حلقة 596: حكم من يعتقد أن هناك طيرا ينبش القبور وأخذ الميت - وجوب الحج على المستطيع - الطهارة بمياة الآبار - حكم الحج قبل الزواج - قراءة القرآن على الميت - حكم تنفيذ الوصية التي تخالف شرع الله - هل يوجد قبل آدم رجل بدائي؟

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

46 / 50 محاضرة

حلقة 596: حكم من يعتقد أن هناك طيرا ينبش القبور وأخذ الميت - وجوب الحج على المستطيع - الطهارة بمياة الآبار - حكم الحج قبل الزواج - قراءة القرآن على الميت - حكم تنفيذ الوصية التي تخالف شرع الله - هل يوجد قبل آدم رجل بدائي؟

1- هناك بعض الناس يخافون على الميت بعد موته في قبره لمدة أربعين يوماً فقط، ويضعون فوق القبر الأشواك خوفاً من طائر كبير مثل الإنسان وله جناحان -كما يقولون- يأتي في الليل فيحفر القبر ويستخرج الميت ليأكله، ولا أبالغ حيث أقول: إن هذا الاعتقاد سائد في بعض المناطق، ويدَّعون أنهم قد رأوا الحيوان عندما مات أحد الأشخاص، هل هذا صحيح، وهل في هذا الاعتقاد شيء من الشرك؟ وجهونا جزاكم الله خيراً.

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد.. ج/ هذا الاعتقاد لا أصل له بل هو من الخرافات، وليس هناك طائر ولا غير طائر يقصد القبور لنبش الموتى، ولكنه خرافة من خرافات العامة وأشباه العامة، وقد شرع الله لنا تعميق القبور أن تعمق ثم يوضع اللَّبِن على لحد الميت ثم يدفن وبذلك ينتهي المشكل ولا يضره شيء، والحمد لله، وهذه خرافة لا أساس لها.  
 
2- إنني -ولله الحمد- متزوج ومعي أولاد وأعولهم، وأيضاً الوالد والوالدة تركت لهم ما يكفيهم، وأرغب في الحج وأستطيع، فهل يحق لي الحج من دولة العراق، حيث أنني في غربة عن زوجتي وأهلي أكثر من ستة أشهر، وكما شرع لنا الإسلام في حق الزوجة، فهل يحق لي الحج؟ أفيدوني أفادكم الله.
نعم، يجب عليك الحج إذا كنت لم تحج الفريضة وأنت تستطيع يجب عليك الحج من العراق وغير العراق، وإن كنت متنفلاً كذلك قد أديت الفريضة لا بأس أن تحج من العراق، ليس من اللازم أن يحج الإنسان من بلده، لو كان انتقل من بلده إلى العراق أو إلى المملكة العربية السعودية أو إلى الكويت أو إلى غير ذلك فلا بأس أن يحج من المحل الذي هو فيه، حتى لو انتقل إلى جدة للعمل ما قصد الحج ولا العمرة انتقل العمل في جدة أو في الطائف ثم جاء وقت الحج حج من جدة والطائف ولا بأس، ويكفي أن يحج من جدة أو من ميقات الطائف، ولو كان من أهل مصر أو من أهل الشام أو من غيرهما لا حرج في ذلك والحمد لله. المقدم: جزاكم الله خيراً، كونه غائب عن زوجته مدة معينة لا يؤثر هذا سماحة الشيخ؟ الشيخ: كونه غائب عن زوجته لا يضر ذلك، لكن ينبغي لك يا أخي أن تحرص على جلبها إليك أو سفرك إليها بين وقت وآخر حرصاً على عفتك وعلى عفتها وعلى السلامة من أسباب الشر، إما بجلبها إليك ونقلها إليك، أو بالسفر بين وقت وآخر في ستة أشهر أو أقل للعفة التي تنبغي لك ولها، نسأل الله للجميع الهداية والتوفيق والإعانة على الخير.  
 
3-   إنني أعمل سائقاً وعملي دائماً في الصحراء، وحيث أنه يأتي علي وقت الظهر والعصر ولا يوجد ماء إلا ماء الآبار، وحيث أن ماء الآبار يتغير طعمه، إما يكون مالحاً أو مر، هل يجوز الوضوء منه، أم أن لي التيمم؟ جزاكم الله خيراً.
يلزمك الوضوء من ماء الآباء إذا قدرت على ذلك سواءٌ كان حلواً أو مراً أو مالحاً، حتى ماء البحر يجب عليك الوضوء منه إذا كنت في البحر وليس لك التيمم وأنت تجد الماء؛ لأن الله سبحانه يقول: فَلَمْ تَجِدُواْ مَاء فَتَيَمَّمُواْ (43) سورة النساء، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (جعلت التربة لنا طهوراً إذا لم نجد الماء) فلو وجد الماء ولو مالحاً ولو ماء البحر وجب عليه الوضوء.  
 
4-   عمري الآن اثنان وأربعون سنة ولم أتزوج، وسبق لي أن أديت فريضة الحج، لكني سمعت من بعض الناس يقولون: إن الزواج قبل الحج، ما رأيكم، هل سقطت عني الفريضة أم لا؟
نعم، الحج يكون قبل الزواج وبعد الزواج لا حرج، إذا حج المسلم قبل الزواج أو بعد الزواج بعد التكليف بعدما صار بالغاً سقطت عنه الفريضة وإن كان لم يتزوج، لكن نوصيك بالجد في طلب الزواج؛ لأنك كبير السن الآن، فنوصيك يا أخي وننصحك أن تبادر بالزواج وتحرص على الزواج حرصاً على سلامة دينك وعفة فرجك، وعلى تحصيل الذرية، فبادر يا أخي وسارع ولو بالاستدانة والقرض إلى أن يعينك الله على التسديد.   
 
5- يسأل عن قراءة القرآن على الميت، هل هي حلال؟ وهل الذبيحة التي يذبحها أهل الميت قبل طلوعه للدفن يلحقه منها شيء؟ أفيدونا جزاكم الله خيراً.
لا أصل للقراءة على الموتى ولا تشرع القراءة للموتى، ولكن يدعى لهم بالمغفرة والرحمة بعد الموت وفي جميع الأحوال، الموتى يدعى لهم بالمغفرة وإذا كانوا مسلمين يدعى لهم بالمغفرة والرحمة عند الموت وقبل الموت وبعد الموت دائماً يدعى لهم بالمغفرة والرحمة والنجاة من النار ومضاعفة الحسنات وتكفير السيئات والعفو عن الزلات، يدعى لهم، أما قراءة القرآن على الموتى أو على القبور هذا لا أصل له في أصح قولي العلماء، بل هو من البدع التي لا أصل لها، كذلك الذبيحة عن الميت يوم الموت أو يوم الرابع أو يوم أربعين أو يوم السابع اعتقاد أن هذا مشروع لا أصل لهذا، أما إذا ذبح في أي وقت وتصدق على الفقراء أو تصدق بالدراهم أو بالطعام في أي وقت من غير قصد ولا تعيين يوم معين ولا في يوم موت ولا في غيره بل على حسب التيسير هذا لا بأس به، الصدقة على الموتى مطلوبة وفيها خير كثير، أما أن يكون عن قصد والذبيحة يوم الموت أو في يوم الرابع أو السابع أو العاشر أو على رأس السنة أن هذا مشروع، لا، ليس لهذا أصل، ولكن يتصدق متى شاء بالمال من الطعام بالنقود بالملابس بالذبيحة يذبحها ويقسمها على الفقراء أو نحو ذلك كل هذا لا بأس.  
 
6-   دائماً أنا مسافر منذ سنتين إلى بلد عربي، وقبل سفري قالت لي أمي: إذا مِتُّ وأنت موجود في بلدنا أرجو منك أن تدفني بعيداً عن أهلك، وشاءت الأقدار أنها توفيت وأنا في السفر، فهل يصح عند عودتي إلى السفر أن أنقلها إلى مكان آخر؟
لا، ما دام دفنت في محل بين المسلمين فلا تنقلها، ولو كنت حاضراً لم تلزمك هذه الوصية، بل تدفنها في المحل المناسب ولو كان بخلاف وصيتها؛ لأن الوصية التي تخالف شرع الله لا يلزم تنفيذها، فلو كنت حاضراً شرع لك دفنها في المحل المناسب بين المسلمين، وإذا كنت غائباً وقد دفنت في محل بين المسلمين فلا تنقلها، أما إذا كانت دفنت في محل بين الكفار أو في محل غير لائق في طريق الناس قد يطؤها الناس أو في محل عليه خطر من السيل يجرفه فلا بأس أن تنقلها إلى محل مناسب بين المسلمين من باب الإحسان، وفق الله الجميع.  
 
7- سمعت من بعض الناس أنه كان يوجد قبل آدم إنسان بدائي واختفى قبل ظهور آدم، فهل هذا صحيح؟
ليس لهذا أصل، بل هذا من الخرافات، ليس قبل آدم إنسان آخر.  
 
8- قرأت حديثاً لا أدري هل هو صحيح أم لا؟ الحديث: (أول ما يسأل عنه العبد يوم القيامة صلاته، فإن صلحت صلح سائر عمله، وإن فسدت فسد سائر عمله) -أو كما قال- هل هذا صحيح؟
نعم، له ألفاظ منها هذا اللفظ، يقول -صلى الله عليه وسلم-: (أو ما يحاسب عنه العبد من عمله صلاته، فإن صلحت فقد أفلح وأنجح، وأن فسدت فقد خاب وخسر) وفي رواية أخرى: (فإن قبلت صلاته قبل منه سائر عمله، وإن ردت عليه صلاته رد عليه سائر عمله)، وهذا يؤيد القول الصحيح وهو أن ترك الصلاة كفرٌ أكبر، فمن ترك الصلاة كفر لقوله -صلى الله عليه وسلم-: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) وقوله -صلى الله عليه وسلم-: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة) خرجه مسلم في صحيحه، في أحاديث أخرى تدل على كفر من تعمد ترك الصلاة، ولو لم يجحد وجوبها ولو أنه مقر بأنها واجبة، لكن تركه لها يكفي في كفره وخروجه من الإسلام في أصح قولي العلماء، أما إن جحد وجوبها فهو كافر عند الجميع عند جميع أهل العلم، والغالب على من تركها وتساهل بها أنه لا يُقر بوجوبها لو كان يقر بوجوبها صحيحاً لكن هذا يدل على ضعف إيمانه بها وضعف اعتقاده لوجوبها أو عدم ذلك.   
 
9- تسأل عن حكم الذي يسب الدين -والعياذ بالله- وترجو توجيه النصيحة، جزاكم الله خيراً شيخ عبد العزيز.
حكم الذي يسب الدين عند أهل العلم أنه كافر، فالذي يسب الإسلام أو يسب الله أو يسب الرسول محمد -صلى الله عليه وسلم- أو يتنقصه ويعيبه ويطعن فيه أو يسب الجنة أو يقول إنها غير حقيقة، أو ينكر النار ويقول إنها غير حقيقة كل هؤلاء كفار عند أهل العلم بإجماع المسلمين، فالذي يسب الرسول ويشتم الرسول أو يقول: إنه ما بلغ الرسالة أو يقول: إنه يجحد بعض الأمور، ما يعرف كل شيء جاهل، أو عنده جهل، أو مقصر في حق الله، أو مقصر في البلاغ، أو ما أشبه ذلك من الاستهزاء كله كفرٌ أكبر وردة عن الإسلام، نعوذ بالله، أو يسب الله ويتنقص الله أو يقول: إنه يجهل أو يقول إنه ظالم أو يقول إن شرعه ناقص، أو يقول إن الإسلام غير صحيح، أو أنه دين خرافة أو لا يجوز التزامه، أو لا يجوز الدخول فيه أو لا يلزم كل ذلك كفرٌ أكبر، نسأل اله العافية. والخلاصة: أن سب الإسلام أو سب الله أو سب الرسل أو تنقصهم أو الطعن فيهم أو الاستهزاء بهم كله كفرٌ أكبر عند جميع أهل العلم، نسأل الله العافية، يوجب القتل، يوجب على ولي الأمر ولي أمر المسلمين أن يأخذ هذا الساب وهذا المتنقص ويقتله على ردته عن الإسلام، أما إذا تاب فتوبته فيها تفصيل، فإن أنواع الكفر والساب لله ولرسوله لا يستتاب عند جمع من أهل العلم لعظم جريمته، نعوذ بالله، بل يقتل حداً. أما أنواع الكفر الأخرى كدعاء الأموات والاستغاثة بالأموات والنذر للأموات وترك الصلاة فإنهم يستتابون فإن تابوا وإلا قتلوا، نسأل الله العافية.  
 
10- تسأل أختنا عن قراءة المجلات هل هي حرام؟ علماً أنني أقضي معظم الوقت في قراءة القرآن الكريم.
قد أحسنت في قراءة القرآن، فهو كتاب الله فيه الهدى والنور، والعناية بقراءته من أعظم القربات ومن أفضل الطاعات، قال الله تعالى: إِنَّ هَذَا الْقُرْآنَ يِهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ (9) سورة الإسراء، ويقول سبحانه: قُلْ هُوَ لِلَّذِينَ آمَنُوا هُدًى وَشِفَاء (44) سورة فصلت، ويقول الرسول -صلى الله عليه وسلم-: (اقرءوا هذا القرآن فإنه يأتي شفيعاً لأصحابه يوم القيامة) ويقول -صلى الله عليه وسلم-: (من قرأ حرفاً من القرآن فله حسنة والحسنة بعشر أمثالها)، في أحاديث كثيرة، فقد أحسنت جداً. أما المجلات ففيها تفصيل: المجلات الطيبة الدينية المفيدة يُشرع قراءتها والاستفادة منها مثل كتب العلم المفيدة، كتب الحديث الشريف، كتب العقيدة الصحيحة، كتب الفقه الإسلامي. أما المجلات الخليعة والصحف الخليعة فلا تجوز قراءتها ولا الاشتغال بها، بل يجب أن تحارب وأن يحذر منها لعظم شرها وضررها، نسأل الله أن يوفقك وسائر المسلمين لما فيه رضاه وفيه الصلاح والهداية.  
 
11-   أنا أشكو من صداع، وطلب مني الأطباء أن أعمل صورة على الرأس، أي كشف بالأشعة، وهذا العمل يتطلب مني الكشف عن شعري، وهو حرام، ماذا أفعل؟ أطلب من الشيخ النصيحة.
إذا دعت الحاجة إلى الكشف عن الرأس أو على عضو من البدن للمرض فلا حرج في ذلك، الله يقول سبحانه: (وَقَدْ فَصَّلَ لَكُم مَّا حَرَّمَ عَلَيْكُمْ إِلاَّ مَا اضْطُرِرْتُمْ إِلَيْهِ) (119) سورة الأنعام، فإذا دعت الحاجة إلى كشف الطبيب على يدك أو رجلك أو رأسك أو نحو ذلك فلا حرج في ذلك، وإن كان المرض يسيراً واستغنيت وتركت ذلك؛ لأن المريض يسير وله دواء ميسر فالحمد لله.  
 
12- هل لبس الذهب للفتاة في العمل أو المدرسة حرام؟
لبس الذهب لا حرج فيه للمرأة إذا كانت بين النساء، أما بين الرجال غير المحارم فتستره حتى لا تفتن أحدا.  
 
13- أنا والحمد لله أصلي منذ أن كان عمري عشر سنين، ولكن تأتي عليَّ أيام أكون فيها إما تعباناً أو مشغولاً، فلا أُصلي ولا أقضي، فما الحكم في ذلك؟ أرجو الإفادة، جزاكم الله خيراً.
الواجب عليك التوبة إلى الله من ذلك والبدار بالصلاة دائماً ولزوم ذلك وليس لك عذر بالتعب والكسل، بل يجب أن تصلي وإن كنت تعباناً أو كسلاناً، عليك أن تبادر بالصلاة وتصليها في وقتها مع المسلمين، وإذا كنت عاجزاً عن الصلاة في المسجد لمرض صليت في البيت ولو على جنبك أو مستلقياً إذا عجزت عن القيام والقعود، أما تركها فلا يجوز لك أبداً ما دمت عاقلاً تستطيع أن تصلي ولو على جنبك أو مستلقيا، وعليك التوبة إلى الله عما سلف والتوبة تجب ما قبلها.   
 
14-   إنها امرأة مسلمة تبلغ من العمر تسعة وأربعين عاماً، أؤمن بقضاء الله وقدره، أنجبت ستة أولاد ذهبوا إلى رحمة الله، ولي ستة أولاد أحياء بفضل الله، والحمد لله كان مرضهم يطول مدة عامين أو أكثر، الأطباء لم يعرفوا عنهم شيئاً، الآن أفكر في تنظيم النسل، هل يجوز لي هذا أو لا؟ جزاكم الله خيراً.
لا تنظمي النسل إذا كنت تستطيعين ولا ضرر عليك فالحمد لله، دعي الأمر على حاله متى شاء الله الحمل حملت ولا تتعاطين ما يمنع الحمل، أما إذا كان هناك ضرر لعدم القدرة على التربية المشروعة فلا مانع أن تتعاطي بعض الحبوب التي تمنع الحمل في السنة الأولى أو الثانية حتى تتمكني من الرضاع والتربية المناسبة الشرعية، أما إذا كان ليس هناك حاجة إلى هذا فاتركي الأمر على حاله من غير حاجة إلى تنظيم؛ لأن المزيد من الأولاد فيه خيرٌ كثير إذا أصلحهم الله، والرسول -صلى الله عليه وسلم- أرشد الأمة إلى تكثير النسل قال: (تزوجوا الولود الودود فإني مكاثر بكم الأمم يوم القيامة)، والأولاد قد يجعل الله فيهم خيراً كثيراً فينفعونك وينفعون أباهم فلا تنظمي النسل إلا من حاجة.  
 
15- إنها تبكي بكاء شديداً على أولادها الستة الذين تُوفوا، وترجو التوجيه.
ننصحك بأن تصبري وتحتسبي، وأن تسألي الله أن يجعلهم شفعاء لك وأن يعوضك عنهم خير الدنيا والآخرة، وأن يبارك في الباقين ويصلحهم، ولا تجزعي ولا تكثري البكاء، بل عليك الصبر، يقول الله جل وعلا: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعونَ) قال تعالى: (أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِّن رَّبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) (155-157) البقرة، فالصبر هو الواجب وقد يكون لك في ذلك خيرٌ كثير وعاقبة حميدة، والله أحكم وأعلم سبحانه وتعالى، فاحتسبي واصبري، واسألي الله الأجر العظيم وحسن العاقبة وصلاح الموجودين.  
 
16-   (من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها)، ما معنى هذا جزاكم الله خيراً إذا كان حديثاً، وكيف يكون الابتداع حسناً؟ جزاكم الله خيراً.
الحديث صحيح، رواه مسلم في صحيحه، ومعناه من سن في الإسلام سنة حسنة يعني أظهرها وأحياها وبينها للناس عند غفلتهم عنها أو جهلهم بها، وليس المقصود الابتداع، الابتداع منهيٌ عنه، الابتداع منكر، والرسول عليه الصلاة والسلام قال في الحديث الصحيح: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد) وقال عليه السلام: (كل بدعة ضلالة)، فليس المراد بالحديث البدعة، وإنما المراد بالحديث إحياء السنن وإظهارها وبيانها للناس، ويدل على هذا سبب الحديث؛ فإن سبب الحديث أنه خطب الناس عليه الصلاة والسلام ودعاهم إلى الصدقة، فجاء بعض الناس بصدقة من الورق من الفضة كادت كفه تعجز عنها، فتتابع الناس لما رأوه، فقال عند ذلك عليه الصلاة والسلام: (من سن في الإسلام سنة حسنة كان له أجرها وأجر من عمل بها من بعده لا ينقص من أجورهم شيئاً، ومن سن في الإسلام سنة سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل بها من بعده لا ينقص من أزوارهم شيئاً) فالمقصود بالسنة الحسنة يعني إظهار السنن وإحياؤها والدعوة إليها بالقول والعمل، وليس المقصود البدع بإجماع المسلمين.  
 
17-  هل يشترط في النوافل أن تكون سريَّة؟ مع العلم أنني أصلي النوافل الليلية جهراً، والنوافل النهارية سراً.
لا يشترط كونها سرية يشرع للرجل أن يتنفل جهرة وسراً وإذا كان سراً في بعض الأحيان كان أكمل في الإخلاص، ولكن ليس ممنوعاً أن يصلي جهراً كما يصلي بعض الرواتب في المسجد، كسنة الظهر أو المغرب أو العشاء أو الفجر لا بأس، ولا بأس أن يصلي الضحى في المسجد أيضاً، ولا بأس أن يصلي في بيته وعنده من يراه من أهله أو ضيوفه لا بأس، لكن إذا كان في محل خاص بينه وبين ربه في النوافل كان هذا أكمل في الإخلاص، ولا حرج أن يصلي جهرة عند الناس لا حرج في ذلك إذا كان قصده الإخلاص وليس قصده الرياء.  
 
18-   هناك أناس لهم منزل، كانوا في خير، ثم تعاقبت عليهم الحوادث في هذا المنزل حتى تشاءموا منه وقاموا ببيعه، ومن ضمن تلك الحوادث فتن حصلت لهم، وانتحار بعض أفراد الأسرة، هل هذا من التشاؤم؟ وجهوا الناس، جزاكم الله خيراً.
ليس هذا من التشاؤم، فقد قال النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: (الشؤم في ثلاث: البيت، والدابة، والمرأة)، قد يكون الشؤم في هذه الثلاث وفي اللفظ الآخر: (إن كان الشؤم ففي ثلاث) ثم ذكرها، فهذا يدل على أنه قد يقع قد تكون بعض النساء مشئومة على زوجها، فإذا ظهر منها ما يدل على شؤمها لسوء أخلاقها معه أو لسوء سيرتها معه أو ترادف الحوادث عليه لما تزوجها من خسارة وكساد في تجارته، أو فساد في مزرعته وتلف في مزرعته تتابع عليه وأشباه ذلك فلا مانع من طلاقها، وهكذا الدار إذا توالت عليه الحوادث فيها وسوء الأحوال فيها والأمراض عليه وعلى أولاده فلا بأس من الانتقال عنها والاستئجار بغيرها أو بيعها لهذا الحديث الصحيح، وهكذا الدابة من ناقة أو فرسٍ ونحو ذلك إذا لم ير فيها فائدة ورأى منها شراً توالت عليه الحوادث بأسبابها فلا بأس أن يبيعها ويستبدلها بنص الحديث عن رسول الله عليه الصلاة والسلام.  
 
19-   والدتي نذرت أن تصوم يومين من كل شهر لله سبحانه وتعالى إن اهتدى أخي إلى طريق الحق والصواب، وقد هدى الله أخي إلى طريق الصواب، وبدأت والدتي في صوم ما عليها من نذرها، ولكن المشكلة أن والدتي لا تستطيع الصوم إلا بمشقة؛ لأنها دائماً تشكو من وجع الرأس والصداع، وهي تريد الآن أن تسأل: هل يجوز لها أن تكفِّر عن نذرها بكفارة اليمين، وإذا كان الجواب بنعم، فهل يجوز لها أن تخرج المال بدلاً عن الإطعام أو الكسوة؟
يلزمها الصوم إذا كانت تستطيع؛ لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (من نذر أن يطيع الله فليطعه، ومن نذر أن يعصي الله فلا يعصيه)، فعليها الصوم ما دامت تستطيع لهذا الحديث الصحيح، وعليها أن تبتعد عن النذر مستقبلاً لا تنذر النذر، الرسول نهى عن النذر وقال: (لا تنذروا فإن النذر لا يرد من قدر الله شيئاً) لكن متى نذر الإنسان طاعة فعليه الوفاء، فإذا عجزت عن صوم اليومين من كل شهر أجلت ذلك إلى حسب طاقتها وتصومها بعد ذلك، مثلما تؤجل رمضان بسبب المرض ثم تقضي، هذا هو الأظهر من السنة؛ لقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ (16) سورة التغابن، فإذا أصابها في بعض الشهور مرض وعجزت قضت اليومين في الشهر الآخر، والحمد لله، فإذا كبرت سنها وعجزت أطعمت مسكيناً عن يومين صاعاً من كل شهر عن اليومين من البر أو من الأرز كما يطعم من عجز عن صوم رمضان لكبر سنه عن كل يوم مسكين، فهكذا هذه الناذرة إذا عجزت تطعم عن كل يوم مسكين بعد كبر سنها، أما المرض العارض فلها أن تفطر عند المرض العارض ثم إذا طابت وشفيت قضت في الشهر الآخر.  
 
20-   في أحيان كثيرة يسهو صاحب الماشية عن ماشيته، فتدخل في إحدى المزارع وتقوم بإتلاف بعض المحاصيل، فيقوم صاحب المزرعة برفع شكوى لشيخ القرية ضد صاحب الماشية، فيقدر شيخ القرية الأضرار التي أحدثتها الماشية، ويُكلف صاحبها بدفعه لصاحب المزرعة، هل هذا العمل فيه إثم ، أم أن ما يقوم به شيخ القرية صحيح، أفيدونا أفادكم الله ؟
عمله صحيح، والواجب عليك حفظ ماشيتك عن إيذاء جيرانك، لا في الليل ولا في النهار، وقد قضى النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذا أن على أهل المواشي حفظ مواشيهم بالليل، وعلى أهل المزارع حفظ مزارعهم بالنهار، لكن إذا كان صاحب الماشية قريب من المزارع فإن أهل المزارع لا يستطيعون حفظها، فإذا كانت ماشيتك تتعدى على جيرانك فقد أحسن شيخ القرية فيما فعل، وعليك أن تحفظ مواشيك عن جيرانك حتى لا تؤذيهم، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يؤذي جاره) وفي اللفظ الآخر: (من كان يؤمن بالله اليوم الآخر فليكرم جاره) فالواجب عليك أن تصون دوابك عن إيذاء جيرانك، وعلى شيخ القرية أن يقوم باللازم عند تساهلك.  
 
21-  توفيت زوجتي وهي تلد، وكثير من الناس عندنا يقولون إنها شهيدة، والشهيد إلى الجنة، مع أن زوجتي لا تصلي، هل تعتبر من الشهداء؟!
الموت بسبب الولادة شهادة جاء بذلك بعض الأحاديث عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إذا ماتت المرأة بسبب الولادة، لكن التي لا تصلي ليست مسلمة، والشهادة إنما هي للمسلم، فالتي لا تصلي جاء النص عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه كافر، قال عليه الصلاة والسلام: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر) وهذا هو الأصح من قولي العلماء أن الذي يتعمد ترك الصلاة ولا يصلي كافر

411 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply