حلقة 582: ضرب النفس وقطع بعض الأعضاء وإسالة الدم عند الشيعة - عصيدة بنت النبي - علي بن أبي طالب لم يحارب الجن - الصلاة خلف المشعوذ - تحية المسجد أربع ركعات - قضاء الوتر - المصالح المرسلة - هل للعيد خطبة أم خطبتان

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

32 / 50 محاضرة

حلقة 582: ضرب النفس وقطع بعض الأعضاء وإسالة الدم عند الشيعة - عصيدة بنت النبي - علي بن أبي طالب لم يحارب الجن - الصلاة خلف المشعوذ - تحية المسجد أربع ركعات - قضاء الوتر - المصالح المرسلة - هل للعيد خطبة أم خطبتان

1- حيرني وحير جميع أهلي قضية رأيناها هي: تقام في قريتنا بعض الاحتفالات والموالد، وأرى بعض الأشخاص يقومون بأعمال غريبة جداً، وهي: أن يقوم بعض الأشخاص بضرب أنفسهم بالسيف أو الخنجر، وتقطيع أيديهم وأصابعهم، هل هذه الأفعال معقولة، وهل هي من عمل الشيطان، ونوع من السحر والشعوذة، وإذا كانت من عمل الشيطان كيف نرى أن الشخص الذي يقول لهم: إن هذا العمل غير صحيح، وأنه سحر وشعوذة يصاب في اليوم التالي بمرض خطير لا يُشفى منه إلا إذا اعتذر منهم؟ وجهونا شيخ عبد العزيز؛ لأنها فتن ابتلينا بها، جزاكم الله خيراً.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد: فهذه الأشياء التي ذكرها السائل: من كون بعض الناس يقيمون أعياداً واحتفالات ويعملون أعمالاً منكرة: من تقطيع أيديهم وأصابعهم ونحو ذلك، وأن من أنكر عليهم ذلك قد يصيبه بعض الأمراض، كل ذلك من أعمال الشيطان، وكل ذلك من تزيينه للناس حتى يوقعوه وحتى يعملوا ما يدعوهم إليه من طاعة الشيطان وعصيان الرحمن، وهذه الأعمال التي يفعلها هؤلاء المخربون هؤلاء ....... على الناس، ويسحرون أعينهم، فيظن الناس أنهم قطعوا أيديهم أو قطعوا أرجلهم أو أصابعهم وليس شيء من ذلك، كله كذب وكله سحر، وكله ....... كما قال الله في قصة السحرة مع موسى: فَلَمَّا أَلْقَوْاْ سَحَرُواْ أَعْيُنَ النَّاسِ وَاسْتَرْهَبُوهُمْ وَجَاءوا بِسِحْرٍ عَظِيمٍ[الأعراف: 116]، فالساحر قد يسحر الناس حتى يرى الحبل حية، ويرى العصا حية، كما قال تعالى: يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِن سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى[طه: 66]، فالمقصود أن هذه الأعمال أعمال سحرية وشعوذة وباطلة، والواجب إنكارها على أهلها، وعلى الحاكم الإسلامي والحاكم العاقل الذي يريد صلاح جماعته وصلاح رعيته أن يمنع هؤلاء، وأن يقضي عليهم بالقوة، حتى لا يعودوا لمثل هذه الأعمال الخبيثة. كما أن عمل الأعياد والاحتفال بالأعياد، مولد فلان أو فلان كل ذلك لا أصل له، كله من البدع التي أحدثها الناس، فليس في الإسلام أعياد لمولد فلان أو مولد فلان، وإنما فيها الأعياد الشرعية: عيد النحر وعيد الأضحى والاجتماع في موسم الحج في عرفة وأيام النحر هذه أعياد المسلمين، أما عيد مولد فلان، أو عيد مولد فلان، أو مولد النبي -عليه الصلاة والسلام- أو مولد الحسين أو مولد فلان كل ذلك لا أصل له، كل ذلك مما أحدثه الناس وابتدعه الناس بعد القرون المفضلة. فالواجب على المسلمين ترك ذلك، والتوبة من ذلك، والتعاون على البر والتقوى، والتواصي بالحق والرجوع إلى ما شرعه الله وجاء به الرسول -عليه الصلاة والسلام-، فالخير كله في اتباع النبي -صلى الله عليه وسلم-، والشر كله في مخالفة هديه وما كان عليه أصحابه -رضي الله عنهم-، فقد صح عنه -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد) يعني فهو مردود، وقال -عليه الصلاة والسلام-: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد)، وفي الصحيح عن جابر بن عبد الله الأنصاري -رضي الله عنه- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يخطب يوم الجمعة ويقول: (أما بعد.. فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة) زاد النسائي بإسناد حسن: (وكل ضلالة في النار) وفي حديث العرباض بن سارية -رضي الله عنه - يقول - صلى الله عليه وسلم -: (إياكم ومحدثات الأمور، فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة)، ووصيتي لإخواني في كل مكان في العراق وفي كل مكان ترك هذه الأعياد المنكرة، والاكتفاء بالأعياد الإسلامية، وأن تكون اجتماعاتهم في درس القرآن والأحاديث النبوية والعلم النافع في الأوقات المناسبة، من الليل أو النهار، للتعلم والتفقه في الدين، كما قال -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح: (من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين)، وقال -عليه الصلاة والسلام-: (من سلك طريقاً يلتمس به علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة). أما الاجتماع باحتفال مولد فلان أو فلان فهذا بدعة، يجب الحذر منها وتركها، والتعاون في ذلك بالأسلوب الحسن، بالنصيحة الطيبة، حتى يفهم المؤمن والمؤمنة الحقيقة، ويكون الاجتماع لطاعة الله ورسوله، للعلم، للتفقه في الدين، للتعاون على البر والتقوى، أما للاحتفال بمولد فلان أو فلان أو فلان فهذا كله من البدع التي لا تجوز، وأعظم ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم-، هو أشرف الخلق وأفضلهم ولا يجوز الاحتفال بمولد لم يشرعه -عليه الصلاة والسلام-، ولو كان الاحتفال بمولده مشروعاً لفعله -صلى الله عليه وسلم-، وعلمه الناس، وعلمه أصحابه، ولفعله أصحابه بعده وعلموه الناس، فلما لم يقع شيء من ذلك علم أنه بدعة، ولم يكن هذا مفعولاً في القرن الأول والثاني والثالث، بل حدث بعد ذلك في القرن الرابع وما بعده، فوصيتي لجميع أخواني المسلمين في كل مكان ترك هذه البدعة، وهي بدعة الموالد، والحرص على التفقه في الدين، حضور حلقات العلم في أي وقت، يتعلم ويتفقه، يقرأ القرآن، يتعلم التفسير، يقرأ السنة، ويسأل أهل العلم، في الحلقات المعتادة من الليل والنهار لطلب العلم، والتفقه في الدين، أما إقامة احتفالات بموالد فهذا كله لا أصل له. وأما هؤلاء الصوفية المخرفون الذين يطعنون أنفسهم بالسلاح، بالسيوف أو بالخناجر، أو يقطعون أيديهم أو أصابعهم فيما يراه الناس فكل هذا منكر، وكله تزييف، وكله سحر وكله تضليل، فيجب الإنكار عليهم، ومحاربة أعمالهم وهجرهم، والتحذير منهم، والاستعداء عليهم من جهة ولاة الأمور حتى يمنعوهم من هذا العمل الباطل، الخبيث المنكر نسأل الله للجميع الهداية. المذيع/ جزاكم الله خيراً، شيخ عبد العزيز ينوه صاحب الرسالة في نهايتها إلى أن من أنكر عليهم أنه يصاب بمرض شديد وهذه فتنة كما وصفها؟ هذا يقع لبعض الناس، وهذا من عمل الشيطان؛ لأن الشياطين تدعو إلى هذه المسائل، تدعو إلى هذه المنكرات، وهذه الاجتماعات الباطلة، وربما أصابوا من أنكرها بشيء من الأذى حتى لا ينكر المنكر، ولكن متى اعتصم بحبل الله، متى اعتصم بدين الله واستعاذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، وتوكل على الله لا يضره الجن، ولا يضره الشياطين، ولا يضره أحد، فعلى المنكر أن يخلص لله، وأن يستعين بالله، وأن يعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، فإذا استعان بالله واعتمد عليه وسأله العافية كفاه شر الشياطين، ولا ينبغي له أن يتأثر بذلك، فالشياطين من الجن مثل شياطين الإنس، يتعاونون على الإثم والعدوان، ويؤذون من أنكر عليهم الباطل، حتى يستمروا في باطلهم، فلا ينبغي للمؤمن أن يتأثر بذلك، بل ينكر المنكر وإن أصابه شيء ففي سبيل الله، بعض الأنبياء قد قتل فكيف أنت يا أيها المؤمن التابع للأنبياء؟! عليك أن تتحمل، وأن تصبر، وأن تستعين بالله، وأن تتعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، وأن تفعل الأسباب التي تستطيعها، وأبشر بالخير، أبشر بأنه لن يضروك شيئاً، وسوف يبطل الله كيدهم، ويرد كيدهم في نحورهم إذا اعتصمت بالله، واستعنت به وتوكلت عليه وأخذت بالأسباب النافعة. المذيع/ جزاكم الله خيراً، إذاً هذا له صلة وثيقة بالاعتقاد كما فهمت؟ نعم، نعم، نعم، نعم، صلة وثيقة بالاعتقاد، وصلة وثيقة بتعاون الشياطين، شياطين الأنس وشياطين الجن على من أنكر المنكر، حتى يردوه عن ذلك، وحتى يضعفوه، ولكن متى استقام على طاعة الله واستعان بالله وصدق مع الله كفاه الله شرهم، كما قال سبحانه: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا[الطلاق: 2]، وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا[الطلاق: 4]. جزاكم الله خيراً وسدد خطاكم. 
 
2- إن النساء اعتدن في بلادها أن يطبخن عصيدة عند ولادة إحدى القريبات أو الجارات، ويفرقنه على البيوت، وما تبقى تُدعى القريبات والصديقات ليأكلن من هذه العصيدة، التي يسمينها عصيدة بنت النبي، لاعتقادهن أنها هي التي أخرجت المولود، ومن يرفض أكلها يُقال عنها إنها لا تحب فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأن فاطمة غاضبة عليها، وسؤالها يتلخص في معرفة حكم هذا العمل، وهل يجوز الأكل من هذه العصيدة، أم أن أكلها له حكم الذبح لغير الله؟ وجهوهم جزاكم الله خيراً شيخ عبد العزيز
هذه العصيدة بدعة منكرة لا أصل لها، ولا أساس لها، وليس لبنت النبي عصيدة - رضي الله عنها-، وليست هي تنفع وتضر، تنفع من والاها وتضر من عاداها، بل النفع والضر بيد الله، ولكنها بنت النبي -صلى الله عليه وسلم-، وهي صحابية -رضي الله عنها-، يجب حبها في الله، وموالاتها في الله، لكن ليس لها من الأمر شيء، لا تنفع ولا تضر أحداً، فالواجب على المؤمن أن يتقي الله، وأن يعتصم بالله، وأن يتوكل على الله، وأن يعبده وحده، هو النافع الضار -سبحانه وتعالى-، فالمؤمن يسأل ربه الإعانة وصلاح أولاده، ويسأل الله ما أهمه من حاجته وحاجة أولاده، أما إيجاد عصية بسن بنت النبي هذه بدعة لا أساس لها، وبنت النبي -صلى الله عليه وسلم- فاطمة، وهكذا غيرها من الصحابة، وهكذا عمه، وهكذا هو -صلى الله عليه وسلم- لا يملك لنفسه نفعاً ولا ضراً، ولا موتاً ولا حياة ولا نشوراً، ولا يجوز دعائه من دون الله، ولا الاستغاثة به من دون الله، ولا طلب المدد، ولا طلب فاطمة، ولا طلب علي، ولا غيرهم من الصحابة. الطلب يطلب من الله، والمدد من الله، والعون من الله -سبحانه وتعالى-، كما قال -عز وجل- عن نبيه محمد -عليه الصلاة والسلام- في سورة الأعراف: قُل لاَّ أَمْلِكُ لِنَفْسِي نَفْعًا وَلاَ ضَرًّا إِلاَّ مَا شَاء اللّهُ وَلَوْ كُنتُ أَعْلَمُ الْغَيْبَ لاَسْتَكْثَرْتُ مِنَ الْخَيْرِ وَمَا مَسَّنِيَ السُّوءُ إِنْ أَنَاْ إِلاَّ نَذِيرٌ وَبَشِيرٌ لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ[الأعراف: 188]، هكذا يقول -عليه الصلاة والسلام- ويقول -جل وعلا- لنبيه: قُل لاَّ أَقُولُ لَكُمْ عِندِي خَزَآئِنُ اللّهِ وَلا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ[الأنعام: 50]، ويقول -جل وعلا- عن نبيه -صلى الله عليهم وسلم-: قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا[الجن: 21]، فالأمر بيد الله -سبحانه وتعالى-، فإذا كان النبي -صلى الله عليه وسلم- لا يملك ضراً ولا رشداً فبنته فاطمة من باب أولى أن لا تملك شيئاً، وقد نزل بها الموت بعد وفاة أبيها بستة أشهر فما دفعت عن نفسها شيئاً -رضي الله عنها-. فالحاصل أن هذه العصيدة منكرة وبدعة ولا يجوز فعلها، ولا تعاطيها، بل إذا ولدت المرأة يدعى لها بالعافية والشفاء، وتنصح بما تحتاج إليه، وتعاون إذا كانت فقيرة بما يعينها على حاجاتها من النقود والطعام، أما هذه العصيدة فيجب تركها والحذر منها وترك هذا الاعتقاد الفاسد، نسأل الله السلامة والعافية. جزاكم الله خيراً 
 
3- هل صحيح أن الإمام علي -رضي الله عنه- حارب الجن، حيث ورد في كتاب غزوات الإمام علي ذلك، وأنه حاربهم حتى أوصلهم الأرض السابعة، ثم ما هو رأيكم في هذا الكتاب؟
كل هذا لا أصل له، لم يحارب الجن، ولم يقع شيء من ذلك، بل هذا باطل وهذا من الموضوعات والكذب التي كذبها الناس، وقد نص أبو العباس شيخ الإسلام على ذلك، وقال إنه شيء لا أصل له، وهو من الأباطيل التي كذبها الكذابون. جزاكم الله خيراً 
 
4- هل تجوز الصلاة خلف إمام مشعوذ ودجال؟ علماً بأن منهم من يجيد قراءة القرآن، وجهونا، جزاكم الله خيراً.
إذا كان الإمام مشعوذ يدعي علم الغيب، ويقوم بخرافات من المنكرات، ما ينبغي أن يتخذ إماما، ولا يصلي خلفه؛ لأن من ادعى علم الغيب يكون كافراً، نسأل الله العافية، يقول -جل وعلا-: قُل لَّا يَعْلَمُ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ الْغَيْبَ إِلَّا اللَّهُ[النمل: 65] وإذا كان عنده شيء من المعاصي وليس عنده دعوى علم الغيب، ولكن عنده شيء من المعاصي فينبغي التماس غيره، وإن صحت الصلاة خلفه؛ لأن الصحيح أن الصلاة تصح خلف العاصي إذا كان ما هو بكافر، تصح الصلاة خلفه، لكن ينبغي التماس من هو أحسن منه وأن يوظف المسلمين الأخيار والطيبون حتى يكونوا أئمة لهم، أما العصاة فلا ينبغي أن يتخذوا أئمة، لكن لو وجدوا وصاروا أئمة صحت الصلاة خلفهم؛ لأن هذا قد ابتلى به الناس، أما إذا كان كافراً يدعي علم الغيب، أو يدعوا غير الله، ويستنجد بالموتى ويستغيث بهم، ويطلبهم المدد، فهذا لا يصلى خلفه، أو ساحر يسحر الناس ويدعي تعلم السحر ويعلم الناس فهذا لا يصلى خلفه، نسأل العافية. جزاكم الله خيراً 
 
5- فسروا لنا قول الحق تبارك وتعالى: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ إِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ قَالَ أَنَا أُحْيِي وَأُمِيتُ قَالَ إِبْرَاهِيمُ فَإِنَّ اللَّهَ يَأْتِي بِالشَّمْسِ مِنَ الْمَشْرِقِ فَأْتِ بِهَا مِنَ الْمَغْرِبِ فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللَّهُ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ[البقرة:258]؟
هذه الآية واضحة لمن تأملها، كان إبراهيم -عليه الصلاة والسلام- خليل الرحمن قد بعثه الله إلى قومه يدعوهم إلى توحيد الله، وينذرهم الشرك بالله، وكان في زمانه ملك يقال له: النمرود، يدعي أنه الرب، وأنه رب العالمين، وقد منح ملك الأرض فيما ذكروا، فإن الأرض ملكها أربعة: كافران: وهو النمرود هذا وبختنصر، ومسلمان وهما: ذو القرنين وسليمان بن داود -عليه الصلاة والسلام-، فالحاصل أن هذا النمرود كان جباراً عنيداً، وكان يدعي الملك، ويدعي أنه رب العالمين، ويدعي أنه يحيي ويميت، ولهذا قال إبراهيم: رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ، فقال الخبيث النمرود: (أنا أحيي وأميت)، وذكر المفسرون أن ذكر ...... إبراهيم أنه يؤتى بالشخصين يستحقان القتل فيعفوا عن واحد ويقتل الآخر ويزعم أن هذا معنى أحياءه وإماتته، يعفوا عمن يستحق القتل فيقول: أحييته، وهذه مكابرة وتلبيس فليس هذا هو المقصود، والمقصود أن يخرج من الحجر ومن النطفة ومن الأرض حياً بعد موت، هذا لا يستطيعه إلا الله -سبحانه-، هو الذي ينبت النبات، وهي الذي يحي النطف حتى تكون حيوانات، فالمقصود أن هذا لا يستطيعه إلا الله -سبحانه وتعالى-، ولكنه كابر ولبس، فانتقل معه إبراهيم إلى حجة أوضح للناس وأبين للناس، حتى لا يستطيع أن يقول شيئاً في ذلك، فبين له -عليه الصلاة والسلام- أن الله يأتي بالشمس من المشرق، فإن كنت رباً فأتِ بها من المغرب، فبهت حينئذ، واتضح للناس بطلان كيده، وأنه ضعيف مخلوق مربوب، لا يستطيع أن يأتي بالشمس من المغرب بدلاً من المشرق، واتضح للناس ضلاله ومكابرته، وصحة ما قاله إبراهيم -عليه الصلاة والسلام-. جزاكم الله خيراً ونفع بعلمكم 
 
6- رأيت بعض الناس يصلي أربع ركعات تحية المسجد متواصلة بتسليمة واحدة، أم أن تحية المسجد ركعتان فقط؟ أفيدونا، جزاكم الله خيراً.
السنة ركعتان فقط، تحية المسجد ركعتان، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إذا دخل أحدكم المسجد فليركع ركعتين قبل أن يجلس)، فالسنة أن يصلي ركعتين، وإن صلى أربعاً فلا بأس إذا كان الوقت ليس وقت نهي، مثل إذا دخل الضحى وصلى أربع ركعات، أو في الليل لا بأس لكن الأفضل أن يسلم من كل ركعتين، السنة أن يسلم من كل ركعتين؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (صلاة الليل والنهار مثنى مثنى)، فلا يجمع الأربع جميعاً بل يسلم من كل ثنتين هذا هو السنة، وفي الليل آكد وأشد، ليس له أن يصلي أكثر من ركعتين بسلام واحد، لا يصلي أربع ركعات بسلام واحد، ولكن يسلم من كل ثنتين، وفي النهار قد أجاز ذلك بعض أهل العلم، ولكن الصواب حتى في النهار السنة أن يصلي ركعتين فركعتين، وإذا أحب أن يزيد عن ركعتين يصلي أربع بتسليمتين، ست ركعات بثلاث تسليمات، ثمان ركعات بأربع تسليمات في أوقات غير أوقات النهي، كالضحى والليل والظهر لا بأس، أما في وقت النهي ليس له أن يزيد ركعتين، إذا دخل بعد العصر، أو بعد صلاة الفجر، فالصواب أنه يجوز أن يصلي ركعتين، بل الأفضل أن يصلي ركعتين تحية المسجد قبل أن يجلس، ولو كان وقت نهي؛ لأنها من ذوات الأسباب، فلا يزيد على ركعتين، لأن المقصود حصل بذلك. جزاكم الله خيراً 
 
7- هل يصح قراءة أكثر من سورة في الركعة الواحدة، وإذا كان يصح ذلك فهل يجب أن تكون قراءة السور حسب ترتيبها في القرآن، أم يصح تقديم سورة على أخرى؟
لا حرج في ذلك أن يقرأ سورتين أو أكثر بعد الفاتحة، وقد ثبت عن -صلى الله عليه وسلم- أنه قرأ بالبقرة والنساء وآل عمران في ركعة -عليه الصلاة والسلام-، وأقر بعض الصحابة على قراءة الفاتحة وسورة بعدها مع قراءة (قل هو الله أحد)، فجمع بين سورتين، فالحاصل أنه لا حرج في ذلك، ولو نكس لا حرج، لكن السنة أن لا ينكس، فيرتب كما في المصحف، هذا هو الأفضل كما فعله الصحابة ورتبوا -رضي الله عنهم-، فيقرأ كما في المصحف هذا هو الأفضل، ولو قرأ سورة قبل سورة أجزأ ذلك. 
 
8- إذا نسيت أن أصلي صلاة الوتر وتذكرتها اليوم الثاني، فهل أصليها أم يجوز تركها؟
سنة فات محلها إن ذكرتها في الضحى صليها الضحى، أو بعد الظهر، وإن مضى اليوم فهي سنة مضى محلها. إذاً فلا يقضيها؟ فلا قضاء لأنه لا قضاء بعد ذهاب اليوم الذي بعد ليلته. جزاكم الله خيراً. 
 
9- هل يجوز التخيّر في المساجد؟ فالحي الذي أنا فيه يوجد به مسجد، ولكنني أذهب للحي الثاني للصلاة بمسجد آخر لحسن قراءة إمامه وارتياحي معه في الصلاة، فهل يصح أم لا؟ وجهونا، جزاكم الله خيراً.
لا حرج في ذلك إذا أن يصلي الإنسان في مسجداً يكون أكثر جماعة، أو يكون إمامه أحسن قراءة، أو أتقى لله، أو فيه حلقات العلم، أو ما أشبه ذلك من المصالح الإسلامية، وإن كان بعيداً عنه. جزاكم الله خيراً 
 
10- رسالة مطوله بعث بها أحد الإخوة المستمعين من السودان: تاج السرائر إبراهيم الخضر، أخونا له جمع من الأسئلة من بينها سؤال عن تارك الصلاة، يقول: تارك الصلاة هل يجوز الجلوس معه، والأكل والشرب؟ مع العلم أنه لا يصلي كسلاً، ويصلي فقط الجمعة والعيدين.
تارك الصلاة يجب هجره، وأن لا يجالس، وأن لا تجاب دعوته، وأن لا يدعى إلى وليمة، حتى يتوب إلى الله ويرجع؛ لأن ترك الصلاة جريمة عظيمة، ومنكر عظيم، وكفرٌ بالله -عز وجل-، وقد صح عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) خرجه الإمام أحمد وأهل السنن بإسناد صحيح، وقال -عليه الصلاة والسلام-: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) خرجه الإمام مسلم في صحيحه، في أحاديث أخرى تدل على ذلك، فالواجب على كل مسلم أن يحذر ذلك، وأن يحافظ على الصلاة في وقتها، وأن يصليها مع المسلمين في بيوت الله، وهكذا المرأة يجب أن تحافظ عليها، وأن تحرص عليها في أوقاتها، الفجر والظهر والعصر والمغرب والعشاء، يجب على جميع المؤمنين والمؤمنات المحافظة على الصلاة في أوقاتها، فهي عمود الإسلام، وهي الركن الأعظم بعد الشهادتين، فالواجب على كل مسلم ومسلمة العناية بالصلاة، والمحافظة عليها، وأن تصلى بطمأنينة وإقبال عليها وخشوع، لا بنقل وعجلة، قَدْ أَفْلَحَ الْمُؤْمِنُونَ * الَّذِينَ هُمْ فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ[المؤمنون: 1-2]، ولما رأى النبي -صلى الله عليه وسلم - رجلاً ينقر صلاته أمره أن يعيد الصلاة، وأمره أن يطمئن في صلاته، فيجب على المسلمين أن ينكروا على من ترك الصلاة، وأن يبينوا له خطأه العظيم، ومنكره العظيم، حتى يعود إلى رشده، وإذا استمر في ذلك فإنه يهجر، لا تجاب دعوته، ولا يجالس، ولا يدعى إلى وليمة، ولا إلى غيرها حتى يتوب إلى الله، وحتى يرجع على ما هو عليه من الباطل. وقد اختلف العلماء -رحمة الله عليهم- هل كفره كفرٌ أكبر أم كفرٌ أصغر؟ على قولين: والصواب من القولين أنه كفرٌ أكبر، حسب ظاهر السنة لأنه ظاهر السنة عن النبي -عليه الصلاة والسلام-، فيجب الحذر من ذلك غاية الحذر، نسأل الله للجميع الهداية والسلامة. جزاكم الله خيراً 
 
11- إذا دُعيت إلى زواج وحينما ذهبت وجدت العريس مستعملاً الحناء، هل يجوز إجابة هذه الدعوة أم أرجع؟ مع العلم أن هذه العادة الذميمة منتشرة عندنا بكثرة في السودان إلا من رحم الله.
هذه العادة إذا كانت مشهورة بينكم ينصح صاحبها، ولا تمنع من إجابة الدعوة، لأنها عادةً اعتادوها يجهلون حكمها، فينبغي لك أن تجيب الدعوة وأن تنصح أخاك، وتبين له أنه لا يجوز التشبه بالنساء، فإذا كان عمله الحناء يشابه عمل النساء ينصح بذلك، ويعلم أن الواجب البعد عن مشابهة النساء، ولا تترك دعوته وإجابة دعوته من أجل هذا الشيء الذي يجهله، وقد فشا في بلاده، وانتشر بين إخوانه، حتى يعلم وحتى يوجه، وحتى لا يتشبه بالنساء لا في الحناء ولا في غير الحناء، فالحناء من شأن النساء ومن زينة النساء، ولا يستعمله الرجال، فإذا كانت عادةً للرجال فينبغي تركها، والواجب تركها حتى لا يتشبه بالنساء في ذلك، نسأل الله للجميع الهداية. جزاكم الله خيراً 
 
12- نسمع بالمصالح المرسلة، هل في الدين توجد هذه المصالح؟ وما حكم من يقولون: إنها لا توجد؟ بل يسيئون إلى من يقول هذه المصلحة، ويتهمونه بأنه تلاعب بالدين وتنازل عنه، بل إن بعضهم يسميها باسم مشوه، أرجو أن تتفضلوا بالتوجيه، جزاكم الله خيراً
المصالح المرسلة هي التي يظهر من قواعد الشرع أنه يقروها ويدعوا إليها، لما فيه من نفع للمسلمين، ولكن ليس فيها نص واضح يدل عليها فإذا وجد ما ينفع المسلمين ويعينهم على خير ويدفع عنهم شر، وليس في النصوص ما يمنع ذلك، بل القواعد الشرعية تقتضي ذلك، يقال له: مصلحة مرسلة، تتقيد بالحاجة إليها حسب ما يراه أهل العلم، وولاة الأمر، في نفع المسلمين وجلب الخير إليهم، ودفع الشر عنهم، بطريقة لا تخالف النصوص، لكنها تأمن للمسلمين شيئاً ينفعهم، وتدفع عنهم ما يضرهم من دون أن يخل فاعلها بنص من كتاب الله، أو نص من سنة رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أو مخالفة لقاعدة شرعية دل عليها كتاب الله وسنة رسوله -عليه الصلاة والسلام-، فالحاصل أن هذا المصالح المرسلة هي التي يتحراها ولاة الأمور من العلماء والأمراء لنفع المسلمين عند عدم وجود نص في ذلك يمنع منها، ولكنها تشهد لها قواعد الشرع بملاحظتها والانتفاع بها، والاستفادة منها فيما ينفع المسلمين، لأن الشرع جاء لتحصيل المصالح وتكميلها، ودرء المفاسد وتقليها. 
 
13- صلاة العيد هل لها خطبة واحدة أم خطبتان؟
خطبتان عند أهل العلم كالجمعة.

629 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply