حلقة 797: حكم البقاء مع زوج لا يصلي - حكم القضاء على من أفطر في رمضان عمدا - كيفية التحلل من الأذية التي كان الإنسان يفعلها للناس - الصلاة إلى الصلاة والجمعة إلى الجمعة مكفرات - صناعة الطعام يوم المولد النبوي وتوزيعه

عبدالعزيز بن عبدالله بن باز

46 / 49 محاضرة

حلقة 797: حكم البقاء مع زوج لا يصلي - حكم القضاء على من أفطر في رمضان عمدا - كيفية التحلل من الأذية التي كان الإنسان يفعلها للناس - الصلاة إلى الصلاة والجمعة إلى الجمعة مكفرات - صناعة الطعام يوم المولد النبوي وتوزيعه

1-   تزوجت رجلاً ملتزماً، لكنه تغير في سلوكه الدنيوي والديني، حلق لحيته، وشرب الدخان والمسكرات، حتى أنه يبحث عن وظيفة وإن كانت غير شريفة، تساهل في أمر الصلاة، فمرة يصلي وأخرى لا يصلي، وما صلاها يصليها نقرا، كيف أتصرف معه، علماً بأن لدي منه ولدين، وأنا عند الأهل في الوقت الحاضر؟ وجهوني جزاكم الله خيراً.

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله وصلى الله وسلم على رسول الله، وعلى آله وصحبه ومن اهتدى بهداه أما بعــد: فالواجب عليك ترك هذا الزوج والذهاب إلى أهلك، والرفع عنه إلى المحكمة حتى يفرق بينك، وبينه إذا كان تارةً يصلي وتارةً لا يصلي مع ما فيه من العيوب الأخرى من شرب المسكر، وغير ذلك، لكن أعظمها ترك الصلاة، فإن تركها كفر بخلاف المسائل الأخرى، فإنها معصية وقد صح عن رسول الله -عليه الصلاة والسلام- أنه قال: (بين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة). وقال -عليه الصلاة والسلام-: (العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر). فالواجب عليك الذهاب إلى أهلك حتى يسهل الله بالتوبة، أو الفرقة، إما أن يتوب وإما أن يطلقك ولا يجوز لك البقاء معه ما دامت حاله ما ذكرت من جهة الصلاة. أما المعاصي الأخرى لو كان يصلي فهي عيب وعذر لك أن تطلبي الطلاق؛ لأنها عيب كبير، كونه يشرب الخمر هذا عيب كبير مع حلق اللحية ومع شرب الدخان –هذه عيوب– لكن أشدها، وأعظمها ترك الصلاة؛ لأنها كفر في أصح قولي العلماء وإن لم يجحد الوجوب، متى ترك الصلاة بعض الأحيان وإن لم يجحد وجوبها كفر بذلك في أصح قولي أهل العلم فنسأل الله له الهداية، وأن يمن عليه بالتوبة.  
 
2-   عندما يتوب الإنسان ويمنّ الله عليه بالهداية هل يقضي أشهر رمضان التي لم يصمها، وإذا كان الإنسان عامداً متعمداً في الإفطار بما هو من شهوات النفس هل يلزمه ذلك، أم أنه يكفي أن يطعم عن كل يوم مسكيناً؟ جزاكم الله خيراً.
عليه أن يصوم ما أفطر مع التوبة إلى الله -عز وجل- ولا يجزئه الإطعام ما دام يستطيع الصيام، عليه أن يتوب إلى الله -عز وجل- مما فعل، وعليه أن يبادر بالصوم مع إطعام مسكين عن كل يوم إذا كان أخر الصوم إلى رمضان آخر، وهذه جريمة عظيمة، ومنكر عظيم، لكن إن كان لا يصلي صار كافراً، والكافر لا يقضي إذا كان لا يصلي كان كافراً والكافر لا يقضي في أصح قولي العلماء، وأما إن كان يصلي، ولكنه ترك الصيام، فإنه لا بد من القضاء مع إطعام مسكين عن كل يوم إذا كان القضاء تأخر إلى رمضان آخر، نسأل الله أن يمن علينا، وعلى كل مسلم بالتوبة النصوح.   
 
3-   إذا كان الإنسان يؤذي خلق الله من رجال ونساء، ومنهم من يعرفه ومنهم من لا يعرفه، هل يطلب العفو، والسماح ممن عرفهم، أم يدعو لهم ويكون ذلك كافياً؟ جزاكم الله خيراً.
إذا كان يؤذي الناس فعليه التوبة إلى الله من ذلك، وأن يستسمحهم، يطلب منهم الحل، إذا كان يؤذيهم بالسب، أو بالضرب، أو بأخذ الأموال عليه أن يستسمحهم ويعطيهم أموالهم إن كان أخذ منهم أموالاً، فإذا سمحوا وعفوا عنك، فالحمد لله وإلا أعطاهم الأموال التي أخذها منهم مع التوبة إلى الله -عز وجل-، أما إن كان مجرد غيبة يغتابهم، فهذا إن تيسر أنه يستسمحهم استسمحهم، وإن خاف بذلك ما هو أشد ولم يتيسر استسماحهم بل يخشى من فتنة، فإنه يدعو لهم، ويستغفر لهم، ويذكرهم بخير ما يعلم من خصالهم الحميدة بدلاً من خصالهم التي ذمهم بها، فيذكرهم بخير أعمالهم التي يعرفها عنهم في المجالس التي كان اغتابهم فيها، ويكون هذا بدلاً من غيبته مع الدعاء لهم، والاستغفار لهم.    
 
4-   نعلم بأن الصلاة إلى الصلاة، والجمعة إلى الجمعة والعمرة إلى العمرة كفارة لما بينهن إذا اجتنبت الكبائر، كما ورد عن الرسول -صلى الله عليه وسلم-، فلنفرض أن شخصاً ما أذنب في يوم الأربعاء في صلاة العصر، فهل معنى ذلك أن صلاة المغرب كفارة لهذا الذنب إذا لم يكن الذنب كبيراً، وأيضاً هل الجمعة كفارة لهذا الذنب لوقوعه بين الجمعة والجمعة، وهل العمرة أيضاً كذلك؟ جزاكم الله خيرا.
يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- في الحديث الصحيح: (الصلوات الخمس، والجمعة إلى الجمعة ورمضان إلى رمضان كفارات لما بينهن إذا اجتنب الكبائر). وفي لفظ: (ما لم تغش الكبائر). هذا نص النبي -عليه الصلاة والسلام- فيما رواه مسلم في الصحيح، فإذا كان العبد قد تجنب الكبائر ولكن تقع منه بعض الصغائر، فإن هذه العبادات تكون كفارة لما وقع منه فضلاً من الله -سبحانه وتعالى-. وهكذا العمرة والحج يقول -صلى الله عليه وسلم-: (العمرة إلى العمرة كفارة لمن بينهما). يعني ما لم تخشى الكبائر كما في الصلاة، وهكذا الحج إلى الحج وهذا من فضله -سبحانه وتعالى- وجوده وكرمه، فالواجب الحذر من جميع السيئات صغيرها وكبيرها والتوبة إلى الله من ذلك، فإذا ابتلى العبد بشيءٍ من السيئات الصغائر كانت صلواته الخمس، وجمعاته، وصيامه رمضان وحجه، وعمرته كلها مكفرات.   
 
5-   عندنا عادة، وهي: في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول نعمل وجبة إفطار منذ الصباح الباكر، ونقوم بتوزيعها على الجيران، ونحن نهنئ الجيران، والأقرباء بعضهم بعضاً بحجة الفرح بالمولد النبوي، فهل لنا أن نستمر في عمل هذه الأطعمة، والأكل منها، ونعمل تلك الاحتفالات؟
هذا العمل ليس مشروعا، بل هو بدعة، ولو فعله بينه وبين الناس؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأصحابه ولم يفعلوا ذلك فلم يحتفل -صلى الله عليه وسلم- بمولده في حياته، ولم يأمر بذلك، وهو أنصح الناس -عليه الصلاة والسلام-، واعلم الناس، وأحرص الناس على الخير -عليه الصلاة والسلام-، فلو كان هذا العمل مشروعاً، وحسناً لفعله النبي -صلى الله عليه وسلم-، أو أرشد إليه، وهكذا الخلفاء الراشدون هم أفضل الناس بعد الأنبياء لم يفعلوه، ولم يأمروا به، وهكذا بقية الصحابة -رضي الله عنهم- لم يفعلوه ولم يأمروا به، وهكذا سلف الأمة في القرون المفضلة من الأمة لم يفعلوه، وهم خير الناس بعد الأنبياء كما قال -عليه الصلاة والسلام-: (خير الناس قرني، ثم الذين يلونهم، ثم الذين يلونهم). فالواجب عليكم ترك هذه البدعة، والحرص على إتباع النبي -صلى الله عليه وسلم- في أقواله وأعماله، هذا هو الواجب على المسلمين أن يتبعوه، وأن ينقادوا لشرعه ويعظموا أمره ونهيه، وأن يسروا على سنته ونهجه -عليه الصلاة والسلام-. أما البدع فلا خير فيها فهي شر يقول -عليه الصلاة والسلام-: (من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد). يعني فهو مردود. ويقول -صلى الله عليه وسلم-: (من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد).متفق على صحته. وفي صحيح مسلم عن جابر -رضي الله عنه- قال: كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول في الخطبة –خطبة الجمعة– أما بعد: (فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة). هذا العمل الذي فعلته من إهداء الطعام، أو احتفال وغير ذلك في اليوم الثاني عشر من ربيع الأول بالطعام، أو بالصلوات، أو بالتزاور كله بدعة لا أصل له، يقول الرب -عز وجل-: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ) (31) سورة آل عمران . فاتباع النبي هو حقيقة الحب وهو دليل الحب الصادق، ويقول -عليه الصلاة والسلام-: (من رغب عن سنتي فليس مني)، فنوصيكم وغيركم من إخواننا المسلمين بترك هذه البدعة، وهي الاحتفالات بالمولد النبوي، أو بغير المولد النبوي. بالموالد الأخرى كلها غير مشروعة، ولكن نوصيكم باتباع الرسول -صلى الله عليه وسلم- دائماً، والتفقه في الدين وتعليم الناس السنة، والحرص على طاعة الله ورسوله في كل شيء، هذا هو الواجب على جميع المكلفين أن يخلصوا لله العبادة، وأن يعظموه، وأن ينقادوا لشرعه، وأن يسيروا على نهج نبيه -صلى الله عليه وسلم- في القول والعمل، في جميع الأحوال قال تعالى في كتابه العظيم: (وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا) (7) سورة الحشر . وقال -عليه الصلاة والسلام- في الحديث الصحيح: (من أطاعني فقد أطاع الله ومن عصاني فقد عصا الله). فالواجب طاعته واتباع هديه -عليه الصلاة والسلام-. والحذر مما خالف هديه -عليه الصلاة والسلام- في كل شيء.    
 
6-   عندما يتوفى للزوجة قريب من ابن، أو أخ، أو أب تمتنع عن فراش زوجها فترة طويلة تصل إلى سنة كاملة، فهل يحق لها ذلك، وهل هناك فترة للحزن، وإذا اتفق الزوج وزوجته على أن يحزنا على ابنهما فترة سنة، فهل هناك من حرج؟ أفيدونا أفادكم الله.
هذا لا يجوز، ليس لها أن تعصي زوجها، وتهجر فراشه لا يوماً، ولا أكثر، بل يجب عليها طاعة زوجها في المعروف، وتمكينه من نفسها إذا أراد جماعها، وليس هناك مانع من مرض، ولا حيض، ولا نفاس، فالواجب عليها طاعته، وتمكنيه من نفسها، قال تعالى في كتابه العظيم: (وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ) (19) سورة النساء . وقال تعالى: (وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ) (228) سورة البقرة. قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أيما امرأةٍ باتت وزوجها عليها ساخط لعنتها الملائكة حتى تصبح). وفي لفظ: كان الذي في السماء ساخط عليها حتى يرضى عنها. وهذا وعيد عظيم. نعيد هذا الحديث يا سماحة الشيخ؟ يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (أيما امرأة باتت وزوجها عليها ساخط لعنتها الملائكة حتى تصبح). وفي لفظٍ آخر يقول -صلى الله عليه وسلم-: (إذا باتت المرأة وزوجها عليها ساخط كان الذي في السماء ساخطاً عليها) – يعني الله وملائكته-، وهذا وعيد عظيم، فالواجب على المرأة السمع والطاعة لزوجها في المعروف، وعدم هجر الفراش، ولو مات قريبها، أبوها، أو ابنها، أو خالها، أو عمها، وليس لها أن تغير من حالها أكثر من ثلاثة أيام، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (لا تحد امرأة على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهرٍ وعشرا). فليس لها الحداد على أبيها، أو أمها، أو أخيها، أو ابنها أكثر من ثلاث، ثلاث لا بأس، تترك الزينة، أما تعصي زوجها، لا. لا تعطي زوجها. حتى في الثلاث؟ لا في الثلاث ولا في غيرها، لكن لا مانع أن تدع الزينة بالملابس الجميلة، أو الطيب في هذه الثلاث من أجل موت أخيها، أو أبيها، أو أمها، أو نحو ذلك أما الزوج فالمدة أربعة أشهر ٍوعشرا إذا مات يقول -صلى الله عليه وسلم-: (لا تحد امرأة على ميت فوق ثلاث إلا على زوج، فإنها تحد عليه أربعة أشهرٍ وعشرا). فالواجب على النساء أن يتقين الله وهكذا الرجال على الجميع تقوى الله -سبحانه وتعالى-، وعلى المرأة أن تتقي الله في زوجها، وأن تطيعه في المعروف، وأن لا تهجر فراشه من أجل موت قريبٍ، أو غيره. نسأل الله للجميع الهداية.   
 
7-   كثير من السائقين يتجاوزون السرعة المحددة من قبل المرور، بل إن بعضهم يكمل العداد، فهل من يموت بسبب هذه السرعة يعتبر قاتلاً لنفسه؟
ليس للسائق أن يتعدى الحد المحدود بل يجب عليه أن يتقيد بذلك، أو يخفظ منه احتياطاً أما الزيادة فلا تجوز له، وإذا فعل ذلك فهو ضامن، ومتعدي، ويستحق التأديب، والتعزير؛ لأنه بفعله ذلك عرض نفسه ومن معه للخطر، فلا يجوز له ذلك حتى ولو كان ليس معه أحد؛ لأنه إذا فعل ذلك فقد عرض نفسه للخطر، فالواجب عليه ترك التهور، وترك الزيادة على الشيء المحدود له في السير، والواجب عليه أيضاً عدم تجاوز الإشارة، يقف عند الإشارة، ولو ظن أنه ما في أحد يجب أن يقف عند الإشارة قد يظن ويخطي ظنه، يقف عند الإشارة لا يتجاوز الإشارة، ولا يتجاوز الحد المحدود في السير، ومن فعل ذلك استحق التأديب من ولاة الأمور.    
 
8-  من قتل وهو مسرع السرعة الزائدة عن الحد المعروف، هل يعتبر قاتلاً لنفسه؟
لا شك أنه مشارك في قتل نفسه، لكن أنه في هذا ظالم، ومتعدي ويعتبر قاتلاً لنفسه من حيث تعاطي أسباب القتل، والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: (من قتل نفسه بشيء عذب به يوم القيامة)، فالتعدي في السير، والتهور في السير زيادة عن القدر المحدود لا شك أنه ساعد في قتل نفسه، وظلم، وجريمة يستحق عليها صاحبها العقوبة، فالواجب على السائقين سواء كانوا في سيارات خصوصية، أو في سيارات الأجرة الواجب على الجميع التقيد بما حد لهم، أو ينخفضوا عنه بعض الشيء حتى يتباعدوا عن الخطر، وليس لهم الزيادة، ولا تجاوز الإشارة لما في ذلك من الخطر، والعدوان على النفس، وعلى الغير.   
 
9-   نعرفكم بأننا نعمل في الصحراء رعاةً للإبل، ونعرفكم بأننا نشك في طهرنا؛ لأنا بعض الأوقات نتوضأ بلا أحذية -أجلكم الله-، وندوس على فضلات الإبل، وأحياناً نصلي عليها، وسمعنا من بعض الناس أن أي شيء تصل إليه الشمس فهو طاهر، فحدثونا عن الحكم الصحيح؟ وفقكم الله،
دوس أبوال الإبل، وأرواث الإبل لا يضر؛ لأن أرواثها طاهرة وبولها طاهر، وهكذا الغنم، والبقر، وبقية مأكول اللحم، فلا يضركم ما يصيب أرجلكم من ذلك، ولا ينبغي لكم الشك بلا دليل، فالأصل الطهارة فما أصاب الأرجل مما لا تعرفون، فالأصل فيه الطهارة، حتى تعلموا النجاسة، فإذا علمتم النجاسة فاغسلوا الرجل عما أصابها، والحمد لله، وعليكم بالحذر من الوسوسة وسوء الظن، أما الشمس فلا تطهر الأرض، بل لا بد من صب الماء على البول إذا كان فيها بول يصب عليه الماء، ثبت عنه -صلى الله عليه وسلم- أن أعرابياً دخل المسجد، -مسجد النبي -صلى الله عليه وسلم-، فبال فيه-، فأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- أن يصب على بوله سجل من ماء، ولما هم الصحابة بزجره قال: (لا تزرموه)، ثم لما فرغ دعاه وعلمه -عليه الصلاة والسلام- قال: (إن هذه المساجد لا يصلح فيها شيء من هذا البول، والقذر؛ لأنها بنيت لذكر الله، والصلاة، وقراءة القرآن)، فعلمه -صلى الله عليه وسلم- حتى لا يعود إلى مثل هذا، وأمر الصحابة أن يكفوا عنه؛ لئلا ينجس نفسه، إذا قاموا عليه؛ لئلا ينجس نفسه أوينجس بقاعاً كثيرةً من المسجد حتى يكمل بوله، ثم علمه -صلى الله عليه وسلم-، وأرشده، ثم أمر بدلو من ماء أن يصب على بوله. ولم يقل الشمس تطهره، فالحاصل أن البول، وغيره من النجاسات لا تكفي الشمس في التطهير بل إن كان بول يصب عليه الماء، وإن كان عجرة، غائط، أو بعر نجس كبعر الحمير، أو البغال يؤخذ وينقل إلى بعيد عن المسجد، وإن كان له رطوبة يصب عليه ماء على محل الرطوبة، وإن كان يابس ينقل، ولا يضر المسجد، أما إن كان رطب يعني العجرة رطبة، أو روث من روث الحمير، أو البغال رطب ينقل، ويبعد عن المسجد، ويصب على محل الرطب شيء من الماء يكاثر به يكون طهرةً له.    
 
10-   إذا كان مع الإمام واحد أول الصلاة، ثم جاء ثالث، وكان يريد إدراك الركعة والإمام راكع، هل يقف على يمين ذلك المأموم، أم يجذب المأموم الأول إليه، ويبقى في الصف الثاني؟ جزاكم الله خيراً.
يركع مع الأول عن يمينه، أو عن يسار الإمام حتى لا تفوته الركعة، ثم يتأخران جميعاً خلف الإمام، إذا جاء والإمام راكع ومعه واحد، فهو مخير إن شاء صف مع الذي عن يمينه، وإن شاء صف عن يسار الإمام؛ لأنه يمينه مشغولة، ثم بعد الرفع يتأخر، السنة أن يتأخرا خلف الإمام هذا هو السنة.   
 
11-  عملي سائق، وفي بعض الأوقات أجمع الصلاتين الظهر والعصر، وهذا لكوني مجبر بذلك؛ لأني أعمل ثمان ساعات، أو عشر يومياً، فهل يجوز ذلك؟
ليس لك الجمع وأنت مقيم، بل عليك أن تصلي مع الناس كل صلاة في وقتها، أما إذا كنت مسافر في طريق إلى بلد من البلدان مسافر فلك الجمع مثل غيرك من المسافرين، أما ما دمت في البلد بين بيتك و بين محل العمل، فليس لك أن تجمع، بل عليك أن تصلي مع الناس، وليس لك أن تطيع غيرك في معصية الله، بل تصلي مع الناس الظهر في جماعة، والعصر في جماعة ولا تجمع، وهكذا المغرب و العشاء، إن كان العمل في الليل، صلي مع الناس. وهكذا أصحابك معازيمك يصلوا في جماعة، ولا يجوز لهم أن يصلوا جمعاً.  
 
12-  منعني صاحب العمل من أداء صلاة الجمعة؛ لكي أعمل وأواظب على الساعات الثمان، فماذا علي أن أفعل في ترك صلاة الجمعة؟
إن كنت حارساً وقت الجمعة، فالحارس معفو عنه، أما أن تدع الجمعة لقول صاحبك لا، لا يكفي ولا يجوز طاعته في المعصية، إنما الطاعة في المعروف، فالعمال يصلون الجمعة مع الناس، ثم يرجعون للعمل، كما يصلون الأوقات الأخرى الخمس، على العامل والموظف أن يصلي الصلاة مع الجماعة في وقتها، ثم يرجع إلى عمله، إلا إذا كان حارساً على شيء، إذا خرجوا يحرس؛ لئلا يؤخذ، أو لئلا يفسد فهذا الحارس له عذر، الحارس يصلي في مكانه الذي هو معذور، أما إنسان ليس بحارس فالواجب عليه أن يصلي مع الناس في جماعة العامل وغير العامل. هو كما ذكر في سؤاله الأول سائق سماحة الشيخ؟ يلزمه أن يصلي مع الناس. وعليه أن يناقش صاحب العمل هذا؟ نعم، يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: (إنما الطاعة بالمعروف). ويقول -صلى الله عليه وسلم-: (لا طاعة لمخلوقٍ في معصية الخالق).    
 
13-  يسأل سماحتكم رأيكم في كتاب الروح لابن القيم؟
كتاب الروح لابن القيم كتاب عظيم، كتاب عظيم الفائدة، ولكن وقع فيه بعض التساهل في حكايات المرائي المرائي المنامية والتساهل في بعض الأحكام، ولعله كان من أول كتبه -رحمه الله-، ومن ذلك ما ذكر إهداء القرب إهداء القرآن للموتى قراءة القرآن هذا فيه نظر، فالمقصود أنه كتاب عظيم مفيد ولكن فيه بعض الأشياء التي تلاحظ عليه، فالواجب أن توزن بالأدلة الشرعية، والمرائي المنامية لا يعتمد عليها في الأحكام.   
 
14-   ما رأيكم في شخص توجه لزيارة أقارب له في مدينة جدة، وفي نيته أن يقوم بأداء العمرة إذا أتيحت له الفرصة؛ لأداء العمرة، وعندما أتيحت له الفرصة أحرم من جدة، فهل ذلك مجزي، أم تنصحونه بشيءٍ آخر؟
ليس عليه شيء ما دام نوى هذه النية إن أتيحت له الفرصة أحرم وإلا فلا ما جزم يكون بهذا غير جازم، فإذا يسر الله له الإحرام من جدة فلا حرج، أما الذي جزم بالعمرة من بلاده سواء من المدينة، أو غيرها، هذا عليه أن يحرم من الميقات إذا كان خرج من المدينة ناوي جدة، ولكن ناوي العمرة، جزم من المدينة أنه يعتمر، عليه أن يعتمر من الميقات، من ميقات المدينة، ولا يجوز له أن يؤجل إلى جدة، فإن أجل، وجب عليه الرجوع إلى المدينة، ولا يجوز له أن يحرم من جدة، فإن أجرم من جدة أثم وعليه دم، وهكذا لو كان في الطائف، وخرج إلى جدة ناوي العمرة يلزمه الرجوع إلى الميقات، فإن أحرم من جدة فعليه دم تذبح في مكة للفقراء، أما الذي لا ما جزم، يقول إن تيسر لي، إن سنحت الفرصة أحرمت هذا لا حرج عليه.

364 مشاهدة

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply