بسم الله الرحمن الرحيم
حكم الشرع يعني بالبداهة حكم الشارع وهو \" خطاب الله - تعالى - المتعلق بأفعال المكلفين. \"، أو هو \" خطاب الشارع بفائدة شرعية تختص به \"، وهو من أنواع الكلام \" إنشاء \" لا يأتي إلا منه
فالشارع هو الله ومن بلغ عنه من الرسل، والحكم الشرعي حكمه، لا حكم زيد أو عبيد ممن يتطفلون على الشريعة من الكتاب والصحفيين والمفكرين العلمانيين وهواة الفتوى الذين لا يبالون بمخالفة القرآن أو السنة أو الإجماع، أو أئمة الفقه بطبيعة الحال - جميعا وفي ذلك خروج على أصل الشريعة وفروعها أو يكاد, أما القرآن الكريم فمن المعلوم منه بالضرورة وجوب طاعة الرسول - صلى الله عليه وسلم - فيما أبلغنا به عن ربه في العقيدة والعبادة والمعاملات جميعا، وفي جوهر ذلك كله عقيدة التوحيد بأصلها وعباداتها و فروضها وسننها ومندوباتها وكيفياتها ومحظوراتها: بدلالة قوله - تعالى -: {اليوم أكملتُ لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيتُ لكُمُ الإسلامَ ديناً} فما لم يكن يومذاك ديناً لا يكون اليوم ديناً.
{فَلا وَرَبِّكَ لا يؤمِنونَ حَتّى يُحَكِّموكَ فيما شَجَرَ بَينَهُم ثُمَّ لا يَجِدوا في أَنفُسِهِم حَرَجاً مِمّا قَضَيتَ وَيُسَلِّموا تَسليماً} [65] النساء .
{يا أيها الذين آمنوا أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول إن كنتم تؤمنون بالله واليوم الاخر ذلك خير وأحسن تأويلا} (59) النساء
{وَما يَنطِقُ عَنِ الهَوى، إِن هُوَ إِلّا وَحيٌ يوحى} 3 4 النجم
ومعنى هذا أن تكون عقيدتنا وما ينبني عليها في عباداتنا وما تفتحه من فضاء الحرية وفقا لسنة الرسول - صلى الله عليه وسلم - لا تزيد ولا تنقص ولا تستحدث.
وأما السنة بصفة عامة: فليس ليس لنا أن نحدث فيها أمرا أو نستبعد أمرا: عبودية مطلقة لله، وحرية مطلقة عما عداه، وفقا لما رواه البخاري في صحيحه بسنده عن القاسم بنِ محمدٍ, عن عائشةَ - رضي الله عنها - قالت: قال رسولُ اللهِ - صلى الله عليه وسلم -: وفي سنن أبي داود بسنده عنِ المِقدَامِ بنِ مَعدِ يكَرِبَ عن رَسُولِ الله - صلى الله عليه وسلم - أنّهُ قالَ: «ألاَ إنّي أُوتِيتُ الكِتَابَ وَمِثلَهُ مَعَهُ ألاَ يُوشِكُ رَجُلٌ شَبعَانُ عَلَى أرِيكَتِهِ يَقُولُ: عَلَيكُم بِهَذَا القُرآنِ فَمَا وَجَدتُم فِيهِ مِن حَلاَلٍ, فَأَحِلّوهُ وَمَا وَجَدتُم فِيهِ مِن حَرَامٍ, فَحَرّمُوهُ. …».
أما إن تضببت الرؤية فقد روى البخاري ومسلم عن أبي عبد الله النعمان بن بشير - رضي الله عنهما - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: إن الحلال بيّن، وإن الحرام بيّن، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهنّ كثير من الناس، فمن اتقى الشبهات، فقد استبرأ لدينه وعرضه، ومن وقع في الشبهات وقع في الحرام، كالراعي يرعى حول الحمى يوشك أن يرتع فيه، ألا وإن لكل ملك حمى، ألا وإن حمى الله محارمه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله ألا وهي القلب. )
و أخرج الحاكم في مستدركه على الصحيحين بسنده عن العرباض بن سارية - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « ومن يعش منكم بعدي فسيرى اختلافاً كثيراً فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة » وأخرجه أحمد والترمذي وابن ماجة والدارمي وابن حبان.
وأخرج مسلم بسنده عن جابر بن عبد الله - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وخير الحديث كتاب الله - عز وجل - وخير الهدي هدي محمّد، وشر الأمور محدثاتها وكل محدثة بدعة » ورواه والبيهقي وعنده وعند النسائي « كل ضلالة في النار ».
وأخرج البخاري ومسلم عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: « من أحدث في أمرنا ما ليس منه فهو رد »
وما رواه مسلم في صحيحه بسنده عَن سَعدِ بنِ إِبرَاهِيمَ قَالَ: أَنّ رَسُولَ اللّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ: «مَن عَمِلَ عَمَلاً لَيسَ عَلَيهِ أَمرُنَا فَهُوَ رَدّ».
وما رواه أبو داود في سننه بسنده: قالَ النّبيّ - صلى الله عليه وسلم -: «مَن صَنَعَ أمراً عَلَى غَيرِ أمرِنَا فَهُوَ رَدّ».
قال ابن حجر - رحمه الله -: كل بدعة ضلالة: \" وهذه الجملة قاعدة شرعية فكل بدعة ضلالة فلا تكون من الشرع لأن الشرع كله هدى، وأما حديث عائشة - رضي الله عنها - « من أحدث في أمرنا ما ليس منها فهو رد » فمن جوامع الكلم وهو ميزان للأعمال الظاهرة، والمبتدع عمله مردود ولأهل العلم فيه قولان: الأول: أن عمله مردود عليه، والثاني: أن المبتدع ردّ أمر الله لأنه نصب نفسه مضاهياً لأحكم الحاكمين فشرع في الدين ما لم يأذن به الله\".
ونضيف قولا ثالثا: وهو أن المبتدع هو في حقيقته متبع لغير الله هرب من عبودية الخالق إلى عبودية المخلوق وبالأحرى: هرب من الحرية باسم الله، إلى العبودية باسم غيره، ومن هنا كان المدخل إلى التمرغ تحت الأصنام بأوهامه السبعة:
وهم انحصار الوثنية الصنمية المحرمة فيما يتخذ للعبادة
وهم انحسار الوثنية الصنمية المحرمة عن مستوى \" الفلسفة \" والتفكير العقلي
وهم انحسار الوثنية الصنمية المحرمة عن مستوى \" التصوف \" والتفكير الروحاني
وهم انحصار الوثنية الصنمية في النموذج الجاهلي العربي\" البدوي \"
وهم الالتحاق بالنموذج الغربي في \" التحضر \" حذو القذة بالقذة \"
وهم تبرير الوثنية الصنمية المحرمة بـ \"المصلحة \"
وهم انحسار الوثنية الصنمية المحرمة عن مستوى التطور \" الوضعي \" المعاصر
وهم انحصار الفن الراقي في الأصنام
وللتعرف على الحكم الشرعي في صناعة الأصنام نحتاج أولا إلى اكتشاف الأصل الذي صدرت عنه وإلا ضاع منا الطريق مابين هذا التيار الثقافي أو ذاك
إن الأصل في تحريم صناعة الأصنام في الإسلام أن الله - سبحانه وتعالى - قد أرسل الرسل للدعوة إلى جنة الحرية الحقيقية بتوحيده - سبحانه -، والتحذير من الشِّرك ومن ثم الوقوع في جحيم العبودية لغير الله. ومن هنا كانت الأصنام شِركا، وكانت في الوقت نفسه شَرَكا: \" شرَك العبودية لغير الله ومن ثم فقدان الحرية \"، فقال - تعالى -: (ولقد بعثنا في كل أمة رسولاً أن اعبدوا الله واجتنبوا الطاغوت)، وقال - تعالى -: (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون), وعلى هذا الأساس جاءت رسالة خاتم الرسل صلوات الله وسلامه عليه.
ومن أجل هذا تكاثرت النصوص وتكاثرت السنن العملية والقولية الصحيحة الصريحة في دلالتها على تحريم صنع تماثيل ذوات الأرواح، وكان هذا إلحاحا من دين الإسلام على عقيدة التوحيد والحرية معا, ونجد في هذا الاتجاه إبراهيم - عليه السلام - في حكاية القرآن الكريم عنه يقول لقومه من المشركين: (وتالله لأكيدن أصنامكم بعد أن تولوا مدبرين فراغ إلى آلهتهم فقال ألا تأكلون ما لكم لا تنطقون فراغ عليهم ضرباً باليمين)، ثم يقول القرآن الكريم لنا: (قد كانت لكم أسوة حسنة في إبراهيم والذين معه) إلى قوله (إلا قول إبراهيم لأبيه لأستغفرن لك):
ونجد قوله - تعالى -حكاية عن موسى - عليه السلام - في شأن العجل الذي اتخذه السامري إلهاً: (وانظر إلى إلهك الذي ظلت عليه عاكفاً، لنحرقنه ثم لننسفنه في اليم نسفاً): ثم يقول الله لنا: عن الأنبياء ومنهم موسى - عليه السلام -: (أولئك الذين هدى الله فبهداهم اقتده)
وكان شعار الإسلام منذ اللحظة الأولى (لا إله إلا الله محمد رسول الله)
وفي البيت الحرام بعد الفتح وجد المسلمون ما كانوا قد وجدوه في عمرة القضاء من أصنام حول الكعبة: ، تركها الرسول - صلى الله عليه وسلم - آنذاك لا باسم المهادنة أو المساومة أو الحل الوسط، ولكن باسم التخطيط، والتدرج، وأسلوب المراحل.
ففي صحيح البخاري وغيره عن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: دخل النبي - صلى الله عليه وسلم -مكة وحول الكعبة ثلاثمائة وستون نصباً وفي رواية صنماً- فجعل يطعنها بعود في يده، وجعل يقول (جاء الحق وزهق الباطل إن الباطل كان زهوقا).
هناك حيث وجد المسلمون: صور الملائكة والنبيين على جدران الكعبة:
صورة إبراهيم - عليه السلام - وفي يده الأزلام يستقسم بها
تمثال حمامة على يد إبراهيم
صور الملائكة نساء ذوات جمال
طمست الصور
كبت الأصنام على وجوهها {360 صنما}
طهر البيت الحرام من الوثنية تطهيرا كاملا
وأنجز محمد - صلى الله عليه وسلم - ما بدأه بالدعوة في مكة منذ عشرين عاما.
وجلس الرسول - صلى الله عليه وسلم - على الصفا يبايع الناس، وكان عمر - رضي الله عنه - جالسا بين يديه يأخذ البيعة له، ثم أخذ يبايع النساء، فجاءت هند بنت عتبة امرأة أبي سفيان، متنكرة، خوفا من رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن يعرفها لما صنعت بحمزة - رضي الله عنه -- هذه هند التي كانت تحث قريشا على الحرب يوم أحد وهي تنشد: إن تقبلوا نعانق، ونفرش النمارق، أو تدبروا نفارق، فراق غير وامق. - فبايع عمر النساء على ألا يشركن بالله شيئا. فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ولا تسرقن. فقالت هند: إن أبا سفيان رجل شحيح، فأنا أصبت من ماله هنات. فضحك رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال لها: وإنك لهند؟ قالت: نعم، فاعف عما سلف يا نبي الله، عفا الله عنك.
فقال: ولا يزنين. فقالت: أو تزني الحرة؟
فقال: ولا يقتلن أولادهن. قالت: ربيناهم صغارا، وقتلوهم كبارا، وأنتم وهم أعلم.
وكان ابنها حنظلة بن أبي سفيان قد قتل يوم بدر
فضحك عمر، وتبسم رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، وقال: ولا يأتين ببهتان. فقالت: والله إن البهتان لأمر قبيح. وما تأمرنا إلا بالرشد ومكارم الأخلاق.
فقال: ولا يعصينك في معروف فقالت: والله ما جلسنا مجلسنا هذا وفي أنفسنا أن نعصيك.
ولما رجعت جعلت تكسر صنمها وتقول: كنا منك في غرور.
وكان من آثار غزوة تبوك أن أعلنت الطائف الطاعة. وعندما قدم وفد ثقيف إلى المدينة يعلن إسلامها (طلبوا أن يدع لهم صنمهم اللآت، ثلاث سنين (!!!) لا يهدمها، وأن يعفيهم من الصلاة (!!!!) ثم تنازلوا في طلبهم إلى أن يدع لهم اللات شهرا)
… وكان الرد رفضا قاطعا
وأرسل النبي - صلى الله عليه وسلم - مع الوفد في رجوعه..أبا سفيان بن حرب، والمغيرة بن شعبة، ليقوما بهدم اللات - وإعفاء أهلها من أن يقوموا بذلك بأنفسهم كما طلبوا - وتم الهدم بينما كانت النساء حسرا يبكين!!!
ومن تطبيقه العملي - صلى الله عليه وسلم - ما جاء في الصحيحين من بعثه - صلى الله عليه وسلم -لجرير بن عبد الله البجلي مع سرية لكسر صنم (ذي الخلصة) في اليمن.و ما رواه النسائي وغيره من بعث النبي - صلى الله عليه وسلم -لخالد بن الوليد إلى (نخلة) لهدم (العزى). و مارواه ابن سعد في الطبقات وغيره من بعث النبي - صلى الله عليه وسلم -للمغيرة بن شعبة وأبو سفيان بن حرب إلى (الطائف) لهدم (اللات). و مارواه ابن سعد أيضاً من بعث النبي - صلى الله عليه وسلم -لعلي بن أبي طالب إلى (الفُلس) صنم طئ- ومارواه ابن سعد من بعث النبي - صلى الله عليه وسلم -لعمرو بن العاص إلى (سواع) لكسره. وما رواه ابن سعد من بعث النبي - صلى الله عليه وسلم -للطفيل بن عمرو الدوسي إلى (ذي الكفين) صنم (دوس) لتحريقه. و مارواه ابن سعد من بعث النبي - صلى الله عليه وسلم -لسعد بن زيد الأشهلي إلى (المشلل) لهدم (مناة). وما رواه مسلم عن عمرو بن عبسة أنه قال للنبي e: وبأي شيء أرسلك؟ قال: (أرسلني بصلة الأرحام وكسر الأوثان وأن يوحد الله لا يشرك به شيء)
وجاء في الصحيحين بسنديهما عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -قال (الذين يصنعون الصور يعذبون يوم القيامة يقال لهم أحيوا ما خلقتم) البخاري ومسلم
وفيهما عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله e: (أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون)
وفيهما عن سعيد بن أبي الحسن قال: جاء رجل إلى ابن عباس فقال: إني رجل أصور هذه الصور فأفتني فيها، فقال له: ادن منيº فدنا منه، ثم قال: ادن منيº فدنا حتى وضع يده على رأسه، قال: أنبئك بما سمعت من رسول الله e، سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يقول: (كل مصور في النار يجعل له بكل صورة صورها نفسا فتعذبه في جهنم) وقال: إن كنت لا بد فاعلا فاصنع الشجر وما لا نفس له.
وفيهما عن عائشة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -قال (إن من أشد الناس عذابا يوم القيامة الذي يشبهون بخلق الله)
وفيهما عن ابن عباس عن النبي - صلى الله عليه وسلم -قال (من صور صورة في الدنيا كلف يوم القيامة أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ).
وفيهما عن أبي هريرة عن النبي - صلى الله عليه وسلم -قال: قال الله - عز وجل -: (من أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي، فليخلقوا حبة، فليخلقوا ذرة، فليخلقوا شعيرة).
وفيهما عن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -(لا تدخل الملائكة بيتا فيه تماثيل أو تصاوير)، وفي حديث أبي طلحة (لا تدخل الملائكة بيتاً فيه كلب ولا صورة).
وفيهما عن عائشة قالت: دخل علي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -وأنا متسترة بقرام فيه صورة فتلون وجهه فهتكه ثم قال: (إن من أشد الناس عذابا يوم القيامة الذي يشبهون بخلق الله).
وفي صحيح البخاري عن أبي جحيفة أن النبي - صلى الله عليه وسلم -لعن المصور
روى الترمذي وصححه- عن أبي هريرة قال: قال رسول الله e: (تخرج عنق من النار يوم القيامة، لها عينان تبصران وأذنان تسمعان ولسان ينطق يقول: إني وكلت بثلاثة، بكل جبار عنيد، وبكل من دعا مع الله إلها آخر، وبالمصورين).
وروى مسلم في صحيحه بسنده عن أبي الهياج الأسدي قال: قال لي علي بن أبي طالب: ألا أبعثك على ما بعثني عليه رسول الله e: (أن لا تدع تمثالا إلا طمسته، ولا قبرا مشرفا إلا سويته).
وحديث عائشة - رضي الله عنها - قالت: قدم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - من سفر وقد سترت سهوة لي بقرام فيه تماثيل فلما رآه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - تلون وجهه وقال: «يا عائشة أشد الناس عذاباً عند الله يوم القيامة الذين يضاهون بخلق الله فقطعناه فجعلنا منه وسادة أو وسادتين» رواه البخاري ومسلم (القرام: ثوب من صوف، فيه ألوان من العهون، صفيق، يتخذ سترا أو يغشى به هودج و كلة، و يجمع على قرم. والسهوة - الطاق النافذة في الحائط)
ولم يكن هذا القرام متخذ للعبادة بالطبع!!!.
ومن ذلك ما روى الإمام أحمد من حديث عاصم عن أبي وائل عن عبد الله أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -قال: (أشد الناس عذابا يوم القيامة: رجل قتله نبي، أو قتل نبياً، وإمام ضلالة، وممثل من الممثلين).
وقلَّ أن نجد مثل هذا الوعيد الشديد على محرم من المحرمات، وما ذاك إلا لصلة الأمر بصلب العقيدة في التوحيد وبالتالي في جوهر الحرية، قال النووي - رحمه الله تعالى -في (شرح مسلم) 14/81: (قال أصحابنا وغيرهم من العلماء: تصوير صورة الحيوان حرام، شديد التحريم، وهو من الكبائرº لأنه متوعد عليه بهذا الوعيد الشديد المذكور في الأحاديث).
وبعد فقد ذكر الأزرقي في أخبار مكة في باب ما جاء في ذكر بناء قريش الكعبة في الجاهلية أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر بمحو الصور التي في الكعبة سوى صورة مريم وعيسى - عليهما السلام -. وروى الأزرقي ذلك بأربعة أسانيد كلها ضعيفة فلا يغتر بها ولا يعتمد على شيء منها..
وقد ثبت في مقابلها عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه أمر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - أن يمحو الصور التي في الكعبة وأنه - صلى الله عليه وسلم - دخلها وما فيها شيء من الصور، قال الإمام أحمد حدثنا روح - وهو ابن عبادة القبسي - حدثنا ابن جريج أخبرني أبو الزبير أنه سمع جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - يقول إن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمر عمر بن الخطاب يوم الفتح وهو بالبطحاء أن يأتي الكعبة فيمحو كل صورة فيها، ولم يدخل البيت حتى محيت كل صورة فيه\" إسناده صحيح على شرط الشيخين.
وقال الإمام أحمد أيضاً حدثنا عبد الله بن الحارث - وهو ابن عبد الملك المخزومي - عن ابن جريج أخبرني أبو اليزيد أنه سمع جابر بن عبد الله - رضي الله عنهما - يزعم أن النبي - صلى الله عليه وسلم - \"نهى عن الصور التي في البيت، ونهى الرجل الذي يصنع ذلك\"، وأن النبي - صلى الله عليه وسلم - \"أمر عمر بن الخطاب - رضي الله عنه - زمن الفتح وهو بالبطحاء أن يأتي الكعبة فيمحو كل صورة فيها ولم يدخل البيت حتى محيت كل صورة فيه\" إسناده صحيح على شرط مسلم.... (نقلا عن فضيلة الشيخ حمود بن عبد الله التويجري)) في بحثه بعنوان \" التنبيه على خبر باطل في أخبار مكة عمادة البحث العلمي بتاريخ 15/4/1398هـ)
*******
إن الأصنام لم تصنع أصلا لللعبادة منذ البداية - كما قد يخيل لبعض ذوي التأويلات - وإنما كانت بداية صنعها، طريقاً ممهدا للغلو فيها وتعظيمها، وهو بداية وقوع الشرك في بني آدم من بعد، والارتكاس في حضيض العبودية لغير الله، نستدل على ذلك بما جاء في الحديث المتفق على صحته عن عائشة - رضي الله عنها - أن أم سلمة - رضي الله عنها - ذكرت لرسول الله كنيسة رأتها بأرض الحبشة يقال لها مارية فذكرت له ما رأت فيها من الصور، فقال رسول الله: (أولئك قوم إذا مات فيهم العبد الصالح أو الرجل الصالح بنوا على قبره مسجدا وصوروا فيه تلك الصور، أولئك شرار الخلق عند الله تعالى).
وبما جاء في صحيح البخاري من حديث ابن عباس - رضي الله عنه - في تفسير قوله - تعالى -(ومكروا مكرا كبارا، وقالوا لا تذرن آلهتكم ولا تذرن ودا ولا سواعا ولا يغوث ويعوق ونسرا، وقد أضلوا كثيرا، ولا تزد الظالمين إلا ضلالا) نوح 22-24 قال: (هذه أسماء رجال صالحين من قوم نوح، فلما هلكوا أوحى الشيطان إلى قومهم أن انصبوا إلى مجالسهم التي كانوا يجلسون أنصاباً وسموها بأسمائهم ففعلوا فلم تعبد حتى إذا هلك أولئك ونسخ العلم عبدت). قال ابن القيم - رحمه الله تعالى -في (إغاثة اللهفان):
(وقال غير واحد من السلف: كان هؤلاء قوما صالحين في قوم نوح - عليه السلام - فلما ماتوا عكفوا على قبورهم ثم صوروا تماثيلهم ثم طال عليهم الأمد فعبدوهم. )
قال ابن العربي المالكي - رحمه الله تعالى -(أحكام القرآن) 4/8-10 في علة النهي عن إقامة الأصنام:
(والذي أوجب النهي عنه في شرعنا والله أعلم ما كانت العرب عليه من عبادة الأوثان والأصنام، فكانوا يصورون ويعبدون، فقطع الله الذريعة وحمى الباب. فإن قيل: فقد قال حين ذم الصور وعملها من الصحيح قول النبي e: (من صور صورة عذبه الله حتى ينفخ فيها الروح، وليس بنافخ). وفي رواية: (الذين يشبهون بخلق الله) ; فعلل بغير ما زعمتم {يقصد أي بغير ذريعة عبادتهم}. قلنا: نهي عن الصورة، وذكر علة مضاهاة خلق الله، وفيها أيضا زيادة علة عبادتها من دون الله، فنبه على أن نفس عملها معصية، فما ظنك بعبادتها، وقد ورد في كتب التفسير شأن يغوث ويعوق ونسرا، وأنهم كانوا أناسا، ثم صوروا بعد موتهم وعبدوا. وقد شاهدت بثغر الإسكندرية إذا مات منهم ميت صوروه من خشب في أحسن صورة، وأجلسوه في موضعه من بيته وكسوه بزته إن كان رجلا وحليتها إن كانت امرأة، وأغلقوا عليه الباب. فإذا أصاب أحدا منهم كرب أو تجدد له مكروه فتح الباب عليه وجلس عنده يبكي ويناجيه بكان وكان حتى يكسر سورة حزنه بإهراق دموعه، ثم يغلق الباب عليه وينصرف عنه، وإن تمادى بهم الزمان يعبدوها من جملة الأصنام والأوثان).
ودلالة هذه الآيات و الأحاديث والسنن وهي تتصف بالتواتر المعنوي في مجموعها - نص في تحريم تماثيل وصور ذوات الأرواح ودلائل الحرمة فيها: بدلالة النهي عن ذلك وما جاء في لعن المصوِّرو بيان أنه أشد الناس عذاباً يوم القيامة. و أنه من أظلم الناس. وأن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه تمثال أو صورة. وهذا التشديد يظهر حرص الإسلام على إقامة مانع شديد الصلابة للقضاء على هذه الصناعة اولا، والاحتياط ضد رجوعها ثانيا
ومما تقدم يسقط الوهم الأول وهم انحصار الوثنية الصنمية المحرمة فيما يتخذ للعبادة والزعم بناء على ذلك بتجويز إقامة الأصنام حاليا بدعوى انتفاء احتمال الوقوع في عبادتها
إن سقوط هذا الوهم يبنى على تحقق أحد علتين على الأقل - للتحريم وفقا لما جاء من النصوص واالسنن السابقة،.
1- مضاهاة خلق الله - تعالى -كما يدل عليه قوله - صلى الله عليه وسلم -(الذين يضاهون بخلق الله) و قوله (الذين يشبهون بخلق الله) وقوله في الحديث القدسي- (من أظلم ممن ذهب يخلق كخلقي) وقوله (كلف أن ينفخ فيها الروح وهذه العلة ظاهرة لا تتغير بتغير الزمان أو المكان
2- اتخاذها للعبادة ابتداء
3- أو الارتكاس إلى عبادتها بعد التحرر منها، لأنها وإن لم تكن للعبادة أو التقديس، الآن فهي قد تفضي مع طول الزمان إلى حد العبادة، وما أفضى إلى حرام، فهو حرام أخذا بأصل \" سد الذرائع \"، أو \" درء المفاسد مقدم على جلب المصالح \" وبخاصة إذا كانت المفسدة فادحة من باب تهديد التوحيد والحرية.. فقد روى البخاري بسنده عن عائشة - رضي الله عنها - قالت: (لم يكن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -يترك في بيته شيئاً فيه تصاليب إلا نقضه). وروى الترمذي وصححه -، وأبو داود عن أبي هريرة قال: قال رسول الله e: (أتاني جبريل فقال: إني كنت أتيتك البارحة فلم يمنعني أن أكون دخلت عليك البيت الذي كنت فيه إلا أنه كان في باب البيت تمثال الرجال، وكان في البيت قرام ستر فيه تماثيل، وكان في البيت كلب، فمر برأس التمثال الذي بالباب فليقطع فليصير كهيئة الشجرة، ومر بالستر فليقطع ويجعل منه وسادتين منتبذتين يوطآن، ومر بالكلب فيخرج ففعل رسول الله e). ومن المعلوم أن هذا التمثال الذي في بيت النبي - صلى الله عليه وسلم -لم يكن متخذاً للعبادة، ومع ذلك فقد أمره جبريل بإزالته.
ونستشهد هنا بفتوى اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، الفتوى رقم 2036 وفيها: (فدل عموم هذه الأحاديث على تحريم تصوير كل ما فيه روح مطلقاً، أما ما لا روح فيه من الشجر والبحار والجبال ونحوها فيجوز تصويرها كما ذكره ابن عباس - رضي الله عنهما - ولم يعرف عن الصحابة من أنكره عليه ولما فهم من قوله في أحاديث الوعيد أحيوا ما خلقتم، وقوله فيها كلف أن ينفخ فيها الروح وليس بنافخ. وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم. (اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء، الفتوى رقم 2036 والله أعلم)
وبفتوى الشيخ جاد الحق: رقم: 3279 - تاريخ الفتوى: 11/05/1980 ( لقد ذم الرسول - عليه الصلاة والسلام - الصور وصنعها فى كثير من أحاديثه لعلة التشبيه بخلق الله ولعبادتها من دونه، ومن قبله جاهد الأنبياء - عليهم السلام - عبادة الأوثان واتخاذها آلهة تعبد من دون الله أو تقربا إلى الله {ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى} الزمر 3 ).
كما نستشهد بفتوى الشيخ القرضاوي في قوله: (حرم الإسلام التماثيل وكل الصور المجسمة، ما دامت لكائن حي مثل الإنسان أو الحيوان فهي محرمة، وتزداد حرمتها إذا كانت لمخلوق معظم. مثل ملك أو نبي كالمسيح أو العذراء، أو إله من الآلهة الوثنية مثل البقر عند الهندوس، فتزداد الحرمة في مثل ذلك وتتأكد حتى تصبح أحيانًا كفرًا أو قريبًا من الكفر، من استحلها فهو كافر. فالإسلام يحرص على حماية التوحيد، وكل ما له مساس بعقيدة التوحيد يسد الأبواب إليه).
4- هذا بالإضافة إلى أن: في صنع الأصنام علة التشبه بالمشركين وعباد الأوثان، وقد ثبت في السنن عن ابن عمر أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم -قال (من تشبه بقوم فهو منهم) والنهي هنا يتراوح بين الكراهة والتحريم، لاحتمال ان يكون التشبه الوارد في الحديث يتراوح واقعا بين التشبه من جميع الوجوه أو أغلبها أو جميعها ولكل حكمه.
5- وفيها علة منع دخول الملائكة كما سبق، ففي الصحيحين (أن الملائكة لا تدخل بيتاً فيه تصاوير) والنهي هنا قد يكون المراد به الكراهة أيضا إذا لم يكن للعبادة أو قصد التشيه بخلق الله، لاحتمال أن يكون عدم دخول الملائكة في مثل هذا البيت راجعا إلى طبيعتهم المثالية وتنزههم عن ما يكون في شريعتنا من التجاوز عن اللمم والصغائر.
6- وأما ما يجده المسلمون من الأصنام والتماثيل والصور في البلدان التي فتحوها فإن ما كان منها داخلاً في معابدهم التي صولحوا عليها، فتترك بشرط عدم التظاهر بها بين المسلمين
7- وتترك أيضا إذا كان حفظ التماثيل التاريخية في المتاحف من باب الاتعاظ بمصائر المشركين والأمم السابقة عموما وأكثر الأصنام الموجودة في المتاحف المصرية من هذا القبيل. أو أن يكون حفظها لأسباب علمية كالأحفوريات ونستشهد هنا بما جاء بفتوى الشيخ جاد الحق المشار إليها اعلاه في قوله: (
الآثار وسيلة لدراسة التاريخº وإذ كان ذلك وكانت الأمم الموغلة فى القدم كالمصريين القدماء والفرس والرومان، وغير أولئك وهؤلاء ممن ملئوا جنبات الأرض صناعة وعمرانا قد لجئوا إلى تسجيل تاريخهم اجتماعيا وسياسيا وحربيا نقوشا ورسوما ونحتا على الحجارة.....، وكان القرآن الكريم فى كثير من آياته قد لفت نظر الناس إلى السير فى الأرض ودراسة آثار الأمم السابقة والاعتبار....، وكانت الدراسة الجادة لهذا التاريخ لا تكتمل إلا بالاحتفاظ بآثارهم وجمعها واستقرائها..... وما قصة حجر رشيد الذى كان العثور عليه وفك رموزه وطلاسمه فاتحة التعرف علميا على التاريخ القديم لمصر، وما قصة هذا الحجر وقيمته التاريخية والعلمية بخافية على أحد.......
والقرآن الكريم حث على دراسة تاريخ الأمم وتبين الآيات فى هذا الموضع...... و إذ كان كل ذلك
كان حتما الحفاظ على الآثار والاحتفاظ بها سجلا وتاريخا دراسيا، لأن دراسة التاريخ والاعتبار بالسابقين وحوادثهم للأخذ منها بما يوافق قواعد الإسلام والابتعاد عما ينهى عنه، من مأمورات الإسلام الصريحة الواردة فى القرآن الكريم فى آيات كثيرة.............
منها قوله - تعالى -{أفلم يسيروا فى الأرض فتكون لهم قلوب يعقلون بها أو آذان يسمعون بها فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التى فى الصدور} الحج 46،.....، وقوله - سبحانه - {أولم يسيروا فى الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم كانوا أشد منهم قوة وأثاروا الأرض وعمروها أكثر مما عمروها وجاءتهم رسلهم بالبينات فما كان الله ليظلمهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون} الروم 9، وقوله - تعالى -{أولم يسيروا فى الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم وكانوا أشد منهم قوة وما كان الله ليعجزه من شىء فى السموات ولا فى الأرض إنه كان عليما قديرا} فاطر 44،
و لما كان التحفظ على هذه الآثار هو الوسيلة الوحيدة لهذه الدراسة أصبح حفظها وتهيئتها للدارسين أمرا جائزا، إن لم يكن من الواجبات باعتبار أن هذه الوسيلة للفحص والدرس ضرورة من الضروروات..............
......... وبناء على ما سلف لا يحرم الإسلام عرض التماثيل والصور المجسمة بالمتاحف للتاريخ والدراسة ويحرم عرضها على وجه التعظيم، كما يحرم صنعها لهذا الغرض) اهـ.
8- وتترك أو تباح عندما تكون من قبيل لعب الأطفال استدلالا بحديث عائشة وهو في الصحيح فإن الرسول - صلى الله عليه وسلم -لما رأى لعبها سألها: ما هذا الذي أرى وسطهن؟ قالت: فرس، قال: وما هذا الذي عليه؟ قالت: جناحان، وورد فيه أنه من رقاع. - وحديث الربيع بنت معوّذ وهو في الصحيحين وفيه (فكنا نصومه ونصوّم صبياننا، ونجعل لهم اللعبة من العهن) والعهن الصوف- وقد حكى الإجماع على ذلك غير واحد حكى الإجماع النووي وابن العربي وغيرهما، وانظر (عارضة الأحوذي) 7/253، (شرح النووي لصحيح مسلم) 14/91، (مواهب الجليل) 2/552، (حاشية ابن عابدين) 6/647.
ونستشهد هنا بفتوى الشيخ جاد الحق أيضا في قوله: (ولعل مما نسترشد به فى تقرير هذه الضرورة الدراسية والأخذ بها ما نقله أبو عبد الله محمد ابن أحمد النصارى القرطبى فى كتابه الجامع لأحكام القرآن عند تفسيره قول الله - تعالى -فى سورة سبأ {يعملون له ما يشاء من محاريب وتماثيل} سبأ 13، من استثناء لعب البنات المجسمة من تحريم صنع التماثيل º فقد قال فى المسألة الثامنة ما نصه (وقد استثنى من هذا لعب البنات لما ثبت عن عائشة رضى الله عنها أن النبي - صلى الله عليه وسلم - تزوجها وهى بنت سبع سنين، وزفت إليه وهى بنت تسع ولعبها معها ومات عنها وهى بنت ثمان عشرة سنة) وعنها أيضا قالت (كنت ألعب بالبنات عند النبى - صلى الله عليه وسلم - وكان لي صواحب يلعبن معي) فكان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا دخل ينقمعن منه أى يتخفين حياء منه، فيسر بهن أى يرسلهن ويبعثهن إلى ليلعبن معى........ أخرجهما مسلم.....
ثم إنه لا بقاء لذلك، وكذلك ما يصنع من الحلاوة أو من العجين لا بقاء له فرخص في ذلك........... )
9- وننرك أو تباح عندما تكون - كما سلف - من مادة غير قارة كالصوف والحلوى وما شابه لسرعة انقراضه وكما هو في أكثره من لعب الأطفال
10- وتباح أيضا عندما تكون تصويرا ضوئيا لكونه حبسا للضوء لا تصويرا بالمعنى المتبادر من الحديث إذا خلت الصور والرسوم من مظاهر التعظيم ومظنة التكريم والعبادة، وخلت كذلك من دوافع تحريض غريزة الجنس وإشاعة الفحشاء والتحريض على ارتكاب المحرمات -
11- وتباح كذلك إذ تكون رسما غير كامل من ناحية، ولخلوه من التجسيم من ناحية أخرى - إذا خلت الصور والرسوم من مظاهر التعظيم ومظنة التكريم والعبادة، وخلت كذلك من دوافع تحريض غريزة الجنس وإشاعة الفحشاء والتحريض على ارتكاب المحرمات - ونستشهد هنا بفتوى الشيخ جاد الحق أيضا في قوله (بإباحة التصوير الضوئى والرسم الذى تدل عليه الأحاديث النبوية الشريعة التى رواها البخارى وغيره من أصحاب السنن وترددت فى كتب الفقهاء أن التصوير الضوئى للإنسان والحيوان المعروف الآن والرسم كذلك لا بأس به متى كان لأغراض علمية مفيدة للناس، إذا خلت الصور والرسوم من مظاهر التعظيم ومظنة التكريم والعبادة، وخلت كذلك من دوافع تحريض غريزة الجنس وإشاعة الفحشاء والتحريض على ارتكاب المحرمات)....
كما نستشهد في مجموع ما تقدم بفتوى الشيخ عطية صقروفيها توضيح لبعض الجوانب بفوله في فتواه:: (أولا حكم اقتنائها:
(أ) لو كان التمثال نِصفيًّا أو نَقَص منه جزء لو كان التمثال حيًّا لا يعيش بدونه كالرأس أو البطن، جاز اقتناؤه وإن كان ذلك مكروهًا. ونُقِل عن المالكية جواز اتخاذ التمثال التام إذا كان فيه ثَقب في مكان بحيث تمتنع معه الحياة حتى لو كان الثَّقب صغيرًا، واشتَرط الحنفية والحنابلة في هذا الثَّقب أن يكون كبيرًا حتى يجوز اقتناؤه.
(ب) ولو كانت هناك مصلحة في اتخاذ التمثال كلعب البنات أو كوسيلة إيضاح في التعليم جاز ذلك، لأن النبي ـ - صلى الله عليه وسلم - ـ أقَرَّ وجود العرائس عند عائشة كما في الصحيحين. وعلَّل العلماء هذا بأن فيها تمرينًا للبنات على المستقبل الذي يَنتظرهن، وهو استثناء من عموم النهي عن الصور. وتَوسَّع بعض العلماء فأجاز التماثيل التي تُقام لتخليد ذكرى العظماء، وإن كان ذلك مكروهًا في نظرهمº لأنه قد يجُرٌّ إلى عبادتها، كما عُبِدَت تماثيل (ودّ وسُواع ويَغوث ويَعوق ونَسر) وكانت في الأصل لتخليد ذكرى قوم صالحين كما ورد في الحديثº ولأن الأولى في تخليد العظماء أن يكون بالمنشآت المفيدة كالمدارس والمصحّات.
(جـ) ولو كانت التماثيل مصنوعة من نحو حلوى أو عجين فقد أجاز أصبغ بن الفرج المالكي اتخاذها.
وذكر القرطبي جواز ذلك عند تفسير قوله - تعالى -في سورة سبأ (يَعمَلُون لهُ ما يَشَاءُ مِن مَحَارِيبَ وتَماثِيلَ).
ثانيًا: حكم صنعها:
اتفق العلماء على أن صنع هذه التماثيل حرام، وهو من الكبائر إذ قُصِد من عملها العبادة أو التعظيم على وجه يُشعِر بالشرك، وذلك للأحاديث السابقة، أما إذا لم يُقصَد بصنعها، ذلك فيَحرُم إن كانت تامة وليس هناك غرض صحيح {شرعا} من صنعها، وكانت مادتها مما يَطول بقاؤه عادة، وذلك لعموم الأحاديث الواردة في النهي عنه، وقَصَر بعض العلماء الحُرمة على ما قُصِد به مضاهاة خلق الله. وبهذا يُعرَف أن صنع التماثيل الناقصة غير مُحرَّم وكذلك وسائل الإيضاح وتماثيل الحلوى والعجين. ا. هـ....
وما تقدم من أقوال بعض الفقهاء نقلناه عن موقع إسلام أن لاين بتصرف
12- وأما إجازة هذه التماثيل لمحض المصلحة فقد رددنا على ذلك في المقال السابق
13- بعنوان المصلحة والعلمانية والأصنام
وخلاصة ما ذكره الأئمة الفقهاء:
نقول: من الفقهاء من يرى حرمة التماثيل على الإطلاق وذلك لا يكاد يتفق مع تفاصيل ما ورد مما قدمناه
وبخلاف هؤلاء: هناك نقاط اتفق عليها العلماء وأجمعوا على حكمها، وهناك نقاط اختلاف.
وقد أجمع العلماء على أن صناعة التماثيل التي يراد منها مضاهاة الخلق، أويراد بها العبادة والتقديس والتعظيم حرام، ويأثم صانعها وشاريها وعابدها ومقدسها.
كما أنهم اتفقوا على أن التماثيل المصنوعة من باب التدريب والتعليم، أو من باب اللعب والاستئناس للأطفال مباحة شرعا.
ولكنهم اختلفوا فيما سوى هذا، على النحو التالي:
فجمهور الفقهاء على أن التماثيل المشوهة والناقصة لا يمكن الحكم بحرمتها، مادامت غير معبودة، ومادامت وهي في تشوهها ونقصانها لا تتضمن علة مضاهاة خلق الله
أما التماثيل الكاملة، فجمهور الفقهاء على تحريمها لدخولها على الأقل في حكم العلة الثانية للتحريم علة مضاهاة خلق الله
والصور إذا كانت في فراش يمتهن ويجلس عليه ويوطأ، فإن الصور لا تحرم هنا، لأنها مهانة بدليل أن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما أنكر على عائشة تعليق القرام الذي فيه التصاوير، ولما حولته بعد ذلك، وجعلت منه وسادة أو وسادتين ليتكئ عليهما رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أقر ذلك (9)، فدل على أن الصور إذا كانت في شيء يمتهن كالبساط أو الفراش فلا بأس.
***
وأخيرا صدرت الفتوى التي أثارت العلمانيين في مصر: فتوى الأستاذ الدكتور الشيخ علي جمعة مفتي مصر: ونصها كالآتي:: ( نص فتوى مفتي الديار المصرية الدكتور علي جمعة فتوى تحمل الرقم 68 ردا على سؤال من أحد الأشخاص عن حكم وجود التماثيل في المنازل لمجرد الزينة، وردا على سؤال: «هل وجود تماثيل في المنازل لمجرد الزينة حلال أم حرام؟ روى البخاري ومسلم عن مسروق، قال: دخلنا مع عبد الله بن مسعود بيتا فيه تماثيل فقال لتمثال منها تمثال من هذا؟ قالوا تمثال مريم، قال عبد الله: قال رسول الله (- صلى الله عليه وسلم -): «ان أشد الناس عذابا يوم القيامة المصورون» وفي رواية «،،، الذين يصنعون هذه الصور يعذبون يوم القيامة، يقال لهم: أحيوا ما خلقتم»، فهذا النص صريح في أن صنع التماثيل معصية، وعليه فلا يجوز تزيين المنزل بالتماثيل، والله - سبحانه وتعالى - أعلم). نقلناه عن جريدة الرأي العام الكويتية
وهنا غضبت العلمانية غضبة هتلرية ضجت وصرخت واحتقنت وسالت على أقلام رموزها
مما نتعرض له في المقال القادم .
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد