السراج الثقفي

إيران

اسمه و نشأته:

السَّرَّاج‌ محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مهران , الإمام الحافظ الثقة , شيخ الإسلام , محدث خراسان, أبو العباس الثقفي مولاهم الخراساني النيسابوري , صاحب المسند الكبير على الأبواب والتاريخ وغير ذلك , وأخو إبراهيم المحدث وإسماعيل.

مولده في سنة ست عشرة ومائتين .

رأى يحيى بن يحيى التميمي , ولم يسمعه. وسمع من إسحاق , وقتيبة بن سعيد , ومحمد بن بكار بن الريان , وبشر بن الوليد الكندي , وأبي معمر القطيعي , وداود بن رشيد , ومحمد بن حميد الرازي , ومحمد بن الصباح الجرجرائي , وعمرو بن زرارة , وأبي همام السكوني , وهناد بن السري , وأبي كريب , ومحمد بن أبان البلخي , والحسن بن عيسى بن ماسرجس , ومحمد بن عمرو زنيج , وأحمد بن المقدام , ومحمد بن رافع , ومجاهد بن موسى , وأحمد بن منيع , وزياد بن أيوب , ويعقوب الدورقي , وسوار بن عبد الله , وهارون الحمال , وعقبة بن مكرم العمي , وابن كرامة , وعبد الجبار بن العلاء , وعبد الله بن عمر بن أبان , وأبي سعيد الأشج , وعبد الله بن الجراح , وأحمد بن سعيد الدارمي , وعباد بن الوليد , وخلق سواهم , وينزل إلى أحمد بن محمد البرتي , ومحمد بن إسماعيل الترمذي , والحسن بن سلام.

وسكن بغداد مدة طويلة , وحدث بها , ثم رد إلى وطنه.

حدث عنه البخاري ومسلم بشيء يسير خارج الصحيحين , وأبو حاتم الرازي أحد شيوخه , وأبو بكر بن أبي الدنيا , وعثمان بن السماك , والحافظ أبو علي النيسابوري , وأبو حاتم البستي , وأبو أحمد بن عدي , وأبو إسحاق المزكي , وإبراهيم بن عبد الله الأصبهاني , وأبو أحمد الحاكم , وعبيد الله بن محمد الفامي , وحسينك بن علي التميمي , وأبو محمد الحسن بن أحمد المخلدي , وأبو بكر محمد بن محمد بن هانئ البزاز , والخليل بن أحمد السِّجْزي القاضي , والقاضي يوسف بن القاسم الميانجي , وعبد الله بن أحمد الصيرفي , وسهل بن شاذويه البخاري ومات قبله .

وأبو العباس بن عقدة , وأبو سعيد بن أبي بكر بن أبي عثمان , ويحيى بن محمد العنبري , وأبو بكر بن مهران المقرئ , وأبو حامد أحمد بن محمد بن بالويه , وأبو الحسين أحمد بن محمد البحيري , وأبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن محفوظ العابد , وبشر بن محمد بن محمد بن ياسين الباهلي , والحسن بن أحمد بن محمد والد أبي بكر أحمد بن الحسن الحيري , والحافظ أبو علي الحسين بن محمد الماسرجسي , وعبد الله بن أحمد بن جعفر الشيباني , وأبو عمرو بن حمدان الحِيري , وأبو طاهر محمد من الفضل بن محمد بن خزيمة , وأبو الحسين محمد بن محمد بن يعقوب الحجاجي , ومحمد بن محمد بن سمعان الواعظ , ويحيى بن إسماعيل المزكي - عرف بالحربي , وخلق آخرهم موتا الشيخ أبو الحسين أحمد بن محمد الخفاف القنطري - راوي بعض مسنده عنه.

أعماله و مناصبه:

قال الخطيب كان من الثقات الأثبات , عني بالحديث , وصنف كتبا كثيرة , وهي معروفة.

أخبرنا أبو الفضل أحمد بن هبة الله بن أحمد بن عساكر قراءة عليه أنبأنا المفتي أبو بكر القاسم بن عبد الله بن عمر النيسابوري ابن الصفار , أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر الشحامي سنة تسع وثلاثين وخمس مائة , أخبرنا أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري , ويعقوب بن أحمد الصيرفي , وأحمد بن عبد الرحيم الإسماعيلي قالوا : أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد الخفاف , حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي , حدثنا إسحاق بن إبراهيم الحنظلي , أخبرنا عبد الأعلى , حدثنا داود بن أبي هند , عن الشعبي قال : سألت علقمة : هل كان عبد الله بن مسعود شهد مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ليلة الجن ؟ فقال : لا , وكنا معه ليلة ففقدناه , فبتنا بشر ليلة , فلما أصبحنا إذا هو جاء من حراء , فقال : إنه أتاني داعي الجن , فذهبت معه , فقرأت عليهم القرآن . فانطلق بنا حتى أرانا آثارهم ونيرانهم , فسألوه عن الزاد , فقال : لكم كل عظم ذكر اسم الله عليه , يقع في يد أحدكم أوفر ما يكون لحما , وكل بعرة علف لدوابكم . فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : لا تستنجوا بهما , فإنهما طعام إخوانكم من الجن .

هذا حديث صحيح عالٍ أخرجه مسلم , وأبو داود , وأبو عيسى , والنسائي , من حديث عبد الله بن إدريس , وابن عُلَيَّة , وجماعة سمعوه من داود بن أبي هند , وفي روايتنا اختصار , وصوابه : فقال ابن مسعود : كنا معه.

ويقع حديث السراج عاليا بالاتصال لابن البخاري.

أنبأنا المسلم بن علان , والمؤمل بن محمد , أخبرنا الكندي , أخبرنا الشيباني , أخبرنا الخطيب , أخبرنا أبو سعد الماليني , أخبرنا أحمد بن أبي عمران , أخبرنا علي بن الحسن بن خالد المروزي , أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري , أخبرنا محمد بن إسحاق السراج , حدثنا أخي إبراهيم , حدثنا محمد بن أبان , حدثنا جرير بن حازم عن نافع , عن ابن عمر قال : قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : من أتى الجمعة فليغتسل .

قال أبو بكر بن جعفر المزكي : سمعت السراج يقول : نظر محمد بن إسماعيل البخاري في التاريخ لي , وكتب منه بخطه أطباقا , وقرأتها عليه.

وروي عن أبي العباس السراج : أنه أشار إلى كتب له فقال : هذه سبعون ألف مسألة لمالك , ما نفضت عنها الغبار مذ كتبتها.

قال أبو الوليد حسان بن محمد : دخل أبو العباس السراج على أبي عمرو الخفاف فقال له : يا أبا العباس ، من أين جمعت هذا المال ؟ قال : بغيبة دهر أنا وأخواي إبراهيم وإسماعيل , غاب أخي إبراهيم أربعين سنة , وغاب أخي إسماعيل أربعين سنة , وغبت أنا مقيما ببغداد أربعين سنة , أكلنا الجَشِبَ ولبسنا الخشن , فاجتمع هذا المال , لكن أنت يا أبا عمرو ، من أين جمعت هذا المال ؟ -وكان لأبي عمرو مال عظيم- ثم قال متمثلا : أتذكـر إذ لحـافك جـلد شاة

وإذ نـعلاك مـــن جلد البعير فسبحـان الـذي أعطاك مُلْكًا

وعلمـك الجـلوس على السرير قال أبو العباس بن حمدان شيخ خوارزم : سمعت السراج يقول : رأيت في المنام كأني أرقى في سلم طويل , فصعدت تسعا وتسعين درجة , فكل من أقصها عليه يقول : تعيش تسعا وتسعين سنة. قال ابن حمدان: فكان كذلك.

قلت : بل بلغ سبعا أو خمسا وتسعين سنة , فقد قال أبو إسحاق المزكي عنه : ولدت سنة ثماني عشرة ومائتين وختمت عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اثني عشر ألف ختمة , وضحيت عنه اثني عشر ألف أضحية.

قلت : دليله حديث شريك , عن أبي الحسناء , عن الحكم , عن حنش قال : رأيت عليا -رضي الله عنه- يضحي بكبشين , فقلت له : ما هذا ؟ قال : أوصاني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن أُضَحِّي عنه زاد الترمذي : واحد عن النبي -صلى الله عليه وسلم- , وواحد عن نفسه.

أخبرنا المسلم بن علان , والمؤمل بن محمد كتابة قالا : أخبرنا الكندي , أخبرنا القزاز , أخبرنا الخطيب , أخبرنا رضوان بن محمد بالدينور , أخبرنا حمد بن عبد الله الأصبهاني , حدثنا أبو العباس بن أحمد الأردستاني , حدثنا أبو حاتم الرازي , حدثنا محمد بن إسحاق الثقفي : سمعت أحمد بن سعيد الدارمي يقول : عادني محمد بن كثير الصنعاني فقال : أقالك الله عثرتك , ورفع جنتك , وفرغك لعبادة ربك.

بلغنا أنه قيل لأبي العباس السراج , وهو يكتب في كهولته عن يحيى بن أبي طالب : إلى كم هذا ؟ فقال : أما علمت أن صاحب الحديث لا يصبر ؟ !

قال عبد الرحمن بن أبي حاتم : أبو العباس السراج صدوق ثقة.

وقال أبو إسحاق المزكي : كان السراج مجاب الدعوة.

قال محمد بن أحمد الدقاق : رأيت السراج يضحي كل أسبوع أو أسبوعين أضحية عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- , ثم يصيح بأصحاب الحديث , فيأكلون.

وكان أبو سهل الصعلوكي يقول : حدثنا أبو العباس السراج , الأوحد في فنه , الأكمل في وزنه.

قال الحافظ أبو علي بن الأخرم الشيباني : استعان بي السراج في التخريج على " صحيح مسلم " , فكنت أتحير من كثرة الحديث الذي عنده , وحسن أصوله , وكان إذا وجد حديثا عاليا يقول : لا بد أن تكتبه. فأقول : ليس من شرط صاحبنا , فيقول : فشفعني في هذا الحديث الواحد.

قال إسماعيل بن نجيد : رأيت أبا العباس السراج يركب حماره , وعباس المستملي بين يديه , يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر , يقول : يا عباس ، غير كذا , اكسر كذا :قال أبو عبد الله الحاكم : سمعت أبي يقول : لما ورد الزعفراني , وأظهر خلق القرآن , سمعت السراج يقول : العَنُوا الزعفراني. فيضج الناس بلعنته. فنزح إلى بخارى.

قال الصعلوكي : كنا نقول : السَّرَّاجُ كالسِّرَاج.

قال الحاكم : أخبرنا أبو أحمد بن أبي الحسن : أرسلني ابن خزيمة إلى السراج , فقال : قل له : أمسك عن ذكر أبي خليفة وأصحابه , فإن أهل البلد قد شوَّشوا. فأديت الرسالة , فزَبَرَني .

قال الحاكم : وسمعت أبا سعيد بن أبي بكر يقول : لما وقع من أمر الكلابية ما وقع بنيسابور , كان أبو العباس السراج , يمتحن أولاد الناس , فلا يحدث أولاد الكلابية , فأقامني في المجلس مرة ، فقال : قل : أنا أبرأ إلى الله -تعالى- من الكلابية. فقلت : إن قلت هذا لا يطعمني أبي الخبز , فضحك وقال : دعوا هذا.

أبو زكريا العنبري : سمعت أبا عمرو الخفاف يقول لأبي العباس السراج : لو دخلت على الأمير ونصحته. قال : فجاء وعنده أبو عمرو , فقال أبو عمرو : هذا شيخنا وأكبرنا , وقد حضر ينتفع الأمير بكلامه. فقال السراج : أيها الأمير ، إن الإقامة كانت فرادى , وهي كذلك بالحرمين , وهي في جامعنا مثنى مثنى وإن الدين خرج من الحرمين. قال : فخجل الأمير وأبو عمرو والجماعة , إذ كانوا قصدوا في أمر البلد , فلما خرج عاتبوه , فقال : استحييت من الله أن أسأل أمر الدنيا , وأدع أمر الدين.

قال أبو الوليد حسان بن محمد : سمعت أبا العباس السراج يقول : واأسفي على بغداد ! فقيل له : ما حملك على فراقها ؟ قال : أقام بها أخي إسماعيل خمسين سنة , فلما توفي ورفعت جنازته سمعت رجلا على باب الدرب يقول لآخر : من هذا الميت ؟ قال : غريب كان هاهنا. فقلت : إنا لله , بعد طول مقام أخي بها واشتهاره بالعلم والتجارة يقال له : غريب كان هنا. فحملتني هذه الكملة على الانصراف إلى الوطن .

قلت : كان أخوه إسماعيل السراج ثقة , عالما , مختصا بأحمد بن حنبل , يروي عن يحيى بن يحيى وجماعة. روى عنه : إسماعيل الخطبي وابن قانع , وطائفة.

أخبرنا إسماعيل بن إسماعيل في كتابه : أخبرنا أحمد بن تميم اللبلي ببعلبك , أخبرنا أبو روح بهراة , أخبرنا محمد بن إسماعيل , أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي , أخبرنا أحمد بن محمد الخفاف , حدثنا أبو العباس السراج إملاء قال : من لم يقر بأن الله تعالى يعجب , ويضحك وينزل كل ليلة إلى السماء الدنيا , فيقول : من يسألني فأعطيه فهو زنديق كافر , يستتاب , فإن تاب وإلا ضربت عنقه , ولا يُصلَّى عليه , ولا يدفن في مقابر المسلمين.

قلت : لا يكفر إلا إن علم أن الرسول -صلى الله عليه وسلم- قاله , فإن جحد بعد ذلك فهذا معاند , نسأل الله الهدى.

وإن اعترف أن هذا حق , ولكن لا أخوض في معانيه , فقد أحسن , وإن آمن وأول ذلك كله , أو تأول بعضه , فهو طريقة معروفة.

وقد كان السراج ذا ثروة وتجارة , وبِرٍّ ومعروف , وله تعبد وتهجد , إلا أنه كان منافرا للفقهاء أصحاب الرأي , والله يغفر له.

قال الحاكم : سمعت أبا سعيد المقرئ , سمعت السراج يقول عند حركاته إذا قام أو قعد : يا بغداد ، واأسفَى عليك , متى يُقضى لي الرجوع إليك.

نقل الحاكم وغيره : أن أبا العباس السراج مات في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث عشرة وثلاث مائة بنيسابور.

أخبرنا محمد بن عبد السلام التميمي , وأحمد بن هبة الله بن تاج الأمناء قراءة , عن عبد المعز بن محمد البزاز , أخبرنا محمد بن إسماعيل الفضيلي , أخبرنا سعيد بن أبي سعيد العيار , أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد , أخبرنا أبو العباس السراج , أخبرنا قتيبة بن سعيد , أخبرنا الليث. عن ابن شهاب , عن ابن المسيب , عن أبي هريرة أنه قال : قضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في جنين امرأة من بني لحيان سقط ميتا بغُرَّة عبد أو أمة , ثم إن المرأة التي قضى عليها بالغرة توفيت , فقضى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بأن ميراثها لبنيها وزوجها , وأن العقل على عصبتها أخرجه البخاري , ومسلم , وأبو داود , والترمذي والنسائي , عن قتيبة.

وقال أبو يعلى الخليلي في " إرشاده " : محمد بن إسحاق بن إبراهيم بن مهران بن عبد الله بن العباس الثقفي ثقة متفق عليه من شرط الصحيح , سمع حتى كتب عن الأقران , ومن هو أصغر منه سنا , لعلمه وتبحره , سمعت أنه كتب عن ألف وخمس مائة وزيادة.

سمع منه البخاري , وأبو حاتم , والحسن بن سفيان , وابن خزيمة.

 وفاته:

مات مع السراج الثقة أبو العباس أحمد بن عبد الله بن سابور الدقاق , ومسند نيسابور أبو العباس أحمد بن محمد بن الحسين الماسرجسي , والعلامة أبو القاسم ثابت بن حزم بن مطرف السرقسطي اللغوي , محدث الكوفة أبو محمد عبد الله بن زيدان بن بريد البجلي العابد , وأبو عمر عبد الله بن عثمان العثماني - صاحب ابن المديني , والفقيه أبو الحسن علي بن محمد بن بشار البغدادي الزاهد , والمحدث أبو جعفر محمد بن أحمد بن أبي عون النسوي , وأبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن زياد الطيالسي , وأبو لبيد محمد بن إدريس بن إياس السامي السرخسي , والحافظ أبو قريش محمد بن جمعة القهستاني , والقاضي أبو عبيد الله محمد بن عبدة بن حرب وليس بثقة , وإمام جامع واسط يوسف بن يعقوب الواسطي.