوال النبي -صلى الله عليه وسلم- وسيرته وما جرى في مولده وفي هجرته كل هذا يفعله العلماء في المدارس وفي الحلقات العلمية وفي التذكير والمواعظ من غير حاجة إلى إقامة الموالد التي ابتدعها المبتدعون، ويقع فيها في بعض الأحيان من الشرك والغلو ما لا يعلمه إلا الله، يقع فيها أنواع من الشرك، كذلك يقع فيها أنواع من الشرور في بعض الأحيان، فيجب قفْل هذا الباب، وسد هذا الباب، وأن يكتفى بالدروس الإسلامية في المساجد وفي حلقات العلم وفي التذكير والوعظ في جميع شؤون الدين، وفي كل ما يتعلق بالسنة وأحكامها، هذا هو الحق، وما فعله بعض الناس اليوم وقبل اليوم من الاحتفالات بمولد النبي -صلى الله عليه وسلم- أو بمولد البدوي أو الشيخ عبد القادر، أو فلان أو فلان كله بدعة، كله لا أصل له، والواجب تركه، عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد). وبقوله -عليه الصلاة والسلام-: (كل بدعةٍ ضلالة).  
 
4-   بعض المبتعثين إلى الخارج يذهبون بزوجاتهم معهم، فمنهم من يجبر زوجته على التكشف، خشية الضحك عليهم والتندر بهم من الغرب، حتى إن الزوجات يجتمعن مع أزواجهن جميعاً، ويأكلون ويشربون ويتندرون، بل إن بعضهم يقبل زوجة صديقه أو زميله وهو ينظر، ولا بأس عندهم في ذلك!! نرجو معالجة ذلك
لا شك أن هذا الأمر الذي ذكره السائل منكر ولا يجوز، فإن الواجب على الرجل أن يكون عنده غيرة، وأن يكون عنده حرص على عفة زوجته وبعدها عن مواضع الخطر، وأن تكون بعيدة عن التبذُّل وعدم الحجاب، بل يلزمه أن يقوم عليها، وأن يوجهها إلى الخير، وأن تحتجب أينما كانت، سواء كانت في بلاد المسلمين، أو في بلاد لكافرين مع زوجها، الواجب على الجميع التأدب بالآداب الشرعية والتقيد بها في كل مكان، ومن ذلك الحجاب، وعدم الاختلاط بالأجناب من أزواج الزملاء، وإذا وقع التقبيل من الشخص إلى زوجة زميله هذا منكر عظيم، المقصود أن هذه الأشياء التي ذكرها السائل منكر فلا يجوز كشف الوجه، أو الشعر عند زملاء الزوج، ولا يجوز لزيد أو عمرو من الزملاء أن يقبل زوجة صديقه أو زميله، أو ينظر إليها، بل يجب غض البصر، ويجب الامتناع من التقبيل، ويجب الامتناع أيضاً من الاختلاط الذي يفضي إلى ذلك، بل يجلس النساء وحدهن في أكلهن وشربهن، والرجال وحدهم في أكلهم وشربهم، وتحافظ المرأة على الحجاب، والرجل على غض البصر أينما كان، هذا هو الواجب على المسلمين، ويجب على الدول الإسلامية التي تخاف الله أن تمنع هذا، وأن تقوم على من يفعله حتى يزول هذا البلاء. والابتعاث إلى بلاد الكفر فيه خطر عظيم، فيجب منعه مهما أمكن، وأن تكون الدراسة في الداخل، وأن يسلم الناس من شر هذا الابتعاث الذي يفضي إلى فساد كثير، إلى فساد العقيدة وإلى فساد الأخلاق، وإلى اختلاط الرجال بالنساء، وإلى قلة الغيرة، وإلى تمتع الرجال بأزواج غيرهم ونساء غيرهم، وربما أفضى إلى الفاحشة الملامسة والتقبيل بغير حق، وهذا كله بلاء عظيم، وهو خطر، الابتعاث خطر في العقدية والأخلاق جميعاً على الرجال والنساء. فالواجب منعه منعاً باتاً من دولتنا وفقها الله، ومن جميع الدول الإسلامية، وعلى آباء المبتعثين نصيحتهم في هذا، وأن لا يوافقوا على ابتعاثهم مهما أمكن، ولو على حساب الآباء أو حساب المؤسسات أو ما أشبه ذلك، بل يجب التقيد بالتعلم في بلاد الإسلام وفي المدارس الإسلامية، وفي الجامعات الإسلامية التي فيها الخير، وفيها الكفاية، وإذا كان هناك ضرورة في الابتعاث ليس هناك ما يغني عنه، فليبتعث الرجل العاقل الديِّن المعروف بالاستقامة والعقل الرزين، والغيرة الإسلامية والبعد عن أسباب الشر فيبتعث هذا وحده، أو مع زوجته المستقيمة عند الضرورة هذا لا حرج فيه إن شاء الله عند الضرورة، يكون داعية إلى الله وموجهاً إلى الخير ويتعلم الشيء الذي تدعو الضرورة إلى تعلمه، وزوجته معه تعينه على العفة والسلامة ويتحدث معها، وتتحدث معه، ويعلمها ويفيدها ويوجهها إلى الخير، وإذا سافر بدون زوجة فلا بأس. المقصود أن هذا ينبغي أن يعالج بأمرين: الأمر الأول: منع الابتعاث بالكلية، فإذا دعت الضرورة إليه لعدم وجود الحاجة التي يبتعث لأجلها فلا بد أن ينظر إلى الشخص المبتعث ولا يبتعث كل أحد، بل لا يبتعث إلا الرجل المعروف بالاستقامة والعقل الجيد والأخلاق الفاضلة والاتزان والعلم والفضل حتى لا يخشى عليه الوقوع في الباطل بإذن الله، وإذا كان معه زوجة فلينظر أيضاً فإن كانت جيدة صيِّنة فلا بأس باصطحابها مع نصيحتها ومع ملاحظتها حتى لا تقع في باطل، وإن كانت ليست جيدة لم يذهب بها، وتركها عند أهله خوفاً عليها من الوقوع فيما لا تحمد عقباه، لأنه ليس دائماً عندها.  
 
5- إنه يلاحظ من كثير من المبتعثين إذا عادوا إلى بلادهم بعد الابتعاث أن كثيراً منهم يطلقون زوجاتهم، ما الذي يفسر به هذا؟
هذا ما سمعته إلا الآن، ويمكن أن يكون السر في ذلك أنه يزهد فيها بعد ما يرى النساء الكافرات، وبعدما يتصل بالبغايا هناك، والعياذ بالله، فقد يبدو له أن زوجته بالنسبة إلى أولئك البغايا لا تناسبه وأنهن أجمل منها، أو أنهن آدب منها أو أعلم منها، أو ما أشبه ذلك، قد يكون هذا من الأسباب، وقد يكون من الأسباب: أنها تخالفه في بعض المسائل التي تخالف الدين وتنصحه وتريد له الخير وهي أحسن ديناً منه، فإذا جاء كرهها بكونها خيراً منه ولكونها تنكر عليه بعض أعماله السيئة، وربما يخشى أن تدرى بعوراته وأعماله الرديئة، فهذا ممكن، هذا وهذا، ممكن أن يكون أن يطلقها زهداً فيها لأنه رأى من هو أجمل منها وصحب من هي أجمل منها من البغايا!! وقد يكون طلقها لأنها تخالفه في آرائه الفاسدة ولأنها تنكر عليه أعماله الرديئة فلهذا كرهها وزهد فيها لفسقه ولديانتها واستقامتها، ممكن، هذا محتمل وهذا محتمل. المقدم: شكراً فضيلة الشيخ، إلى هنا أيها السادة نأتي إلى نهاية لقائنا هذا الذي عرضنا فيه ما وردنا منكم من أسئلة واستفسارات على فضيلة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله ابن باز، الرئيس العام لإدارات البحوث العلمية والإفتاء والدعوة الإرشاد، وقد تمكنا من عرض رسائل المستمع من ضواحي الخرج، وأحمد عبد الله حمد الشلال وشلوي محمد علي من الرياض. شكراً لفضيلة الشيخ عبد العزيز، وشكراً لكم أيها السادة، وتحية لكم من مهندس لقائنا هذا: عبد الرحمن اليحيى. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته. 

500 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply