نقوم بعمل البحوث !


بسم الله الرحمن الرحيم

 

على بعد 30 م تقريباً تستطيع قراءة الجملة أو العبارة السابقة من على الواجهة الزجاجية اللامعة لإحدى المكتبات المعروفة وفي أكثر من موقع. ليس ذلك فحسب بل أن هذا الفرع من سلسلة هذه المكتبة يقع على شارع رئيسي معروف في مدينة الرياض.

بل أن الأمر أصبح مألوفاً وعادياً على ما يبدو فهناك من يضع إعلاناً صغيراً على مراكز خدمات الطالب أو المكتبات أو غيرها وتجده يكتب العبارة التالية: مدرس متخصص في اللغة الإنجليزية أو غيرها من المواد في التعليم العام ويضيف ونقوم بعمل البحوث الجامعية حسب التخصص ويذيل إعلانه بأرقام هواتفه الثابتة والنقالة.

دخلت المكتبة وعندما هممت بسؤال البائع عن العبارة السابقة ومصدرها، وإذا بشخص آخر يدخل خلفي وبشكل سريع بدا يتحدث مع البائع ويسأله وما أن لمح العبارة السابقة حتى بادر بالكلمات التالية: يوجد لدينا عمل بحوث، ألا تعلم أن هذا يعتبر عمل إجرامي يعاقب عليه القانون، ماذا تفعل الجامعات إذاً، وتمتم بكلمات أخرى لم استوعبها.

رد عليه البائع قائلاً: وماذا تقول فيمن يبيع أسئلة الاختبارات ليلة الاختبار الساعة الواحدة ليلاً على الطلبة مقابل مبلغ معين. وكأنه يريد أن يهون من هذا العمل بعدما انتقده الأخ وشاركته الانتقاد أو أن يصرفنا عن ذلك إلى أي موضوع آخر.

سئل الأخ: ومن الذي يبيع؟ قال البائع: المصريين المدرسين في المدارس الأهلية.

تدخلت في هذه اللحظة وسألته: ومن يعمل البحوث؟

قال البائع: هم أيضاً. وطبعاً الكلام لا يشمل الجميع بل القلة من المتعاقدين (والكلام لي). دار حوار بعد ذلك بين البائع وذلك الشخص وسأله عن أقرب مكتبة أو تسجيلات لعله يجد فيها ضالته عندما يئس من وجودها لدى هذا البائع. وبعد أن خرج من المكتبة سئلت البائع لماذا إذا تسمح لهم بوضع الملصقات على الزجاج، أما هنالك مراقبين للمكتبات ولمتابعة مثل هذه الأعمال. لم يجبني البائع وتظاهر بأنه مشغول. حاسبته وانصرفت. أدرت محرك السيارة وأثناء العودة إلى المنزل بدأت أسترجع ما رأيته وما سمعته وما دار من حوار بين البائع وذلك الشخص وأنا. ودار في بالي الحوار التالي: لو لم يكن لذلك البائع أو المكتبة بشكل عام دور أو نصيب لما سمح بتلك الملصقات على واجهة المكتبة، ولو لم يأمن ذلك البائع العقاب لما سمح بتلك الملصقات وفي أماكن بارزة، ولو لم يأمن العقاب أولئك المعلمين المتعاقدين أو غيرهم لما قاموا بذلك وبأشد منه وعلى مرأى من الآخرين و إلا كيف علم ذلك البائع بما يحدث بين المعلمين المتعاقدين والطلبة أيام الاختبارات.

تساءلت من المسئول عن ذلك: المراقبين المكلفين بالمتابعة، مالكي المدارس الأهلية، المعلمين وأساتذة الجامعات، الطلاب والطالبات، مراكز الخدمات والمكتبات، وزارات التربية والتعليم، المجتمع، الضمير. أم من المسئول؟ ولم استطع تحديد المسئولية. لذا قررت أن أطرح الموضوع على الملأ.

وصلت المنزل ومسكت الورقة والنوتة الصغيرة وبدأت أكتب: يوجد لدينا عمل بحوث.. يوجد لدينا أسئلة للبيع.. يوجد لدينا.....

أية الأخوة.. أيها المسئولون.. أيها المعنيون.. أيها الضمير.. إلى هذا الحد وصل بنا الأمر.. إعلان في وضح النهار عن عملية غش، ظاهر ضررها وما تحدثه من خلل في المجتمع إذا ما استشرت؟ وإلى هذا الحد وصل بنا الأمر أن يعلن ذلك على مرأى من الجميع بالإعلان المكتوب على شارع عام وعلى واجهة دار كتب وقرطاسية تعرض المعرفة وأدواتها جانباً بجانب إعلان عن عملية يضيق منها كل غيور على العلم والمعرفة والفكر والمجتمع والتطور؟!

وماذا عن المعلم القدوة الذي يبيع ضميره بحفنة من النقد، وأي جيل يصدره هذا أو ذاك المعلم المادي الشره البائع لأمانته وضميره، وماذا بقي لم يبعه بعد هذا؟

يجب أن تخضع مثل هذه الأمور للبحث والدراسة للتعرف على مسببات ذلك وما الذي يحدو بالطالب والمعلم إلى هذه الأساليب، ومحاولة إيجاد الوسائل الوقائية والعلاجية لمثل هذه الظواهر المٌخيفة. أعود وأكرر السؤال السابق من المسئول؟ هل هناك إجابة؟

نقطة أخرى أرى انه من الضروري الإشارة إليها وهي الأشرطة التعليمية وأشرطة الرسوم المتحركة الخاصة بالأطفال (أشرطة الفيديو) وهذه التسعيرة الباهظة (35 ريالاً)، ألا ترون معي أنها باهظة، مما يجعل كل من المشترى والبائع سوياً يلجئون إلى حيل أخرى لهذا الأمر للحصول على هذه المواد المسجلة بتكلفة أقل للمشترى وربح سريع للبائع وليس الشركة المنتجة. لماذا لا تخفض أسعار هذه المواد التعليمية أو الترفيهية وتكون في حدود المعقول 10-15 ريال لكي لا تنتهك حقوق التسجيل أو النشر وخلافه. وما قيل عن الأشرطة يقال أيضاً عن بعض المجلات العلمية المتخصصة في حقل من حقول المعرفة تعرض في المكتبات بأسعار باهظة دون مبرر مقنع يراه القارئ مما يجعل الوسيلة التي تستخدم مع الأشرطة تستخدم أيضاً مع مثل هذه المجلات فتنسخ وتباع ويبقى الأصل معروضاً.

 

 

 

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply