بسم الله الرحمن الرحيم
إلى أي مدى يجوز أن نصدق قول أرييل شارون بأن معاداة اليهود أصبحت ظاهرة متنامية في فرنسا إلى درجة أنه دعا اليهود الفرنسيين للهجرة إلى «وطنهم» \"إسرائيل\"؟ إن شارون صادق في ادعائه لكنه كاذب في تفسير الظاهرة. في فرنسا يبلغ عدد اليهود 700 ألف، وشارون يكذب على العالم عندما يدعي أن «معاداة السامية» أي كراهية اليهود محصورة فقط في أقلية المسلمين الفرنسيين.
فالشواهد المتتالية تثبت أن كراهية اليهود أصبحت ظاهرة أوروبية شعبية بدأت في النمسا وانتقلت منها إلى فرنسا وألمانيا. ولولا إدراك شارون أن الأغلبية المسيحية من الشعوب الأوروبية هي التي تشتد كراهيتها الجماعية لليهود ودولة \"إسرائيل\" لما رأى ضرورة لدعوة اليهود الفرنسيين إلى تدارك مصيرهم قبل فوات الأوان بالهجرة الجماعية إلى \"إسرائيل\".
ولا شك أن القادة الإسرائيليين وزعماء المنظمات اليهودية في أوروبا وغيرها يعلمون أكثر من غيرهم أن تنامي المشاعر الشعبية في البلدان الأوروبية ضد الأقليات اليهودية صارت تتخذ شكلاً خطيراً لارتباطها باعتبارات دينية مسيحية. هناك بالطبع عوامل أخرى بعضها تاريخي والبعض الآخر يتعلق بالماضي.
تاريخياً ظلت الأقليات اليهودية في أوروبا في حالة عزلة اجتماعية فرضت جزئياً عليها أو فرضتها هي على نفسها. فاليهود ظلوا منبوذين من فئات المجتمع الأخرى. ومن ناحية ثانية فإن الأقليات اليهودية نفسها كانت تنأى بنفسها عمداً عن الاختلاط مع الآخرين لكي لا تذوب هويتها الدينية العنصرية.
أما في الماضي فيبدو أن المجتمعات الأوروبية لم تعد تطيق الابتزاز اليهودي للشعوب لمدى عقود منذ نهاية الحرب العالمية الثانية. فبينما تنقرض الأجيال التي تملكتها «عقدة الذنب» تجاه «المحرقة» اليهودية تبرز أجيال جديدة متحررة تماماً من هذه العقدة التي تستغلها المنظمات اليهودية لابقاء الشعوب الأوروبية رهن تعاطف غير مبرر مع \"إسرائيل\".
والآن يبدو أن ما جعل أرييل شارون يستشعر أن هناك خطراً متنامياً في أوروبا ليس فقط ظاهرة العداء السياسي المتعاظم ضد اليهود وإنما أيضاً أن هذا العداء بدأ يتخذ شكلاً دينياً. المؤشرات في هذا الصدد ليست كثيرة لكنها على قلتها تنبئ عن دلائل قوية. ومن أحدث الشواهد ظهور طائفة كنسية جديدة في إسبانيا الكاثوليكية تهدف علنا إلى انتزاع الزعامة الكاثوليكية من البابا والفاتيكان.
والجانب المثير في هذه الدعوة الجديدة هو أن لأصحابها مآخذ على البابا في مقدمتها مصالحته مع اليهود. ووفقاً لتعاليم هذه الكنيسة الجديدة أن «الشيطان يسيطر على الفاتيكان». ويقول زعيم الكنيسة إنه بعد أن يظهر المسيح الدجال سوف يظهر بعده المسيح الحقيقي فيقتل الدجال ليبدأ «عهد جديد».
ومما يستشف من محتويات الكتيب الذي أصدرته هذه الطائفة أن نهاية المسيح الدجال سوف تكون كناية عن نهاية اليهود. ومن الجوانب المثيرة أيضاً في الدعوة أنها تقتبس شيئاً من الإسلام. فالكنيسة الجديدة تشترط على أتباعها من النساء ارتداء الحجاب ليغطي الرأس والعنق والأيدي وأن يكون لباس المرأة «دون الركبة بأربعة أصابع على الأقل».
وفي الصلاة داخل الكنيسة يجري فصل النساء عن الرجال. ولكن ربما الأكثر إثارة يتمثل في أن زعيم هذه الكنيسة أنه «تلقى وحياً» بأن الماسونيين هم الذين يتحكمون في الفاتيكان..علماً بأن الماسونية حركة صهيونية.مثل هذا هو الذي يشعل قشعريرة في أوصال شارون واليهود عامة لأن اتخاذ ظاهرة معاداة اليهود في أوروبا المسيحية توجهاً دينياً ربما ينبئ عن بداية نهاية.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد