الجمع بين الصلوات في المطر والمرض


 بسم الله الرحمن الرحيم

 نرجو توضيح حكم الجمع بين الصلوات في المطر والمرض فقد كثر الخلاف فيها، ونريد أحكامها مع الترجيح لما تراه؟

الإجابة للدكتور عجيل النشمي:

يصح الجمع بسبب المطر ولو كان خفيفاً، وأقله أن يبلل الثياب وهذا عند جمهور الفقهاء عدا الحنفية لقول ابن عباس - رضي الله عنهما -: \"صلى رسول الله {بالمدينة الظهر والعصر جميعاً والمغرب والعشاء جميعاً\" (مسلم 1-491)، ويُحمل هذا على الجمع لعذر المطر، وكان ابن عباس وابن عمر - رضي الله عنه - يجمعون في المطر.

وأما الحنفية فإنهم لا يجوزون الجمع لأي عذر، لأن الجمع عندهم جائز فقط بين الظهر والعصر في عرفات جمع تقديم وبين المغرب والعشاء في مزدلفة جمع تأخير للحاج.

وكذلك يصح الجمع إذا كانت الريح شديدة والبرد قارساً ولو لم يكن معه مطر على ما ذهب إليه الحنابلة، ودليلهم أقوى من غيرهم، فقد يكون البرد مع الريح أشد على المصلين من المطر، وقد روي عن عبدالله بن عمر قوله: كان رسول الله {ينادي مناديه في الليلة المطيرة أو الليلة ذات الريح: \"صلوا في رحالكم\" (البخاري 2-13 ومسلم 1-484)، ولم يجوز المالكية والشافعية الجمع للريح أو البرد، محتجين بأن ذلك لم ينقل عن النبي {مع وجود الريح والبرد.

والذي يقدر البرد والريح وشدتهما هو الإمام وله أن يستشير بعض المصلين قبل الصلاة، ويؤخذ بالاعتبار في شدة البرد والريح اختلاف البلدان، فما يكون معتاداً في بلد، قد يكون غير معتاد فيصح الجمع، وقد أخذنا بمطلق الجمع في البرد والريح ولو كان معتاداً في بلد، فلربما كان أغلب العام فيكاد يكون أصلاً وعزيمة والجمع رخصة.

وكذلك يجوز الجمع لوجود الثلج، فقد جوّز جمهور الفقهاء عدا الحنفية الجمع بسبب المطر لقول ابن عباس - رضي الله عنهما -: \"جمع رسول الله {بين الظهر والعصر وبين المغرب والعشاء من غير خوف ولا مطر\" وفي رواية: \"من غير خوف ولا سفر\" (مسلم 1-491).

ولا شك أن الثلج أشد على المصلين من المطر فيقاس عليه بالأولى، ويمكن قياس الثلج بالأولى على الطين والوحل أيضاً. وقد أجاز بعض الفقهاء الجمع لهما وكذلك البرد الشديد يجوز الجمع بسببه، وإذا كان مع البرد ريح فهذا أجوز من البرد وحده، وطول المدة لا يغير من الحكم شيئاً فما دامت علة الحكم وحكمته موجودة وهي الثلج أو البرد، والمشقة، فرخصة الجمع قائمة، وينبغي أن يؤخذ في هذا الصدد، اختلاف البلدان، فما يكون مشقة بسبب البرد قد لا يكون كذلك في بلد آخر لاعتيادهم هذا البرد، فتكون رخصة الجمع لبلد دون آخر.

لكن الفقهاء مختلفون في جواز الجمع لهذه الأسباب بين الظهر والعصر فيرى المالكية والحنابلة عدم جواز الجمع، ويرى الشافعية جوازه، ودليلهم أقوى للأحاديث الواردة السابقة، ولأن الحكم إنما يدور مع علته، وعلة الجمع الثلج أو البرد، أو الريح مع البرد للمشقة، فإذا وجدت كانت رخصة الجمع قائمة.

ويجوز للمريض أن يجمع بين صلاتي الظهر والعصر والمغرب مع العشاء، وهذا عند المالكية والحنابلة. ودليل الجمع ما روي أن النبي {: \"أمر سهلة بنت سهيل، وحمنة بنت جحش - رضي الله عنهما - وكانتا مستحاضتين بتأخير الظهر وتعجيل العصر والجمع بينهما بغسل واحد\" (أبوداود 1-207 وأحمد 6-139 والترمذي 1-221).

ويجوز للمريض أن يجمع جمع تقديم أو جمع تأخير أيهما أيسر له. على ما ذهب إليه الحنابلة، وقصر المالكية الجواز على جمع التقديم.

وذهب المالكية والحنابلة إلى أن الجمع يكون بين صلاتي المغرب والعشاء فحسب، مستدلين بما روي أن أبا سلمة بن عبدالرحمن قال: \"إن من السنة إذا كان يوم مطر أن يجمع بين المغرب والعشاء\" (البيهقي 3-168، حديث ضعيف موقوف على عبدالله بن عمر رضي الله عنهما).

أما الجمع في غير المسجد فصحيح سواء أكانوا جماعة أما كان فرداً، وهذا عند الحنابلة بين المغرب والعشاء، لأن الجمع لعذر المطر يستوي بالنسبة للصلاة في المسجد، وغيره للمشقة، وهذا القول تسنده الأدلة، أما المالكية فيشترطون الجمع في المسجد، كما اشترطوا وجود المطر نازلاً في أول الصلاتين وعند السلام من الصلاة الأولى وعند الدخول في الصلاة الثانية.

أضف تعليق

هذه التعليقات لا تعبر بالضرورة عن وجهة نظر الموقع وهي وجهات نظر أصحابها

This site is protected by reCAPTCHA and the Google Privacy Policy and Terms of Service apply