غـزوة حنين


بسم الله الرحمن الرحيم
 
إن فتح مكة جاء عقب ضربة خاطفة شَدَهَ لها العرب، وبوغتت القبائل المجاورة بالأمر الواقع، الذي لم يكن يمكن لها أن تدفعه، ولذلك لم تمتنع عن الاستسلام إلا بعض القبائل الشرسة القوية المتغطرسة، وفي مقدمتها بطون هوازن وثقيف، واجتمعت إليها نَصرٌ وجُشَمٌ وسعد بن بكر وناس من بني هلال - وكلها من قيس عَيلان - رأت هذه البطون من نفسها عزا وأنَفَةً أن تقابل هذا الانتصار بالخضوع، فاجتمعت إلى مالك ابن عوف النَّصري، وقررت المسير إلى حـرب المسلمين.  

 

مسير العدو ونزولـه بأوطاس:

ولما أجمع القائد العام - مالك بن عوف - المسير إلى حرب المسلمين، ساق مع الناس أموالهم ونساءهم وأبناءهم، فسار حتى نزل بأوطَاس - وهو واد في دار هَوَازِن بالقرب من حُنَين، لكن وادي أوطاس غير وادي حنين، وحنين واد إلى جنب ذي المجَاز، بينه وبين مكة بضعة عشر ميلاً من جهة عرفات(1).

 

مُجَرِّب الحروب يُغَلِّط رأي القائد:

ولما نزل بأوطاس اجتمع إليه الناس، وفيهم دُرَيدُ بن الصِّمَّةِ - وهو شيخ كبير، ليس فيه إلا رأيه ومعرفته بالحرب وكان شجاعاً مجرباً - قال دريد: بأي واد أنتم؟ قالوا: بأوطاس، قال: نعم مَجَالُ الخيل، لا حَزنٌ ضَرسٌ، ولا سَهلٌ دَهِس، ما لي أسمع رُغَاء البعير، ونُهَاق الحمير، وبُكَاء الصبي، وثُغَاء الشاء؟ قالوا: ساق مالك بن عوف مع الناس نساءهم وأموالهم وأبناءهم، فدعا مالكاً وسأله عما حمله على ذلك، فقال: أردت أن أجعل خلف كل رجل أهله وماله ليقاتل عنهم، فقال: راعي ضأن واللّه، وهل يرد المنهزم شيء؟ إنها إن كانت لك لم ينفعك إلا رجل بسيفه ورمحه، وإن كانت عليك فُضِحتَ في أهلك ومالك، ثم سأل عن بعض البطون والرؤساء، ثم قال: يا مالك، إنك لم تصنع بتقديم بَيضَة هوازن إلى نحور الخيل شيئاً، ارفعهم إلى ممتنع بلادهم وعلياء قومهم، ثم القَ الصٌّبَاة على متون الخيل، فإن كانت لك لحق بك من وراءك، وإن كانت عليك ألفاك ذلك وقد أحرزتَ أهلك ومالك.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply