حلقة 572: عادات وخرافات عندما يولد المولود - عادات باطلة عندما يولد المولود - كثرة الحلف بالطلاق من أجل ترويج السلعة - حكم البيع والشرء في العُمل - كتاب بدائع الزهور في وقائع الدهور- حكم إهداء ثواب قراءة القرآن إلى روح الأموات

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

22 / 50 محاضرة

حلقة 572: عادات وخرافات عندما يولد المولود - عادات باطلة عندما يولد المولود - كثرة الحلف بالطلاق من أجل ترويج السلعة - حكم البيع والشرء في العُمل - كتاب بدائع الزهور في وقائع الدهور- حكم إهداء ثواب قراءة القرآن إلى روح الأموات

1-   يسأل عن عادات موجودة في منطقة القنفذة -كما يقول-، فمن ضمن تلك العادات ما ذكره بقوله: إنه إذا ولد المولود قطع سره ويُوضع بداخل الكتب من أجل إذا كبر يحب العلم، وأيضاً يوجد لديهم عادة لها وجه آخر وهو: أن يُرمى سر المولود بعد قطعه في البحر من أجل أيضاً أن يحب البحر وعمل البحر، وهكذا يستمر في عادات لديهم من هذا القبيل ويرجو التوجيه؟

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد.. فهذه العادات المذكورة كلها باطلة ولا أساس لها، بل هي من الخرافات، فقطع سره ووضعه في الكتب أو في البحر أو في بلاد أبيه أو نحو ذلك كل هذا باطل لا أساس له ولا يجوز فعله، وهو من الخرافات التي يجب تركها.  
 
2-   يقول بعد تمام الأسبوع الأول من الولادة يخرج به شخص معروف لديهم بالشجاعة والحذاقة وكتمان السر، ووالدة المولود تبقى أربعين يوماً في الحجبة لا تطلع من بيتها بل تبقى بداخل غرفة وحدها في إغلاق لمدة أربعين يوماً، هل هذه الأفعال - كما يقول أخونا - في نظركم في شيء من الدين؟ نرجو التوجيه، جزاكم الله خيراً.
هذا كالذي قبله كله باطل، كله لا أساس له، لا حمل الولد من جهة إنسان معروف بالشجاعة إلى شيء معين يحمله إلى كذا أو إلى كذا يذهب به إلى كذا كل هذا لا أساس له، بل المولود يبقى عند والدته لإرضاعه والعناية به من أول ولادته، أو يدفع إلى من تحضنه وتربيه وترضعه إذا كانت أمه لا تستطيع ذلك وليس فيها لبن، وأمه كذلك ليس لها أن تحبس نفسها في غرفة ولا في غيرها، بل كسائر النساء يخرجن من محل الولادة وتذهب إلى حاجاتها ولا تغلق عليها غرفة ولا خيمة، بل هذا كله باطل، وكله تشديد لا وجه له، بل هو من الشيطان، نسأل الله السلامة.  
 
3-   لدى بعض دلَّالي الأغنام في السودان عادة سيئة، وهي: كثرة الحلف بالطلاق لترويج أغنامهم، وبعضهم متزوج، وقد يكون ما حُلف عليه بالطلاق مخالفاً للواقع، ما حكم هذا الحلف، وهل يقع الطلاق فعلاً، وهل هناك كفارة؟ وجهوهم شيخ عبد العزيز، جزاكم الله خيراً.
هذا عملٌ لا يجوز لا بطلاق ولا بغير الطلاق، ليس له أن يروج بضاعته بالأيمان، لا بالأيمان بالله ولا بالطلاق، كل ذلك لا يجوز؛ لأن هذا تغرير للناس وخداع للناس وربما كذب في ذلك، فإن من أكثر الأيمان يغلب عليه الكذب، ثم إنه يخدع الناس، قد يكون كاذباً في ذلك فيخدع الناس بأيمانه حتى يشتروا سلعته وإن كانت رديئة، أو يشتروها بأكثر من ثمنها لكثرة أيمانه، وقد جاء في الحديث عنه عليه الصلاة والسلام أنه قال: (ثلاثة لا يكلمهم الله ولا ينظر إليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم: أشيمط زاني -يعني شائب زاني- وعائل مستكبر -يعني فقير مستكبر- ورجلٌ جعل الله بضاعته لا يشتري إلا بيمينه ولا يبيع إلا بيمينه)، فكثرة الحلف في البيع والشراء أمرٌ منكر وخطير، ومن أسباب غضب الله عز وجل، فينبغي للمؤمن أن يحذر ذلك، وأن لا يكثر الأيمان، فإن دعت الحاجة إلى اليمين فليكن صادقاً من غير إكثار، كأن اتهموه بأنه غاش في كذا أو غاش في كذا وهو ليس بغاش بل صادق وحلف لهم يميناً بالله أنه صادق فلا بأس بذلك عند الحاجة، أما إكثار الأيمان بالطلاق أو بالله فهذا لا يجوز، وهو من أسباب الكذب وهو من أسباب الخداع والغش، وإذا كان صادقاً في طلاقه لا يقع شيء، لكن ما ينبغي استعمال ذلك؛ لأنه وسيلة إلى وقوع الباطل، وسيلة إلى الطلاق الكاذب، وسيلة إلى طلاق أهله، فينبغي للمؤمن أن يحذر ذلك وأن يعتاد الصدق مع قلة الأيمان والمحافظة عليها والله يقول سبحانه: (وَاحْفَظُواْ أَيْمَانَكُمْ)، والإكثار من الأيمان من أسباب الكذب، من أسباب الوقوع في الكذب، ومن أسباب غش الناس وخديعة الناس، فالواجب الحذر من ذلك، وإذا كان في يمينه صادقاً أو في طلاقه صادقاً فلا شيء عليه، لكن لا ينبغي له الإكثار من ذلك، بل يكون عند الحاجة مع القلة والعناية بعدم الكثرة حتى يسلم من الوعيد الشديد ومن غضب الله عز وجل، أما الكاذب فهذا فيه وعيد الكذب، نسأل الله العافية، وهو على خطر عظيم من الوعيد في كذبه في أيمانه وفي طلاقه، ويقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من حلف على يمين وهو فيها كاذب لقي الله وهو عليه غضبان!) نسأل الله العافية. فالواجب على المؤمن أن يحذر، وإذا كان كاذباً فقد ذهب أكثر أهل العلم إلى أنه يقع الطلاق، نسأل الله العافية، والصواب أنه لا يقع الطلاق، لكنه لا يجوز له، إذا كان قصده من يمينه أن يصدق في ذلك وأن تقبل سلعته وأن يأمنه الناس في ذلك فهو في ذلك مجرم إذا كان كاذباً، ولكن ليس قصده إيقاع الطلاق، وإنما قصده أن يصدقه الناس وأن يقبلوا سلعته فهو على كل حال في هذا ظالم ومجرم ولا يجوز له فعله، وأما وقوع الطلاق فلا يقع لأن قصده تصديقه وليس قصده إيقاع الطلاق، فيكون كفارة يمين في أصح قولي العلماء، لكن لا يجوز له تعاطي ذلك، بل يجب عليه الحذر من ذلك؛ لئلا يوهم الناس ولئلا يخدع الناس؛ ولأن الكذب محرم مطلقاً.  
 
4-   أرجو من سماحة الشيخ تفسير قوله تعالى في كتابة العزيز في سورة الأنبياء: ((بِسْمِ اللَّهِ الْرَّحمَنِ الْرَّحَيمِ))((وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ))[الأنبياء:107].
الآية على ظاهرها، الله سبحانه أرسل نبيه محمد -صلى الله عليه وسلم- رحمة للعالمين، فهو رسول الله إلى الجن والإنس إلى الجميع، كما قال تعالى: قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا.. (158) سورة الأعراف، وقال سبحانه: وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا.. (28) سورة سبأ، فهو رسول الله إلى الجميع وهو رحمة الله إلى العالمين، بأسباب رسالته وطاعة أوامره ينزل الغيث وينتفع العالم كله الدواب والشجر والجن والإنس والحيوانات، وتقوم الحجة على الكافر، ويُبلَّغ الرسالة، فهو رحمة للعالمين جميعاً، فمن دخل في رسالته كانت الرحمة كاملة في حقه، ودخل الجنة ونجا من النار، ومن لم يدخل قامت عليه الحجة وانتفت المعذرة وصار بذلك قد رحم من جهة بلاغه ومن جهة إنذاره حتى لا يقول: مَا جَاءنَا مِن بَشِيرٍ وَلاَ نَذِيرٍ.. (19) سورة المائدة، فهي نوع من الرحمة، ثم ما يحصل من الخير من الغيث الذي ينتفع به الكافر والمسلم، وما يحصل من الأمن في العهود والمواثيق يحصل به الرحمة والخير للمسلم والكافر، إلى أشبه ذلك من الخيرات التي تقع بأسباب هذه الرسالة، حتى للكافر، حتى للدواب! فهو -صلى الله عليه وسلم- رحمة للعالمين جميعاً، لكن من دخل في الإسلام واستقام على الدين صارت الرحمة في حقه أكثر وأكمل، ومن لم يدخل في دين الله نال من الرحمة بقدر ما حصل له من الخير من غيث وأمنٍ ورزق واسع بأسباب هذه الرسالة، ومن أمنه في بلاده بالعهود والمواثيق التي بينه وبين المسلمين إلى غير ذلك من أنواع الرحمة.   
 
5-   هل يجوز الاتجار في العملة من أجل الربح، فمثلاً: لو قمت بتصريف ثلاثمائة دينار ليبي نحصل على ألف دولار، والألف الدولار في المصارف التونسية ثمانمائة دينار تونسي، وقمت بعد ذلك بتبديل ثمانمائة دينار تونسي مع ثمانمائة دينار ليبي فنكون بذلك قد ربحنا خمسمائة دينار ليبي، هل هذا حلال أم حرام؟
المعاملة في العمل والبيع والشراء في العُمل جائزة لكن بشرط اليد باليد، يعني التقابض، فإذا باعوا لك الليبية بعملة أمريكية أو مصرية أو غيرهما يداً بيد فلا بأس، كأن يشتري دولارات بعملة ليبية يداً بيد يقبض ويسلم، أو اشترى عملة مصرية أو إنجليزية أو غيرهما بعملة ليبية أو غيرها يداً بيد، أما إلى أجل أو من غير قبض فلا يجوز، ربا، فلا بد من التقابض في المجلس يداً بيد، وإلا يكون ربا.  
 
6-  يسأل عن كتاب (بدائع الزهور في وقائع الدهور)، هل ما جاء في هذا الكتاب يُعتبر من الصحيح؟
لا يعتمد، هذا الكتاب خرافي لا يعتمد، ولا يعول عليه.  
 
7-   هل يصل إهداء قراءة القرآن إلى روح الأموات، إذا كان الجواب نعم، فالمعروف أن الشافعي رحمه الله ينكر هذا، وقال مالك رحمه الله: ما علمنا أحداً فعل ذلك، ومذهب أحمد أيضاً: ألَّا قراءة على القبر، هذا ما قرأته في كتاب رياض الصالحين، أرجو إعطائي الجواب الشافي؟ أسأل الله لنا ولكم العافية.
هذه المسألة اختلف فيها العلماء رحمة الله عليهم: فمنهم رأى أن القراءة للأموات تنفعهم وتلحقهم، وقاسوا ذلك على الصدقة عنهم والدعاء لهم، وآخرون من أهل العلم كالشافعي رحمه الله وجماعة من أهل العلم قالوا: لا، لا تلحقهم لأنه ليس عليها دليل، لم يرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن الصحابة فعل ذلك، والعبادات ليست محل قياس، العبادات توقيفية ليست محل قياس، فلا يلحق الأموات إلا ما جاء به الشرع كالصدقة عنهم والدعاء لهم والحج عنهم وقضاء الدين عنهم والعمرة عنهم، فهذا هو الذي جاءت به النصوص، أما القراءة عنهم أو الصلاة عنهم هذا لم يرد، وهذا هو الصواب، الصواب والأرجح من قولي العلماء أنه لا يحلق الأموات إلا ما دل عليه الشرع، فالقراءة لهم والصلاة عنهم ليس عليهما دليل والصوم عنهم تطوع كذلك لا يلحق بهم، هذا هو الصواب وهذا هو المعتمد، أما الصوم عنهم إذا كان واجب قضى عنهم دَيناً واجباً كصوم رمضان مات ولم يصم لغير عذر يعني أفطر عن مرض مثلاً أو سفر ثم لم يقضِ تساهل ولم يقضِ فهذا يصام عنه، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من مات وعليه صيام صام عنه وليه)، كذلك الديون تقضى عنهم، وهكذا الحج عنهم والعمرة، وهكذا الدعاء لهم والاستغفار لهم كله يلحقهم كله ينفعهم، أما القراءة لهم والصلاة لهم فهذا ليس عليه أو صوم التطوع لهم ليس عليه دليل، والقول بأن ذلك لا يلحقهم هو الأرجح وهو الأقرب والأظهر في الدليل، والله ولي التوفيق. المقدم: إذاً ما قرأه أخونا في كتاب رياض الصالحين هو الصحيح؟ الشيخ: فيه الخلاف، فيه الخلاف.  
 
8-   طلَّقت زوجتي وكانت هي وأهلها يرغبون في هذا الطلاق، وكان بيني وبين زوجتي طفلة وعمرها ثلاثة أشهر، ولم يحكم القاضي بالنفقة للطفلة ولا لأمها، وحكم القاضي في استرجاع ابنتي إليَّ حتى تحتضنها والدتي، وأخذت أمي البنت الصغيرة واحتضنتها لعدة أيام، بعد ذلك اعترض أخي الأكبر على هذا الوضع بحجة أن أمي لا تستطيع أن تحتضن البنت أكثر من ذلك، وأرجعنا ابنتي إلى والدتها، وتزوجت أنا بامرأة أخرى ومضى على طلاق الزوجة الأولى ست سنوات، وتزوجت هي أيضاً من زوج آخر ثم تطلَّقت منه، والطفلة ما تزال في حضانتها، وهي الآن في الصف الأول الابتدائي، وأردت أن أسترد البنت إليَّ لكن أخي قال: بأنهم لا يريدون أن يحضروا الطفلة إلى بيتي خوفاً عليها من زوجتي الثانية، وقالت زوجتي: بأنها مستعدة لحضانتها في أي وقت، قال لي إخوتي: بأنك مسؤول عن الطفلة، ويجب عليك أن تبعث إليها بنفقة، سؤالي يا سماحة الشيخ هو: هل يجب علي أن أبعث إليها بنفقة ولم يحكم القاضي في ذلك، وهل علي إثم، وما هو موقف إخوتي تجاهي؟ جزاكم الله خيراً.
هذا إلى المحكمة وفيما تراه المحكمة الكفاية إن شاء الله. 
 
9- من ليبيا بعث برسالة يقول فيها: كما علمت أن مصافحة المرأة الأجنبية حرام، هل يجوز لي مصافحة امرأة خالي، وأرجو توضيح المحارم؛ لأن والدتي قالت: إذا لم تصافح امرأة خالك لا أصافحك، هل يجوز طاعتها في ذلك؟
المصافحة للنساء لا تجوز، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إني لا أصافح النساء) وقالت عائشة -رضي الله عنها-: (ما مسَّت يد رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يد امرأة قط ما كان يبايعهن إلا بالكلام)، ولأن المصافحة للنساء فيها فتنة، خطر، كالنظر إليهن، فالواجب عدم مصافحة النساء سوى المحارم، أما المحارم فلا بأس، والمحارم من يحرم عليك نكاحها كأمك وبنتك وأختك وخالتك وعمتك وبنت أخيك وبنت أختك كما بين الله في كتابه العظيم في سورة النساء، حيث قال عز وجل: حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ وَبَنَاتُكُمْ وَأَخَوَاتُكُمْ وَعَمَّاتُكُمْ وَخَالاَتُكُمْ وَبَنَاتُ الأَخِ وَبَنَاتُ الأُخْتِ وَأُمَّهَاتُكُمُ اللاَّتِي أَرْضَعْنَكُمْ وَأَخَوَاتُكُم مِّنَ الرَّضَاعَةِ.. الآية (23) من سورة النساء، فهؤلاء هن المحارم أمك وجداتك من الأب والأم، وهكذا بناتك وبنات أولادك وبنات بناتك، محارم، وهكذا أخواتك وبناتهن وبنات بناتهن، أنت خالهن، وهكذا عماتك محارم، وخالاتك محارم، أما بناتهن فلسن محارم، لكن خالاتك محارم، وعماتك محارم، بنات أخيك وبنات أبناء أخيك وبنات بناتهن كل ذلك محارم، بنات أختك كذلك وبنات بناتهن كل ذلك محارم، وبنات أبناء أختك كلهن محارم، وأمك من الرضاعة وجداتك من الرضاعة وأخواتك من الرضاعة، وبناتك من الرضاعة وعماتك من الرضاعة وخالاتك من الرضاعة وبنات أخيك من الرضاعة، وبنات أختك من الرضاعة كلهن محارم؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (يحرم من الرضاع ما يحرم من النسب)، وليس لك أن تصافح زوجة خالك ولا زوجة عمك ولا زوجة أخيك؛ لأنهن لسن محارم، زوجة أخيك وزوجة عمك وخالك لسن محارم. وليس لك أن تطيع أمك في ذلك، حتى ولو قالت أمك: صافحها، لا تصافحها؛ لأن الطاعة للوالدين في المعروف لا في المعاصي، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنما الطاعة في المعروف)، (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) فليس لك أن تطيع أباك ولا أمك ولا أميراً ولا عالماً ولا غيره في المعصية، إنما الطاعة في المعروف في المباح. وفق الله الجميع للعلم النافع والعمل الصالح.  
 
10-   لي والد يكتب للناس من كتب عديدة منها كتاب (الرحمة في الطب والحكمة)، وكذلك كتب فيها طلاسم -ويرسم الواقع شيء من تلك الطلاسم في نفس رسالته- ثم إنه يكتب آيات من القرآن الكريم ليتعلقها الناس على أجسامهم، ويرجو توجيهكم سماحة الشيخ! وهل إذا لم يطع والده في هذا الموضوع يُعتبر عاقاً أو لا؟
الواجب نصيحة والدك، وإخباره أنه لا يجوز تعليق الطلاسم ولا تعليق ما حرم الله عز وجل، ولا تعليق الآيات؛ لأن هذه من التمائم، والرسول -صلى الله عليه وسلم- قال: (من تعلَّق تميمة فلا أتم الله له، ومن تعلق ودعة فلا ودع الله له)، (ومن تعلق تميمة فقد أشرك)، فلا يجوز تعليق الحروز على المريض ولا على الأطفال لا من الطلاسم ولا من الخرز والودع ولا من آيات قرآنية ولا غير ذلك، الواجب على المؤمن أن يستعمل ما شرعه الله من التعوذات الشرعية، مثل: "أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق" مثل: "بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم"، وإذا كان صغيراً عوذه أهله أمه وأبوه يقول له عند النوم: "أعيذك بكلمات الله التامات من شر ما خلق"، "أعيذك بكلمات الله التامة من كل شيطان وهامة ومن كل عين لامَّة"، أما تعليق التمائم على الأطفال أو على المرضى فهذا لا يجوز؛ لأن الرسول نهى عن ذلك عليه الصلاة والسلام، وهكذا تعليق الطلاسم والأشياء التي لا تعرف لا يجوز ذلك، ولا يجوز لوالدك أن يفعل ذلك، وليس لك أن تطيعه فيما حرم الله، إنما الطاعة في المعروف. نسأل الله للجميع الهداية.  
 
11-  يسأل أخونا عن حكم رفع اليدين بعد الصلاة المفروضة جمعاً من أجل الدعاء، وكذلك رفع اليدين إذا كان المرء منفرداً؟
رفع اليدين بعد الفريضة لا يجوز؛ لأنه لم يرد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا عن أصحابه، ما كان النبي يرفع يديه بعد الفريضة، لا في الظهر ولا في العصر ولا في المغرب ولا في العشاء ولا في الفجر ولا في الجمعة، فلا يجوز للمسلم أن يرفع؛ لأن هذا حدث بدعة، لا جماعياً ولا فردياً سواءٌ كان فرداً أو مع الجماعة، وليس للإمام أن يفعل ذلك مع الجماعة في الدعاء الجماعي لأن هذا محدث، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، وقال أيضاً عليه الصلاة والسلام: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد)، فالواجب على أهل الإسلام التمسك بالشريعة والحذر من البدع، وكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول في خطبة الجمعة: (أما بعد: فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة)، لكن يرفع يديه في الدعاء دعاء الاستغاثة إذا استغاث للمسلمين، استسقى للمسلمين أو استسقى ولي الأمر في خطبة الجمعة أو في صلاة الاستسقاء أو بعض خطباء المساجد إذا استسقوا دعوا الله أن يغيث المسلمين، فالسنة رفع اليدين، هكذا إذا دعا لنفسه أو للمسلمين أن يدعو ويرفع يديه في دعائه في غير صلاة الفريضة لا بأس؛ لأن هذا من أسباب الإجابة، لكن الشيء الذي ما فعله النبي -صلى الله عليه وسلم-، إذا سلمت من الفريضة لا ترفع يديك أو من الجمعة لا ترفع يديك، لكن إذا دعوت في أوقات أخرى أو بعد النافلة لا بأس أن ترفع يديك، وكذلك إذا حدث حادث فدعوت ربك أن يرفع هذا الحادث عن المسلمين أو عنك في بيتك أو في أي مكان ترفع يديك، كل هذا لا بأس به، كان النبي -صلى الله عليه وسلم- إذا حدث حادث رفع يديه ودعا، وهكذا إذا طلب منه بعض أصحابه يدعو رفع يديه ودعا عليه الصلاة والسلام، ودعا في الاستسقاء ورفع يديه عليه الصلاة والسلام.  
 
12-  إذا منعني زوجي من صلة الأرحام، هل أطيعه في ذلك، ومن هم الأرحام الذين تجب صلتهم عليَّ؟ جزاكم الله خيراً.
إذا منعك الزوج من الصلة لم يلزمك طاعته؛ لأن الرسول -صلى الله عليه وسلم- يقول: (إنما الطاعة في المعروف) فإذا أمرك بقطيعة الرحم فلا سمع ولا طاعة، ولا مانع أن تصلي أرحامك بالمال والدعاء لهم بالتوفيق والهداية، ولاسيما إذا كانوا فقراء تحسنين إليهم من الزكاة أو غيرها، من مالك لا من ماله هو، لا مانع أن تعطي أرحامك وتصلي أرحامك من مالك أنتِ لا من ماله هو، أما ماله فلا بد من إذنه، أما مالك أنتِ إذا وصلت أمك أو أخواتك أو عماتك أو خالاتك بشيء من المال لفقرهن فلا بأس ولا حرج عليك، وإذا كنت تخشين من شره فصليهن سراً بطريقة خفية لا يعلمها جمعاً بين المصلحتين: حتى تتقين شره، وحتى تفعلين المعروف في أقاربك المحاويج من طريق السر، أو من طريق الخفية حتى لا يسيء إليك وحتى لا يضرك وحتى لا يتسبب طلاق. نسأل الله للجميع الهداية.  
 
13- تسأل عن بعض كتب موجودة لديها -أنا متردد في ذكر أسماء الكتب لأنها ذكرت أنها كتب شعوذة- وتستنصحكم شيخ عبد العزيز حول هذه الكتب كيف تتصرف فيها، ولاسيما وقد سمتها بالكتب الصفراء؟
سمَّت شيء منها؟!.. المقدم: سمت شيء منها لكني متردد؟! الشيخ: ويش مثل؟! المقدم: شيخ عبد العزيز! ذكر هذه الأسماء ربما يجعل بعض دعاة النفوس يبحث عنها فيستفيد منها؟! الشيخ: المقصود إذا كانت تعرف أنها كتب رديئة فلا تستعملها، إذا كانت تدعو إلى الكهانة أو إلى الشعوذة أو دعاء الشياطين أو الاستعانة بالشياطين أو ما أشبه ذلك فالواجب تركها والحذر منها، كل كتاب يدعو إلى الباطل وإلى طاعة الشياطين أو سؤال الشياطين أو الكهانة أو المنجمين يجب تركه والحذر منه، ولا تستعمل إلا الكتب الطيبة، كتب الأحاديث الطيبة المعروفة كتب الفقه المعروفة، أما الكتب التي فيها الشر والدعوة إلى الشر فلا يجوز استعمالها. نسأل الله السلامة.  
14-   إن والدها يعمل على تربية الأغنام، والأغنام تؤذي الجيران بأكل أشجارهم وخلاف ذلك، إلى جانب أنه دائماً يطلب مني جلبها وفي مكانها يوجد رجال، وترجو التوجيه شيخ عبد العزيز جزاكم الله خيراً؟
الواجب على أبيك أن يصون غنمه عن إيذاء الناس، يصونها في محل خاص في حوش خاص ويعلفها ولا يجوز إطلاقها على الناس حتى تؤذيهم، وليس لك أن تعينيهم على ما يضر الناس، إذا كان ذهابك للغنم يضر الناس ويضر زرعهم وخضرواتهم فليس لك أن تفعلي ما يضر الناس ولو أمركِ أبوك بذلك؛ لأن الرسول يقول عليه الصلاة والسلام: (إنما الطاعة بالمعروف) (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق) وهكذا إذا كان ذهابك إلى الأغنام فيه خطر على عرضك من الرجال الفسقة السفهاء فلا تذهبي إليها أيضاً واعتذري إلى أبيك بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، وقولي إن هذا خطرٌ علي وأنت لا ترضى بالخطر علي، فاعتذري بالكلام الطيب والأسلوب الحسن، ولا تخاطري بنفسك مع السفهاء والفسقة، ولا تخاطري بنفسك أيضاً في أن يدعوا عليك الجيران في إطلاق الغنم عليهم حتى تأكل أعلافهم وتأكل زروعهم، كل هذا لا يجوز، والله سبحانه يقول: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ (2) سورة المائدة، فلا تعيني أباك على الإثم والعدوان، ولا تعيني أباك بشيء يضرك في دينك، فالحرص على سلامة دينك وعرضك أمر مفروض، وإن لم يرضَ والدك بذلك، نسأل الله لنا وله الهداية. 

508 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply