حلقة 666: حكم الإمام إذا نبه عن زيادة أو نقص فلم يمتثل - قوله تعالى وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون - هل يجوز للمصلي أن يقرأ غير التشهد الأول في التشهد الأول؟ - الدعاء بعد قراءة القرآن بصوت جماعي - حكم قراءة القرآن ولمسه للمحدث

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

16 / 50 محاضرة

حلقة 666: حكم الإمام إذا نبه عن زيادة أو نقص فلم يمتثل - قوله تعالى وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون - هل يجوز للمصلي أن يقرأ غير التشهد الأول في التشهد الأول؟ - الدعاء بعد قراءة القرآن بصوت جماعي - حكم قراءة القرآن ولمسه للمحدث

1-   إذا كان الصلاة ثلاثية أو رباعية ونحن كنا مأمومين ولقد تمت الصلاة لكن الإمام سهى، فقلنا: سبحان الله ولم يرجع ثم قلنا: الحمد لله تمت الصلاة ولم يرجع فماذا نعمل؟

الحمد لله، وصلى الله وسلم على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه. أما بعد: فالواجب على الإمام إذا نبهه المأمومون عن الزيادة أن يرجع وعن النقص أن يقوم إذا كان المنبهون اثنين فأكثر، إلا إذا كان يعتقد أنه هو المصيب وأنهم هم المخطئون فإنه يعمل بما يعتقد ويستمر فيما رأى، أما المأمومون فعليهم أن يعملوا بما يعتقدون، فإذا كانوا يعتقدون أنه مصيب تبعوه، وإذا اعتقدوا أنه مخطئ في الزيادة بأن قام إلى رابعة في المغرب أو خامسة في الظهر أو العصر أو العشاء، أو قام إلى ثالثة في الفجر أو الجمعة إذا اعتقدوا أنه مخطئ فإنهم لا يتابعونه يجلسون، وينتظرون حتى يسلم ثم يسلموا معه، أما من لا يعلم ذلك، عنده شك، فإنه يتابع إمامه في الزيادة يقوم معه، وهكذا من جهل الحكم لا يعرف الأحكام الشرعية، وقام معه لا يضره، أما الواجب من الجهة الحكم الشرعي فمن علم أنه زائد لا يقوم معه يجلس ولا يتابع في الزيادة، وإذا سلم سلم معه، وهكذا في النقص إذا جلس في الثالثة من الرباعية أو في الثانية في الثلاثية أو بعد الأولى في الثنائية فإنهم ينبهونه: سبحان الله سبحان الله، فلا يقول: تمت الصلاة أو نقصت الصلاة، ينبهونه بالتسبيح؛ لأن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال:(فليسبح الرجال وليصفق النساء). وقال : (من نابه شيء في الصلاة فليقل سبحان الله). هذا هو المشروع أن يقول سبحان الله، سبحان الله، فإذا لم يستجب وبقي جالساً فإن المأموم إذا كان يعتقد أنه ناقص يقوم، يقوم إذا.... يكمل صلاته والحمد لله. أما الإمام فإذا كان يعتقد أنه مصيب فصلاته صحيحة، وإن كان يعتقد أنه غير مصيب فالواجب عليه متابعته المنبهين، وأن لا يبقى على الشك، فإذا نبهوه أنه ناقص يقوم يكمل وإذا نبهوه أنه زائد يرجع، إذا كان المنبهون اثنين فأكثر، أما إذا كان المنبه واحداً فإنه لا يلزمه الرجوع إليه بل يعلم بما يعتقد، فإن كان يعتقد أنه ناقص قام وكمل، وإن كان يعتقد أنه زائد يرجع، وإن كان شاكاً يبني على اليقين، إذا كان شك في رابعة أو خامسة يجعلها رابعة، إذا كانت ثالثة ورابعة يجعلها ثالثة، ويكمل، فعند الشك يبني على اليقين، وإذا كان متيقناً صواب نفسه عمل بصواب نفسه، وإذا كان عنده تردد وليس عنده يقين يتابع المنبهين إذا كانوا اثنين فأكثر، هذا هو المشروع للإمام والمأمومين، أما المأموم فقد عرفت أنه إن كان يعتقد أن الإمام مصيب يتابعه، أو كان ليس عنده يقين وعنده شك فإنه يتابع الإمام أيضاً، في النقص والزيادة. أما المأموم الذي يعلم أن الإمام مخطئ فإنه لا يتابعه لا في النقص ولا في الزيادة.  
 
2-   اختلفت مع أحد إخوتي في الله إذا قال لا يصلح أن تقتل الحية قبل أن تستأذن لمدة ثلاثة أيام، واستدل بآيةٍ وطلبت منه الإيضاح أكثر، فقال: إن قول الحق - تبارك وتعالى - : وما خلقت الجن والإنس إلا ليعبدون. دليلٌ على هذا، فبينت له أن الآية الكريمة ليست دليلاً لما يقول، أرجوا أن توجهوني حول الموضوعين جزاكم الله خيراً؟
نعم ليس في الآية دليل على ما قال من عدم قتل الحيات، لأن فيها ذكر الجن والإنس وأنهم خلقوا ليعبدوا الله، أما الحيات والعقارب والكلاب وغيرها خلقت لأمر آخر ولحكمةٍ أخرى، وقد بين النبي - صلى الله عليه وسلم- أن الحية إذا كانت في البيوت تعلن ثلاثا، تنذر ثلاث مرات فإن اختفت وإلا قتلت، وقال - صلى الله عليه وسلم-: (إن للبيوت عماراً من الجن قد يتشبهن بالحيات). قد يتشبهوا بالحييات، فتنذر ثلاثاً، فإن اختفت وزالت وإلا قتلت. أما إذا كانت في البرية والأسواق والمساجد فهذه تقتل إذا رؤيت تقتل، كما قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (اقتلوا الأسودينفي الصلاة الحية والعقرب). هكذا جاء الحديث. وهذا يعم المساجد والبواري حيث قال النبي - صلى الله عليه وسلم-: (اقتلوا الأسودين في الصلاة الحية والعقرب). ووجدوا في منى حيةً فقام إليها الناس ليقتلوها فسبقتهم ولم يستطيعوا قتلها، فقال الرسول - صلى الله عليه وسلم-: (وقيت شركم كما وقيتم شرها). فالحاصل أنها إذا كانت في البرية أو في مثل المشاعر لا بأس أن تقتل، فالمشروع قتلها دفعاً لأذاها أو في الطرقات أو في المساجد، أما في البيت السكن فإنها تستأذن وتنذر، ويقال لها: إن عدت قتلناك، لا تخرجي إلينا، لا تبرزي إلينا؛ لأنها قد تكون جنية، فتفهم الكلام، فإن برزت بعد الثالثة قتلت. 
 
3-  هل يجوز للمصلي أن يقرأ غير التشهد الأول في التشهد الأول؟
يستحب له في أصح قولي العلماء أن يصلي على النبي - صلى الله عليه وسلم-، لأن الأحاديث عامة، سأله الصحابة فقالوا: يا رسول الله: أمرنا الله أن نصلي عليك فكيف نصلي عليك؟ قال قولوا: اللهم صل على محمد وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد. قال: والسلام كما علمتم). السلام بُيَّن في الأحاديث الأخرى: السلام عليك أيها النبي ورحمة وبركاته. ولم يستثنِ في التشهد الأول بل عمم عليه الصلاة والسلام، أمرهم أن يصلوا عليه ولم يقل في التشهد الأخير، فدل ذلك على أنه يشرع في التشهدين، لكن ذهب أكثر أهل العلم إلى أن هذه الصلاة إنما تقال في التشهد الأخير، والأرجح أنها تشرع في الأول أيضاً لعموم الأحاديث، فإن تركها في الأول فلا حرج.  
 
4-  هل يجوز الدعاء في حلقات القرآن الكريم اليومية بعد قراءة الجزء اليومي هل يجوز أن يكون بصوتٍ جماعي؟
ورد في هذا حديث ضعيف أنه كان إذا فرغ من مجلسه دعا، ولكن لا أعلم فيه حديث صحيحاً، فإذا دعا الإنسان عند قيامه أو عند قضاء مجلسه ببعض الدعوات، فلا بأس، لكن دعوات خاصة ترفع الأيدي فيها ويؤمنون بنظام خاص، ليس له أصل ثابت، أما إذا دعى كل واحد لنفسه أو قال: اللهم وفقنا جميعاً. أو اللهم اغفر لنا جميعاً. عند قيامه أو نحو هذا فلا نعلم فيه بأساً؛ لأن الدعاء أصله مشروع، لكن كونه بنظام خاص يرفع يديه ويؤمنون جميعاً أو يدعوا ويؤمنون جميعاً على طريقة خاصة ونظام خاص، هذا لا أعلم له أصلاً إلا في حديث ضعيف  
 
5-  هل تجوز قراءة الجزء أو لمس المصحف والإنسان على غير وضوء؟
ليس له في أصح قولي العلماء أن يمس القرآن إلا وهو طاهر، وهكذا جزء عم وجزء تبارك ليس له أن يمسه إلا وهو طاهر، لما ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم- أنه كتب إلى عمرو بن حزم : أن لا يمس القرآن إلا طاهر). وهو حديث له طرق جيد، وقد أفتى به أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم-، وبها قال جمهور أهل العلم، كالأئمة الأربعة وغيرهم من أهل العلم، فالواجب على المؤمن أن لا يمسه إلا عن طهارة، هذا إذا كان ليس عليه حدث أكبر. أما الجنب فلا يقرأ ولا يمس المصحف جميعاً حتى يغتسل، الجنب لا يقرأ ولا يمس المصحف حتى يغتسل. أما إذا كان الحدث الأصغر فله أن يقرأ عن ظهر قلب، ولكن ليس له أن يمس المصحف حتى يتوضأ، واختلف العلماء في الحائض والنفساء هل هما كالجنب لا تقرآن حتى تغتسلا، أم يجوز لهما القراءة عن ظهر قلب؛ لأن مدتهما تطول وليست مثل الجنب، فالراجح أنه يجوز لهما القراءة عن ظهر قلب، لأنهما ليستا كالجنب مدتهما تطول، والجنب مدته قليلة، متى فرغ من حاجته استطاع أن يغتسل ويقرأ، فلا يجوز قياس الحائض والنفساء عليه، القياس غير صحيح؛ لأن الفرق واضح، أما حديث أنه - صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تقرأ الحائض ولا النفساء شيئاً من القرآن). فهو حديث ضعيف عند أهل العلم، لا تقوم به الحجة، والصواب أنه يجوز للحائض والنفساء أن تقرأ عن ظهر قلب. أما مس المصحف فلا، لا تمسان المصحف، فإن دعت الحاجة إلى ذلك من وراء حائل كالقفازين فلا بأس عند الحاجة إلى مراجعة آية ونحوها.  
 
6-   حاولت الحصول على جواز لأداء فريضة الحج في ثلاثة أعوام متتالية ولم أحصل عليه إلا بعد دفع ما يسمى بالتسهيلات، وهذه التسهيلات عبارة عن رشوة وجهوني جزاكم الله خيراً؟
الرشوة لا تجوز ولا يحل للمسؤلين في الجوازات أن يأخذوها بل الواجب عليهم أن ينفذوا ما وكل إليهم وما عُهد إليهم ولا يأخذوا من الناس رشوة، والذي يحتاج إلى جواز يسلك الطرق الشرعية في طلب الجواز من سفارة بلده، أما أن يعطي رشوة فلا يجوز لأن ذلك منكر وإعانة للمسؤلين على الخيانة، وهذا لا يجوز؛ لأن الله - سبحانه وتعالى – يقول: وَتَعَاوَنُواْ عَلَى الْبرِّ وَالتَّقْوَى وَلاَ تَعَاوَنُواْ عَلَى الإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ [(2) سورة المائدة]. فليس لموظفي الجوازات أن يخونوا وليس لهم أن يأخذوا الرشوة، والواجب عليهم أن ينفذوا التعليمات، وهكذا غيرهم من الموظفين ليس لهم أخذ الرشوة؛ لأن ذلك منكر، وعليهم أداء الأمانة، والصدق في ذلك، وصاحب الحاجة يسلك الطرق التي بينتها الدولة وأوضحتها الدولة للناس، حتى يظفر بحاجته، والله - سبحانه وتعالى – يقول: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا [(2) سورة الطلاق]. ويقول - سبحانه وتعالى -: وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا [(4) سورة الطلاق]. أما بذل الرشوة للموظفين حتى يخونوا فهذا من التعاون على الإثم والعدوان- نسأل الله للجميع الهداية-..  
 
7-  ما حكم من كان في نيته أن يتوضأ لصلاة العشاء ولكنه نسي وتذكر ذلك بعد أن أدى الصلاة، هل يجب عليه قضاء هذه الصلاة؟
إذا كان يعلم أنه أحدث فعليه القضاء، أما إذا كان نوى يتوضأ للتجديد والنشاط وإلا فإنه يعلم أنه على طهارة ولكن عزم أنه يتوضأ لمجرد للفضل والنشاط فهذا لا يعيد ذلك، لأنه صلّى على طهارة، أما إن كان يعلم أنه أحدث، وإما أراد الوضوء لأجل أنه محدث فهذا صلّى على غير طهارة، فعليه أن يعيد، لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (لا تقبل صلاةٌ بغير طهور، ولا صدقة من غلول). رواه مسلم في صحيحه. وفي الصحيحين عن أبي هريرة - رضي الله عنه – أن النبي - صلى الله عليه وسلم- قال: (لا تقبل صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ). فلا بد من الطهارة إذا كان على غير طهارة لا بد من الطهارة، فإذا صلى أو على غير طهارة فهو آثم ووقع في معصية وصلاته باطلة -نسأل الله السلامة-.   
 
8-  لي أخٌ لا ينشط كثيراً لصلاة الجماعة بل يصلي في البيت منفرداً، بما تنصحوني تجاهه وقد أديت له النصح أكثر من مرة؟
الواجب عليه أن يتقي الله، وأن يصلي في جماعة؛ لأن صلاة الجماعة أمرٌ لازم، هذا هو الصواب الذي عليه المحققون من أهل العلم، وقد دلت عليه سنة رسول الله عليه الصلاة والسلام فقد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم- أنه قال: (من سمع النداء فلم يأت فلا صلاة له إلا بالعذر). قيل لابن عباس: ما هو العذر؟ قال: خوفٌ أو مرض. وفي صحيح مسلم عن النبي - صلى الله عليه وسلم- أنه استأذنه رجلٌ أعمى، قال: يا رسول الله ليس لي قائد يقودني إلى المسجد، فهل لي من رخصة أصلي في بيتي؟ فقال له رسول الله - صلى الله عليه وسلم-: هل تسمع النداء للصلاة؟ قال: نعم، قال: فأجب. ولم يأذن له في ترك شيء من الصلاة في المسجد، وهو أعمى ليس له قائدٌ يقوده، فكيف بحال الصحيح القوي أمره أشد وأخطر، فالواجب على كل مؤمن أن يصلي في الجماعة وأن يتقي الله ويبادر، وعليك أيها السائل أن تنصحه دائماً، وأن تجتهد في توجيهه إلى الخير وتحذيره من مشابهة المنافقين، لعل الله أن يهديه بسببك فيكون لك مثل أجره، ولا تمل ولا تيأس، واستعن على ذلك بأبيك وإخوانك الآخرين، وبعض جيرانك حتى ينصحوه حتى يعينوك عليه -نسأل الله لنا وله الهداية-.  
 
9-  من كان في نيته الحج وهو عازمٌ عليه ولكن حدث له شيءٌ ما وتوفي، كيف يكون الحكم بالنسبة له جزاكم الله خيراً؟
إذا كان خلفه تركه يحجج عنه إذا كان قادر حين حياته قادر عنده مال يستطيع أن يحج فإنه يحجج عنه من ماله، من التركة، أما إذا كان فقير ما عنده قدرة فليس عليه حج، وإن كان قد عزم على الحج بالدين أو غيره أو مع الناس إنما يلزمه الحج في تركته إذا كان قادراً في حياته يعني عنده قدرة فاضلة على حاجاته وحاجات أولاده، عنده قدره مالية يستطيع بها أن يحج، مع إبقاء ما يقوم بحال عائلته.  
 
10-   إذا اختلف والدي مع والدتي وتشاجرا وارتفع الصوت بينهما، ونصحت كل واحدٍ على حده ولم يستجيبا لي كيف يكون موقفي وجهوني جزاكم الله خيراً؟
عليك أن تستمر في النصيحة وأن تصبر ولا تمل ولا تكسل -نسأل الله لهما الهداية-، واستعمل الرفق والحكمة والكلام الطيب مع والديك ولا تجزع ولا تمل ولا تكسل ولا تيأس، تستعمل ما تستطيع من الكلام الطيب والأسلوب الحسن، وإذا تيسر لك أن تستعين ببعض أقاربك الذين لهما منزلة عند والديك حتى يساعدوك على النصيحة لهما، والتأليف بين قلوبهما فافعل ذلك.  
 
11-   يوجد عندنا اختلافٌ في موضوع الجمعة، بعض العلماء يقولون: إذا تعددت المساجد في المدينة يجب إعادة فرض الظهر أربع ركعات جماعةً في المسجد، وينسبون هذا القول إلى الإمام الشافعي - رحمه الله – فهل هذا وارد نرجوا الإيضاح جزاكم الله خيراً؟
ليس هذا بصحيح، بل بدعة، صلاة الجمعة مجزئة، وإذا تعددت المساجد للعذر؛ لأن المسجد الواحد لا يكفي فالصلاة فيها جميعاً جائزة وصحيحة، والحمد لله، ولا نعلم ثبوت هذا عن الشافعي - رحمه الله -، ولو فرضنا أن الشافعي قاله عن اجتهاد، فليس الشافعي ولا غيره من المعصومين. فالشافعي وغيره قد يقول قوله بغير حجة بل على الاجتهاد فيكون قوله مرجوح، وهذه المسألة قول من قال بأن يصلي صلاة الظهر بعد الجمعة قولٌ مرجوح سواء قاله الشافعي أو غيره. والصواب أنه لا يعيد، ولا يصلي ظهراً تكفيه الجمعة، لأن الرسول - صلى الله عليه وسلم- وأصحابه لم يكونوا يأتوا بصلاة الظهر بعد الجمعة، وهكذا أصحابه بعده، وهكذا سلف الأمة، والخير كله في اتباع سلف الأمة، وقد قال عليه الصلاة والسلام: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد). وإعادة الظهر بعد الجمعة ليس عليه أمره، بل هو محدث فيكون مردوداً، والجمعة كافية، والحمد لله- نسال الله للجميع التوفيق-.  
 
12-   صلينا التراويح ثمان ركعات في المسجد، بعض الناس يقولون: إنكم هدمتم البناء الذي بناه الخليفة عمر بن الخطاب - رضي الله عنه – هل هذا القول صحيح، نرجو التوضيح جزاكم الله خيراً؟
هذا هو الموافق لسنة النبي - صلى الله عليه وسلم-، وسنة النبي مقدمة على سنة عمر - رضي الله عنه– وعمر فعل هذا وفعل هذا، فعل إحدى عشر وفعل ثلاثة عشرين، صلى هذا وهذا مع الصحابة، فالأمر واسع فمن صلّى ثلاثة عشرين فلا بأس، ومن صلى أكثر فلا بأس، ومن صلّى ثلاثة عشر فهو سنة ومن صلّى إحدى عشرة فهو سنة، كله طيب، وأفضلها إحدى عشر أو ثلاثة عشر، هو الذي ثبت عن النبي - صلى الله عليه وسلم-، فإن صلّى الناس عشرين مع الوتر ثلاثاً كما فعل عمر في بعض الأحيان، وعمر فعل هذا وهذا، أمر أبياً أن يصلي بالناس إحدى عشرة، وفي بعضها صلى ثلاث وعشرين، فالأمر في هذا واسع، والحمد لله .ولكن المقدم هو سنة النبي - صلى الله عليه وسلم- قد ثبت عنه - صلى الله عليه وسلم- أنه كان يصلي إحدى عشرة، وربما صلّى ثلاث عشرة في رمضان وفي غيره ومن زاد فلا حرج عليه؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (صلاة الليل مثنى مثنى). ولم يحدد لا ثماناً ولا عشراً ولا أقل، فدل على التوسعة والحمد لله. (صلاة الليل مثنى مثنى). ثنتين ثنتين، ثم قال: (فإذا خشي أحدكم الصبح صلّى ركعة واحدة وتراً). يعني إذا خشي الصبح أوتر بواحدة، هذا هو المشروع، إذا صلّى بثمان وأوتر بثلاث صارت أحدى عشرة، وإذا صلّى عشراً وأوتر بثلاث فصارت ثلاث عشرة، وإذا صلَّى عشرين بعشر بتسليمات وأوتر بثلاث صارت ثلاثة وعشرين، وإن صلَّى أكثر فلا بأس، فالحمد لله، فالأمر واسع بحمد لله. 
 
13-   أرجوا الإيضاح التام عن مسألة التسابيح والذكر بلا إله إلا الله والصلاة على الرسول - صلى الله عليه وسلم- بعد الانتهاء من الصلاة في المسجد، هل تكون جماعية وبصوتٍ مرتفع، أم على انفراد وبصوتٍ منخفض جزاكم الله خيراً؟
التسبيح والتحميد بعد الصلاة مشروع للجميع، كلهم يرفعون أصواتهم جميعاً، من دون مراعاة أن يكون جماعياً، لا، كل يرفع صوته من غير مراعاة صوت الآخر، قال ابن عباس - رضي الله عنهما-: كان رفع الصوت بالذكر حين ينصرف الناس من المكتوبة على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم-. وقال ابن عباس: كنت أعلم إذا انصرفوا بذلك إذا سمعته. فابن عباس - رضي الله عنهما- بيَّن أنهم كانوا يرفعون أصواتهم بالذكر بعد السلام، حتى يعلم من حول المسجد أنهم سلموا، هذا هو السنة، لكن ليس معناه أنه بصوتٍ جماعيٍ منظم، لا، بل هذا يذكر الله وهذا يذكر الله، والحمد لله، من دون مراعاة صوتٍ جماعي.  
 
14-  هل الدعوة إلى الله واجبةٌ على كل مسلم، أم على أشخاص معينين رسميين، جزاكم الله خيراً؟
الدعوة إلى الله فرض كفاية، كالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إذا قام به من يكفي سقط عن الباقين، فإذا تولى الدعوة إلى الله من فيهم الكفاية في القرية أو في المدينة كفوا، وإذا لم يكفوا لأن القرية واسعة أو المدينة واسعة أو القبيلة واسعة وجب على من عنده علمٌ أن يشارك في الدعوة إلى الله - سبحانه وتعالى -، حتى تحصل الكفاية والتعليم، وإذا باشرها ولو قام بها غيره كان أفضل له، حتى يشارك في الخير؛ لقول النبي - صلى الله عليه وسلم-: (من دل على خير فله مثل أجر فاعله). ولا تختص بالرسميين بل هي مشروعة للجميع الرسمي وغير الرسمي، وهكذا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مشروعٌ للجميع، كلٌ يدعو إلى الله، ويأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، كما قال الله - عز وجل -: وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِّمَّن دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ [(33) سورة فصلت]. وقال - عز وجل -: وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ [(71) سورة التوبة]. فالمشروع لجميع أهل العلم الدعوة إلى الله، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر في المدينة وفي القرية وفي القبيلة وفي أي مكان، لكن إذا قام بذلك من تحصل بهم الكفاية؛ في قبيلة معينة أو قرية معينة، أو في مدينة معينة سقط الوجوب عن الباقين، وصار في حق الباقين سنة مؤكدة، من باب التعاون على البر والتقوى- والله المستعان-.  
 
15-  ما حكم تقبيل يد الابن لوالده أو والدته في الصباح أو في أي وقت من الأوقات هل هذا جائز؟ وهل يثاب عليه؟
لا حرج في ذلك -إن شاء الله-، كما جاء عن النبي - صلى الله عليه وسلم – أنه كان إذا دخلت علبه فاطمة قام إليها وأخذ بيدها وقبلها. وكانت إذا دخل عليها قامت إليه، وأخذت بيده وقبلته- عليه الصلاة والسلام-. وأمر في هذا واسع. وأمر الوالد أمر عظيم، حقه حق كبير، وكذلك الوالدة، فالأمر في هذا واسع صباحاً أو مساءً. 

460 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply