مسألة في البيوع عمت بها البلوى


بسم الله الرحمن الرحيم

 

السؤال:

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

سؤالي لكم هو حول مسألة في البيوع قد عمّت يها البلوى (وهذا ما أخبرني به كل من سألتهم عن الموضوع، من أنهم يعانون من نفس المشكلة!)

أنا أعمل في شركة أجنبية، يأتينا العملاء، ومعظمهم أجانب، بعد إنجاز العمل، ليستلموا ما أعددناه لهم، ويطلبون منا فاتورتين:

- فاتورة بالمبلغ الصحيح الذين نتقاضاه منهم لقاء ما قدمناه لهم من خدمات

- فاتورة فيها مبلغ أعلى من المبلغ الذي تقاضيناه منهم

وأغلب الظن أنهم يريدون تقديم الفاتورة الثانية لمرؤوسيهم إيهاما لهم أنهم دفعوا المبلغ الثاني (نحن عادة لا نسألهم عن الأسباب) ومرات يطلبون منا عدة فواتير، كل واحدة منها فيها مبلغ مختلف

 

سؤالي هو:

هل يجوز إعداد هذه الفواتير للزبون؟

علما أن هذا الأسلوب أصبح من الأمور المتعارف عليها الآن في السوق!!! هذا ما لمسته وهذا ما أخبرني به من يعملون في شركات أخرى

كما أنني لا أستطيع أن أرفض إعداد هذه الفواتير، فكما أسلفت، أنا أعمل في شركة أجنبية، وأغلب الظن أن الشركة ستخسر عملاءها لو رفضت تحضير الفواتير كما يطلبون، كما أنني تقريبا الوحيد بالشركة الذي يجيد الفرنسية، فهم يعتمدون عليّ في تحضير كل الوثائق التي باللغة الفرنسية

بانتظار إجابتكم بارك الله فيكم

 

الجواب:

الأخ الفاضل أبو حسن الشامي.

 

قبل الجواب على سؤالك لا بد من تعريف معنى \" عموم البلوى \" وضوابطها.

 

عموم البلوى عرفه بعضهم: شيوع البلاء بحيث يتعذر على الإنسان أن يتخلص منه أو يبتعد عنه.

 

وهذا يشمل العبادات والمعاملات.

وهناك قاعدة مهمة جدا في هذا الأمر وهو أن عموم البلوى بالأمر الذي ثبت تحريمه ليس مبرراً لإباحته كما لا تبيحه عادات المجتمعات، ولا ينقلب مباحاً بتغير الزمان والمكان، ولنأخذ مثالا على ذلك:

لو وجد بلد مسلم يخرج النساء فيه غير محجبات الحجاب الشرعي الذي أمر الله به المرأة فهل نقول أن هذا الأمر مما عمت به البلوى فأترك زوجتي وبناتي يخرجن غير محجبات؟

كلا بالطبع.

 

ولهذا ضبط أهل العلم عموم البلوى بضوابط مهمة جدا، ومنها: مشقة الاحتراز من الشيء وعموم الابتلاء به ولذا كان العفو عن يسير النجاسات.

 

ومنها: قد يكون الأمر لكثرته وشيوعه فيشق الاحتراز منه ويعم الابتلاء به ومن ذلك الصور التي على النقود كما قال الشيخ ابن عثيمين: أن تكون مما تعم به البلوى ويشق التحرز منه كالصور المنقوشة على النقود وغيرها مما ابتليت به الأمة الإسلامية، فالذي يظهر لي أن هذا لا حرج فيه على من وقع في يده من غير فصد. ا. هـ.

فهذه هي الضوابط المتعلقة بعموم البلوى، والمقام ليس مقام تفصيل للمسألة.

 

أما ما يتعلق بمسألتك فليست من عموم البلوى في شيء، ولا يجوز لك أن تستجيب لمثل هذا الأمر، ولو اضطررت إلى ترك العمل لما فيه من الغش والتعاون على الإثم والعدوان، وإن تركت عملك هذا لله فإن الله سيعوضك خيرا منه. نسأل الله أن يرزقك السداد والصواب.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply