نظرة في: \ ..الليبرالية.. \ من الداخل (1 )



بسم الله الرحمن الرحيم

 



مقدمة:

لم يكن هذا البحث إلا أثرا عن قناعة بخطر الفكرة \"الليبرالية\" على مجتمعنا الشرقي، بعد أن تفاقمت سلبياتها على المجتمعات الغربية، وهبت رياحها علينا - منذ أمد ليس بالقصير - فأصابنا منها ما أصابنا، لكن لم يكن بالقدر الذي أصابهم، ربما لاختلاف النفسية الشرقية عن أختها الغربية.



ومن العجيب أن نرى دعاة لهذه الفكرة بيننا، يفتخرون بها، ويتسمون بها، ويجاهرون بتقدمها، وصلاحها لعلاج كافة السلبيات المتراكبة المتراكمة في النواحي: الفكرية، والاجتماعية، والاقتصادية، والسياسية..



وينادون أن الحل في \"الليبرالية، دون متابعة لما يجري في الغرب، مصدر الليبرالية، من معارضة وانتقاد لهذا النهج، بعد ظهور سلبياته المدمرة، المغلفة بالشعارات الجميلة والمكاسب الظاهرة.



ويدور في الذهن سؤال:

- هل أولئك الذين ينادون بالليبرالية، ممن يعيش في بلاد إسلامية، يدركون مفهوم \"الليبرالية\"، كما قرر له ووضع، أم أن لهم مفهوما يختلف عن ذلك؟..



إن مفهوم الليبرالية، كما وضع له في الغرب، يصطدم بالدين الإسلامي، بل كافة الشرائع، في أصول لايستهان بها، كاستبدال الحكم الإلهي بالحكم البشري، فيما يسمى بالديمقراطية، وكذا الحرية المطلقة في الاعتقادات، بالتغيير والتبديل، وغير ذلك..



فكيف يستقيم لمن يفهم هذه الحقائق عن \"الليبرالية\" أن يدعو لها، ويزعم صلاحها، وهي معارضة تماما للإسلام.. إذا كان مسلما؟!!.



أما إن كان له مفهوم خاص عن \"الليبرالية\"، لا يتعارض مع الأصول الشرعية، فالحق أن هذا ليس هو\"الليبرالية\"، بل هو شيء آخر، ومثل على ذلك:



في المغرب أسس: \"الحزب المغربي الليبرالي\"، وفي إطار التحضير لتأسيس الحزب، وبدعوة من جريدة \"الصدى\"، ألقى المؤسس محمد زيان يوم الأحد 21/1/2001 عرضا حول أسس الحزب، ومنها:

- \"منع المنع\" الذي يعني الحرية الكاملة، في العمل والمبادرة، والتي لاتقف إلا عند حدود القانون.

- منع الامتيازات التي تتنافى مع مبدأ مساواة المواطنين، وتكافؤ الفرص أمام الجميع.



بعد ذلك أضاف شرطا فحواه:

- إذا ثبت بآية صريحة أو حديث صحيح أن هناك تعارضا بين هذه الليبرالية ومباديء العقيدة، عطلنا العمل بهذه الليبرالية، وضحينا بها، من أجل ما تفرضه مبادئ الإسلام.



كان هذا الشرط فاسخا، حسب وصف: محمد بودهان، الذي قال:

\" وبقراءة فاحصة ومحللة لكلام الأستاذ زيان، سنستنتج بسهولة أن كلامه عن الليبرالية والحزب الليبرالي مملوء بمفارقات لاتطاق، مفارقات قاتلة، تثبت ما يريد نفيه، وتنفي ما يسعى إلى إثباته، لنشرح ذلك:

لقد أكد أن الليبرالية تقوم على مبدأ منع المنع، أي على الحرية التي ينظمها القانون، وليس الأهواء والأمزجة الشخصية للحاكمين ورجال السلطة، لكن الأستاذ زيان يخرق هو نفسه هذا المبدأ في الفلسفة الليبرالية، عندما يشترط في هذه الأخيرة، أن لا تكون في تعارض مع العقيدة الإسلامية، أي يمنع عن الليبرالية أن تكون غير إسلامية، في حين أن من مبادئ الليبرالية:

أنها لاتمنع أي دين، ولاتدعو إلى أية عقيدة..

إذ عقيدتها الوحيدة هو الحياد تجاه كل العقائد، أي العلمانية، التي هي النتيجة المنطقية والعملية لمبدأ: منع المنع.



ويكفي للتدليل على ذلك أن نشير إلى أنه لاتوجد في العالم أية دولة ليبرالية وديموقراطية حقيقية دون أن تكون علمانية، فالمبدأ الفلسفي العام الذي يحكم الليبرالية إذن هو العلمانية، فلا يمكن تصور فلسفة علمانية يكون من مبادئها الولاء لهذا الدين أو ذاك، أو الدفاع عن هذه العقيدة أو تلك\".



وهكذا فإن \"الليبرالية\" ذات أسس وقواعد وأفكار محددة سلفا، فأي خرق لتلك الأمور نفي وإلغاء لما يقوم عليها، وهذا أمر ينبغي على كل من يدعو إلى فكرة ما مثل \"الليبرالية، أن يفهمها بوضوح، كيلا يقع في مغالطة صريحة، فيلبس فكرة غير لباسها الملائم، ليعري في الحين ذاته عقيدة ومبدأ من لباسه.



والفكرة في أول نظرة إليها، يتكون لها في الذهن تعريف مجمل غير دقيق، قد يصيب بعض حقيقتها، لكن بالتأكيد لن يكون ضابطا محددا جامعا دقيقا، إلا بالبحث والنظر والاستقصاء..



ونحن ندعو كل من أعجبته فكرة ما، أو أراد، أو اعتنق فكر ما، أن يبادر قبل ذلك إلى دراستها حتى يكون على بينة من أمرها، كيلا يأسف يوما على ضياع وقت أو هدف، لأجل خطأ في الاختيار..



ومساهمة في حل هذه المشكلة:

[مشكلة الاختيار الصحيح، والتعرف الدقيق على فكرة ما..]

نقدم هذا البحث الموجز حول \"الليبرالية، وفقراته العامة ما يلي:

- ظروف تكوّن الليبرالية.

- حقيقة الليبرالية.

- الليبرالية من الداخل.

وتحت كل فقرة من هذا الفقرات نقاط، تكشف عما فيها، مما يبينها ويوضحها.. والله المعين.



----------------------------------------



- ((.. ظروف تكوّن \"الليبرالية\":..))

الليبرالية فكرة إنسانية أوربية الولادة والمنشأ..

ونعني بـ\"الإنسانية\" أن الإنسان محورها، فمن أجله صدرت الفكرة وقررت وأسست وقعدت، أي لأجل منافعه وكرامته، ورفع معاناته من ذوي السلطة الدينية والدنيوية.



- \"رسالة الليبرالية: حماية الفرد والدفاع عن سيادته وصيانة كرامته، فإذا ضاعت حقوق الفرد، ضاعت الليبرالية\".



ونشأتها في أوربا خاصة دون غيرها يفرض دراسة الظروف التي عنها ظهرت وتكونت الفكرة، ولعل في بيان كونها إنسانية المذهب إشارة إلى واقع تلك الظروف..



إن مضمون الفكرة التمرد والرفض لكل أشكال السلطة الخارجية المانعة، من تحقيق الاستقلال الذاتي الفردي، وفي المفهوم الفيزيائي أن:



[لكل فعل رد فعل، مساوٍ, له في المقدار، مضاد له في الاتجاه].



لكن والتجارب تشير إلى ذلك - ربما يكون رد الفعل أكبر في المقدار من الفعل الأصل، ذلك أن الفعل إذا كان ضد الفطرة والعقل، فإن الفعل المضاد يكون عنيفا مدمرا، خاصة إذا جاء بعد تراكم طويل للأفعال المضادة للفطرة والعقل، وهو أشبه بالسيل المندفع بقوة، إذا اجتمع وراء سد ضعيف.



وهكذا نشأت الليبرالية في أوربا.. رد فعل عنيف مدمر على انتهاك بيّن لقيمة الإنسان باسم الدين والإقطاع والملكية، هذا الثالوث الذي حطم كرامة الإنسان الغربي، فلم يبق فيه مساحة لأدنى حرية.



نتبين ذلك من خلال هذه اللمحة الموجزة عن تاريخ أوربا حتى ظهور وتكوّن \"الليبرالية\":



-----

- أوربا تعتنق النصرانية:

اعتنقت أوربا النصرانية (عام 325م) بعد مجمع نيقية، بأمر من الإمبراطور قسطنطين، ولم تعتنق دين المسيح عيسى - عليه السلام -، بل دين اليهودي بولص (= شاؤول)، الذي دخل في النصرانية بعد وفاة المسيح، فأدخل فيها الوثنية، وكانت أوربا قبل ذلك تحت الحضارة الرومانية الجاهلية، فلم تنتفع من الدين الجديد بشيء، بل انتقلت من وثنية إلى وثنية، لكن الوثنية الجديدة كانت كارثة كبرى على أوربا، حيث حطمت حضارتها، وابتدأت بها عصورها الوسطي المظلمة، التي امتدت من عام 410م (تاريخ سقوط روما بأيدي البرابرة) إلى عام 1210م (تاريخ ظهور أول ترجمة لكتب أرسطو في أوربا)..



ثمانية قرون من التيه، اصطلح المؤرخون الغربيون على تسميتها بالعصور المظلمة، حيث الانحطاط الكامل في كافة الفنون والعلوم، وكل ذلك تزامن مع انتشار النصرانية في أوربا، وانتقال العاصمة من روما إلى القسطنطينية بعد الاجتياح البربري..



فهما حدثان:

- اعتناق أوربا للنصرانية.

- الاجتياح البربري لروما وانتقال العاصمة إلى القسطنطينية، وما تلاه من انهيار الحضارة.



ربط بينهما بعض المؤخرين، مثل إدوراد جيبون أكبر مؤرخي تلك الفترة، وحكم بأن سبب انهيار الإمبراطورية الغربية: تحولها من الوثنية إلى النصرانية..



ومن هنا ارتبطت الوثنية بالحضارة والقوة، والدين بالهزيمة والانحطاط في الذهنية الأوربية، منذ فترة مبكرة، وهو ما كان له آثار بعيدة المدى في علاقة أوربا بالدين.



فالربط بين انهيار الحضارة الرومانية بتحول أوربا إلى النصرانية، والممارسة الكنسية الدكاتورية، حمل الأوربي على التشاؤم والنفور من الدين جملة، وكان له الحق في ذلك..



وقد كان من الممكن أن يكون الإسلام هو الدين البديل الصحيح، المصحح للذهنية الأوربية كثيرا من الأفكار السلبية التي علقت بها تجاه الدين، لولا أن البابوات أججوا العنصرية والكراهية تجاه الإسلام بوصفه بأبشع النعوت، وحملوا الشعوب على الخروج لقتال المسلمين فيما عرف بالحملات الصليبية، وهي وإن كانت لها الأثر الكبير في ترسيخ النفور من الإسلام، إلا أنها كذلك كانت نقطة تحول كبير في التاريخ الأوربي..



لقد كانت الحروب الصليبية بالنسبة لأوربا كشف غطاء عن ناحية مستورة لم تدرك يوما وجودها، من القيم والكرامة والحضارة، ففتحت عينيها بعد طول غمض على واقع جميل، لم تحلم به يوما، وهي تعيش تحت سلطة: البابوات، والإقطاعيين، والملوك.



عندما يعيش الإنسان حياة لايرى فيها إلا وجها واحدا، سيظل لايرى إلا ذلك الوجه، وهو يظن أنه الأمثل، ولن يتطلع ولن يبحث في الآفاق وفي الأنفس، جهلا بما وراء ذلك، بما ضرب عليه من الحدود والأسوار..



لكن الاحتكاك سنة البشر، وبه تشرق الأوجه الأخرى، وفي حال أوربا فإن احتكاكها بالمسلمين بدأ بالحروب التي ابتدأتها، وبها اطلعت على أوجه جديد للحياة الإنسانية المشرقة، لم تعهدها من قبل، وأحست بالظلم والاستخفاف الذي أركست فيه، وكان محور القضية \"الإنسان\" من حيث كرامته وحريته، التي تحفظ عقله، ونفسه، وماله، وعرضه، والحرية نزعة إنسانية مترسخة، لايتردد الإنسان في بذل كل شيء لأجلها، والذي يغري بها، ويحرك النفس إليها، سماع أخبارها، لكن من يعاينها ويعايشها يكون أشد تحركا لتحصيلها، وهذا بالضبط ما كان من شعوب الغرب بعد احتكاكها بالشعوب الإسلامية..



- لقد رأت أوربا عظم مدن الإسلام، فأصغر مدينة كانت تبلغ عشرة أضعاف العاصمة روما.

- وأوربا التي لم تعرف قرونا كتابا إلا الإنجيل، ولا قارئا إلا القسيس، تذهل للمكتبات الهائلة في مدن الإسلام، وهي تحوي كل الفنون، من الفلك إلى الأدب.

- وفي الوقت الذي كان فيه الأوربي لايستطيع القيام بصلاته إلا من خلال القسيس، يرى المسلم يعبد ربه بلا واسطة، في بيوت كثيرة.

- والشعب الأوربي الذي جله يعيش العبودية، يجد المسلمين أحرارا، يفعلون ما شاءوا.

- وبينما كانت الكنيسة تحرق وتعذب العلماء، كان لعلماء المسلمين المنزلة والقدر الكبير.

- وقد رأوا كيف يتعامل المسلمون بالعهود والمواثيق في السلم والحرب، عكس ما كانوا عليه.

- وفي الوقت الذي كان الأوربي يعتقد أن القيصر من نسل الآلهة، وأن الله أعطاه حقا مطلقا في الحكم، يرى المسلمين وسلاطينهم تارة من العرب، وتارة من الترك، وهم بشر كسائر البشر.

- وبينما كان الغرب منغلقين، لايعرفون إلا أوربا، كان المسلمون يجوبون الأرض شرقا وغربا، حتى إنهم اكتشفوا أجزاء من شمال أوربا قبل أن تعرفها أوربا، هذا عدى العالم الشرقي برا وبحرا.

- أوربا التي كانت تتداوى بمركبات من الروث والبول وأشلاء الحشرات الميتة، تفاجأ بالعالم الإسلامي زاخرا بالمستشفيات والمعامل القائمة على المنهج التجريبي، والموسوعات الطبية.



لقد كان الاحتكاك نقطة التصحيح والانطلاق من الأغلال، لكن هذا التحرر لم يحدث بين يوم وليلة، بل امتد قرونا، كان التحرر فيها يسير ببطء، لكن بإصرار، يظهر ذلك في محاولات العلماء كسر طوق الكنيسة حول المسائل العلمية، وتحملهم لأجل ذلك التعذيب والقتل والتحريق، وكذا الحركات الإصلاحية، مثل حركة مارتن لوثر وكالفن..



لقد بلغ إعجاب أوربا بالحضارة الإسلامية أن الإمبراطوا فرديدرك الثاني، وهو من أكبر أباطرة القرون الوسطى كان يتحدث العربية، وكان بلاطه عربي العلم واللسان، وحينما قابل الملك الكامل الأيوبي للصلح لم يحتج إلى مترجم، ولهذا اتهمته الكنيسة بالإسلام، وسمته الزنديق الأعظم.



وظهرت في أوربا حركة تحطيم الصور والتماثيل في أوائل القرن الثامن الميلادي (= القرن الأول/ الثاني الهجري) وممن أصدر مرسوما بذلك الإمبراطور\"ليو الثالث\"، إلى أن عادت إلى الوثنية والتصوير مرة أخرى بأمر الإمبراطورة \"إيريني\" بعد مجمع نيقية الثاني 787م.



وكان نقد الغرب لمنطق أرسطو واتخاذهم المنهج التجريبي بدلا من الفكري المجرد، تقليدا للمسلمين الذين رفضوا هذا العلم الإغريقي قبلهم بقرون..



ثم إن هذا التمرد الأوربي ما زال يكبر ويعظم، حتى كانت الثورة الفرنسية 1789م البداية الفعلية لجني الثمرة، وتحقيق الحرية حسب المفهوم والقواعد التي وضعت لها على يد المفكرين الغربيين.

-----

\"ورغم أن الليبرالية هي ظاهرة حديثة نسبيا، فإن بعض تباشيرها تظهر عند:

- ديمقراطي أثينا في القرن الخامس قبل الميلاد.

- وعند الرواقيين.

- وفي المراحل الأولى من المسيحية.

- ثم في حركة الإصلاح البروتستانية:

- ففي خطبة بركليس (495-429ق. م) الشهيرة، التي أبّن فيها قتلى أثينا، الذين سقطوا في بداية الحرب ضد أسبرطه، صياغة بليغة لمبدأ مساواة جميع المواطنين أمام القانون، كما أن فيها تعبيرا واضحا عن أهمية الفرد ومسؤوليته السياسية.

- كذلك فإن بروثاغوراس (485-399 ق. م) جعل الفرد مقياس كل شيء، وشارك ديموقريطس (460-370 ق. م) قناعته بأن القوانين والمؤسسات هي من صنع الإنسان، وأن الإنسان بالتالي، مسئول عنها.

- ويبقى سقراط (470-399 ق. م) في حياته وتعاليمه نموذجا فذا للإيمان بقدرة العقل وأهميته، ولضرورة إخضاع معتقداتنا للنقد والتدقيق، في جو من الحرية والانفتاح..

- الظاهرة التي نحاول إبرازها والتي اتضحت معالمها في القرن الخامس قبل المسيح، هي خروج بعض المجتمعات اليونانية، خصوصا أثينا، من إطار المجتمعات القبلية المنغلقة، هذا الخروج الذي كاد أن يتخذ طابع الثورة، من خلال: التشديد على أهمية الفرد، والحريات العامة.

- أما الخطوة التالية على طريق الانعتاق من عقلية المجتمع القبلي المنغلق، فقد حققها الرواقييون من خلال قولهم بمبدأ: وحدة طبيعة الإنسان، ومشاركة جميع البشر فيهاº وهذا الإنجاز مهم جدا، خصوصا أن اليونان ظلوا إقليمي النظرة، حتى في أوج حضارتهم، وفي ظل الحكم الديمقراطي، كما أن الرواقيين ركزوا على أهمية حيّز في الذات الإنسانية، لا تستطيع أن تنفذ إليه سلطة المجتمع أو أي شكل آخر من أشكال السلطة، ومتى اكتشف هذا الفرد هذا الحيز، أصبح بإمكانه أن يتمتع بقدر من السيادة والحرية، لايتأثر بتقلبات الزمان أو بأهواء البشر.

- وقد ساعد على هذا المفهوم الرواقي للحرية، المرتكز على ذاتية الفرد وخصوصيته، على انتشار المسيحية، لاسيما أن المسيحية ركزت على مبدأ المسئولية الشخصية، وأبرزت دور الضمير في تقرير أخلاقية تصرف الفرد، أو عدم أخلاقيته.

- غير أن دور الفرد في القرون الوسطى أصبح ثانويا نتيجة السيطرة الكاملة التي مارستها الكنيسة الكاثوليكية على المجتمعات الأوربية برمتها، ومن هنا أهمية الدور الذي أدته حركات الإصلاح البروتستانتية ابتداء من القرن السادس عشر، ذلك أن الفرد، لا الكنسية وسلطاتها الإكليركية، بات هو المرجع في تفسير الكتاب المقدس، ومن ثم في إقرار نمط الحياة، وقد كان لهذه العودة إلى التركيز على الفرد أثر هام في نشوء الليبرالية بمعناه الحديث\".



---------------------------------------



حقيقة \"الليبرالية\".

الليبرالية (LIBERALISME)كلمة ليست عربية، وترجمتها الحرية، جاء في الموسوعة الميسرة:



\"الليبرالية: مذهب رأسمالي ينادي بالحرية المطلقة في الميدانين الاقتصادي والسياسي\".

ولها تعريفات مرتكزها: الاستقلاليةº ومعناها: التحرر التام من كل أنواع الإكراه الخارجي: دولة، جماعة، فرداº ثم التصرف وفق ما يمليه قانون النفس ورغباتها، والانطلاقة والانفلات نحو الحريات بكل صورها:



مادية، سياسية، نفسية، ميتافيزيقية (= عقدية).



جاء في موسوعة لالاند الفلسفية تحت مادة (LIBERALISME):



- \"المعنى الفلسفي الحق للحرية هو: الانفلات المطلق، لابغياب النزوع، بل بالترفع فوق كل نزوع وكل طبيعة. (ج. لاشلييه)\".



- \"بمعنى عام، يمكن تعريف الحرية بأنها الاستقلال عن العلل الخارجية، فتكون أجناس هذا النوع هي:

الحرية المادية، الحرية المدنية أو السياسية، الحرية النفسية، الحرية الميتافيزيقية.. (هاليفي)\".



- \"احترام استقلال الآخرº تسامحº ثقة في الآثار الحميدة للحرية\".



وقد عرفها جان جاك روسو، فقال:



- \"الحرية الحقة (الحرية الخُلقية كما يسميها) هي أن نطيع القوانين التي اشترعناها نحن لأنفسنا\".



فهي بحسب هذا المفهوم - عملية انكفاء على الداخل(= النفس)، وعملية انفتاح تجاه القوانين التي تشرعها النفس، فالانكفاء على الداخل تمرد وهروب من كل ما هو خارجي، والانفتاح طاعة القوانين التي تشرعها النفس من الداخل، ولذا وصفها روسو بقوله: \"أن نطيع القوانين التي اشترعناها نحن لأنفسنا\"، اشترعناها نحن، لا غيرنا، ووصفها لاشلييه بقوله: (الانفلات المطلق).



ويمكن أن تمثل بالمعادلة التالية:

[انكفاء على النفس (= استقلالية) + انفتاح على قوانين النفس (= انفلات مطلق)= الليبرالية]



وكما هو ملاحظ، فالتعريف موضوعه الإنسان، دون غيره، من حيث التركيز على أهميته، بجعله محور الحياة، مما يوجب مراعاته إلى أقصى درجة، ورفع كل العوائق التي تقف أمام طموحاته، جاء في الموسوعة الفلسفية العربية تحت مادة (الليبرالية) ما يلي:



- \"جوهر الليبرالية التركيز على أهمية الفرد، وضرورة تحرره من كل أنواع السيطرة والاستبداد\".

- \"الليبرالي يصبو على نحو خاص إلى التحرر من التسلط بنوعيه: تسلط الدولة(الاستبداد السياسي)، وتسلط الجماعة(الاستبداد الاجتماعي)\".



ويمكن إدخال الإنسان (= الفرد)، الذي هو موضوع الفكرة، في المعادلة لتكون كما يلي:

[التركيز على أهمية الفرد + التحرر من كل سلطة خارجية = جوهر الليبرالية]



بيد أن طائفة من المفكرين الغربيين ترى أن حقيقة الليبرالية لابد من احتوائها مفهومين أساسين، لا تكتمل الفكرة الليبرالية إلا بهما:

الأول: المفهوم السلبي، وهو: غياب الإكراه (= الاستقلالية).

الثاني: المفهوم الإيجابي، وهو: إمكان قوة العمل العقلي (= التخلص من الشهوات).



فالحرية عند (م. برنيس) تتضمن أمرين:

- \" 1) معان سلبية أساساً: غياب الإكراه(غياب إكراه الفرد: أولاً: بتأثير ماديº ثانيا: بتأثير أخلاقيº ثالثا: خصوصا بتأثير زمرة اجتماعية متشكلة سياسيا)، في كل الحالات يبدو أن اللفظ المشترك الممكن تطبيقه هو لفظ: استقلال...



- 2) معان إيجابية: إمكان قوة العمل العقلي، وهي قوة ناجمة في آن عن مزاياه الصورية(النظام والوحدة) وعن شمولية موضوعه، لكنه يعني فقط، مع تساوي كل الشروط، أن العمل الذي يجري في اتجاه ثابت، ولاسيما في اتجاه ثوابت الواقع، إنما يكتسب بذلك فعالية أعظم\".



وعرف هوبز الحرية بأنها:

\"غياب العوائق الخارجية التي تحد من قدرة الإنسان على أن يفعل ما يشاء، وهذا التعريف هو في الواقع أساس ما سماه الليبرالي المعاصر أيزبا برلين (المفهوم السلبي) للحرية..



ويصر دعاة هذا المفهوم على أن غياب العوائق الخارجية غير كاف لوجود الحرية، فإذا كنا عبيدا لشهواتنا فنحن لسنا أحرارا\".



وتمثل الفكرة الليبرالية بحسب هذا المفهوم بالمعادلة التالية:

[الاستقلالية (= المفهوم السلبي) + إمكان قوة العمل العقلي (=المفهوم الإيجابي)= الليبرالية]



وبحسب هذه المفاهيم والمعادلات والنتائج يمكن أن نصل إلى تحديد أدق لحقيقة الليبرالية بأنها تعنى:

الاستقلالية التامة للفرد، بالانكفاء على النفس، والتحرر من سلطة الغير، ثم الانفتاح على قوانين النفس والانفلات معها عند بعضهم، دون بعضهم الذي يرى الحرية في التحرر من شهوات النفس.



وهكذا نخلص إلى أن الليبرالية لا تتحقق إلا من خلال طرفين:

- الفرد في ذاته، بتحقيقه التحرر الذاتي، بالانفلات والانطلاق مع قوانين النفس أو العقل.

- الآخر، الذي يملك السلطة(= الدولة، المجتمع)، بكفه عن التدخل وفرض السيطرة.



ولهذه الحرية مجالات، هي تلك التي يوجد الإنسان فيها، لتحقيق مصلحة أو تحقيق الذات، وهي:

الفكرية، والسياسية، والاقتصاديةº وهي مجالات حيوية، لا غنى للإنسان عنها، ولكل واحدة منها مفهوم خاص في الليبرالية(=الحرية) وإن كان يشترك في المفهوم العام مع باقيها.



وقبل أن نشرع في بيان مجالات الليبرالية يحسن أن ننبه إلى أن الليبرالية كنظرية في السياسة والاقتصاد والاجتماع لم تتبلور على يد مفكر واحد، بل أسهم عدة مفكرين في إعطائها شكلها الأساسي.



ففي الجانب السياسي يعتبر جون لوك (1632-1704م) أهم وأول الفلاسفة إسهاما، وفي الجانب الاقتصادي آدم سميث(1723-1790م)، وكذلك كان لكل من جان جاك روسو (1712-1778م) وجون ستيوارت مل (1806-1873م) إسهامات واضحة.



وقد تقدم أن الليبرالي مذهب قضيته الإنسان، وعلى ذلك فكل المذاهب التي اختصت بهذا القضية كان لها إسهاما واضحا في تقرير مبادئ الليبرالية:

- فالعلمانية تعني فصل الدين عن السياسة، كما تعني فصل الدين عن النشاط البشري بعامة، وعلى مثل هذا المبدأ يقوم المذهب الليبرالي في كافة المجالات: السياسية، والاقتصادية، والفكريةº بل لا تكون الدولة ليبرالية إلا حيث تكون العلمانية، ولا تكون علمانية إلا حيث تكون الليبرالية.

- والعقلانية تعني الاستغناء عن كل مصدر في الوصول إلى الحقيقة، إلا عن العقل الإنساني، وإخضاع كل شيء لحكم العقل، لإثباته أو نفيه، أو معرفة خصائصه ومنافعه، والعقل المحكم هنا عقل الإنسان، وهكذا الليبرالية تقوم على مبدأ: أن العقل الإنساني بلغ من النضج العقلي قدرا يؤهله أن يرعى مصالحه ونشاطاته الدنيوية، دون وصاية خارجية.

- والإنسانية تؤمن بالدفاع عن حرية الفرد، والثقة بطبيعة الإنسان وقابليته للكمال، وتقرر التمرد على سلطان الكنيسة، والليبرالية كذلك.

- والنفعية تجعل من نفع الفرد والمجتمع مقياسا للسلوك، وأن الخير الأسمى هو تحقيق السعادة لأكبر عدد من الناس، والليبرالية كذلك..



وهكذا فكل هذه المذاهب وغيرها كان لها نصيب في صياغة المذهب الليبرالي، وهذه نتيجة طبيعية لمشكلة كان يعانيها كل المفكرين على اختلاف توجهاتهم، هي: انتهاك حقوق الإنسان.



- الليبرالية الفكرية.

- \"في الذات الإنسانية حيّز لا تستطيع أن تنفذ إليه سلطة المجتمع أو أي شكل من أشكال السلطة، ومتى اكتشف الفرد هذا الحيّز أصبح بإمكانه أن يتمتع بقدر من السيادة والحرية لايتأثر بتقلبات الزمان أو بأهواء البشر\".



من هذه الفكرة، يضاف إليها رفض الاستخفاف بالإنسان وجبره على اعتناق ما لايريد، والقناعة بأن السبيل الصحيح لرقي المجتمع لا يكون إلا برفض الوصاية على الفرد، نشأت الليبرالية الفكرية خاصة. جاء في موسوعة لالاند التعريف التالي لليبرالية:



- \"مذهب سياسي فلسفي، يرى أن الإجماع الديني ليس شرطا لازما ضروريا، لتنظيم اجتماعي جيد، ويطالب بـ(حرية الفكر) لكل المواطنين\".



وجاء في الموسوعة الميسرة:

- \"على النطاق الفردي: يؤكد هذا المذهب على القبول بأفكار الغير وأفعاله، حتى ولو كانت متعارضة مع المذهب بشرط المعاملة بالمثلº وفي إطارها الفلسفي تعتمد: الفلسفة النفعية، والعقلانية، لتحقيق أهدافها\".



فهذا المذهب لا يمنع أي دين، ولا يدعو إلى أية عقيدة أو ملة، إذ يقوم على الحياد التام تجاه كل العقائد والملل والمذاهب، فلكل فرد أن يعتنق ما شاء، وله الاستقلال التام في ذلك، لا يجبر على فكر أبدا، ولو كان حقا، وهو ما عبر عنه هاليفي بالحرية الميتافيزيقية، فهو بهذا المعنى يحقق العلمانية في الفكر، وهو منع فرض المعتقدات الخاصة على الآخرين، كما يمنع فرض الدين في السياسة، أو في شئون الحياة، وهذه هي العلمانيةº ولذا لانجد دولة ليبرالية الفلسفة إلا وهي علمانية المذهب في الفكر.



فهو حركة وتمرد، حركة لتحقيق ذات الإنسان واستقلاليته، وتمرد ومعارضة على التقاليد والأعراف السائدة والسلطة السياسية، يرفض أن تكون إرادة الفرد امتدادا لآراء الجماعة أو الملة أو الطائفة، ويطالب بإخضاع معتقداتنا للنقد والتمحيص، في جو من الحرية والانفتاح والعقلانية والقبول.



إنه مذهب يرى الحق في أن يكون الفرد حرا طليقا من القيود، وعليه مسئولية تقصي الحقيقة، ومسئولية اتخاذ موقف خاص والدفاع عنه، هذا في ذات نفسه، وعلى كافة الأطراف ذات السلطة: مجتمع، قبيلة، حكومة، مذهب، ملةº أن تحترم هذا المزايا والرغبات في الإنسان، وتكف عن كل ما يعرقل تحقيق هذه الذاتية، بل وتمنع كل من يعمل على تحطيم هذه الذاتية، بمنع أو وصاية، وعليها أن توفر كافة الظروف، وتهيء السبل للوصول إلى هذه النتيجة.



- الليبرالية السياسية.

هي نظام سياسي يقوم على ثلاثة أسس، هي: العلمانية، والديمقراطية، والحرية الفردية.

- على أساس فصل الدين عن الدولة (=علمانية)..

- وعلى أساس التعددية والحزبية والنقابية والانتخابية، من خلال النظام البرلماني(=ديمقراطية)..

- وعلى أساس كفل حرية الأفراد(=حرية فردية).



جاء تعريفها في موسوعة لالاند بما يلي:

- \"مذهب سياسي يرى أن المستحسن أن تزداد إلى أبعد حد ممكن استقلالية السلطة التشريعية والسلطة القضائية، بالنسبة إلى السلطة الإجرائية/التنفيذية، وأن يعطى للمواطنين أكبر قدر من الضمانات في مواجهة تعسف الحكم.. الليبرالية تتعارض مع الاستبدادية\".



ويذكر في الموسوعة الفلسفية العربية: أن الليبرالية في الفكر السياسي الغربي نشأت وتطورت في القرن السابع عشر، وأن لفظتي: \"ليبرالي\" و \"ليبرالية\" لم تكونا متداولتين قبل بداية القرن التاسع عشر، وأن كثيرا من الأفكار الليبرالية موجودة في فلسفة جون لوك السياسية، فهو أول وأهم الفلاسفة الليبراليين.



هذه الفكرة الليبرالية السياسية تبحث في:

[تحديد طبيعة الحكم، هل هي تعاقدية، ائتمانية، بين الحاكم والمحكوم، أم حق مطلق للحاكم؟]



والذي دعا إلى هذا البحث، أحوال وأنظمة الحكم السائدة في أوربا، حيث الصراع بين الملكيات والقوى البرلمانية.



فالملكية كانت تعتبر الحكم حقها المطلق، الموروث، الممنوح لها من خالق الكون، وحكمها بمشيئة إلهية، وثم فليس الحاكم مسئولاً تجاه المحكوم بشيء.



أما القوى البرلمانية فقد رفضت ادعاء هذا الحق، وقررت أن الحكم ليس حكرا لفئة معينة، وأن العلاقة بين الحاكم والمحكوم علاقة إئتمانية تعاقدية، وبما أن الإنسان له حقوق طبيعية في الحرية والكرامة، وجب الإقرار بأن الحكم يجب أن يكون مبنيا على رضى المحكوم.



[فالشعب هو مصدر الحكم، والحكم حينئذ مسألة أمانة لا مسألة حق]



وعلى ذلك فكل حاكم معرض لمحاسبة المحكوم على نحو مستمر، وإن هو أساء استعمال الحكم الذي وضعه الشعب أمانة في عنقه، ساغ حينئذ الثورة عليه وخلعه.



وقد كان هذا بالفعل مصير الملك جيمس الثاني، الذي خلع عن العرش عام1688م في الثورة البيضاء الشهيرة، المعروفة بالثورة المجيدة.



وبذلك أقرت الديمقراطية ونحيت الحكومات ذات السلطة المطلقة، وبدأ الليبرالييون في تحديد ملامح الدولة، وتساءلوا إن كان يمكن الاستغناء عنها أصلاً أم لا؟.



فذهب نفر إلى فكرة مجتمع بلا دولة، إيمانا منهم بأن التعاون الطوعي بين الناس يغني عن الدولة، لكن الأغلبية الساحقة من السياسيين والمفكرين اعتبروا وجود الدولة ضروريا، فالأمور لا تنتظم من تلقاء نفسها، لكن اختلفوا في تحديد ملامح هذه الدولة وسلطاتها، ومن هنا نشأ في الفكر السياسي الليبرالي مفهوم \"دولة الحد الأدنى\"، فالحاجة إلى الدولة حاجة عملية فقط، في التنفيذ، لا في التشريع والقضاء، ولا يجوز أن توسع نطاق سلطاتها خارج الحدود التي تفرضها هذه الضرورات العملية.



فالليبرالي هنا يحد من نطاق سلطة الدولة، ولو كانت ديمقراطية، وهو يفترض أن هنالك علاقة عكسيية بين سلطة الدولة وحرية الفرد:

[كلما ازدادت سلطة الدولة وتوسع نطاقها، نقصت حريات الفرد وضاق نطاقها]



والفكر الليبرالي هنا يصر على إمكانية ائتمان المواطن على قدر من الحريات دون أن يهدد ذلك، بالضرورة، استقرار المجتمع وأمنه.



ومشكلة سوء استعمال السلطة قديمة قدم التاريخ البشري، فإذا كان وجود الدولة ضروريا، فوجود السلطة كذلك، ولابد للسلطة أن تكون بيد أشخاص معينين، لصعوبة ممارسة الجميع لها، ومتى استقرت السلطة في أيدي أولئك، فما الذي يحول بينهم وبين سوء الاستعمال؟.



هذه هي المشكلة التي نتجت عنها فكرة الليبرالية السياسية، وقد حاول منذ القديم بعض الفلاسفة وضع حل لها، فأفلاطون مثلا، كان يرى أن المشكلة تحل إذا اجتمعت السلطة والفلسفة في شخص واحد، لكن هوبز لم يرتض هذا الحل، ورفض معادلة أفلاطون:

[السلطة + المعرفة = مجتمع عادل]



مشددا على أن السلطة وحدها هي العنصر الأهم في بناء مجتمع مستقر، وهوبز من المعارضين للحل الليبرالي، وفلسفته السياسية تقوم على أن هناك علاقة عكسية بين الحرية والاستقرار، وهو يعطي الحاكم سلطة شبه مطلقة، نتيجة قناعته أنه بدون هذه السلطة المطلقة لا نظام ولا استقرار ولا أمان.



أما الحل الليبرالي الذي وضعه جون لوك وطوره مونتسيكو فيرفض حصر الخيارات بخياري هوبز:

- مجتمع لا سلطة فيه (=فوضى).

- مجتمع يساء فيه استعمال السلطة.



وهذا الحل يتركز على مبدأ ثالث هو:

- حكم القانون وسيادته، وعلى إصلاح مؤسسات المجتمع وتطويرها.



ودعاة هذا الحل يرى أن من الخطأ أن يركز على الحاكم المثالي، ومن الأصح أن نركز على:



اشتراع قوانين واستحداث مؤسسات تقلل من سوء استعمال السلطة، وتسهل مراقبة المسئولين، وتجيز معاقبتهم إن هم أساءوا استعمال مسئولياتهم.



ويفترض هذا الحل أن إغراءات سوء استعمال السلطة ستظل موجودة، ولكنه يقلل من احتمال إساءة استعمالها فعلا، وحكم القانون يعني أن المرجع الأخير لم يعد إرادة فرد ما، أو مجموعة أفراد، بل أصبح مبادئ، اتفق عليها، ودخلت في بنية المجتمع وصلبه.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply