حكم زواج المسلم بالكتابية ( 2 )


بسم الله الرحمن الرحيم

 

الزواج بالكتابية وهي اليهودية والنصرانية فقط *، على الصحيح من أقوال العلماء وعليه فالكلام ينحصر في الآتي:

(1)حكم الزواج بالكتابية في دار الإسلام

ورد النهي صريحاً في نكاح المشركات وعدم حلهن للمسلمين في آية البقرة: (ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن)(1) وآية الممتحنة: (ولا تمسكوا بعصم الكوافر) (2) وظاهره العموم في كل كافرة ومشركة.

وورد الإذن بحل طعام أهل الكتاب ونسائهم للمسلمين على وجه الخصوص في قوله - تعالى -: (اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم إذا آتيتموهن أجورهن محصنين غير مسافحين ولا متخذي أخدان ومن يكفر بالإيمان فقد حبط عمله وهو في الآخرة من الخاسرين) (3).

وعندما نزلت هذه الآيات الحاظرة أو المبيحة، كانت الأرض تنقسم إلى دار الإسلام التي ترتفع فيها راية هذا الدين، وتنفذ فيها أحكام الله، وإلى دار الحرب التي بين أهلها وبين المسلمين القتال المستمر إلى أن يدخلوا في الإسلام أو يخضعوا لنظام الإسلام ويدفعوا الجزية ويبقوا على دينهم فيكونوا أهل ذمة تدخل أرضهم في دار الإسلام، وإلا استمرت الحرب بينهم وبين المسلمين، ولم يكن المسلمون يسكنون في دار الحرب لأن الله - تعالى -أمرهم بالهجرة من دار الحرب إلى دار الإسلام، ونهاهم عن المقام بين ظهراني المشركين، لا فرق بين أهل مكة قبل فتحها وغيرها، والهجرة من بلاد الشرك إلى بلاد الإسلام باقية إلى يوم القيامة.

والمقصود من ذكر هذا هنا أن يعلم أن كلام علماء المسلمين في جواز نكاح الكتابية أو عدم جوازه إذا أطلق فالمراد به في دار الإسلام، أما دار الحرب فإنهم يصرحون بذكر حكم الزواج فيها مقيدا بذكر دار الحرب، ولم يكن يدخلها من المسلمين إلا الأسير أو التاجر أو الرسول، كما سيأتي الكلام على ذلك.

 

مذاهب أهل العلم في حكم زواج المسلم بالكتابية في دار الإسلام.

اختلفت مذاهب العلماء - رحمهم الله - في حكم زواج المسلم بالكتابية في بلاد الإسلام.

* المذهب الأول:

مذهب جمهور العلماء، وهو جواز نكاح الكتابية في أرض الإسلام مع الكراهية (3)، (4).

أدلة الجمهور.

وقد استدل الجمهور لما ذهبوا إليه من الجواز بالكتاب والأثر والمعقول:

أما الكتاب فقول الله - تعالى -: (والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) كما مضى ورأوا أن هذه الآية وهي آية المائدة إما مخصصة لعموم قوله - تعالى -في سورة البقرة: ) ولا تنكحوا المشركات حتى يؤمن (وإما ناسخة لها، لأن آية المائدة متأخرة، وإما أن لفظ المشركين لا يتناول أهل الكتاب.

وأما الأثر فما ورد في نكاح بعض الصحابة اليهوديات والنصرانيات منهم طلحة بن عبيد الله، وحذيفة بن اليمان، وعثمان بن عفان، - رضي الله عنهم -.

وأما المعقول، فإن الكتابية وقد آمنت في الجملة بالله وبعض كتبه واليوم الآخر وبعض الرسل وقد تميل إلى الإسلام إذا نبهت إلى الحقيقة، فرجاء إسلامها أقرب من الوثنية.

وأما قولهم بالكراهة:

فقد عللوه بخوف الفتنة أما على الرجل أو على الولد بحيث يميل إلى دين أمه، وبخشية مواقعة المومسات منهن كما علل بذلك عمر - رضي الله عنه - حينما كتب لبعض الصحابة في الأمصار.

 

----------------------------------------

* خالف في ذلك بعض العلماء، ومنهم ابن حزم كما في المحلى (9/445) فجعل حكم المجوسية كحكم الكتابية، وكذلك الشوكاني، كما في السيل الجرار (/245. 252) وراجع المغني لابن قدامة (7/131. 130).

(1) البقرة: 221.

(2) الممتحنة: 10.

(3) المائدة: 5.

(4))، (5انظر: بدائع الصانع (3/1414)

-المبسوط (4/210)

-الشرح الصغير على الدريدير (2/420).

-المنهاج (3/187) ورونق الطالبين (7/137. 135).

-المغني (9/545).

-مجموع الفتاوى (32/178).

-الجامع لأحكام القرآن (3/69).

-الفقه الإسلامي وأدلته لوهبه الزحيلي (7/154).

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply