بسم الله الرحمن الرحيم
- قال الشعراني: -ومن شأنه ألا يشرك مع شيخه أحدا في المحبة، وكان سيدي علي بن وفا يقول كثيراً: إياكم أن تشركوا في المحبة مع شيخكم أحدا من المشايخ، فإن الرجال أمثال الجبال وهم على الأخلاق الإلهية المشار إليها بقوله صلى الله عليه وسلم : -تخلقوا بأخلاق الله-، فكما أن الله تعالى -لا يغفر أن يشرك به- فكذلك محبة الأشياخ لا تسامح أن يشرك بها!! وكما أن الجبال لا يزحزحها عن مكانها إلا الشرك بالله تعالى ما دام العالم باقياً، فكذلك الولي لا يزيل همته عن حفظ مريده!! من الافات إلا شرك موضع خالص المحبة من قلبه-!!
- وقال أبوعلي الدقاق: -من دخل في صحبة شيخ ثم اعترض عليه بعد ذلك فقد نقض عقد الصحبة ووجب عليه تجديد العهد، على أن الأشياخ قد قالوا: إن عقوق الأستاذ قد يترتب عليه استحكام المقت فلا يكاد يصح من ذلك العاق توبة!! وكان أبوجعفر الخلدي يقول: من لم يحفظ الأدب مع المشايخ سلط الله عليه الكلاب التي تؤذيه-!!
- وكان أحمد الأبيوردي يقول: -إياكم والعمل على تغيير قلب شيخكم عليكم، فإن من غير قلب شيخه عليه لحقته العقوبة ولو بعد موت الشيخ-!!
وزار أبوتراب النخشبي وشقيق البلخي أبا يزيد البسطامي، فلما قدم خادمه السفرة قالا له: كل معنا يا فتى، فقال: لا إني صائم، فقال له أبوتراب: كل ولك أجر صوم شهر!! فقال: لا، فقال له شقيق: كل ولك أجر صوم سنة!! فقال: لا، فقال أبويزيد: دعوا من سقط من عين رعاية الله عز وجل، فسرق ذلك الشاب بعد سنة فقطعت يده عقوبة له على سوء أدبه مع الأشياخ!!
وسمعت شيخ الإسلام برهان الدين بن أبي شريف يقول: -من لم ير خطأ شيخه أحسن من صوابه هو لم ينتفع به-!!
- وكان سيدي علي بن وفا يقول: -من تقرب إلى أستاذه بالخدم تقرب الحق تعالى إلى قلبه بأنواع الكرم!!-، وكان يقول: -من آثر أستاذه على نفسه كشف الله له عن حضرة قدسه!! ومن نزه حضرة أستاذه عن النقائض منحه الله بالخصائص!! ومن احتجب عنه طرفة عين فلا يلومن إلا نفسه إذا أوبق بوائق البين، ولا يصل المريد إلى هذا المقام إلا إن جعل مراد شيخه مراده-.
- قال الشعراني: -ومن شأنه أن لا يقيم ميزان عقله على كلام شيخه، حتى لو قال له لا تحضر مجلس فلان العالم أو الواعظ فلا ينبغي له حضوره!! وذلك لأن شيخه أمين عليه في كل شيء يرقيه أو يوقفه أو يؤخره، وغير شيخه لم يلتزم ذلك معه فربما علمه ما يضره!! ويورثه الإعجاب بنفسه مثلا فيهلكه!!-.
للشيخ أن يخرج المريد من ورد إلى ورد آخر فإذا نهاه عن ورد بادر إلى امتثال أمره وليس له الاعتراض عليه بباطنه ويقول إن الورد خير فكيف ينهاني عن فعله؟ فربما رأى الشيخ في ذلك الورد ضرراً على المريد!! بدخول علة قادحة في الإخلاص مثلاً- -الأنوار القدسية في معرفة قواعد الصوفية للشعراني ص114-155-.
ولا يخفى على أحد في تلك النقولات المذكورة عن أرباب التصوف وأئمته من مخالفة واضحة لمنهج أهل السنة والجماعة في أدب طالب العلم مع شيوخه، إذ إنها علاقة احترام وتوقير وليست علاقة تقديس وتقليد وانسلاخ من العقل والإرادة كما يصورها الصوفية ليحصل لهم كمال انقياد الاتباع وعدم اعتراضهم عليهم ولا يتركونهم مدة حياتهم، فقد سأل الشعراني شيخه الخواص: -هل أصحب أحداً من مشايخ العصر لآخذ عنه الأدب؟ فقال: -لا تفعل ذلك في حياتي أبداً- -درر الغواص ص53-، وجاء في قلادة الجواهر في ذكر الغوث الرفاعي وأتباعه الأكابر ص278 فيما يلزم المريد الرفاعي أن يتحلى به أن لا يلتجئ إلى غير شيخه حتى ولو كان ذلك الشيخ من الصالحين-، فهي مسألة احتكار للمريدين وتكثر بهم، وتطورت هذه العلاقة لتأخذ صورة المدارس المستقلة المتمثلة بالطرق الصوفية الكثيرة كما عرفتها الموسوعة الميسرة: -طريقة: السيرة المختصة بالمتصوفة السالكين إلى الله من التمكن في المقامات والترقي في الأحوال، كانت تدل في القرنين الثالث والرابع على أحوال الصوفية وسلوكهم ثم أصبحت تدل على نظام من الرياضات الصوفية تمتاز به كل طريقة، انتشرت هذه الطرق في القرن الثاني عشر فتعددت وتنوعت وتنافست وكان للعراق وشمال أفريقيا منها نصيب كبير-.
ولكل طريقة طقوسها وأذكارها ورجالها، ونظرة موجزة على مواقع الطرق الصوفية في شبكة الإنترنت كافية للوقوف على انحرافها عن منهج أهل السنة والجماعة في أمور كثيرة.
أضف تعليق
هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها
تم الإرسال
ستتم إضافة التعليق بعد معاينته من قبل فريق عمل مداد