دين النصارى مبني على معاندة العقول والشرائع وتنقص إله العالمين


 

بسم الله الرحمن الرحيم



نقلا عن كتاب إغاثة اللهفان من مصايد الشيطان للشيخ العلامة الرباني ابن قيم الجوزية - رحمه الله - تعالى -.

والمقصود: أن دين الأمة الصليبية بعد أن بعث الله - عز وجل - محمدا - صلى الله عليه وسلم - بل قبله بنحو ثلاثمائة سنة مبني على معاندة العقول والشرائع وتنقص إله العالمين ورميه بالعظائم فكل نصراني لا يأخذ بحظه من هذه البلية فليس بنصراني على الحقيقة. أفليس هو الدين الذي أسسه أصحاب المجامع المتلاعنين على أن الواحد ثلاثة والثلاثة واحد. فيا عجباً كيف رضي العاقل أن يكون هذا مبلغ عقله ومنتهى علمه أفترى لم يكن في هذه الأمة من يرجع إلى عقله وفطرته ويعلم أن هذا عين المحال وإن ضربوا له الأمثال واستخرجوا له الأشباه فلا يذكرون مثالا ولا شبهاً إلا وفيه بيان خطئهم وضلالهم كتشبيه بعضهم اتحاد اللاهوت بالناسوت وامتزاجه به باتحاد النار والحديد وتمثيل غيرهم ذلك باختلاط الماء باللبن وتشبيه آخرين ذلك بامتزاج الغذاء واختلاطه بأعضاء البدن إلى غير ذلك من الأمثال والمقاييس التي تتضمن امتزاج حقيقتين واختلاطهما حتى صارا حقيقة أخرى - تعالى - الله - عز وجل - عن إفكهم وكذبهم.



و لم يقنعهم هذا القول في رب السموات والأرض حتى اتفقوا بأسرهم على أن اليهود أخذوه وساقوه بينهم ذليلا مقهورا وهو يحمل خشبته التي صلبوه عليها واليهود يبصقون في وجهه ويضربونه ثم صلبوه وطعنوه بالحربة حتى مات وتركوه مصلوباً حتى التصق شعره بجلده لما يبس دمه بحرارة الشمس ثم دفن وأقام تحت التراب ثلاثة أيام ثم قام بلا هوتيته من قبره.



هذا قول جميعهم ليس فيهم من ينكر منه شيئا فيا للعقول! كيف كان حال هذا العالم الأعلى والأسفل في هذه الأيام الثلاثة ومن كان يدبر أمر السموات والأرض ومن الذي خلف الرب - سبحانه وتعالى- في هذه المدة ومن الذي كان يمسك السماء أن تقع على الأرض وهو مدفون في قبره. ويا عجبا! هل دفنت الكلمة معه بعد أن قتلت وصلبت أم فارقته وخذلته أحوج ما كان إلى نصرها له كما خذله أبوه وقومه فإن كانت قد فارقته وتجرد منها فليس هو حينئذ المسيح وإنما هو كغيره من آحاد الناس وكيف يصح مفارقتها له بعد أن اتحدت به وما زجت لحمه ودمه وأين ذهب الاتحاد والامتزاج وإن كانت لم تفارقه وقتلت وصلبت ودفنت معه فكيف وصل المخلوق إلى قتل الإله وصلبه ودفنه ويا عجبا! أي قبر يسع إله السموات والأرض هذا هو الملك القدوس السلام المؤمن المهيمن العزيز الجبار المتكبر سبحان الله عما يشركون. الحمد لله ثم الحمد لله - تعالى - الذي هدانا للإسلام وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. يا ذا الجلال والإكرام كما هديتنا للإسلام أسألك أن لا تنزعه عنا حتى تتوفانا على الإسلام.



أعباد المسيح لنا سؤال*** نريد جوابه ممن وعاه:

إذا مات الإله بصنع قوم*** أماتوه فما هذا الإله؟

وهل أرضاه ما نالوه منه*** فبشراهم إذا نالوا رضاه؟

وإن سخط الذي فعلوه فيه *** فقوتهم إذا أوهت قواه؟

وهل بقي الوجود بلا إله سميع*** يستجيب لمن دعاه؟

و هل خلت الطباق السبع لما *** ثوى تحت التراب وقد علاه؟

وهل خلت العوالم من إله *** يدبرها وقد سُمّرَت يداه؟

و كيف تخلت الأملاك عنه *** بنصرهم وقد سمعوا بكاه؟

وكيف أطاقت الخشبات حمل *** الإله الحق شداً على قفاه؟

و كيف دنا الحديد إليه حتى *** يخالطه ويلحقه أذاه؟

وكيف تمكنت أيدي عداه *** وطالت حيث قد صفعوا قفاه؟

وهل عاد المسيح إلى حياة *** أم المحيي له ربك سواه؟

ويا عجبا لقبر ضم رباً *** وأعجب منه بطن قد حواه!

أقام هناك تسعاً من شهور *** لدى الظلمات من حيض غذاه.

وشق الفرج مولوداً صغيراً *** ضعيفاً فاتحاً للثدي فاه.

ويأكل ثم يشرب ثم يأتي *** بلازم ذاك هل هذا إله؟

- تعالى - الله عن إفك النصارى *** سيسأل كلهم عما افتراه

أعباد الصليب لأي معنى **** يعظم أو يقبح من رماه؟

و هل تقضى العقول بغير كسر *** وإحراق له ولمن بغاه؟

إذا ركب الإله عليه كرهاً *** وقد شدت لتسمير يداه

فذاك المركب الملعون حقا *** فدسه لا تلبسه إذ تراه

يهان. عليه رب الخلق طَرا *** وتعبده! فإنك من عداه.

فإن عظمته من أجل أن قد *** حوى رب العباد وقد علاه.

وقد فقد الصليب فإن رأينا *** له شكلا تذكرنا سناه!

فهلا للقبور سجدت طرا *** لضم القبر ربك في حشاه!

فيا عبد المسيح أفق فهذا *** بدايته وهذا منتهاه.



تلاعب الشيطان بدين النصارى:

قد بان لكل ذي عقل أن الشيطان تلاعب بهذه الأمة الضالة كل التلاعب ودعاهم فأجابوه، واستخفهم فأطاعوه فتلاعب بهم في شأن المعبود - سبحانه وتعالى-، وتلاعب بهم في أمر المسيح، وتلاعب بهم في شأن الصليب وعبادته، وتلاعب بهم في تصوير الصور في الكنائس وعبادتها فلا تجد كنيسة من كنائسهم تخلو عن صورة مريم والمسيح وجرجس وبطرس وغيرهم من القديسين عندهم والشهداء. وأكثرهم يسجدون للصور ويدعونها من دون الله - تعالى - حتى لقد كتب بطريق الإسكندرية إلى ملك الروم كتابا يحتج فيه للسجود للصور: بأن الله - تعالى - أمر موسى - عليه السلام - أن يصور في قبة الزمان صورة الساروس وبأن سليمان بن داود لما عمل الهيكل عمل صورة الساروس من ذهب ونصبها داخل الهيكل ثم قال في كتابه: \"وإنما مثال هذا مثال الملك يكتب إلى بعض عماله كتابا فيأخذه العامل ويقبله ويضعه على عينيه ويقوم له لا تعظيما للقرطاس والمداد بل تعظيما للملك كذلك السجود للصور تعظيم لاسم ذلك المصور لا للأصباغ والألوان\". وبهذا المثال بعينه عبدت الأصنام.



و ما ذكره هذا المشرك عن موسى وسليمان - عليهما السلام - لو صح لم يكن فيه دليل على السجود للصور وغايته: أن يكون بمثابة ما يذكر عن داود: أنه نقش خطيئته في كفه كيلا ينساها فأين هذا مما يفعله هؤلاء المشركون: من التذلل والخضوع والسجود بين يدي تلك الصور وإنما المثال المطابق لما يفعله هؤلاء المشركون مثال خادم من خدام الملك دخل على رجل فوثب الرجل من مجلسه وسجد له وعبده وفعل به ما لا يصلح أن يفعل إلا مع الملك. وكل عاقل يستجهله ويستحمقه في فعله إذ قد فعل مع عبد الملك ما كان ينبغي له أن يخص به الملك دون عبيده: من الإكرام والخضوع والتذلل ومعلوم أن هذا إلى مقت الملك له وسقوطه من عينه أقرب منه إلى إكرام له ورفع منزلته. كذلك حال من سجد لمخلوق أو لصورة مخلوق لأنه عمد إلى السجود الذي هو غاية ما يتوصل به العبد إلى رضا الرب ولا يصلح إلا له ففعله لصورة عبد من عبيده وسوى بين الله وبين عبده في ذلك وليس وراء هذا في القبح والظلم شيء ولهذا قال - تعالى -: إن الشرك لظلم عظيم. وقد فطر الله - سبحانه - عباده على استقباح معاملة عبيد الملك وخدمه بالتعظيم والإجلال والخضوع والذل الذي يعامل به الملك فكيف حال من فعل ذلك بأعداء الملك فإن الشيطان عدو الله والمشرك إنما يشرك به لا بولي الله ورسوله بل رسول الله وأولياؤه بريئون ممن أشرك بهم معادون لهم أشد الناس مقتاً لهم فهم في نفس الأمر إنما أشركوا بأعداء الله وسوو بينهم وبين الله في العبادة والتعظيم والسجود والذل ولهذا كان بطلان الشرك وقبحه معلوماً بالفطرة السليمة والعقول الصحيحة والعلم بقبحه أظهر من العلم بقبح سائر القبائح والمقصود: ذكر تلاعب الشيطان بهذه الأمة في أصول دينهم وفروعه كتلاعبه بهم في صيامهم.



فإن أكثر صومهم لا أصل له في شرع المسيح بل هو مختلق مبتدع فمن ذلك: أنهم زادوا جمعة في بدء الصوم الكبير يصومونها لهرقل مخلص بيت المقدس وذلك أن الفرس لما ملكوا بيت المقدس وقتلوا النصارى وهدموا الكنائس أعانهم اليهود على ذلك وكانوا أكثر قتلا وفتكا في النصارى من الفرس. فلما سار هرقل إليه استقبله اليهود بالهدايا وسألوه أن يكتب لهم عهدا ففعل فلما دخل بيت المقدس شكا إليه من فيه من النصارى ما كان اليهود صنعوه بهم. فقال لهم هرقل: وما تريدون مني. قالوا: تقتلهم. قال: كيف أقتلهم وقد كتبت لهم عهدا بالأمان وأنتم تعلمون ما يجب على ناقض العهد. فقالوا له: إنك حين أعطيتهم الأمان لم تدر ما فعلوا من قتل النصارى وهدم الكنائس وقتلهم قربان إلى الله - تعالى - ونحن نتحمل عنك هذا الذنب ونكفره عنك ونسأل المسيح أن لا يؤاخذك به ونجعل لك جمعة كاملة في بدء الصوم نصومها لك ونترك فيها أكل اللحم ما دامت النصرانية ونكتب به إلى جميع الآفاق غفراناً لما سألناك. فأجابهم وقتل من اليهود حول بيت المقدس وجبل الخليل مالا يحصى كثرة. فصيروا أول جمعة من الصوم الذي يترك فيه الملكية أكل اللحم يصومونها لهرقل الملك غفراناً لنقضه العهد وقتل اليهود وكتبوا بذلك إلى الآفاق. وأهل بيت المقدس وأهل مصر يصومونها وبقية أهل الشام والروم يتركون اللحم فيه ويصومون الأربعاء والجمعة. وكذلك لما أرادوا نقل الصوم إلى فصل الربيع المعتدل وتغيير شريعة المسيح زادوا فيه عشرة أيام عوضاً وكفارة لنقلهم له.



ومن ذلك التلاعب: تلاعبه في أعيادهم: فكلها موضوعة مختلقة محدثة بآرائهم واستحسانهم فمن ذلك: عيد ميكائيل وسببه: أنه كان بالإسكندرية صنم وكان جميع من بمصر والإسكندرية يعيدون له عيداً عظيماً ويذبحون له الذبائح فولي بتركة الإسكندرية واحداً منهم، فأراد أن يكسره ويبطل الذبائح فامتنعوا عليه فاحتال عليهم وقال إن هذا الصنم لا ينفع ولا يضر فلو جعلتم هذا العيد لميكائيل ملك الله - تعالى - وجعلتم هذه الذبائح له كان يشفع لكم عند الله وكان خيراً لكم من هذا الصنم. فأجابوه إلى ذلك فكسر الصنم وصيره صلباناً وسمى الكنيسة كنيسة ميكائيل. وسماها فيسارية ثم احترقت الكنيسة وخربت وصيروا العيد والذبائح لميكائيل فنقلهم من كفر إلى كفر ومن شرك إلى شرك. فكانوا في ذلك كمجوسي أسلم فصار رافضيا فدخل الناس عليه يهنئونه فدخل عليه رجل وقال: إنك إنما انتقلت من زاوية من النار إلى زاوية أخرى.



ومن ذلك عيد الصليب وهو مما اختلقوه وابتدعوه فإن ظهور الصليب إنما كان بعد المسيح بزمن كثير وكان الذي أظهره زوراً وكذباً أخبرهم به بعض اليهود أن هذا هو الصليب الذي صلب عليه إلههم وربهم فانظر إلى هذا السند وهذا الخبر. فاتخذوا ذلك الوقت الذي ظهر فيه عيداً وسموه عيد الصليب. ولو أنهم فعلوا كما فعل أشباههم من الرافضة حيث اتخذوا وقت قتل الحسين رضي الله عنه مأتماً وحزناً لكان أقرب إلى العقول.



وكان من حديث الصليب: أنه لما صلب المسيح على زعمهم الكاذب وقتل ودفن رفع من القبر إلى السماء وكان التلاميذ كل يوم يصيرون إلى القبر إلى موضع الصلب ويصلون فقالت اليهود: إن هذا الموضع لا يخفى وسيكون له نبأ وإذا رأى الناس القبر خالياً آمنوا به فطرحوا عليه التراب والزبل حتى صار مزبلة عظيمة فلما كان في أيام قسطنطين الملك جاءت زوجته إلى بيت المقدس تطلب الصليب فجمعت من اليهود والسكان ببيت المقدس وجبل الخليل مائة رجل، واختارت منهم عشرة واختارت من العشرة ثلاثة اسم أحدهم يهوذا فسألتهم أن يدلوها على الموضع فامتنعوا وقالوا: لا علم لنا بالموضع. فطرحتهم في الحبس في جب لا ماء فيه فأقاموا سبعة أيام لا يطعمون ولا يسقون فقال يهوذا لصاحبيه: إن أباه عرفه بالموضع الذي تطلب فصاح الإثنان فأخرجوهما فخبراها بما قال يهوذا فأمرت بضربه بالسياط فأقر وخرج إلى الموضع الذي فيه المقبرة وكان مزبلة عظيمة فصلى وقال: اللهم إن كان في هذا الموضع فاجعله أن يتزلزل ويخرج منه دخان فتزلزل الموضع وخرج منه دخان فأمرت الملكة بكنس الموضع من التراب فظهرت المقبرة وأصابوا ثلاثة صلبان فقالت الملكة: كيف لنا أن نعلم صليب سيدنا المسيح وكان بالقرب منهم عليل شديد العلة قد أيس منه فوضع الصليب الأول عليه ثم الثاني ثم الثالث فقام عند الثالث واستراح من علته فعلمت أنه صليب المسيح فجعلته في غلاف من ذهب وحملته إلى قسطنطين. وكان من ميلاد المسيح إلى ظهور هذا الصليب: ثلاثمائة وثمانية وعشرون سنة. هذا كله نقله سعيد بن بطريق النصراني في تاريخه.



والمقصود: أنه ابتدعوا هذا العيد بنقل علمائهم بعد المسيح بهذه المدة: وبعد فساد هذه الحكاية من بين يهودي ونصراني مع انقطاعها وظهور الكذب فيها لمن له عقل من وجوه كثيرة. ويكفي في كذبها وبيان اختلاقها: أن ذلك الصليب الذي شفي العليل كان أولى أن لا يميت الإله الرب المحيي المميت. ومنها: أنه إذا بقي تحت التراب خشب ثلثمائة وثمانية وعشرون سنة فإنه ينخر ويبلى لدون هذه المدة. فإن قال عباد الصليب: إنه لما مس جسم المسيح حصل له الثبات والقوة والبقاء قيل لهم: فما بال الصليبين الباقيين لم يتفتتا واشتبها به فلعلهم يقولون: لما مست صليبه مسها البقاء والثبات. وجهل القوم وحمقهم أعظم من ذلك والرب - سبحانه - لما تجلى للجبل تدكدك الجبل وساخ في الأرض ولم يثبت لتجليه فكيف تثبت الخشبة لركوبه عليها في تلك الحال؟!! ولقد صدق القائل: إن هذه الأمة عار على بني آدم أن يكونوا منهم. فإن كانت هذه الحكاية صحيحة فما أقربها من حيل اليهود التي تخلصوا بها من الحبس والهلاك. وحيل بني آدم تصل إلى أكثر من ذلك بكثير ولا سيما لما علم اليهود أن ملكة دين النصرانية قاصدة إلى بيت المقدس وأنها تعاقبهم حتى يدلوها على موضع القتل والصلب. وعلموا أنهم إن لم يفعلوا لم يتخلصوا من عقوبتها.



و منها: أن عباد الصليب يقولون: إن المسيح لما قتل غار دمه ولو وقع منه قطرة على الأرض ليبست ولم تنبت فيا عجباً! كيف يحيى الميت ويبرأ العليل بالخشبة التي شهر عليها وصلب؟! أهذا كله من بركتها وفرحها به وهو مشدود عليه يبكي ويستغيث!! ولقد كان الأليق أن يتفتت الصليب ويضمحل لهيبة من صلب عليه وعظمته ولخسفت الأرض بالحاضرين عند صلبه والمتمالئين عليه، بل تتفطر السموات وتنشق الأرض وتخر الجبال هدّا.



ثم يقال لعباد الصليب: لا يخلو أن يكون المصلوب الناسوت وحده أو مع اللاهوت فإن كان المصلوب هو الناسوت وحده فقد فارقته الكلمة وبطل اتحادها به وكان المصلوب جسداً من الأجساد ليس بإله ولا فيه شىء من الإلهية والربوبية ألبتة وإن قلتم: إن الصلب وقع على اللاهوت والناسوت معاً فقد أقررتم بصلب الإله وقتله وموته وقدرة الخلق على أذاه وهذا أبطل الباطل وأمحل المحال فبطل تعلقكم بالصليب من كل وجه عقلا وشرعاً.



و أما تلاعبه بهم في صلاتهم فمن وجوه:

أحدها: صلاة كثير منهم بالنجاسة والجنابة. والمسيح برىء من هذه الصلاة، وسبحان الله أن يتقرب إليه بمثل هذه الصلاة فقدره أعلى وشأنه أجل من ذلك. ومنها: صلاتهم إلى مشرق الشمس وهم يعلمون أن المسيح لم يصل إلى المشرق أصلا وإنما كان يصلي إلى قبلة بيت المقدس. ومنها: تصليبهم على وجوههم عند الدخول في الصلاة. والمسيح برىء من ذلك. فصلاة مفتاحها النجاسة وتحريمها التصليب على الوجه وقبلتها الشرق وشعارها الشرك كيف يخفى على العاقل أنها لا تأتي بها شريعة من الشرائع ألبتة.



و لما علمت الرهبان والمطارنة والأساقفة: إن مثل هذا الدين تنفر عنه العقول أعظم نفرة شدوه بالحيل والصور في الحيطان بالذهب واللازورد والزنجفر وبالأرغل وبالأعياد المحدثة ونحو ذلك مما يروج على السفهاء وضعفاء العقول والبصائر. وساعدهم ما عليه اليهود من القسوة والغلظة والمكر والكذب والبهت وما عليه كثير من المسلمين (المقصود الصوفية والرافضة ممن يدعي الإسلام) من الظلم والفواحش والفجور والبدعة والغلو في المخلوق حتى يتخذه إلاهً من دون الله. واعتقاد كثير من الجهال أن هؤلاء من خواص المسلمين وصالحيهم فتركب من هذا وأمثاله تمسك القوم بما هم فيه ورؤيتهم أنه خير من كثير مما عليه المنتسبون إلى الإسلام من البدع والفجور والشرك والفواحش.



و لهذا لما رأى النصارى الصحابة وما هم عليه آمن أكثرهم اختياراً وطوعاً وقالو: ما الذين صحبوا المسيح بأفضل من هؤلاء. ولقد دعونا نحن وغيرنا كثيراً من أهل الكتاب إلى الإسلام فأخبروا أن المانع لهم ما يرون عليه المنتسبين إلى الإسلام ممن يعظمهم الجهال: من البدع والظلم والفجور والمكر والاحتيال ونسبة ذلك إلى الشرع ولمن جاء به، فساء ظنهم بالشرع وبمن جاء به. فالله طليب قطاع طريق الله وحسيبهم فهذه إشارة يسيرة جداً إلى تلاعب الشيطان بعباد الصليب تدل على ما بعدها والله الهادي الموفق.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply