إلى حقول ثقافتنا العربية الإسلامية القشيبة

86
1 دقائق
11 رمضان 1446 (11-03-2025)
100%

ط بسم الله الرحمن الرحيم

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

إلى حقول ثقافتنا العربية الإسلامية القشيبة – شريف قاسم
قالتْ: فديتُكَ هل للشعرِ من نظرِ *** يرى فيخفق نبضُ القلبِ بالغُررِ!
أما لنفسِك من حبٍّ، ومن متعٍ *** بها تعيشُ بلا شكوى ولا ضجرِ!
ألم يُذوَّبْ بنارِ الشوقِ من أمدٍ *** مضى عليك فؤادٌ ناءَ بالكدرِ!
فكم قرأنا لأهلِ الشعرِ من غُررٍ *** للحبِّ والشوقِ والمزمارِ في أُطُرِ
وشنَّفتْ سمعَنا أُغرودةٌ لفتتْ *** طولَ الليالي خليًّا غيرَ منتظرِ
وكم تدلَّى (أجينارٌ) بطلعتِه *** على يَدَيْ شاعرٍ من غابرِ العُصُرِ (1)
تروي الهوى بمزاجِ العصرِ ريشتُه *** أُسطورةً دلفتْ في حسنِها النَّضرِ
كالغصنُ أورق يسقي جذلَ كبوتِه *** صمتٌ تكابدُه الأجراسُ في حذرِ
ألمْ تصلْكَ الدواوين التي انتشرتْ *** و ذاعَ صيتٌ لها في البدوِ والحضرِ!
عن الخدود التي بيعتْ لكاهنِهم *** عن الصدورِ التي باتتْ بلا سُتُرِ!
عن الحضارةِ والحريةِ انطلقتْ *** بثوبِها الناعمِ الغالي لمتَّجرِ!
عن الصليبِ الذي قد صارَ فلسفة *** من غير تفعيلةٍ في الشعرِ أو خَفَرِ
فما لها اكتأبتْ فيك المنى؟ وبكتْ *** دنيا شبابك، إذ هلَّتْ بلا ثمرِ!
أما وجدتَ على التغريبِ تسليةً *** (ساجانُ) تزجي لها من نسجِها القذرِ (2)
فقمْ وجدِّدْ شبابَ الشعرِ متكئا *** على ابتكارٍ جديدٍ غيرِ مندثرِ!
بالحبِّ والكفرِ: فامزجْ منهما شفةً *** على هزيزِ الهوى واشددْ على الوترِ
إنَّ التَّحرُّرَ يُغني كلَّ فاتنةٍ *** وليس يتركُ للرجعيِّ من وزرِ!
هفتْ على غيرِ ما للدينِ من قيمٍ *** فبالهوى دولٌ طارتْ إلى القمرِ!
وأنتَ تسجدُ خمسًا بعد نافلةٍ *** في الظهرِ والعصرِ والإمساءِ والسَّحرِ!
دعْ عنك رجعيةً لم تُغنِ في زمنٍ *** فيه التقدمُ ياهذا لمفتخرِ!
قالتْ: فقلتُ: اخرسي. يابئس عابثةٍ *** جاءتْ لتبدلَ أمنَ القلبِ بالخطرِ
أغرَّكِ الزيفُ في أبناءِ جلدتِنا *** فكنتِ لعبَتَهم بين اللهوِ والوطرِ!
أم أسكرتكِ ملذَّاتٌ بحانتهم *** حيثُ المهازلُ لاتعدو هوى أشرِ!
باعوا عفافَك يا بلهاءُ، بل ظفرتْ *** بك التجارةُ، بئسَ العُهرُ من ظفرِ!
وأشعلوها على الإسلامِ ضاريةً *** حربًا ضروسا بمكرٍ ماجَ بالضَّررِ
يقاتلون بأقلامٍ مزيَّفةٍ *** هدى الإلهِ، وما للحقِّ من سورِ
أعمتْهُمُ النَّزواتُ: اللهوُ يركلُها *** خلفَ التهافتِ في حفلٍ و مؤتمرِ
يقودُهم عَبَثًا إبليسُهم ويرى *** أغلى مآربِه في أتفهِ النَّفرِ
فوضى السفاهةِ في تدميرِ فطرتهم *** نارٌ تُؤجَّجُ في استهتارِ محتقَرِ
تفحُّ بالشهوةِ العمياءِ ما طلعتْ *** لمَّا تعرَّتْ بغيرِ النَّابِ والظُّفُرِ
بهرطقاتِ بغاةٍ ما رأوا أبدًا *** نورَ الطهارةِ يجلو لوثةَ البصرِ
يتاجرون، ألا بارتْ تجارتُهم *** وما بها من متاع الإثمِ والكِسَرِ
فانظرْ هُويَّتَهم تعرفْ معادنَهم * *** في خسَّةٍ أنكرتْها رفعةُ البشرِ*
أهجتِ نفسَكِ ما هيَّجْتِ لي حلمًا *** على الحرامِ، ولا أغريتِ بالصُّورِ
رجعيتي درعُ إيماني، و معتقدي *** حصني الحصين، ومَدِّي غيرُ منحسرِ
وليس زيفُكِ تغريني مفاتنُه *** وكيف يقرن هذا الزيفُ بالدررِ!
فلا تقودَنَّكِ الأوهامُ عابثةً *** وتستخفُ بكِ الأهواءُ للضَّررِ
ولا تكوني لهم جسرًا إذا عبروا *** ولا التفاتةَ غيٍّ خلفَ ذي نُكُرِ
قد أوغلوا بالإثاراتِ التي قلبتْ *** دنيا الجمالِ إلى مستنقعٍ قذرِ
ولم يثبْ منهُمُ إلا أخو شيمٍ *** على ارتطامِ عمى الألوانِ بالبصرِ
فمزِّقي ثوبَ إفسادٍ و بهرجةٍ *** واستعصمي بالهدى و الطهرِ في العُمُرِ
فزينةُ الغيدِ جلبابٌ على خُمُرٍ *** وللحجابِ وللإسلامِ فانتصري
وسفِّهي أُختَنا أحلامَهم و ذري *** للتيهِ من زمرٍ تأسى على زمرِ
طابورُهم شبَّ في مرمى دناءتهم *** على الفجورِ بليلِ الكأسِ و الوترِ
فكيفَ تُرجَى يدُ المخمورِ أوهنَها *** لكي تُقيمَ علانا رعشةُ السُّكُرِ!
أو كيف ينهضُ مأروضٌ بأُمتِنا *** أو أن تقومَ على ضُرٍّ بمنحَدَرِ؟ (3)
مَنْ عاشَ للعبثِ المبتضِّ صاحبُه *** فقد تسربلَ بالبرسامِ والقِصَرِ!(4)
ياضيعةَ العمرِ ولَّى خلفَ بائعه *** يعوي على إثرِه والموتُ في الأثرِ
تفنى الرموزُ (لميخائيل) هذرمة *** أو بالبدائع من (جبران) في الصورِ (5)
وليس (فينيق) بالرمز الخفيِّ فقد *** عرَّتْه بنتُ رمادِ الرمزِفي الفكَرِ!
فدونك اليوم ساقتْها مذاهبُهم *** سود الطلاسمِ في أكفانِ محتضرِ
فلملمي سترَكِ المفضوحَ في يدِهم *** و أوِّبي للهدى بالتوْبِ و اعتبري
لم يصفعِ المجدَ إلا كفُّ خسَّتِهم *** ولمْ تُوارِ العلى إلا يدُ الهذرِ
على سرابٍ من اللذَّاتِ قد ركعوا *** وفي العمايةِ يستخفون من قدرِ!
أو تحتَ وقْدِ (رماد الأربعاء) مضوا *** بفلسفات من الهندوسِ للحفرِ(6)
تبًّا لمَنْ بذلوا أيامَهم عبثً *** مع العفاريتِ واختاروا لظى سقرِ
يا أختنَا: والمعالي ثوبُ عفَّتنا *** * نادتْكِ فاستمعي للحقِّ لا الخُسُرِ
مدِّي يديكِ إلى الزهراءِ طاهرةً *** تلْقَيْ ببردتها من يانعِ الثمرِ
تهدي انبعاثكِ بالتقوى إلى قيمٍ *** وليس يُبقي حُنُوُّ الدينِ من عَسِرِ
وليس من متعةٍ أجدى لظامئةٍ *** من دافقِ النُّورِ يا أُختاه في السُّوَرِ
يصونُكِ اللهُ بالرفقِ الذي ظهرتْ *** به النُّبوَّةُ و المأثورُ في السِّيرِ
راموكِ صيدًا على شطآنِ شهوتِهم *** وأنتِ في يَمِّنا أغلى من الدُّرَرِ
لم نستمعْ لسفيهٍ في محاضرةٍ *** إلا دعاكِ لديجورٍ ومنحدرِ
على مساحبِ حريَّاتِ مَنْ كفروا *** في الغربِ والشرقِ وفي آفاقها الأُخرِ
ألفيتُهم في فمِ الأهواءِ قهقهةً *** ثملى بهم، وتلاشتْ في دجى الخورِ
فإنَّ للغيِّ مهما اشتدَّ ساعدُه *** بترًا، وما لغُواةِ العصرِ من وزرِ

وصلى الله وسلم على نبينا محمد والحمد لله رب العالمين

أجينار: من ملوك الفينيقيين. *1

2*ساجان: قاصة فرنسية تُعنى بالجنس.

3*مأروض: مَنْ به خبل,.

4*المبتض: المستأصَل.

إشارة إلى كتابات الحلول والكفر والفجور في كتابات أولئك.*5

رماد الأربعاء: إشارة لشاعر الجنس والعهر الإنكليزي إليوث.*6


مقالات ذات صلة


أضف تعليق