حذار.. إسرائيل تستنفر للحرب


 

بسم الله الرحمن الرحيم



كانت علامات الرضا بادية على وجوه النواب الذين يمثلون اليمين المتطرف بعد خروجهم الأسبوع الماضي من جلسة لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست التي شارك فيها رئيس هيئة أركان الجيش الجديد جابي اشكنازي، ممثلو اليمين المتطرف ابتداء من ايفي ايتام، وانتهاء بتسفي هندلº خرجوا عن طورهم وهم يعبرون عن رضاهم لما سمعوه من اشكنازي حول خططه لإعادة قوة الردع لجيش الاحتلال في أعقاب الضربة القاسية التي تلقاها في حرب لبنان الأخيرة، وسائل الإعلام الصهيونية أشارت إلى أن اشكنازي قدم خلال الجلسة أكثر من تلميح إلى نية جيش الاحتلال إلى استدراج كل من سوريا، وحزب الله، وحركة حماس إلى مواجهة مبكرة من أجل تحقيق انتصار ساحق عليهاº على اعتبار أن مثل هذا الانتصار فقط يمكن أن يمحو ما علق في الوعي الجمعي للعرب في أعقاب الحرب الأخيرة كما يقول الجنرال موشيه يعلون رئيس أركان جيش الاحتلال الأسبق، ومن أجل إقناع العرب بأنه لا يمكن إجبار إسرائيل على تقديم تنازلات عن طريق ممارسة القوة ضدها كما يقول عوزي عراد رئيس قسم الأبحاث في جهاز الموساد سابقاً، والذي يرأس حالياً مركز (هرتسليا متعدد الاتجاهات).

جيش الاحتلال لم يعد يحاول إخفاء رغبته في الانتقام لدرجة أن سلوك قيادة هذا الجيش أشعلت الكثير من الأضواء لدى العديد من كبار الكتاب في الصحافة الإسرائيلية، فالكاتب والمعلق المعروف عوزي بنزيمان الذي اشتهر بتغطية الحروب العربية الإسرائيلية يقول: إن شعور قيادة الجيش بالمهانة في أعقاب عدم إحرازها النصر في الحرب الأخيرة يدفعها إلى التفكير في شن مغامرات كثيرة تقود إلى مواجهة مع الأطراف العربية، ويطالب الحكومة الإسرائيلية بلجم هذه القيادة قائلاً: \"كرامة الجيش الإسرائيلي الجريحة تدفعه للانتقام، وعلى القيادة السياسية أن تقوم بلجمه\"، ويضيف قائلاً: \"حرب لبنان الثانية تركت الجيش الإسرائيلي مُهاناً وجريحاً، هو يشعر أنه لم يلب التوقعات، ولديه دافعية قوية لإزالة هذا العار\" على حد تعبيره.

إسرائيل تحاول التغطية على استعداداتها المكثفة للحرب أو الحروب القادمة بالزعم أنها تأتي لمواجهة حرب جديدة قد تشنها سوريا أو حزب الله، المعلقون في إسرائيل يجمعون على أن قيادة جيش الاحتلال هي التي اتخذت قراراً باستدراج سوريا، وحزب الله، وحماس لمواجهات عسكرية، والذي يستند إليه هؤلاء المعلقون في التوصل لهذا الاستنتاج هو حجم المناورات العسكرية الضخمة التي يقوم بها الجيش في كل من هضبة الجولان، وفي صحراء النقب بشكل علني، وفي نفس الوقت يتوجب الافتراض أن هناك الكثير من المناورات والتدريبات تتم في الخفاء بعيداً عن كاميرات وسائل الإعلام، لاسيما في منطقة (تسئليم) في النقب التي توصف عادة بأنها المنطقة التي تقوم الوحدات القتالية الخاصة بالتدريب فيها قبيل شن الحروب والحملات الكبيرة، ودليل آخر على النوايا العدوانية المبيتة نحو الحرب هي خطة العمل الجديدة التي قدمها الجيش للحكومة، وتقوم على الاستعداد للحرب وكأنها ستنشب في الصيف المقبل، ومن ضمن بنود الخطة اللافتة هو زيادة تدريبات سلاح الجو، إلى جانب التوقف عن اقتطاع أيام من خدمة جنود الاحتياط، والشروع في خطة لتدريبهم جميعاً في خلال فترة وجيزةº مع العلم أن 70% من العبء القتالي لجيش الاحتلال يعتمد على قوات الاحتياط.

إلى جانب ذلك قرار الجيش الإسرائيلي بمواصلة العمليات الاستفزازية ضد سوريا، وضمنها خرق الأجواء السورية ليس هذا فحسبº بل وقيام طائرات جيش الاحتلال النفاثة بخرق حاجز الصوت فوق قصر الرئيس السوري بشار الأسد في اللاذقية، والذي طالبت سوريا عبر قنوات سرية بتوقفه.

وفي مظهر من المظاهر التي تؤكد استعداد الدولة العبرية للحرب القادمة، وكأحد الاستخلاصات الهامة من الحرب الأخيرة في لبنانº هو قيام الأجهزة الأمنية والشرطية العبرية مؤخراً بمناورة واسعة النطاق في قلب العديد من المدن الصهيونية للتدريب على سيناريوهات تتعرض خلالها هذه المدن للهجوم في حرب قادمة، المناورات التي شارك فيها الجيش والشرطة والدفاع المدني والإطفائية وغيرها من الأجهزة تُعدّ من أكبر المناورات التي تجرى في الدولة العبرية مؤخراً، فقادة الجيش قبل أن يخوضوا الحرب القادمة يريدون أن يتأكدوا من أنهم قد طبقوا مسبقاً جميع التوصيات التي قدمتها لجان التحقيق التي تشكلت للتحقيق في مسار الحرب الأخيرة، وحسب كل التحقيقات التي أجراها الجيش، وأجرتها لجان التحقيق المستقلة والمتخصصةº فإن الاستنتاج الهام هو حقيقة أن الجبهة الداخلية الصهيونية خلال الحرب تعرضت لتهديدات جدية لم تتعرض لها منذ انتهاء حرب العام 1948م، وهنا يتوجب أن نشير إلى أن المستوى السياسي في إسرائيل الذي قد اكتوى بنتائج الحرب الأخيرة المهينة لن يسارع إلى إشعال فتيل الحرب، والذي يدلل على ذلك خطاب اولمرت في الأسبوع الماضي الذي رمى إلى تبديد الشكوك السورية من أي هجوم إسرائيلي وشيك، ومع ذلك فإنه يتوجب التنويه إلى تأثير المزاج القتالي المتبلور في الجيش الإسرائيلي الذي من شأنه أن يولد قوة تأثير هائلة قد تؤثر على مواقف أولمرت وحكومته.

الذي يشجع قيادة الجيش على المضي في الدفع نحو الحرب هو ضعف الائتلاف الحاكم بقيادة أولمرت، والذي يدرك أنه غير قادر على خوض مواجهة جماهيرية مع قيادة الجيش، والذي يغري قادة الجيش أيضاً هو التقديرات بأنه من الممكن أن تنهار الحكومة الحالية، ويتم تنظيم انتخابات جديدةº تدلل نتائج استطلاعات الرأي العام المتواترة على أن اليمين المتطرف هو الذي سيفوز فيها، الأمر الذي يعني أن البيئة السياسية الداخلية ستساعد الجيش على تنفيذ سيناريو المواجهة العسكرية كما يتم التخطيط لها.

قصارى القول: على الأطراف العربية - وتحديداً سوريا، وحزب الله، وحركة حماس - الاستعداد جيداً للحرب القادمة، وكأنها ستنشب في أي وقت، فإسرائيل لن تعجز عن إيجاد الوسائل الهادفة لاستدراج هذه الأطراف لمثل هذه المواجهة، لكن الاستعداد لهذه المواجهة يتوجب ألا يضطلع به فقط الأطراف العربية المهددة بشكل مباشر بل جميع الدول العربية، صحيح أن أحداً لا يراهن على دور عربي رسمي في مواجهة العدوان الإسرائيلي ضد الدول العربية، لكن بالإمكان أن يكون هناك تحرك دبلوماسي وسياسي لتعرية الموقف الإسرائيلي وفضحه، يتوجب على القادة العرب أن يصححوا قناعة متبلورة لدى الكثير من النخب الحاكمة في إسرائيل ومفادها أنه من مصلحة بعض الدول الهامة في العالم العربي أن تقوم الدولة العبرية بـ\"تأديب\" سوريا وحزب الله وحركة حماسº هذه القناعات عبر عنها أكثر من مسؤول إسرائيلي، من هنا فعلى الأقل يتوجب على القادة العرب الإيضاح بشكل لا يقبل التأويل أنه ليس من مصلحة العالم العربي أن تقوم إسرائيل بالاعتداء على أي من مكوناته.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply