بسم الله الرحمن الرحيم
إنه بولس الرسول، كان معاصراً للمسيح - عليه السلام -، وهو أكبر المبشرين بالمسيحية، وكان أثره في الديانة المسيحية هائلاً، أهم وأعظم من كل كتابها ومفكريها.
وبولس يسمونه شاؤول أيضاً، ولد في مدينة طرسوس بتركيا القديمة، وعلى الرغم من أنه روماني الجنسية فإنه يهودي الديانة، وقد درس اللغة العبرية في شبابه، وتلقى علومه في القدس، وكان يتاجر في الخيام، وعندما ذهب إلى القدس تتلمذ على يد الحاخام الشهير جماليل، وعلى الرغم من أن القديس بولس قد زار القدس في زمن المسيح - عليه السلام - فإنه لم يلتق به.
وبعد وفاة السيد المسيح كان أتباعه يلقون التعذيب الشديد بتهمة الكفر.
وقد ساهم القديس بولس نفسه في اتهام المسيح بالزندقة، ولكن في رحلة للقديس بولس إلى دمشق رأي السيد المسيح في نومه، وبعدهـا تحول إلى المسيحية وكانت نقطة تحول في حياته، وتاريخه وفي تاريخ المسيحية نفسها، فالرجل الذي كان عدواً للمسيحية أصبح من أئمة دعاتها وأعظم أعمدتها!.
ومن ذلك الحين أمضى القديس بولس حياته كلها يكتب عن المسيحية ويدعو لها..فدخلها الكثيرون.. وقد سافر كثيراً يدعو ويبشر ويقنع الناس بالإيمـان. فسافر إلى تركيا القديمة وبلاد الإغريق وسـوريا وفلسطين، ولم يكن القديس بولس واعظاً موفقاً عندما كان يتحدث إلى اليهود، فكثيراً ما تعرضت حياته للخطر، ولكنه نجح في تبشيره بالمسيحية بين غير اليهود. حتى وصفوه بأنه داعية الأمميـين أي غير اليهود، ولم يستطع أحد أن يقوم بمثل هذا الدور من قبله أو من بعده.
وترجع عظمة القديس بولس إلى تبشيره بالديانة المسيحية، وإلى ما كتبه عنها، وإلى تطويره لأصول الشريعة المسيحية. فمن بين السبعة والعشرين سفراً من كتاب \" العهد الجديد \" نجد أن القديس بولس قد ألف أربعة عشر سفراً.
ومن أهم أفكاره: أن يسوع المسيح لم يكن فقط نبياً بشراً، بل كان إلهاً حقاً، وأنه مات من أجـل التكفير عن خطـايا البشر. وأن الإنسـان لا يستطيع أن يحقق هذا الخلاص من الخطايا بالإيمان بالكتب المقدسة فقط، وإنمـا بالإيمان بيسوع، وإذا آمن الإنسان بيسوع المسيح فسوف تغفر خطاياه، وهو أيضاً الذي أوضح فكرة الخطيئة الأولى.
والقديس بولس أعلن أنه لا داعي للتمسك بكثير من الشعائر اليهودية في الطعـام والطهارة، ولا التمسك بتعاليم موسى - عليه السلام -، لأن تطبيق هذه الشعائر ليس كافياً لخلاص الإنسان، وإنما الإيمان الحق هو الذي يحقق للإنسان خلاص روحه وجسده.
والقديس بولس لم يتزوج، بل لم يقـرب امرأة، وكان له رأي في المرأة والجنس والزواج، وهـذا الرأي قد ترك أثراً عميـقاً في الفكر الأوروبي، يقول في رسالته الأولى إلى أهل كورنثوس: أقول لغـير المتزوجين وللأرامل إنه خير له أن يبقوا مثلي، ولكن إذا لم يستطيعوا أن يضبطوا أنفسهم فليتزوجوا، لأن الزواج أصلح. وأما المتزوجون فأوصيهم بألا تفارق المرأة رجلها، وإن فارقته فلتبق بغير زواج، أو لتصالح زوجها، ولا يترك الرجل امرأته.
ويقول القديس بولس في رسـالته إلى تيوثاوس: إن على المرأة أن تتعلم في سكون وخضوع، ولا أسمح لها أن تتسلط على الرجل، فآدم قد خلقه الله قبل حواء.
والقديس بولس إنما يردد أفكارًا كانت شائعة في زمانه، ولكن السيد المسيح لم يكن يبشر بشيء من هذا الذي قاله بولس الرسول.
وبولس الرسول هذا هو المسؤول عن تحويل الديانة المسيحية من مجرد طائفة يهودية إلى ديانة كبرى، وهو المسؤول الأول عن (تأليه) المسيح، بل إن بعض فلاسفة المسيحية يرون أنه هو الذي أقـام المسيحية وليس المسيح. ولكن ما كان يمكن أن يكون لبولس هذا القدر العظيم لولا المسيح نفسه.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد