منصور حميدة المحجوب
هو الشيخ منصور حميدة مصطفى المحجوب، سليل قبيلة أولاد إبراهيم المحجوب- بزاوية المحجوب- مصراته، كان مولده بسنة 1923م. يعود نسبه إلى فخذ أولاد مؤمن، وهو وآل الجهيمي من بيت واحد.
نشأ وترعرع في مدينة البيضاء - التي كان جده مصطفى المحجوب قد استقر بها منذ سنة (1843م تقريبا ) بعدما رافق الإمام محمد السنوسي في رحلته الدعوية عندما التقاه بمصراته آتيا من الجزائر.
بدأ تعليمه وحفظ القرآن الكريم في زاوية البيضاء، ثم انتقل إلى مصر وواصل تعليمه بالأزهر الشريف وتخرج فيه.
عاد إلى ليبيا وهو يحمل هم مشروع النهضة بالتعليم الديني، فبدأ مسيرته الزاخرة بالعطاء مدرسا ومحفظاً للقرآن الكريم (بزاوية المسجد العتيق بالبيضاء ) ثم تولى مشيختها وسعى إلى تطويرها.
قام بالارتقاء بدور الزاوية فحولها إلى (معهد للعلوم الدينية) تولى هو بنفسه إدارته والاشراف عليه بالعمل المؤسسي واستقطب الطلاب الوافدين من خارج المدينة.
بنجاح المعهد أخذه الطموح إلى تكبير الحلم والارتقاء بالرسالة وذلك بإنشاء (جامعة) للعلوم الاسلامية في ليبيا.
وبحكم علاقته الوطيدة وقربه من الملك إدريس( بحكم العلاقة العائلية الممتدة من أجدادهما) بدأ الشيخ منصور بتحويل المعهد وزاوية البيضاء مع زوايا قرآنية أخرى لتكون هي الأساس والنواة لتي قامت عليها دعائم أول جامعة إسلامية في ليبيا، وذلك باستقطاب العلماء والموظفين الأكفاء من المعهد وغيره من الدوائر الادارية.
في سنة 1961 تحقق حلمه، بتأسيس أول جامعة للعلوم الإسلامية في ليبيا، تحت اسم جامعة/ محمد بن علي السنوسي الإسلامية، والتي سميت فيما بعد (الجامعة الإسلامية) بالبيضاء. والتي هي اليوم ( جامعة عمر المختار)
تولى الشيخ منصور المحجوب قيادة مشروع الجامعة بنفسه فكان (أول رئيس للجامعة).وقد كان في غاية السعادة وهو يتوج مسيرة مشروعه النهضوي من زاوية معزولة لتحفيظ القران تقبع في ركن مظلم، إلى جامعة امتدت حتى غطت العالم الإسلامي أجمع.
نجح -رحمه الله -في استقدام كبار العلماء والمفكرين للمحاضرة والتدريس في الجامعة، وأساتذة زوار للجامعة في تلك الفترة وما بعدها.
كما عمل الشيخ منصور على إنشاء مدارس ابتدائية عرفت بالمدارس القرآنية، اذكر من بينها ( مدرسة المحجوب القرآنية ) التي تأسست عند زيارته لزاوية المحجوب في إحدى زياراته لمصراته
كما كان له الفضل في إنشاء عدد من المساجد ، اذكر من بينها (مسجد السنوسي) بزاوية المحجوب الذي كان عبارة عن إعادة إنشاء على أنقاض مسجد قديم.والذي غير اسمه الى (عمر بن عبدالعزيز) في عهد القذافي.
بعد ذلك انتدب الشيخ منصور للعمل (كعضو) بالمحكمة العليا بطرابلس، فأقام بطرابلس وباشر عمله بالمحكمة وترقى في مسؤولياته حتى أصبح ( رئيساً) للمحكمة العليا بالمملكة.
وعند تأسيس رابطة العالم الإسلامي، تم اختياره ليتفرغ للعمل ضمن مؤسسيها ويكون عضواً ممثلاً لليبيا. فكان أحد أبرز المؤسسين لرابطة العالم الإسلامي التي اتخذت من السعودية مقرا لها .
وعندما قام القذافي بالانقلاب والاستيلاء على الحكم سنة 1969 م، كان الشيخ منصور في رحلة علاج بسويسرا، وفي تلك الأثناء كان قد التقى بالملك فيصل بن عبدالعزيز، فعرض عليه الملك الانتقال إلى المملكة العربيّة السعودية والتفرغ للتدريس في الجامعات الإسلاميّة بالسعودية، واستئناف نشاطه في منظمة (رابطة العالم الإسلامي).
فقبل الشيخ منصور عرض الملك فيصل، وانتقل إلى مكّة المكرمة في أوائل نوفمبر 1969م واستقر بها بقية حياته.
وهكذا ... وبعد مسيرة حافلة بالبذل والعطاء من أجل إقامة الدين وتمكين الإسلام ورفعة ليبيا ..كان الشيخ على موعد للقاء ربه يوم الخميس الموافق 5 سبتمبر 2001م في أحد مستشفيات مكّة المكرمة، حيث توفي عن عمر ناهز (78) عاما، بسبب مرض مفاجئ ألم به، ولم يمهله طويلاً.
رحم الله الشيخ منصور المحجوب رحمة واسعة وطيب ثراه وأسكنه فسيح جناته وجزاه عن ليبيا وأهلها كل خير بما بذر فيها من بذور تعليم وتدريس القرآن وعلوم الإسلام.