كيف تـتخذ القرار المناسب


بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد: 

 

 

بصراحة؛ لو كنت أعرف جـواباً مؤكداً لما استدعيت للمحكمة مؤخراً، ولما تعرضت للخداع من قبل إحدى الشركات العقارية في دبي.. صحيح أننا نتخذ يومياً مئات القرارات الصغيرة (مثل أين نذهب هذا المساء؟) ولكن هناك قرارات كبيرة ومصيرية يمكنها قـلب حياتنا رأساً على عقب.. لا يمكن لأي إنسان النجاة من القرارات السيئة (بنسبة 100 %) ولكن يمكنه من خلال الخبرة والتجربة تفادي نسبة كبيرة منها..

لا أعرف فعلاً كيف نضمن سلامة قراراتنا، ولكنني أعرف بعض القواعد والخبرات التي يمكنها تقليل نسبتها في حياتنا... خذ كمثال قاعدة (تأجيل الموافقة) التي تعلمتها من الأفلام والمسلسلات.. أفعل مثل رجال الأعمال (وزعماء العصابات) لا ترفض ولا توافق ولكن أجب بكلمات من قبيل "أفكر وأرد عليك" أو "أعطني مهلة لبحث الموضوع".. افعل ذلك حين تكون جاهلاً أو متردداً أو لا تملك خبرة كافية ــ أو حتى حين تشك في نوايا الشخص المقابل.

ولكن أحياناً تكون الفكرة واضحة والنتائج مؤكدة (وتثق أنت في صحة قرارك 100 %) في هذه الحالة يصبح التأجيل خطأً وسبباً في ضياع الفرصة.. يجب أن تفعل العكس تماماً وتوافق فوراً وتتذكر أن خير البر عاجله.. جميع الناس يترددون قـبل اتخاذ القرارات الكبيرة (بل ويفكرون بالهرب والتراجع) فكن أنت الاستثناء الذي يقطف الثمرة ويرفع يده قبل الجميع...

-       أيضاً هناك قاعدة 10,10,10 التي تعني التفكير بالنتائج المحتملة لأي قرار بعد عشرة دقائق، ثم عشرة أيام، ثم عشرة أشهر (وإن كان مصيرياً، بعد عشر سنوات).. قد تبدو العشر دقائق فترة قصيرة، ولكنها كافية لقطع إشارة وعمل حادث مميت.. كافية للتفوه بكلمة مسيئة أو بعث رسالة تندم عليها.. وإن كان هذا حالنا مع (العشر دقائق) فكيف سيكون حالنا بعد أيام وأشهر وسنوات...؟

-       أيضا تذكر أن ما من قرار إيجابي أو سيئ 100 % .. كل قرار يتضمن محاسن ومساوئ، ولكن معظمنا يركز على السلبيات متناسياً الإيجابيات.. قبل اتخاذ أي قرار حدد السلبيات والإيجابيات ثم اتخذ قرارك بحسب الأغلبية.. اكتب الاثنتين في ورقة كي تصبح واضحة في ذهنك وترى السلبيات (المرعبة) بحجمها الطبيعي...

-       أيضاً، كثيراً ما نتخذ قرارات سيئة لأننا نخلط بين رغباتنا واحتياجاتنا وإمكانياتنا.. يجب أن تتعلم الفصل بين هذه الثلاثة قبل اتخاذ أي قرار.. فقد (ترغب) بشراء مرسيدس ولكن عائلتك (لا تحتاجها) وقــد (ترغب) بزيارة البرازيل ولكن (إمكانياتك المادية) لا تتحملها.. لهذا السبب يجب أن تعزل رغباتك عن احتياجاتك، وتأخذ بعين الاعتبار إمكانياتك واحتمال تدهورها أو تأثيرها على أشياء أخرى في حياتك...

-       وأخيراً، تذكر أن معظم قراراتنا الخاطئة نتخذها حين نكون غاضبين ومستعجلين ومترددين ومضغوطين ويائسين.. حين نكون متكاسلين (عن بحث التفاصيل) أو جاهلين (بنتائج وتداعيات القرار) أو متعبين (لا نملك خلقاً للنقاش أوالدراسة) أو متهاونين (مثلاً في تسجيل كل صغيرة وكبيرة)....

... وقبل أن أغادر؛

كل هذه الأسباب يمكنك أنت الاستعانة بها (بطريقة معاكسة) لتحقيق رغباتك وتلبية متطلباتك.. قبل فترة مثلاً سألني أحد أقربائي: كيف أجعل مديري يوافق على طلباتي؟.. أجبته: اطرحها حين يكون متعباً وجائعاً ومستعجلاً ولا يملك وقتاً للنقاش ودراسة الموضوع.. قــال ببلاهة: ومتى يكون ذلك؟ قلت: في نهاية الدوام، وتحديداً حين يهم بركوب سيارته هرباً من حرارة الشمس...

 

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply