أقسام الصبر


 

بسم الله الرحمن الرحيم

 

أمر الله - تعالى - بالصبر في قوله - تعالى -: \"يا أيها الذين آمنوا اصبروا وصابروا ورابطوا واتقوا الله لعلكم تفلحون \" (آل عمران - 200) وقد وعدَّ النبي \"الصبر من الإيمان بمنزلة الرأس من الجسد\".

وللصبر عدة أقسام:

أولها وأولاها وأعلاها: الصبر على امتثال ما أمر الله - تعالى - به والانتهاء عما نهى الله - تعالى - عنه، لأن به تخلص الطاعة وبخلوص الطاعة يصح الدين وتؤدى الفرائض ويستحق الثواب، وليس لمن قل صبره على طاعة الله حظ من بر ولا نصيب من صلاح، ومن لم ير لنفسه صبرا يكسبها ثوابا ويدفع عنها عقابا كان مع سوء الاختيار بعيداً من الرشاد حقيقا بالضلال:

ترجو النجاة ولم تسلك مسالكها ***إن السفينة لا تجري على اليبس

وهذا النوع من الصبر إنما يكون لفرط الخشية وشدة الخوف، فإن من خاف الله - تعالى - صبر على طاعته ومن خشي عقابه وقف عند أوامره.

القسم الثاني: الصبر على البلاء ومقتضيات الزمن من رزية قد اجتهده الحزن عليها أو حادثة قد أكده الهم بها فإن الصبر عليها يعقبه الراحة منها ويكسبه المثوبة عنها، فإن صبر طائعا، وإلا احتمل هما لازما وصبر كارها آثما.

القسم الثالث: الصبر على ما فات إدراكه من رغبة مرجوة أو مسرة مأمولة، فإن الصبر عنها يُعقب السلو منها.. روي عن النبي أنه قال: \"من أعطي فشكر، ومنع فصبر وظلم فغفر وظلم فاستغفر فأولئك لهم الأمن وهم مهتدون\".

القسم الرابع: الصبر على ما يخشى حدوثه من رهبة يخافها أو يحذر نكبةً يخشاها، فلا يتعجلُ. هم ما لم يأتِ فإن أكثر الهموم كاذبة وإن الأغلب من الخوف مدفوع... قال الحسن البصري - رحمه الله -: (لا تحملن على يومك هم غدك فحسب كل يوم همه).

القسم الخامس: الصبر فيما يتوقعه من رغبة يرجوها أو نعمة يأمُلها فليكن مع الرغبة وقورا وعند الطلب صبورا.. قال بعضهم الصبر مفتاح الدرك وبحسن التأني يسهل المطالب ومن صبر ظفر ونال المنى.

القسم السادس: الصبر على ما نزل من مكروه أو حل من أمر مخوف فالبصير في هذا تنفتح وجوه الآراء وتُستدفع مكايد الأعداء فإن من قّل صبره عزب رأيه واشتد جزعه فصار صريع همومه وفريسة غمومه على أن المسلم إذا احتمى بالله ولجأ إليه قل حد الحوادث فضعف حزها في بدنه وكثيرا ما يكون اليقين البالغ طاغيا على الآلام الحادة ولن تفارق المؤمن رحمة الله مادام دينه قوياً ويقينه لا يزيغ لدى الشدائد.. \"وبشر الصابرين الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنا لله وإنا إليك راجعون، أولئك عليهم صلوات من ربهم ورحمة وأولئك هم المهتدون\" (البقرة - 154،157).

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply